بحث في هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 4 سبتمبر 2013

                                          كلمات -1                    27/8/2010         
  مفتاح بوعجاج                          ـــــ

   ذكرتني الكاتبة بدرية البشر فى إحدى مقالاتها الجميلة بمقالة لعميد الأدب العربي طه حسين رحمه ورحمنا الله بعنوان (كلمات) بها رواية عن لطفي السيد يذكر فيها ان السيد لطفي السيد قرر أن يترشح للانتخابات عن دائرته في قريته ،ولكن الخصوم المضادين له والذين لا يريدون له النجاح سبقوه إلى قريته واجتمعوا بأهل القرية وحذروهم من انتخاب هذا اللطفى لأنه (ديمقراطي ؟؟ ) لا يصلح ليكون مندوبا لهم ...فسألوهم أهل القرية :(يطلع أيه دا الدمكراتى ده ؟؟) فأجابوهم بأن هذا هو( اللي بيخللى مراته تمشى مع حد غيره) فغضب أهل القرية واكفهرت وجوههم وغضبوا على هذا اللطفى الذي أراد أن يخدعهم وهو إنسان (دمكراتى) ليس لديه  شرف ولا أخلاق !!...ولكنهم اتفقوا على مواجهته بهذه الحقيقة الديمقراطية البشعة عند حضوره إليهم ليقطعوا الشك باليقين ..وفعلا عند حضوره خطب فيهم السيد لطفي السيد شارحا لهم برنامجه الانتخابي لخدمة القرية أو النجع من فتح مدارس وتوفير الخبز بأسعار مناسبة وتوريد آلات زراعية حديثة وتوفير المياه وحفر أبار وبناء بيوت حديثة.. ولكن كل هذا لم يكن يهمهم بقدر ما كان يهمهم الانتهاء من  هذا الكلام (الفارغ؟؟) ليسألوه عن ما كدّرهم وأحزنهم وهم يفكرون في كيف خدعهم هذا الرجل ، وفعلا بمجرد الانتهاء من كلامه وقف رئيس القوم وسأله :) الا يا لطفي  باشا ،أصحيح زى ما يقولوا عنك انك إنسان دمكراتى؟) وفعلا فرح لطفي السيد وامتلاء حماسا وفرحا وأجاب قائلا (نعم أنا ديموقراطى وافتخر بأنني ديموقراطى) فما كان من القوم الا ان حملوا كراسيهم التي كانوا يجلسون عليها وضربوا بها هذا (الديوث في رأيهم).
    أيضا أنا بدأت أتذكر هذه القصة فى الفترات الأخيرة عندما عجزت تماما عن إيصال أية فكرة حضارية لمن أتحدث أليهم ليس لخوض أية انتخابات اوتصعيد لا سمح الله ..وانما للحديث عن أصول التنمية والحداثة والتطوير والتخطيط بالأساليب العصرية الحديثة وخاصة فى مجال التنمية البشرية والمكانية والاقتصادية ، ويبدو ان هناك أقواما آخرين كانت لديهم القدرة على التسلل لهولاء القوم وتعبئتهم ضد هذه الأفكار( الديمقراطية) الخبيثة!!..
  عندما  جاء المستوطنون البيض للاستيطان فى أمريكا الشمالية فى الفترات الأولى من اكتشاف تلك الاراضى وجدوا أمامهم السكان الأصليين من قبائل الهنود الحمر الذين قاوموا هؤلاء الغازين بكل قوة والذين كانوا يرغبون فى احتلال أراضيهم ..فما كان من الغازين الا أن التجئوا إلى حيلة فطلبوا التحادث مع شيخ الهنود وافهموه بأنهم قدموا بناءا على تعليمات وموافقة من السماء وأشاروا إلى الأعلى ذاكرين أن من أرسلهم قال لهم بأن من يمانع ويقاوم سيحجب عنه هذا الإله، الشمس، خلال يومان ويجعله يعيش في الظلام ..والمستوطنون التجئوا الى هذه الخدعة لأنهم كانوا يعلمون بأنه في اليوم التالي سيكون هناك كسوفا شمسيا بناءا على معلومات علمية تحصلوا عليها من علماء الفلك الذين كانوا يرافقونهم  وهى كانت عادة علمية متبعه من المستعمرين حيث كانوا في معظم الأوقات يجلبون معهم فرقا علمية متخصصة فى جميع المجالات ليستعينوا بهذه الدراسات فيما بعد وتساعدهم على تدوين البيانات العلمية لاستعمالها فيما أتوا من اجله وحدث هذا قبل وعند حضور الطليان الى ليبيا في بداية القرن العشرون وكذلك مع الحملة الفرنسية إلى مصر والحملات الانجليزية فى الهند والصين.
    وفعلا ما إن حضر اليوم الثاني حتى بدأت الشمس تغيب فى عز النهار وبدأت الدنيا فى الظلام فما كان من الهنود الا ان حضروا مسرعين يستجدون هؤلاء الغازين للدخول حتى يرضى عنهم من فى السماء ولا يزيد فى حجب السماء وضوء الشمس الذى بدأت بعدها فى الرجوع شيئا فشيئا مما جعل الهنود يصدقون ما قاله لهم هؤلاء الغازين ويطلبون منهم الرضا والعفو فاتحين لهم بلادهم وأرضهم .
   قد يقول قائل بأن هذه الأحداث حدثت قبل تقدم العلم وتقنية الاتصالات والمعلومات وقد لا توجد ألان ..ولكن الأمر المحزن هو أننا نلمس فى كل يوم غياب وعدم فهم معاني لكثير من المصطلحات الحضارية والتاريخية والاجتماعية والاقتصادية مثل معاني الليبرالية *العولمة*القطاع الخاص*الدستور*الحريات الشخصية* احترام الرأي والراى الأخر ...بل وحتى وصل الأمر غالى فلب مفهوم الديمقراطية والحرية ليكون معنى للاستسلام وضعف الشخصية والانحلال عند البعض وإنها أصبحت فكرة مستهجنة لا تصلح لنا وما يصلح لنا عندهم هو العكس ، اى العصا الغليظة  وما يتبعها...متناسين ان معظم شعوب العالم التي تتبع هذا النسق هى تلك الشعوب التي انتصرت ووفرت الغذاء والكساء والدواء لها ولغيرها بل وفاض إنتاجها لتتحول الى مساعدات إنسانية وقت كوارث شعوب وبلدان العصي الغليظة .بل وحتى استبدال تلك المصطلحات بمصطلحات أخرى تؤكد هزيمة الثقافة الحديثة بمعناها الحضاري والتقدمي والانسانى عند شعوبنا مما كان له في نظري ونظر الكثيرين انتشار ثقافة التطرف والكراهية والعنف  ومحاولة العودة بنا  إلى ثقافة عهود سلفية لم تعد تتمشى مع احتياجات العصر الحديث .
27/8/2010

  



                                    كلمات -2                      08/09/2010
                                __________
 مفتاح بوعجاج           

   في بلادنا ذات الستة مليون نسمة أو يزيد ، وحيث إننا معجبون بالرقم المليوني، يبدو أن هناك مليون رأى ووجهة نظر في أمور يفترض ان بكون الرأي فيها موحدا لأنها من ذات الأمور المطلوبة للبنية الأساسية اى الأصول وليست فروعا..  ،إن تحدثت عن السياسة  وتنوع الأنظمة السياسية في العالم تظهر لك تلك الآراء في شكل قاطع وغير قابل حتى للاستفسار ، فهذا يفضل النظام الديموقراطى النيابي وذاك يقول أن النظام الامريكى الرئاسي هو الأفضل وينبرىء احدهم بالقول أن النظام الاشتراكي اليساري أفضلهم ويعرج بك الآخر على النظام السويدي وبشكل مؤدب يهمس لك احدهم بأن الآخرين لا يفهمون شيئا حيث يصّر على أن النظام الملكي البريطاني أفضلهم جميعا،، ويهز احدهم رأسه هازئا بك وبأفكارك ليقول لك أن الإسلام هو الحل ,, ولا تستطيع  بل تخاف من ردة الفعل أن تسأله عن اى إسلام يتحدث في الحكم ؟؟هل هو مثل ما يجرى في إيران أم الذي تنادى به طالبان أم هو ما ينادى به السلفيون أم  الوسطيين أم شباب الصومال الذين قاموا بتحريم مشاهدة مباريات كأس العالم بل قتلوا مجموعه منهم كانوا المساكين يتفرجون بكل براءة على تلك المباريات أم إسلام الأخوان أم  السنة أم ألشيعه أو الخوارج أم المعتزلة أو المرجئة أم العباسيين أم الأمويين أم حكم الأندلس ام التجربة التركية.. وتظل تعّدد بأدب وحياء خوفا من اتهامك بالكفر..؟؟ ..وبكل قوة مستندا على واقع الحال والأحوال ينظر أليك احدهم نظرة المستخف بك وبوطنيتك وبمعلوماتك وبعدم فهمك ويقول لك بكل قوة :انه النظام الجماهيري نظام سلطة الشعب  أفضلهم وان لم يرى منك بوادر التسليم بالأمر والإذعان أو حتى بوادر لبعض الاستفسارات ، قد يحاول الإبلاغ عنك لدى الجهات المعتبرة بأنك غير فاهم..  وعندما تسأله لتغيير الموضوع قصد السلامة، عن أن لديك صديقا يعانى من مشكلة سكن فهل هناك وسيلة للحصول على سكن بحكم علاقاته وإيمانه ..فيرد عليك متأففا : ألا تعلم أن الحل موجود في مقولة (البيت لساكنه) ؟ فتضطر للاعتراف بأن ذلك لم يخطر على بالك!!...  وًًٍٍَُِِيعلى احدهم صوته عليك بقوله الاتفهم أيها الرفيق ؟ :أن النظام الماركسي الشيوعي لهو أفضلهم وعندما تستفسر منه عن سبب سقوط الأنظمة الماركسية الشيوعية يرد عليك مكشرا عن أنيابه العاجية الجميلة التي تم تركيبها في عيادات ايطاليا وليس في موسكو:النظرية ممتازة ولكن الخطأ في التطبيق!!!  ،وان تحدثت عن الاقتصاد ستظهر تلك الألغام تكاد تنفجر فيك واحدة تلو الأخرى فأحدهم يتلو عليك نظريات ادم سميث و يظل يردد بقوة وبصوت عال مؤشرا بيديه إلى الأمام ثم إلى الخلف (دعه يعمل ودعه يمر)، والأخر يتلو عليك ما قاله فريدمان ثم يتلوه أخر بما فعل كينز في الثلاثينات من ضرورة تدخّل الدولة في تنظيم الأنشطة الاقتصادية ،ويدلك احدهم على ضرورة إتباع توصيات صندوق النقد الدولي. وينقلك أخر إلى النظرية الاقتصادية  في بلادنا والتي لم ينجح مفسروها حتى ألان في الترسية على بر من البراري فقد نقلونا من اشتراكية الثمانينات حين كانت الدولة تبيع في الكسبر و المعدنوس والموز(بعد الإفراج عنه) وعالات الشاهى  إلى رأسمالية القرن الحديث والتي تجاوزت حتى عن ما نّظر به الاقتصادي  ادم سميث   ، حيث أصبحت الدولة تبيع في مؤسساتها وشركاتها ومصارفها إلى من يشترى حتى وان كان أجنبيا,, ويعطيك احدهم دراسة اقتصادية عن (ليبيا الغد) فتقرأها يمينا وشمالا  ومن الأعلى للأسفل ومن الأسفل للأعلى فلا تفهم شيئاّّ وتكتشف أنها عبارات إنشائية أكثر منها اقتصادية بحيث تحتمل كل أوجه التفسيرات وتكون صالحه لكل زمان ومكان ولجميع التأويلات  !! كما لن تجد أية نظرية اقتصاديه او توصيات من مؤتمر علمي يوصى بتجميع ألاف البشر في مجمعات ومعسكرات لمعرفة الحي من الميت والمزور من الحقيقي والكبير من الصغير إلا إذا كانت نظريات صدرت ما قبل التاريخ وقد ظنها البعض أنها مقدمة لإجراءات الحكومة الالكترونية التي سمعنا عن قرب انعقاد مؤتمرات وندوات بخصوصها!!  وبينما تحاول أنت أن تشرح له مشكلة الحاج فرج الذي يعول أسرة وتم تحويله إلى المركز الوطني الذي تم إلغاؤه وان ملفه قد ضاع ومرتبه ضاع معه ولا يعرف لمن يلتجئ لان لا صاحب ولا مكان له في العزيزية وانه لا مال ولا فزّاعة كما عبّر الشاعر مراد ، فيرد عليك بأنه بإمكان الحاج فرج حضور الندوة المزمع عقدها عن (الأزمة المالية العالمية)في الأيام القريبة القادمة والتي سيحضرها ودعي أليها الكثير من البحاث والمتخصصون ويمكن من خلالها عرض مشكلته المحلية أو أعداد ورقه علمية عن المشكلة فتحاول أن تشرح له أن الحاج فرج باحثا عن مرتبه وليس باحثا علميا!!  .. وبينما أنت تحاول ان تجد مبررا لنسبة البطالة في دولة نفطية عدد سكانها قليل تفاجأ بإعلان عن احتفال سيقام قريبا لإنشاء مركز للدراسات الاقتصادية الاسترتيجية يحضره لفيف من العلماء من دول العالم خصصت له ميزانية مقتدرة..لدراسة مشاكل أفريقيا الاقتصادية وورشة عمل جانبية عن قرب انهيار الاقتصاد الامبريالي الامريكى!!  وفى غفلة من هؤلاء كلهم وبدون حتى فهم ماذا يدور وبدون حتى اطّلاعه اوفهمه لتلك النظريات او حضوره المؤتمرات أو الندوات الاقتصادية وفى غفلة من المخططين الاستراتيجيين، تسلل المواطن الليبي البسيط بكل جسارة إلى دولة الصين وأصبح يستورد منها كل ما يحتاجه السوق اللبيى وبجميع المواصفات الرديئة منها والجيدة    !.. وعندما تأتى إليك محتاجة ليبيه تستفسر عن أنها جاءت تبحث عن من يساعدها في الحصول على مساعدات لأسرتها التي توفى عائلها إلا أنها لم تجد أحدا لان الجميع غير موجودين فالبعض منهم سافر إلى غزة المحاصرة مع مساعدات غذائية وطبية والبعض الأخر سافر لحضور مؤتمر دولي عن كيفية مساعدة الفلسطينيون المحاصرين في غزة ,,,أما البقية الباقية فقد سافرو جوا لنقل معونات إلى موريتانيا فتطلب منها الصبر والانتظار..
   ويا ويلك إن أنت تكلمت عن مباريات كرة القدم ومن فاز ومن خسر وكيف تم اختيار المنتخب الوطني وعن الدوري الاوروبى وعن الدوري المحلى وتبدى إعجابك بأحد الأهداف وطريقة حصوله أو احد اللاعبين رأيته بالصدفة وعن مباريات كأس العالم  حتى تثبت لهم انك تفهم بالكرة ، فأنك ستفاجأ بألغام لاحصر لها تجعلك تبحث عن مخرج يحفظ ماء وجهك دون خسائر لأنك لا تفهم شيئا عن ما يدور بكواليس كرة القدم ...وعندنا تعرج على موضوع البيئة متحدثا عن أشجار العرعار(الشعرة) التي أصابها الجفاف وعن الأرض القبلية( مشتقة من القبلة وليس من القبيلة) التي تصحّرت وعن الجفاف عموما أو متحدثا عن تناقص كميات المياه الجوفية وضرورة الانتباه إلى ذلك وعن أكياس البلاستيك التي ملئت الأرض والسماء وعن القمامة التي ملئت الأرض والسماء أيضا:الأرض بالقمامة والسماء بدخانها بعد حرقها .. عندئذ يتدخل احد الخبراء ويطلعك على دراسة تمت عن طريق خبراء أجانب عن كيفية الحفاظ على السلاحف وعجول البحر ودراسة أخرى عن تأثير حرق المواد الهيدروكربونية على طبقة الأوزون  ويدعوك لحضور مؤتمر علمي قد يعقد قريبا عن التأثيرات المناخية على إنتاج  بيض السمك(الكافيار) ،  وندوة أخرى عن كارثة خليج المكسيك بعد انفجار بئر تابع لشركة ألBP  وعن تأثير ذلك على البيئة المحيطة فى ذلك الخليج وعن مدى تسيّب وإهمال الحكومة الأمريكية في المحافظة على بيئة بلادهم !! .. وبينما أنت تحاول أن تجد عاملا مشتركا بين هذه الأمور يفاجئك احدهم بأن الحل الجذري لمعالجة البيئة وترطيبها هو مشروع نقل مياه البحر إلى الصحراء عن طريق حفر قناة بالخصوص ,       

    وعندما تبدى رأيك بخصوص الزراعة يظهر لك العشرات بأراء مختلفة فهذا يشجع زراعة القمح والشعير والأخر يشجع الزيتون وبعضهم يقولون بضرورة إشراك المؤسسات الدولية والجامعات لدراسة الجفاف بينما يتأسف البعض على ضياع  حيوانات اللاما التي رأيناها أتت إلى مشروع منتزه وادي الكوف وتم استيرادها خصيصا من أمريكا الجنوبية ثم اختفت واختفى معها المشروع ، ويتأسف بعضهم على ضياع ثروة السلاحف التي يتم تهريبها إلى مالطا والذي سيؤثر على التنوع البيئي!! ويأتي احدهم ويرفع صوته بقوة متحديا الجميع بأن هذه الأرض لا تصلح للزراعة بتاتا ويجب ان تكون بلادنا معبرا تجاريا لاغير وان لديه دراسة علمية بالخصوص ، وتناسى انه قد التهم في الأيام الماضية برتقالا طرابلسى وتفاحا من الجبل وكرموسا من ألحنية وهندي وعنب من شحات واشترى زيت زيتون من إنتاج معصرة في مسلاته وتمر جالو مع كميات من طماطم اوجلة واحضر له احدهم رمانا من إنتاج وادي درنة وأوصى احد أصدقائه بالبحث عن رب تمر الساحل ونسى أيضا عناقيد عنب الزويتينة الذي ينبت فى عز الرمال ، التي كانت هي تحليته فى الليلة الماضية وهو يتناول الزميتة والبازين المعمولة من الإنتاج المحلى !!.. ويصر احدهم على ان ايطاليا عند احتلالها لليبيا كانت تخطط لجعل منطقة سهل المرج سلة غذاء ايطاليا من الحبوب ,,وعندما تحاول أن تجد حلا ورأيا سديدا بالخصوص تلتفت فترى مزارعينا يبيعون الهندي والعنب والكر موس والتفاح والانجاص والعوينة  والطماطم وبال التبن والقمح والشعير المحلى في سوق شعبي بسيط يفتقر إلى ابسط الخدمات البلدية ومحاطا بمياه المجارى.. ولا يعلمون عن هذه النقاشات شيئا وهم يعتقدون أن هذا الحديث والنقاش إن سمعوه يخص كوكبا أخر أو بلادا بعيدة ..وعندما أصيبت أشجار التفاح بدودة ثمرة التفاح(حفار الساق) ظل المزارعين يبحثون عن الدواء الخاص بذلك ولكنهم لم يجدوه ، وبعيدا عن اى أبحاث أو ندوات علمية بالخصوص  اجتمع مجموعه منهم   مفترشين الأرض وتناقشوا في الموضوع وتوصلوا إلى أن الحل هو بنزين وقطن وتل  ظنا منهم انه هذا هو العلاج بالتقنيات الحيوية الذي سمعوا عنه في الإذاعة في توصيات المؤتمر العلمي العالمي الذي انعقد بالخصوص.ويسألك احدهم عن امكانبة الحصول على توصيات مؤتمر المياه في القارة الأفريقية والذي انعقد في ليبيا لعله يجد فيه ما يشير إلى معالجة مشكلة انقطاع المياه عن حيه بحواشين النوّاب منذ أكثر من سنة!!  
   يقال أن جحا وابنه الصغير سافرا إلى مدينة أخرى فقام جحا بوضع ابنه الصغير على ظهر الحمار وقام هو بالمشي أمامهما ماسكا الحبل المربوط برأس الحمار ويقوده فمر على مجموعه من الناس جالسين يتهامسون وحين مر من أمامهم سمعهم يقولون: سبحان الله أن جحا لا يفهم ! لماذا لا يركب هو على ظهر الحمار ويترك ابنه يقودهما فأبنه صغير   وهو كبير ومسن ؟؟...وما ان توارى عنهم حتى انزل ابنه الصغير وأمره أن يقود الحمار وركب هو بدلا من ابنه الصغير.. فما إن مر على قوم آخرين جالسين حتى سمعهم جحا يتهامسون:أمّا هذا رجل أهبل ؟؟..يقوم هو بالركوب على الحمار وهو رجل كبير قادر على المشي ويترك ابنه الغض الصغير يمشى على رجليه ويقود الحمار؟؟ ...وبعد أن توارى عنهم نزل جحا من على ظهر الحمار وأمر ابنه أن يقوما معا بحمل الحمار وما إن مر على قوم آخرين حاملين ذلك الحمار حتى ضحكوا من ذلك المنظر وهم يقولون: لماذا يا جحا تقوم بهذا العمل الغبي؟ ..يا رجل أعقل أما أن تركب أنت أو يركب ولدك على الحمار فما تفعلونه هو فعل الأغبياء!! ..


مفتاح بوعجاج  فى 8/9/2010 ..تم نشره فى مواقع (ليبيا جيل) و(ليبيا وطننا) وعدد من المواقع الاخرى التى  كانت تعمل خارج الوطن ....
                                   كلمات-3
                          (يسألونك عن التخلف)                      25/9/2010

       مفتاح بوعجاج
         ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

     الحقيقة لست الأول ولا الأخير الذي تحدث وسيتحدث عن الإشاعات والخرافات(بل أصبحت حقائق عند الكثيرين) بخصوص ما أثير في تجمعاتنا في أفراحنا ومعازينا وما أكثرها هذه الأيام(وخاصة وفيات الحوادث والمواليد) بسبب تلك المكالمات الهاتفية القاتلة والتي استهدفت فقط الشعب الليبي دون غيره والتي قيل أن بسببها قد سقط ومات العشرات بعد تلقيهم مكالمات غامضة من دول الاتحاد الافريقى،، وهم موجودون بثلاجات المستشفيات ...ولا اعلم ولا اعرف كيف الطريقة لترد وتقنع من يؤمن بهذا الكلام بأن هذا الموضوع وبصريح العبارة وباختصارها غير صحيح.
  في ثقافتنا الشعبية كان المتحدثون من أهلنا وخاصة عند الحديث عن بعض المواضيع  التي تحتاج إلى دليل وتأكيد ، بأن  ينهون حديثهم بعبارة (دير عليها ناطور!!)...وللأسف فقد مرت الكثير من الحكايات والقصص في الزمن الحاضر ولم نعمل لها ناطورا..،فقد ظهرت الكثير من الحكايات عن تلك الطبيبة الأردنية والتي تعالج  قومنا المرضى (عن بًٍٍَِِْعد)(ليس فقط الاستشعار عن بعد ولكن أيضا العلاج عن بعد) وتقوم بإرسال أطقم طبية طائرة ،حسب زعمها، غير منظورة إلى مرضاها في ليبيا بعد أن يتم تشخيصهم تلفونيا حيث يبدو أنها كانت متخصصة فقط في علاج الليبيين  بهذه الطريقةّ أما الشعوب الأخرى فلم تكن محظوظة!!..وبعد أن يقوم أهل المريض بإرسال المعلوم بالدولار(قبل ظهور اليورو) وترضى أحيانا بطواقم ذهبية أو الجواهر الثمينة واستلامها عند الطبيبة في الأردن اى أن التشخيص و العلاج يكون لا مرئي أما الثمن فهو ظاهر للعيان ، واستمر العمل بهذا النوع من العلاج سنينا والمٍِْعالجين يحكون عن تلك المعجزات التي حصلت لهم بدون أن يشعروا حتى بوخز الإبر أو مشارط العمليات الجراحية ثم اختفى الأمر واختفت الطبيبة فجأة ولم يعد للموضوع اى اثر ولم يعمل العاقلين ناطورا حتى يتم تذكر هذا الأمر فيما بعد...
  ثم ظهر ذلك الحديث عن (الرحى)( وهى تتكون من حجران دائريان بقطر حوالي نصف متر احدهما ثابت والأخر متحرك تستعمل عادة لطحن الحبوب قبل اختراع الكهرباء والمطاحن الحديثة، والحجران مصنوعان من أحجار ناريه صلبه من إنتاج باطن الأرض بعد خروج معظمها بسبب البراكين، ومعظمها من حجر البازلت الصلب) (وتلك الأحاديث والخزعبلات جعلت قيمة وثمن الرحى ترتفع إلى ألاف الدينارات حسب نسبة المواد المشعة المتركب منها تلك الرحى حسب ما يدّعون وحسب نسبة مؤشرات تغطيه ليبيانا والمدار عندما تضع هاتفك النقال بالقرب من تلك الرحى !!؟) .. وتكالب الآلاف ذكورا وإناثا عن البحث عن الرحى في البراري والوديان والغابات بل ودخلت الرحى من ضمن الممتلكات التي دخلت من ضمن تقسيم الورثة والتي أصرّ الكثيرين على عدم انتهائها  بالتقادم، وأصبح حديث الساعة بل الدقيقة وفى جميع المناسبات ولو استمع خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية لما كان يدور من أحاديث نسائية ورجالية لأرسلت فرقها التفتيشية للمعاينة والتقصي وكان ممكن أن تتعرض بلادنا للغزو أو للحصار إلى أن يتم معالجة هذا الأمر الجلل و الخطير ..كما تًًٍَُِذهل لرؤيتك لهولاء المتأنقون لباسا ومركوبا بكرافتاتهم وبذلهم ونظاراتهم  و قبل البسطاء من الناس وهم يجوبون ويبحثون عن هذا المصدر الجديد للثروة بل ويعرضون الأسعار المغرية لمن يدلهم على بقايا رحى...! وأصبح الحديث عن هذا الأمر بكل الأمكنة التعليمية وحتى مراكز البحوث والعلوم والطاقة جهارا نهارا  وانتهى الأمر فجأة كما بدأ وتناسينا الأمر بعد ثبوت عدم صحته، ولم نبنى ناطورا لهذا الأمر فمرّ ولعله سيتكرر عند اللازم في الجيل القادم.....
  كما شد الكثير من رجالنا ونسائنا الرحال إلى تونس في فترة  ظهرت فيها الأقاويل بأن معالجة تونسية تزيل الحصى من الكلى وحتى المرارة بدون الاحتياج إلى عملية جراحية أو ليزريه وإنما بكل بساطة فقط بعد أن تدخل في فم المريض خيطا اقسم الكثير من المرضى بأنهم شفوا تماما وأنهم رأوا تلك الحصى ملتصقة بالخيط واقتنعنا بالجزء الأول من كلامهم إلا أن الجزء الثاني من عودة ألامهم وأنهم لجئوا أخير إلى العمليات الجراحية فهذا لم يًٌٌٍَُِعرض ولم نسمعه رغم انه حدث ..,, كما نسينا عمل ناطور على هذا الأمر ليدخل ذاكرتنا ولهذا احتمال عودته وبقوة وارد وفى اى وقت ..!
  كما ظهر في المنطقة الغربية من بلادنا ذلك الكلام عن الطبيب الفلبيني الذي يجرى عمليات ومعالجة المرضى في اى مكان من الجسم بدون فتح أو حتى ظهور علامات تدل على تلك العمليات، واستمر العمل بهذا الأمر زمنا ثم اختفى الأمر فجأة كما ظهر بدون أسباب وبدون ناطور.... كما لا يزال الكثير منا يذكر تلك المعالجة فى مصر والتي تداوى الظهور الموجوعة بخبطات على تلك الظهور كفيلة بإزالة تلك الأوجاع وشدّ الرحال إليها ولا يزال الكثيرين الذين يستحقون خبطات على الدماغ وليس على الظهور.
ولو أردنا أن نعمل ناطورا لمثل هذه القضايا لأصبحت نواطيرنا مثل سور الصين العظيم طولا وعرضا.....بسبب تصديق مثل هذه الخرافات والأكاذيب التي لايوجد لها دليلا واحدا ..
  أن هذا الأمر يقودنا إلى الحديث عن العقل الخرافي المؤمن بالشعوذة والدروشة والذي يسهل عليه تصديق ما يشاع وما يقال وتاريخنا طويل ومليء منها ،،وهو سوق رائج دخل إليه تجار هذا النوع من الشعوذة والدروشة تارة باسم الدين وتارة باسم الدنيا ..فأصبحت حالات الطلاق أسبابها عند المشعوذين سحرا وجانا لا بسبب الإهمال والتقصير في الوفاء بعقد الزواج والعلاقات الإنسانية والشرعية..وأصبح رسوب أبنائنا في الامتحانات هو تسليط جانا وسحرا عليهم من قبل من يكرهونهم ويحسدونهم لا بسبب تقصيرهم في دراستهم  وتحصيلهم أو تقصيرا في العمليات التعليمية ذاتها ، وهذا التأويل  المتخلف يجعلنا نحيل مشاكلنا وآلامنا ومعاناتنا لأسباب غير منظورة وغير مرئية.(فالجان والجنين والجنّة هي مشتقه من شيء لا نراه)(وذلك حتى نستريح ونريح ولا نلوم أحدا ولا يتم البحث فيه وعن أسبابه وهو ابسط وأسهل  تفسير نلجأ إليه بعيدا عن التعب والبحث والمعاناة والتحشيم  كما تفعل الشعوب الأخرى (المتخلفة) والتي تتعب وتضيع وقتها في بحوثها وتقصيها عن الحقائق والأسباب ومن ثم المعالجة  !!؟)..
   كما عمل الكثيرون من أغنيائنا على محاولة زيادة رصيدهم من الدولار واليورو والين ومضاعفتها عن طريق مشعوذين  مؤمنين بتوالد تلك الأموال من بعضها البعض وراحت وطارت الأمهات ولم يولد شيئا... كما تطور الأمر إلى الاعتقاد أن وفاه العروس ليله زواجها كان بسبب السحر وتسليط الجان عليها من قبل العزال، ولم يتفطنوا إلا أخيرا أن سببها كان تلك الحنة المخلوطة بمواد سامة عمل خلطتها وافدون من بلدان متخلفة ..كما كان يعتقد أن من يقع أرضا مريضا ويظل يرتعد وتصطك أسنانه قد أصيب بجان وكانوا يعالجونه بالضرب والكي إلى أن اكتشف العلم الحديث أن هذا مرضا عضويا بصيب كهرباء المخ بنوع من الماس الكهربائي أن صح التعبير أسموه مرض  الصرع (Epilepsy )(اضطراب في الجهاز العصبي عموما وخلل في أداء الدماغ)     ....وهناك الكثير من التفسيرات اللاعلمية والتي ترّقت حتى إلى مستويات عليا إلى أن  أصبحت حتى هزائمنا في المعارك القومية سببها الجان والسحر والى أن عدم تحقيق الوحدة العربية هو محاولات الاستعمار والصهيونية والامبريالية الاستعانة  بجنود من الجان الصليبيين النصرانية والتي لم يراها عساكرنا وأركان حروبنا بالعين المجردة وإلا لكانوا التهموهم التهاما.؟؟.. لو راجعنا أنفسنا بكل صدق وموضوعية إلى ما كان عليه حالنا منذ قرن مضى لضحكنا على معتقداتنا وتفسيرنا للأمور وحتى فتاوينا  ولكن العلم الحديث بدا يكشف عنّا الغمة تدريجيا إلى أن بدأ ما كان حراما زقوما أصبح اليوم هو الحلال بل يحثنا عليه ديننا ؟؟ انه العلم انه النور انه البديل للجهل والجاهلين ،أنها رؤية العالم المتقدم المتحضر..انه العالم الذي قال عنه الإمام محمد عبده (فيه وجدت الإسلام ولم أجد المسلمين أما عندنا فوجدت المسلمين ولم أجد الإسلام)،إننا وبشدة بحاجة إلى تأكيد فقه للعمل وفقه السلوك وفقه للحضارة بعد أن استوعب الناس فقه العبادات،، وكما قال احد المفكرين المتنورين( في القران عدة آيات تبدأ بكلمة  يسألونك ، مرة عن الروح ومرة عن الساعة وثالثة عن الساعة و  عن الأهلة ورابعة عن ذي القرنين وخامسة عن المحيض وسادسة عن الخمر والميسر إلى غير ذلك من الأمور التي شغلت جموع المسلمين قبل أربعه عشر قرنا ، والمفارقة المدهشة أن عقول اغلبيه المتدينين ما تزال تتحرك في نفس الدوائر بدرجة أو بأخرى وبشكل أو أخر..فهي لم تغادر أفاق الغيب ..وهى الأمور التي تم حسمها واستقر أمرها، وأصبح على أجيال المسلمين الحالية أن تتجاوزها وتطرح أسئلتها الجديدة وتنشغل بالإجابات الصحيحة عنها ، وإذا جاز لنا أن نستعير لغة الخطاب القرانى في الحديث عن شجون زماننا فسوف نقول : يسألونك عن التقدم والتعلم والديمقراطية والشفافية والتنمية وغيرها....  ويسألونك عن التخلف؟؟.)
  لقد أن لنا أن يكون حديثنا صريحا ومباشرا للقول بأن هذه العقلية لم تعد توجد إلا عندنا وفى واقعنا أو عند أمثالنا من البشر ،ولا يغرنّك تلك المباني الفخمة والمسميات الفاخرة وامتلاء جوامعنا بالمصلين المؤمنين بمثل هذه الخرافات والأقاويل وما دامت عقولنا بهذه السطحية والسذاجة فهناك في عقولنا يكمن التقدم أو التخلف ، والإيمان والجهل ، والنور والظلام,,,لقد أن الأوان لتغيير كل أدوات التنمية عندنا وتغيير لغة الخطابة الدينية والدنيوية والاتجاه إلى ألوجهه الصحيحة إلى حيث نور العقول وإلا سيولد كل يوم ناطورا حتى وان لم نبنيه على الواقع.. سيكون في عقولنا.. واكرر ما قاله مهاتير ماليزيا (مهاتير محمد ):
(عندما أًٍٍَُِِِْْصلى أتوجه إلى مكة ..أما عندما اخطط أتوجه إلى طوكيو).والذي يحاذيه قول:( أن تمتلك عقلا صغيرا ينمو بشكل صحيح وسوى ومتحضر ومتعلم ،،أفضل من أن تمتلك عقلا كبيرا وضخما خرافيا مشوشا ينكمش)  وان ) : اى أحمق أهبل جاهل يستطيع أن يضخم ويعقّد الأمور ويؤمن بالخرافات ..ولكنك تحتاج إلى عاقل شجاع ليعيد الأمور إلى طبيعتها وحقيقتها) ..والأخير هذا ما نحتاجه لتنوير العقول الغافلة حتى لاتزيد أو تكبر نواطيرنا.
25/9/2010    (ليبيا جيل ..ليبيا وطننا)
 



الأربعاء، 28 أغسطس 2013

حلم الاحلام ...


ألحلم ليس الذى تراه فى منامك ...بل هو ألذى يجعلك ... لا تنام !

عندما قال الامريكي الأسود مارتن لوثركينج عام 1963 أمام نصب لنكولن التذكاري: (عندي حلم) (I have a dream).. قالها في دولة دستورية وهي الولايات المتحدة الأمريكية...يحكمها دستور مدني ديموقراطى يحفظ حقوق الجميع.. لا يفرّق بين جنساو عقيدة او أصول..يحفظ حقوق المواطنة باعتبار أن جميع الأمريكيين سواسية أمام الدستور والقانون فى الحقوق والواجبات نظريا... كان حلمه صغيرا.. وبسيطا وهو..تطبيق الدستور ومبادئ الحقوق المدنية الملحقة به...إلا ان واقع المجتمع الامريكى كان غير ذلك.. كان المجتمع الامريكي واقعيا فى ذلك الزمن به الكثير من أفعال الميز العنصري وحتى العرقي والديني والاجتماعي وحتى بين المرأة والرجل...عندما واجه الرئيس الامريكى جون كينيدي بكل شجاعة معضلة تقّدم احد الطلبة السود(جيمس ميريديث) عام 1960 بأوراقه إلى جامعة ميسيسبى حيث تم قبوله نظريا بها قبل ان يعرفوا انه موطن امريكي اسود وهي الجامعة التي كانت تقع فى أكثر الولايات الجنوبية عنصرية.. إلا أن حاكم تلك الولاية العنصري الأبيض (روس برناديت) رفض ذلك..عندها وضع ذاك الطالب المقبول، الدستور الامريكي على محك التطبيق فتقدّم ذلك الطالب بطلب الى المحكمة الدستورية العليا في الولايات المتحدة لتمكينه من الدراسة بتلك الجامعة بعد ان انطبقت عليه كل الشروط الأكاديمية للقبول..حكمت المحكمة بتمكين وحق ذلك الطالب فى الدراسة بتلك الجامعة ولكن لم يكن لديهاالالية اللازمة لتنفيذ ذلك الحكم..التجأ الطالب إلى الرئيس الامريكى جون كينيدي.. الذي كان قد اقسم قبلها بفترة وجيزة على احترام وتطبيق الدستور الذي وضعه المؤسسون منذ عام 1784... وقع الرئيس الامريكي المنتخب حديثا في أزمة.. اتصل بحاكم الولاية الذي رفض تعليمات الرئيس..اضطر الرئيس كينيدي للاستعانة بالقوات الاتحادية وقوات المارشال الخاصة التي..فرضت تمكين ذلك الطالب الأسود بالقوة والرعاية من الدخول الى الجامعة وسط رفض معظم السكان المحليين والطلبة وحاكم الولاية...كانت نقطة تاريخية فى تاريخ الحركات المدنية فى المطالبة بالحقوق المدنية التي استمرت مرورا بحركة بمارتن لوثر كنج و إلغاء الميز والتفرقة العنصرية فى المجتمع الامريكى وانتهاءا بوصول أول رئيس للولايات المتحدة الأمريكية من أصول افريقية بل وفوزه فى انتخابات ضد مرشحين بيض فى دورتين رئاسيتين... الأمر الذي كان يعد من المستحيلات بتفكير المجتمع الامريكى فى الستينات وما قبلها.
ومن هنا ونحن نتهيأ للاستحقاق الوطني القادم.. الدستور الليبي.. فأننا يجب ان نضع فى الحسبان ان الدستور هو مجموعة مبادئ ديموقراطيةواهداف وطنية عليا لا تعبّر عن الواقع ولو كان متخلفا بقدر ما تعبّر عن تأسيس الأمة بشكل صحيح وديموقراطى يحفظ كيانها ويحفظ مؤسساتها وحراكها وحريتها لأجيال قادمة يحوى رؤى مستقبلية ولا يحمل بذور الاختلاف الحاصل اليوم...بحيث يمكننا ان نرى مستقبل هذه الأمة من ألان من وسط وبين سطور الدستور...من يحاول ان يكون المقاس الدستوري هو فقط لما يجرى من حراك سياسي ووطني اليوم ..فهو فقط يؤطر هذا الاختلاف الحاصل ويؤجل المعركة من اجل وطن يسع الجميع إلى وقت أخر..الدستور يجب ان يكون للجميع وبالجميع ويسع الجميع اليوم وغدا وبعد الغد...لهذا لا يستطيع جزء من الوطن اليوم..أن يفهم أو أن يعبّر عن رؤية وأهداف وأمال..كل الوطن في كل الأوقات وكل الظروف والمعطيات.
مارتن لوثر..كا لديه حلم واحد فقط وهو تطبيق الدستور على جزء من شعبه..ووجدها فى ذلك الدستور الذي وضعه مؤسسو الأمة الأمريكية منذ أكثر من قرن ونصف قبل حتى ان يولد...ونحن قد يكون لدينا ألاف من أمثاله مستقبلا سيجدون ما وضعناه اليوم..ركيزة للمطالبة بحقوقهم مستقبلا ان نحن..كنا واعون ومدركون أننا في مرحلة تأسيس وطن يجب يسع أجيال اليوم وأجيال الغد..فأن كان لدي مارتن لوثر حلما واحدا ذاك الوقت..فنحن اليوم...قياسا على مطالبه..لدينا حلم الأحلام جميعا..وتاريخ نكتبه اليوم يفرح ويستوعب كل الأجيال التي ستأتي بعدنا وبكل أطيافهم وطموحاتهم وحريتهم وحراكهم الانساني  والحقوقى والحياتى ...
شرح الصور المرفقة :
1-(مقبرة مارتن لوثر كنج مكتوب عليها (حر في النهاية! حر في النهاية! شكراً يا رب العالمين، أنا حر في النهاية!))....2-(مع روزا باركس الحقوقية الامريكية قبل اغتياله)...

الاثنين، 26 أغسطس 2013

         الربيع الصامت-1               6/12/2010

د.مفتاح بوعجاج






     يقال أن احد المعمرّين الطليان الذين استوطنوا ليبيا   او بالأحرى ارادوا الاستيطان في ليبيا أبان فترة الاستعمار الايطالي ، التقى في الفترة الأخيرة (بعد خروجه إلى بلاده ايطاليا بالطبع) ، التقى مع احد الليبيين في ايطاليا وسأله عن حال الزراعة في ليبيا ؟ فأجابه الليبي بأن الدولة الليبية عملت الكثير من المشاريع الزراعية فقاطعه الإيطالي قائلا :عندما كنا في ليبيا في العشرينات والثلاثينات عندما كنا نقوم بإنشاء المزارع وزرع الحبوب والأشجار، كانت هناك رياح جنوبية تأتينا من الجنوب وكانت إحدى المشاكل التي واجهتنا لتطوير الزراعة في ليبيا في ذلك الوقت هي تلك الرياح ولكننا خرجنا قبل وضع حل لتلك المشكلة وكان يطلق عليها السكان المحليون اسم (القبلي).. فماذا فعلتم بها بعدنا وماذا فعلت بكم؟.... (لا أجابة)...

    يبدو أنها في ذلك الوقت كانت رياحا فقط.. أما اليوم فهي رياح محملة بالاتربة مختلف الألوان والرمال وكذلك محملة بكافه منتجات الحضارة الحديثة من نايلون وبلاستيك وأوراق ومذكرات وبقايا امتحانات وكراسات وكتب مناهج تم إلغاؤها وما اكثرها وبقايا جوالات الأعلاف وأحيانا عبوات بلاستيكيه لمشروبات الكوكاكولا والبيبسي كولا وحتى السعادة الزرقاء التي قد تضرب وجهك إن لم تأخذ حذرك وخاصة وأنت تحاول ان تتمشى أخذا بنصيحة الطبيب في أن المشي قد يخفف الوزن.. ويخفف من الكولسترول في الدم.. فلا أنت تعرف ان تتقى تلك الأشياء الطائرة مع الريح أو أن تنظر تحت قدميك خوفا من ان تقع في إحدى الحفر الناتجة عن الحفريات المستمرة منذ أكثر من ثلاثين عاما في مختلف الاتجاهات وكافة التخصصات وخاصة وان الرؤية فى هذه الظروف لا تتعدى ذراعا.

   انني ما أردت بهذا إثارة الضحك بقدر ما يحزنني حال البيئة في بلادنا .. وما يحزن أكثر هو تعود الناس على مناظر تلك الجبال من القمامة وتلك الأراضي التي تم تجريدها من الغابات ومناظر أشجار الغابات التي أصيبت بالجفاف ، ، ،وجفاف وتلوث عيون المياه التي كانت تغذي قرى بكاملها من بشر ودواب (واسألوا أهل الذكر عن معطن سلوق( عين بلغرب) وعيون خارقه والبويضة والوسيطة وعين الجنين وغيرها الكثير). والتصحر الذي طال كل شيء وخاصة فى المناطق التي كانت معروفه فى بلادي بجمالها وغاباتها الخضراء وشجيراتها من بطوم وشمارى وعرعار(الشعرة) و غيرها من النباتات كما تم انقراض الكثير من الحيوانات البرية التي كانت تعيش فى هذه البيئة كالغزال والأرانب كما غادرت طيور النحل التي كانت تعيش في صمّ الجبال ولم يعد لها مكانا في تلك الوديان. فى جنوب الجبل الأخضر مناطق كانت تسمى (بالعقاير) والعقيرة هى منخفض كبير تتجمع فيه المياه لتنتج فيما بعد مرعى اخضر به كافة أنواع النباتات البرية وتصلح أيضا لزراعة الحبوب بأنواعها .. ذكر لى الكثير من المواطنين ان هذه السنة قد تجمعت بها الرمال بدل المياه او النباتات وهذا مؤشر على تغير سيء وسلبي لمسار البيئة.

       الآلاف من أشجار الزيتون والبرتقال والنخيل وأشجار الغابات والأشجار المثمرة الأخرى والغابات البرية من عرعار وخروب وشمارى وبطوم وما ينمو معها وبجانبها من نباتات بريه جميلة تم اقتلاعها.. وتم الزحف على الأراضي الزراعية ووصل التصحر إلى عمق الاراضى في الشمال. مياه المجارى بدأت تشكل انهارا تحرق الغابات وتلوث البحار وتخلق بيئة ملوثة للإنسان والحيوان والطيور.. لم تسلم المياه الجوفية والسطحية من تلوث مجارى البيوت العشوائية المجمعة في خزانات سوداء, في كتابها (الربيع الصامت)(Silent Spring) كتبت الكاتبة الأمريكية (راشيل كارسون)((Rachel Carson) والذي صدر منذ أكثر من أربعين عاماعن البيئة ويعتبر كتابها المذكور مرجعا علميا وأدبيا وكان له الأثر الواسع والعميق في لفت نظر العلماء والسياسيين والمواطنين إلى أهمية البيئة، كتبت تقول (كم أخاف ان يأتي الربيع القادم صامتا بلا طيور تغرد في الغابة، وتعج الصحراء بالجراد ويتشوه منظر النجوم والقمر).. 
      كتاب (الربيع الصامت) كتاب استقبلته حركات أنصار البيئة بفرح غامر إلا ان المستفيدين من دمار البيئة استقبلوه بفتور بل حتى بعداوة فى وقت كانت فيه البيئة علم غير منظور للناس .. حتى جاء الطوفان الذي بدأنا نشاهد بداياته ألان ، الظواهر البحرية الغير عادية (كظاهرة تسونامي)، كثرة العواصف التي تزداد عنفا والإمطار التي تتساقط فى مكان وتشح في مكان أخر حتى في البلد الواحد، بلادا بها ثلوج وبلاد أخرى بها نيران تشتعل..
      راشيل كارسن كانت كاتبة عاليه المعرفة فى التاريخ الطبيعي لمملكة الحيوان والنبات وكانت في ذات الوقت ناقدة اجتماعية ويعتبر كتابها أكثر الكتب تأثيرا والتي اعتبرته مجله (ديسكفرى) فى المقام الخامس والعشرين من بين أحسن الكتب لكل الأزمان. وكان لهذا الكتاب وما تنبأ به، تأثير ثقافي واسع أدى إلى الاهتمام بعلوم البيئة وإدخال المناهج التعليمية التي تساعد على جعل محور البيئة محورا إنسانيا تنمويا وطنيا لا يقل عن محور الصحة والتعليم فتأثرت مخططات مدنهم بوجود المساحات الخضراء وحتى الغابات داخل مخططات المدن كما جعلوا من ثقافة البيئة والمحافظة عليها جزءا كبيرا من مناهج التعليم والثقافة وحتى السياسة مما حدي بالكثيرين إلى تشكيل أحزاب ومؤسسات وجمعيات مدنية للمحافظة على البيئة ومنها أحزاب الخضر في أوروبا وامريكا كما تأثر الفن الغنائي والموسيقى بأعمال عن البيئة كانت لها ومازالت لها جماهيريتها مثل اغانى الفنانة جونى ميتشل (they took paradise and put a parking lot) في أغنية (big yellow taxi)(استبدلوا الجنة بموقف سيارات) وذلك تعبيرا عن الحزن لأنهم أزالوا جزءا من غابة هاواي وعملوا مكانها موقفا للسيارات .

    ألا ترون معي أن ربيعنا في الأعوام الأخيرة أصبح صامتا فعلا كما عبرت عنه الكاتبة بأقتدار .. وأرجو الله أن لا يكون التصحّر قد وصل حتى نفوس البشر ليفهموا ما أعني. وللحديث بقيه بأذن الله. 


                                                  الربيع الصامت -2                            8/12/2010
مفتاح بوعجاج

كم يحزنني ويحز في نفسي قول احد السياسيين الانجليز المطلع على أحوال العرب والذي كان ما يسمى بالمندوب السامي البريطاني لفترة زمنية ما في وطننا العربي ..قال (أن العرب ليسو أبناء الصحراء ..أنهم أبائها). وبغض النظر عن رأينا في هذا القول ومصدره الا ان الواقع والأرقام والحقائق على الأرض تقول فعلا ان.....الآلاف من أشجار الزيتون والبرتقال والنخيل تم تجريفها...مساحة الأرض الصالحة للزراعة فى ليبيا لا تتعدى 4% من المساحة الكلية و90% من هذه المساحة تقع في الساحل الشمالي ومنطقة الجبل الأخضر..والتي أصبحت تتحول تدريجيا إلى مباني أسمنتية سكنية وحتى خدمية وإدارية..

ذكر لي احد الليبيين الذين عاصروا فترة الاستعمار الايطالي ،أن الطليان اقروا في فترة استعمارهم لبلادنا، أن مباني مدينة البيضاء يجب أن تكون حدودها الغربية لا تتجاوز حدود ضريح الصحابي رويفع الانصارى حيث اعتبروا أن ما يقع غرب تلك الحدود هي من أخصب الاراضى الزراعية في المنطقة ..وفعلا لا زلنا نذكر ونحن صغار جمال هذه المنطقة الممتدة من غرب الضريح وحتى منطقة( ماسة) ومرورا بمناطق شاهر روحه والزاوية وبلغراء وفرشيطه والبلنج ونذكر جمال مزارعها وإنتاجها من الكروم والزيتون والقمح والشعير والحمص والفول والمنتجات البعلية علاوة على ما يتخللها من غابات جميلة تنبت تحتها كافة أنواع النباتات وكان في وسط هذه المنطقة شجرة خروبه مشهورة كانت تسمى (خروبة فرشيطة على اسم المنطقة التي تقع فيها) لكبر حجمها وغزارة إنتاجها وشكلها المهيب وظلها الواسع وتعدد سيقانها وعمرها القديم قدم المنطقة، وتميزها عن باقي الأشجار..وقد تحولت معظم هذه الاراضى اليوم إلى مباني وأزيلت تلك المزارع وتناثرت المباني العشوائية بشكل مزعج وسالت المجارى غربا وجنوبا وتغيرت المعالم الخضراء وكان أول شيء تم إزالته هي خروبة فرشيطة تلك التي كانت معلما وتاريخا بالمنطقة وقد كنت أول المتألمين لإزالة هذا المعلم الطبيعي عند عودتنا من الخارج فترة الدراسة الجامعية...

سهل المرج الزراعي والذي كان يطلق عليه (نطع المرج) لتشبيهه بالنطع الأبيض اى صوف الخرفان عندما ينضج القمح والشعير وتصبح بيضاء تتهادى سنابله الجميلة مع الرياح تراها عن بعد كأنها صوف ابيض نظيف ..بدأت تنمو عليه الأعمدة والمباني الخراسانية..هذا السهل الذي أراده المستوطنين والمستعمرين الطليان مكانا لتغذيه ايطاليا بالحبوب واللحوم..بدأت تغزوه المباني ليتحول إلى بيوت متناثرة بعد أن تم تقزيم أراضيه...معدل سقوط الأمطار كانت تصل في الجبل الأخضر إلى 600ملم وكان المتر المربع من المسطح يعطى عند تجميعه نصف متر مكعب من مياه الأمطار في الموسم الواحد على الأقل، وهذا ما تفطن أليه المستوطنون الايطاليين فعملوا على تجميع ما يسقط على البيوت من الإمطار في أبار بجانب تلك البيوت تسقيهم وتسقى حيواناتهم لطول العام..ونحن اليوم تركنا تلك المياه تذهب سدى وحفرنا الأرض على بعد مئات الأمتار أعماقها تصل اليوم إلى أكثر من 400متر لنرفع المياه من على ذلك البعد والتي أصبحت تتباعد وتغور يوما بعد يوم لنقوم كل فترة بتعميق تلك الآبار مما يدل على أن معدلات الخارج من المياه هي أكثر من معدلات الداخل مما جعل المياه السطحية تبتعد عن معدل التغذية الرطبة للأشجار والنباتات مما جعلها تجف وتعطش ويظهر شكلها بائس وكأن النار قد اشتعلت فيها ومن منكم يمر بالطريق الساحلي فليلتفت إلى أشجار العرعار بين الباكور ودرنة ويرى ما ذكرت ...

للأسف نقولها بكل صراحة ..لقد كان الايطاليون أكثر محافظة ومعرفة ودراسة لهذه الأرض وأكثر محافظة منا ، فقد منعوا بقوانين صارمة تربية الماعز او مرورها في مكان الغابات إلا بأذن ..كما كانت الشرطة الزراعية لديهم او ما يسمى(الفورستارى)من أكثر الجهات صرامة في تطبيق قوانين حماية الاراضى الزراعية والغابات ..وهذا ما شهد به أهلنا الذين عاصروا تلك الفترة...منطقة طرابلس والزاوية وتاجوراء كانت من أخصب الاراضى وأجملها في إنتاج البرتقال والليمون والرمان والهندي والعنب والزيتون والتي تحولت كلها اليوم إلى مباني خراسانية سيئة الشكل وارتفع بدل تلك الأشجار ذات الرائحة الجميلة البلوك الأبيض ..

ذكر لي احد كبار السن في منطقة ال26 غرب طرابلس فى طريق الزاوية ،أن مزرعة ماكان يسمى بمزرعة (الكونتيسة) بالقرب من مصنع المزارع سابقا والتي اختفت أثارها اليوم ..ذكر لي أن هذا المصنع انشىء أساسا لتصنيع وتعبئة البرتقال بالمنطقة وان هذه المزرعة التي تم تقزيمها والبناء عليها كانت تقوم بتوريد كميات البرتقال لمدة شهر كامل لذلك المصنع والذي توقف عن العمل منذ تم تصفية شركة المعمورة للمواد الغذائية والتي كانت من أفضل وأحسن شركات الصناعات الغذائية في ليبيا وأصابها ما أصاب الكثير من شركات القطاع العام الناجحة...عندما تمر على مناطق الخمس ومصرانه ترى جذوع النخل مرمية كما ترى أشجار الزيتون وقد تم إهمالها وقد تيبس الكثير منها لتكون سهلة الاقتلاع ليرتفع مكانها مخزنا أو مبنى أو دكاكين لا يتوفر فيها حتى مقومات المعمار الجميل ..إما عن بنغازي فحدث ولا حرج والتي بدأت بإزالة شجرة ميدان الشجرة ليتحول إلى ميدان اسمنتى بجدارة ...

نحن بهذا لا نستعرض هذا الأمر لنكشف عن السلبيات فقط بل لنعود بالوعي البيئي والزراعي إلى أصوله ،حيث أن كثير من البديهيات بدأت تغيب وبدأ يحل محلها فكر تجارى اسمنتى متخلف بدأ يزحف على عقولنا وأرضنا ليحولها إلى صحراء جرداء لا تسر الناظرين ولا تؤنس السامعين ووصل إلى تدمير حتى ما قامت به المشاريع الزراعية في بلادنا..كما بدأ هذا الخراب البيئي يؤثر على البيئة بشكل عام فالمياه مهددة بالتلوث والأرض الزراعية بالنقص وتحول ما تبقى منها إلى ارض صحراوية ونقص المطر لما للمطر من علاقة عكسية بتوفر الغطاء النباتي وكذلك نقص الإنتاج وزيادة الاعتماد على الخارج..

يساوى لتر الوقود(البنزين) عشرون قرشا ووصل لتر زيت الزيتون اليوم إلى سبعة دينارات وهذا يعطينا مؤشرا على أن نقوم بإزالته لهو أثمن مما نعتمد عليه وخاصة وان كل جزء من بلادنا غربا وشرقا وجنوبا تصلح لزراعة الزيتون والتي تصلح زراعتها في بلدان حوض المتوسط(اسبانيا،ايطاليا، اليونان،تونس) وبإمكان ان تكون ليبيا من انجح الدول فى هذه الزراعة التي بدأ الاحتياج إلى زيتها عالميا يزيد يوما عن يوم لفائدته الصحية والغذائية فهو أعظم زيت نباتي على الإطلاق ويباع في بعض الدول في الصيدليات لندرته وارتفاع سعره...كل هذا الأمر يحتاج إلى سياسات زراعية واقتصادية ووطنية واضحة والاستفادة من التجارب الزراعية السابقة في بلادنا وأهمها هو المحافظة على أرضنا الزراعية والغابات والمياه بشكل يحفظ البيئة ألطبيعيه ( والعبرة دائما بالنتائج وليس بالكلام اى كميات الزيت المنتجة وما هو ترتيبنا في إنتاجه) حتى لا نصل إلى مرحلة الربيع الصامت بل نتجاوزها لا قدر الله إلى مرحلة اللاربيع على الإطلاق ..

وللحديث بقيه بأذن الله.
                                            الربيع الصامت -3                                         9/12/2010
مفتاح بوعجاج

في الأيام الماضية كنت وبعض الرفاق في زيارة لمنطقة في جهة أمساعد قريبة من حدودنا الشرقية(قريبة من البردي) (منطقة عيت حبون)(وردني تعليق من السيد بوبكر بلال الحبونى بأن اسم المنطقة هو شمّاس)..منطقه اشتهر أهلها بالكرم والطيبة والأصالة والفزعة والجهاد والصبر ...وكم تألمت لحاله تلك البيوت المتناثرة بدون أدنى ترتيب والتي تكاد ان تطمرها الرمال نتيجة الرياح المحملة بالأتربة والرمال والتي تكاثرت على بلادنا فى الفترات الأخيرة وكأنها تريد إعلامنا بشيء ما .. وكم تألمت لاحتياجهم وحاجتهم للمياه وخاصة وان الحلول على مرأى عين منهم.. وكم تألمت لمنظر تلك الأشجار الميتة(معظمها أشجار تين) وهى واقفة بعد ان صارعت البيئة والجفاف سنينا...كنت فى زيارة تعزيه فى حاله وفاة نتيجة حادث على نصف الطريق العام الرابط بين طبرق وامساعد ويمر بتلك المنطقة والذي لا يوجد به أدنى مواصفة لطريق في القرن الواحد والعشرون....تشعر شعورا أكيدا ان بناء البيوت يتم بطريقة عشوائية بدائية كما هو الحال ألان في معظم المناطق خارج ما يسمى بالمخططات وفى عموم ليبيا شرقا وغربا وجنوبا...وعليه تجد خيوط الكهرباء تذهب فى كل اتجاه متتبعه تلك البيوت المتناثرة وكأنها سقطت من السماء .. كما تجد تلك الطرق الصخرية تلتوي فى كل اتجاه متتبعه البيوت أيضا ...(وهذا ماتوصلت اليه حلول الناس فى غياب التخطيط والخدمات الأساسية)..

قد بكون مجموع السكان فى تلك المنطقة لا يتعدون الألف او العشرة ألاف او حتى المائة الف ..ما العيب وما الصعب فى تخطيط مدينة عصريه ذات شوارع فسيحة قابلة للتوسع تلم شمل تلك البيوت المتناثرة ليسهل توصيل الخدمات إليها مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي وعمل محطة تحليه مياه البحر القريبة وزراعة أصناف من الأشجار قادرة على تحمل أجواء المنطقة وكذلك إنشاء مدارس مهنية وتخصصية وغيرها وكل الخدمات التي تحتاجها المنطقة بشكل اقتصادي واجتماعي وامني سليم ..ولو اتبع هذا النهج لتخلصنا من طريقة هذا البناء المتناثر والمزعج والذي انتشر فى عموم بلادنا والذي يعطى انطباعا مغلوطا بأن سكان بلادنا قد يفوتون الستون مليون بدل الستة ملايين نسمة علاوة على ما يتكبده قطاع الخدمات من خسائر وتعب وجهد فى حالة توفر النية لتوصيل الخدمات للناس.

هناك مدن عالمية يصل تعداد سكانها بالملايين (حاضرة لوس انجلوس أربعة عشر مليون نسمة، طوكيو ثلاثة عشر مليون نسمة، هناك مدن بالصين لا يزيد عدد سكانها عن ستة ملايين تكاد لا تراها على خريطة دولة الصين) والأمثلة كثيرة تدلنا على انه بالإمكان جعل كل سكان ليبيا الواسعة يسكنون مدينة واحدة بشرط أتباع النسق الحضاري الحديث فى التخطيط والبناء والحياة والتحضر..وهذا يجعلنا متفائلين في ان الحلول لمشاكلنا متوفرة وبالإمكان الالتجاء لتلك الحلول بشرط توفر النية الصادقة والعزيمة وفوق كل ذلك الشعور الوطني الخلاق والتخطيط السليم. إن طريقة بناءنا المتناثرة ألان هي خاطئة ما فى ذلك شك لما لها من تأثير بيئي خطير(فكل بيت يقوم بصرف مياه الصرف مباشرة فى التربة) علاوة على تشتت الجهود في إيصال الخدمات المعيشية والتنموية ناهيك عن الشكل المعماري الملوث والمبعثر ...والأخطر هو ماتنتجه هذه العشوائيات من مخرجات سيئة بعيدا عن خدمات التعليم والثقافة والأمن والخدمات العامة لو استمر الحال هكذا.

لو اتخذت هذا المثال معيارا لرأينا ذلك واضحا فى مدن امتدت بطريقة عشوائية فى مناطق الجبل الأخضر والمنطقة الوسطى وتاجوراء وصبراتة والزاوية وبنغازي ومعظم مناطق الساحل الليبي ومناطق الجنوب الليبي ،ورغم اننى لا املك إحصائيات علمية عن نسبة العشوائيات فى بلادنا إلا اننى أكاد اجزم ان نسبة العشوائيات فى بلادنا قد تجاوزت نسبة المخططات ...وهذا أمر خطير سينتج عنه الكثير من الانفلات الامنى والاجتماعي والحياتي والبيئي والاقتصادي والتعليمي كما حدث ويحدث في بعض دول العالم التي سبقتنا فى هذا المجال اى مجال العشوائيات وتركت الأمور تجرى على عناتها بدون تخطيط كما يحصل فى عشوائيات مصر والبرازيل ومعظم دول أمريكا الجنوبية والهند وبنغلاديش وغيرها رغم الاختلاف فى ظروف هذه الدول وظروفنا ،فظروفنا ممتازة وعددنا بسيط وإمكانياتنا والحمد لله جيدة وبلادنا واسعة فما السبب يا ترى؟ وليس هناك مبرر على الإطلاق لنرى فئ بلادنا ظهور إنتاج العشوائيات من ظواهر اجتماعيه سيئة وغيرها من ظواهر سلبيه لا يمكن معالجتها بسهولة فيما بعد.

وعندما نتحدث عن البيئة فأنا دائما أقول لنفسي لماذا هذا الإصرار العنيد والمستمر على ان نقوم بإزالة كل الغابات الاراضى الزراعية حتى داخل مخططات المدن ؟؟لماذا لا تبقى تلك الغابات والوديان الاراضى الزراعية حتى داخل محتوى المخططات مع بذل الجهد الهندسي والمعماري في الملائمة الجميلة بين المخططات وتلك البيئة,, بدل إزالتها لكي ترى ذلك الجهد الرائع فى ظهور مخططات خضراء جميلة كما يحدث فى مدن العالم المتحضر مع العلم بأن القاعدة الأساسية فى علوم تخطيط المدن تقول بضرورة وجود ما لا يقل عن 30% مساحات خضراء داخل المخططات.

ان وجود مخططات خضراء وسط المخططات الإسمنتية لها تأثير على نفوس وصحة البشر ويحضرني فى هذا المجال قصة الشاعر الاعرابى( على ابن الجهم ) عندما قدم على المتوكل العباسي من الصحراء حيث كان يعيش فى بيئة صحراوية جافة فقال للمتوكل وهو فى بغداد حاضرة زمانها، أبياتا شعرية يمدحه فيها:

أنت كالكلب فى حفاظك للود *** وكالتيس فى قراع الخطوب
أنت كالدلو لا عدمناك دلو ***من كبار الدلا كثير الذنوب

فتقافز الحراس لضرب وإيقاف الشاعر عن قول هذا الكلام حيث اعتبروه اهانة للخليفة ،،الا ان المتوكل العباسي أمرهم بالتوقف وذكرهم بأن الرجل قد مدحه بأحسن شيء كان فى بيئته وان المعنى مدح وخير الا ان التعبير كان مستهجنا وقبيحا فى حاضرة بغداد وان هذا الرجل لديه موهبة الشعر ولو تحضر لكان له شأن أخر فى الشعر...وفعلا أقام ذلك الرجل فى بغداد المدينة حاضرة زمانها مدة من الزمن فرقّ شعره وحسنت ألفاظه وصارت نفسه جميلة وتعبيره أجمل فقال أجمل قصيدة فى المدح:

عيون المهى بين الرصافة والجسر*** جلبن الهوى من حيث أدرى ولا ادري

الى بقية القصيدة...

ويقال ان المتوكل عندما سمع ذلك قال :لقد خشيت عليه بعد ذلك أن يذوب رقة ولطافة...

كما يحضرني فى هذا الأمر قول زائر عربي عندما حضر معي إحدى الندوات الشكلية التي تقام من اجل البيئة والتي تنتهي عادة بتوصيات متكررة مثل ضرورة الاهتمام ودعم وغيرها من المصطلحات التى مللنا سماعها وتوزيع ملصقات لا يقرأها احد، قال ردا على اقتراح احدهم بتشكيل (جمعية أصدقاء البيئة فى بلادي) وذلك أسوة بما يحدث فى بلاد الفرنجة (كتقليد لما يحدث فوق جبل الثلج). وكان قد شاهد الكثير من بيئة بلادنا.قال: اقترح عليهم ان يكون مسمى الجمعية هو جمعية(أعداء البيئة) فالبيئة فى بلادنا لا يمكن ان يصادقها احد. 

و للحديث بقية... 


 
                                           الربيع الصامت -4                                    11/12/2010
مفتاح بوعجاج


لم أكن في الحقيقة متفائلا كثيرا فى كون ما تحدثت عنه فى ما كتبت عن البيئة في (الربيع الصامت-1،2،3) قد يثير انتباه احد ، وكانت ادني طموحاتي في ذلك هى كونني قد قلت شيئا في هذا الموضوع لعله يََُكتب في ميزان حسناتنا يوم نحتاجها أو ليكون عذرا يتيما أمام أجيالنا أو يصادف أذنا أو عيونا أو قارئا أو مسئولا توقفه كلمة او كلمتان مما قلنا ويكون حبيبا أو لبيبا ليقف أمامها لحظات أو دقائق من وقته الذي يقضيه فى تنظيم المؤتمرات والندوات والأوراق والجري وراء لقاءات المنظمات والهيئات الدولية والعالمية لمناقشة الاحتباس الحراري الذي لسنا من مسببيه (يهمنا طبعا، ولكن كما يقول أهلنا شوكة العين قبل شوكة الكراع) أو قضية غابات الأمازون او قضايا زمباويه، ليتفكر وتصيبه ذرة صغيره من ضمير تكلس ومخا استصغر فى ما يخص الوطن وكبر فى ما عداه،ويصيب عقلا لا يزال به متسع بسيط لهموم هذا الوطن الأخذة في الاتساع بدون توقف وبكافة الأشكال والألوان وليس ذلك ناجما عن اتساع هذا الوطن أرضا وجغرافيا وقلة عدد سكانه الذين لا يتجاوز عددهم ان تم حصرهم تعداد قرية من قرى الصين أو مدينة صغيرة فى الولايات المتحدة أو حيا من أحياء طوكيو..وإنما نجم عن الإهمال واللامبالاة وغياب بديهيات أصول التنمية الحقيقية للأرض والبشر والحجر.

إلا اننى فوجئت بهدية بسيطة من أخوة لنا لا يزال ينبع حب الوطن بقلوبهم ، هي تكوين موقع على الفيس بوك تحت اسم (أصدقاء البيئة في ليبيا) وكانت كلمة جميلة ومؤثرة في خاطري من (أصدقاء البيئة فى ليبيا) كون مقالاتي التي أشرت إليها أنفا كانت حافزا رئيسا ومشجعا لهذا الأمر، فهنيئا لوطني بهؤلاء الأخوة الذين أصبحوا اصد قاءا لنا ، وهو النوع من البشر الذي بدأ ينقرض وتحل محله تلك الديناصورات الصفراء التي عاثت في أرضنا وغاباتنا فسادا بعد ان غابت ثقافة تنمية الوطن التي تجعله اله بناء وليس مسح الجبال والغابات والأشجار..وبشرا آخرين شاركوا في إزالة برتقال وليمون وزيتون ونخيل الوطن.

اكتشف اليابانيون أخيرا أنهم قد تحولوا من بلد زراعي بالكامل إلى بلد صناعي..واختفت الزراعة التقليدية التي كانت تعيش عليها هذه الجزيرة البعيدة لسنين طويلة واختفت معها التقاليد والأخلاق الزراعية (إن صح التعبير).. فهاهم اليوم يعودون إلى الزراعة التقليدية خاصة محاصيل الأرز وهاهم ألان يحولون جزءا من مبانيهم الإدارية وأسطحها بعد ان ملئوها بالتربة الصالحة للزراعة ويستقطعون جزءا من وقتهم الثمين لزراعتها وريها والاهتمام بها بل المنافسة بين الشركات والمدارس لمن يقوم بالأفضل في هذا المجال ذكورا وإناثا صغارا وكبارا..ويقومون بهذا الأمر ، بينما نحن أزلنا الكثير من التربة الزراعية الخصبة الحمراء التي ترسبت خلال ألاف السنين والطمي فى سهل المرج العظيم سهل سيرانايكا لبناء وحدات سكنية نحن فعلا فى أمس الحاجة لها بعد ان سهونا سنينا عن الزيادة السكانية بأيديولوجيات تخلت عنا وتخلينا عنها عندما الحّت الحاجة على الواقع الملموس ..وعلى بعد كيلو مترات أسفل الباكور غربا وحتى قريبا من بنغازي لو بحثنا بعناية لوجدا متسعا وأرضا واسعة كثيرة تصلح للبناء أكثر منها للزراعة وأبقينا على سهل المرج منجما زراعيا لنا ولأجيالنا فى المستقبل...

التصحر كان يقع أكثر من 150كيلومتر من البحر جنوب الجبل الأخضر واليوم وصل التصحر وعلاماته إلى وادي الكوف وإحدى علاماته اختفاء شجر البلوط والشمارى وتفاح الشاهى والزعتر و جفاف وتيبّس شجر العرعار(الشعرة) والتي كانت يوما ما تنتج مادة(الزنباع) التي تغذى عليها أهلنا أيام الجوع غداءا واستعملوه دواءا ولا يعرف أحدا كيفية استزراعه فلا يكفى زرع بذوره وإنما يجب معالجة بذوره معالجة كيميائية خاصة لتنمو ولم احصل حتى ألان على معرفة كيفيه هذه المعالجة ولهذا فهي من الأشجار التي لا تتوالد تلقائيا ولا يمكن تعويض ما يموت منها مثل الخروب او الشمارى او البطوم ..واختفت الكثير من الحيوانات والطيور البرية التي كنا نراها ونحن صغار كالأرانب والغزال ومعظم أنواع الطيور البرية وعلى رأسها (القنبرة) أو (القنبيرة) والتي تعتبر من الطيور الصابرة التي تتحمل الجفاف والحياة الصعبة والبيئة الوعرة واختفائها دلالة واضحة على أن البيئة قد أصبحت غير صالحة للعيش ... في الولايات المتحدة الأمريكية عبارة مكتوبة في إحدى المنتزهات الطبيعية تعتبر ميثاقا لزائري تلك الغابات والمنتزهات : don't take nothing but photos,,,and don't leave nothing but footprints. 

البيئة اليوم هي عنوان لكل شيء وأصبح لها علاقة مباشرة بحياة وصحة الإنسان النفسية والعضوية،، وهى ليست فقط فى منع استعمال شكاير النايلون او استصدار شهادات استيراد الأدوية الزراعية ومواد النظافة ، إنها عنوان حياة لكل ما حولنا ،، ولهذا فأن أولى الخطوات هي غرس الوعي البيئي عند أبناءنا بإدخال مناهج وثقافة البيئة لدى أطفالنا فى مدارسهم وإدخال الرؤى الجمالية للغابات والمياه والأنهار والأشجار والطيور الى أمخاخهم الصغيرة ليحترموها ويعشقوها كبارا..كان اكبر مبيعات لكتاب فى الغرب فى السبعينات وأصبح كتابا كلاسيكيا لديهم هو كتاب (the jungle book) والذي حولته شركة دزنى لاند إلى فيلم كلاسيكي خرجت منه شخصية (موكلي) الذي يعرفه كل صغير وكبير فى عالمهم وهو الشخصية المحورية فى ذلك الكتاب حبيبا وصديقا ومدافعا عن الغابة ومخلوقاتها من حيوانات وطيور وجبال وانهار ..والذي أصبح رمزا للدفاع عن البيئة وجمال وتبيان مدى أهمية البيئة ولا يقل الدفاع عنها دفاعنا عن الوطن..

للحديث بقية.. 

السبت، 24 أغسطس 2013

البيضاء -1


                      




                                                               
                                                                                      24/7/2010
مفتاح بوعجاج

 (تقع مدينة البيضاء في شمال شرق ليبيا أعلى قمة الجبل الأخضر عند التقاء خط العرض 21.44 شمالاً مع خط الطول 32.76 شرقًا. تحدها من الشرق مدينة شحات، ومن الغرب قرية مسة، وجنوبًا قرية أسلنطة، ومن الشمال منطقة الوسيطة، مما يجعلها تتوسط قمة الجبل الأخضر. وحيث ان المدينة تقع بين مناطق درنه، والمرج، والقبة، وبنغازي؛ و في منتصف واعلا الجبل الأخضر، أصبحت منطقة حضرية مُختلطة ذات طابع تجاري ومركز تسوّق للمدن والقرى المجاورة لها، كما تتمتع بأهمية سياحية لقربها بالعديد من الأماكن الآثرية مثل قورينا وأبولونيا وثيودورياس وبتوليمايس، إضافة إلى بلدة بلاغراي الموجودة بقربها  بل كثيرون يطلقون هذا الاسم التاريخي الاغريقي عليها وكذلك قربها من البحر بحوالي 20 كم وإحاطتها بالغابات، جعل منها مدينة تمتلك مقومات سياحية ذات درجة عالية.. البيضاء عاصمة منطقة الجبل الأخضر وهي أكبر مدنها ومركزها الرئيسي والإداري  .البيضاء والمعروفة تاريخيًا باسم بلاغراي وبني زرقاء وزاوية البيضاء وبيضا ليتوريا، وهي من المدن الرئيسية ورابع أكبر مدن ليبيا. كانت مدينة البيضاء أحد العواصم الليبية في السابق، وفي عهد المملكة الليبية كانت مقرًا للبرلمان الليبي وعدد من الوزارات ورئاسة الوزراء والسفارة الأمريكية، من عام 1963 حتي 1969. ، كما تعد ثاني كبرى مدن المنطقة الشرقية وأهمها بعد بنغازي. مدينة البيضاء تسمى كذلك بـ "مدينة الثلوج" نظرًا لتساقط الثلوج عليها شتاءً، وهي معروفة بجوها المعتدل صيفًا، أما في الشتاء فإن شتاء مدينة البيضاء بارد وتعرف كذلك بـ "عروس الجبل الأخضر عُرفت البيضاء في بدايات القرن الأول قبل الميلاد عند الاستيطان الإغريقي في شمال شرق ليبيا باسم بلاغراي وذكرت على خريطة اللوحة البويتينغرية (Tabula Peutingeriana) في القرن الثالث عشر، وفي العقد الخامس من القرن التاسع عشر عام 1840 تُعرف بزاوية البيضاء في بدايات الحركة الاصلاحية الدينية والاجتماعية  الحركةالسنوسية، وفي العقد الخامس من القرن العشرين عام 1933 عند الاستعمار الإيطالي لليبيا عُرفت بأسم بيضا ليتوريا (بالإيطالي ( Beda Littoria)، وفي العقد السادس من القرن العشرين عام 1950 عُرفت باسم البيضاءحيث أقيمت زاوية البيضاء  (اول زاوية سنوسية في ليبيا )على آثار بلدة بلاغراي الإغريقية، وتميزت هذه الزاوية بلون طلائها الأبيض الناصع وسط الغابات التي كانت تُحيط بها، علاوة على أنها كانت تقع على قمة مرتفعة، مما جعلها ظاهرة وواضحة للعيان، فسميت هذه المنطقة بالزاوية البيضاء. ومع مرور الزمن أصبح الناس ينطقونها بدون كلمة الزاوية، ومنذ ذلك الحين عرفت المدينة باسم البيضاء. اعتبر السنوسيون زاوية البيضاء الزاوية الأم للحركة السنوسية، وكان يسمونها أم الزوايا، واتخذوا منها عاصمة سياسية ومقرًا للحكومة في العهد الملكي في ليبيا.(
 (من مصادر موثوقة مُختلفة) .

  هكذا يقولون وبكل بساطة :البيضا، وُلدت فى احد أطرافها الجميلة فكانت الأم التي احتضنتنا صغارا وكبارا ، بل احتضنت الكثير من أطرافها غربا وشرقا وشمالا وجنوبا وهى اليوم رغم حملها الثقيل وسعت كل أطياف الجبل الأخضر وما جاوره وذابت اوتكاد تذوب فيها ليصبح الجميع بيضاوي على قياس مصراتي او طرابلسي او درناوي ، وهو تدرّج مدني متحضّر للمدنية لنكون جميعا في النهاية ليبيين ،وهى لذلك عاصمة الجبل الأخضر بدون منازع بل كانت يوما ما عاصمة ليبيا الصيفية ..لا أدرى تماما سبب هذه التسمية ،البعض يقولون ان هناك مقبرة قديمة سبقت إنشاء المدينة كانت تسمى( مقبرة بني زرقاء) ومن عادة السادة السنوسية الذين انشئوا (الزاوية البيضاء) أن يستبدلوا الأسماء ذات الصفة المستهجنة بأخرى ودودة ومُفرحة (عيت بو مقطوعة إلى بوميصوله مثلا-) ،وهي من غير شك سنة دينية ترسّخ مبدأ التفاؤل بدلا من التشاؤم والتطيّر ،، ولهذا استبدلوا اسم الزرقاء الى البيضاء وهناك من يقول أن تسميتها جاءت من كونها تصبح بيضاء فى وقت الشتاء حيث ينزل الثلج بغزارة ويبقى لأيام ..وهناك من يقول ان اسم البيضاء  جاء تسمية على اثر وجود اول زاوية سنوسية بها كانت تسمى الزاوية البيضاء والتي كانت تُرى من بعيد بلونها الابيض ..ولا أريد أن يكون مقالي هذا أكاديميا يبحث التاريخ والجغرافيا لأنه ليس تخصصي وهناك من هو أفضل مني عقلا وتخصصا لإبراز والتحدث عن هذا المجال،، إلا أن ما أريد التحدث عنه هي البيضاء المدينة والمكان والإقليم والتراب والهواء والشجر والبشر والحجر، التي دخلت قلوبنا ونفوسنا وعشنا فيها صغارا أبرياء واشتقنا إليها عندما رحلنا عنها لسنوات واحتضنتنا نحن وأولادنا من جديد فى ربيع سنواتنا وهى مكان جمع ذكرياتنا مع الأحبة والرفاق وهى المكان الذي ذابت فيه كل الأصول والفروع فى حلاوة الرفقة، وهى المكان الذي اشتد فيه عودنا على يد أولئك الأساتذة الكرام الأجلاّء وعلى يد كبار المدينة الذين كانوا أباءا لنا جميعا بدون استثناء .
          فيك لاغينا الهوى فى مهده    ****     ورضعناه فكنت المرضعا
         وعلى سفحك عشنا زمنا        ****     ورعينا غنم الأهل معا
          وحدونا الشمس فى مغربها    ****     وبكرنا فسبقنا المطلعا
         هذه الربوة كانت ملعبا          ****     لشبابينا وكانت مرتعا
         كم بنينا من حصاها أربعا       ****     وانثنينا فمحونا الاربعا
          وخططنا فى نقى الرمل        ****     فلم تحفظ الريح ولا الرمل وعا
          ما لأحجارك الصم كل ما      ****     هاج بى الشوق أبت ان تسمعا
          كلما جئتك راجعت الصبا      ****      فأبت أيامه ان ترجعا
          قد يهون العمر إلا ساعة       ****     وتهون الأرض إلا موضعا
 مقاطع من قصيدة *جبل التوباد*لأحمد شوقي تغنى بها محمد عبد الوهاب فى لحن رائع)

     البيضاء كأي مدينة ليبيه أصبحت  اليوم مدينة شابة اي ان نسبة الشباب فيها يتجاوز ال65% ولذلك فهي لم تعد تلك المدينة الوادعة الهادئة التي عرفناها فى الستينات وحتى السبعينات او الثمانينات فهي تسهر الليالي فى الأزقة والشوارع  والميادين لعدم وجود أمكنة تستوعب احتياجات او نشاطات هؤلاء الشباب ،فلا توجد ساحات عامة شبابية تقام فيها احتفالات فنية او مسرحية او غنائية مثله مثل ما هو موجود فى دول العالم الأخر بحيث يمكن تفريغ طاقات الشباب وتوجيههم الى الأفضل عن طريق هذه الأدوات الثقافية ، هؤلاء الشباب الذين يرون ويسمعون ما يجري في العالم حولهم عن طريق هذه السماوات المفتوحة,,كما تم قفل دور السينما (كانت في الستينات توجد ثلاث دور سنما)( بالرغم من  ان أمريكا هى الدولة رقم واحد فى إنتاج وتوزيع الأفلام السينمائية وبها عاصمة السينما هوليوود في لوس انجلوس/كاليفورنيا وبالرغم من أنها صنعت وتبنت معظم التقنيات الحديثة من تلفزيون واتصالات وأقمار صناعية وانترنت إلا ان مباني السينما التقليدية التي تعرض الأفلام بالطريقة التقليدية لا تزال موجودة حتى اليوم وتعرض فيها الأفلام بالطرق التقليدية فى صالات عرض حديثة قبل ان تعرض فى اى مكان أخر وكذلك نفس الأمر فى دولة مصر العربية ،،ففي تلك الدول  لم تًًٌٌٌٍٍََُُُِِحرق المراحل كما فعلنا بكثير من المراحل التي عشناها، فمثلا أيضا بالرغم من توفر وسائل الاتصال الحديثة من انترنت وهواتف خلوية وغيرها إلا ان الطرق البريدية فى الاتصال وإيصال البريد التقليدي من إيصال رسائل في الأعياد والمناسبات لا يزال يعمل حتى اليوم ..كما انه أيضا فى مدينتي  لا توجد مسارح شعبية دائمة ولا مكتبات شعبية عامة دائمة للقراءة بالرغم انه فى الستينات والسبعينات كان هناك دار للثقافة ومكتبات بالمدارس ومكتبات خاصة بها مجلات للكبار والصغار(تحول نشاط وأمكنة تلك المكتبات اليوم الى نشاط تجارى تبيع السلع الغذائية واللحوم والدخان بدل الكتب والمجلات)، وكذلك كان القسم الثقافي بالسفارة الامريكيه بمدينة البيضاء يفتح أبوابه للقراءة به كتب ومجلات عربية وانجليزية والذي تم غلقه وتحول ألان إلى محلات لبيع الدخان بالجملة والبعض تخصص فى بيع المكرونة بأنواعها،،! ولا توجد نوادي علمية ثقافية بها نشاطات خاصة بالشباب وانا هنا لااتحدث عن النوادي الرياضية التى تقزّم نشاطها الى أنشطة كروية ولا تستوعب كل الراغبين علاوة على عدم كفاية مواردها المالية كما أنها لا تستوعب كل الشباب ورغباتهم المختلفة فليس كل الشباب يرغبون النشاط الكروي....فهناك النشاط الفني والموسيقى والمسرحي.. (فى السبعينات والثمانينات كانت هناك فرقة تسمى فرقة (الجبل الأخضر للفنون الشعبية) اكتشفت وقدمت الكثير من الفنانين الغنائيين والموسيقيين على مستوى ليبيا وكان لها من الأعمال لو استمرت لأصبحت دارا للفن الراقي الشعبي ولأعطتنا الكثير من المواهب ولكنها توقفت وذهب معظم منتسبيها ذكورا وإناثا فى صمت الى البيوت او الى المقابر،،اذكر ان احدهم كانت له أعمال فنية رائعة عندما استمعت إليه وكنت عائدا حينذاك من دراستي بالخارج اعجبنى كثيرا و شعرت بأنني استمع الى فنان وصوت شعبي ما أجمله من لحن وصوت اعادنى الى صوت وحنين وتراث بلادنا، وأخذت له شريطا لإسماعه إلى زملاء دراستي إلا انه بعد عودتي لم أجد له أثرا وانقطع هذا الفنان عن العمل وعند سؤالى قيل لى انه تم ضمه إلى الالزامى واختفى بعدها ,,انه الفنان محمد الحمرى...كان هناك أيضا نشاط موسيقى بالمدارس ابرز الكثير من المواهب واحيا الكثير من النشاطات الموسيقية على مستوى المدينة وعلى مستوى البلاد وظهرت من خلاله عشرات المواهب الفنية الشابة والتى كان لديها الكثير من المواهب الفنية الرائعة والتى يبدو انه بعد اختفاء هذا النشاط من المدارس ذهبت هذه المواهب والأجيال التي أتت بعدها الى نشاطات أخرى كالتجارة وأكثرها الى الانكفاء فى البيوت او الشوارع او الجلوس فى المقاهي بعد عودة تلك المقاهي (حيث أيضا حتى المقاهي والمطاعم اختفت فترة من الزمن فى ظل توجهات قفل النشاطات الخدمية والترفيهية بدعوى التوجه للنشاطات الإنتاجية والتى فى النهاية ادت الى نتائج عكسية تماما  حيث توقف النشاط الإنتاجي وأصبح اقتصاد المدينة اقتصادا خدميا تجاريا ) ثم عادت تلك المقاهي محملة بالنرجيلة او الارجيلة(لا اعرف لها اسما نحويا ولا يوجد مصطلح انجليزي بالخصوص حيث انه اختراع عربي بجدارة) التي كان لا يعرفها مقهى (عبد المولى) المقهى الشهير بالبيضاء بالسوق الفوقي والذي كان يلتقي فيه كبار السن بالستينات (ولا اعلم عن الخمسينات) يلعبون فيه الألعاب الشعبية من العاب الورق والشيزة الليبية ويتناولون فيه الشاي الليبي والقهوة العربية ويتواعدون على اللقاء فيه، والذى تم قفله فى حملاتنا  المحمومة على( التجارة والنشاطات الاستغلالية) مما اضطر زبائنه الى الافتراش على الأرض على حصائر من الكرتون المقوى ان وجد او على الإسفلت مباشرة وانتشروا فى المدينة زرافة ووجدانا ولم يعد المقهى الى موضعه، وبقى كبار السن بدون مقهى وانضم إليهم حتى الصغارفى ظلال الحوائط والمباني والجوامع (داست سيارة مسرعه مجموعه من كبار السن يلعبون الشيزة فى ظل احد المباني وعلى الإسفلت وتوفى عددا منهم رحمهم الله فى قرية القيقب المجاورة لمدينة البيضاء في السنوات الماضية) .
   كان فى المدينة معصرة عنب قائمة على عصر العنب وتصنيع النبيذ منه وكان يسمى هذا النبيذ (وردى ماسة) على ما اعتقد ولا اعرف اسمه قبل ذلك وهو امتداد لمصنع ايطالي أقيم أبان وجود الطليان فى ليبيا وهو قائم على عصر وتعبئة عنب العصير المزروع بكثرة فى المزارع المحيطة بالمدينة  وفى العهد الملكي استمر المزارعون فى توريد هذا الصنف من العنب الى هذه المعصرة والذي يوزع إنتاجه على الأماكن المسموح بتداول النبيذ بها مثل الفنادق والحانات ورغم نشاط هذه المعصرة من إنتاج غزير الا اننا كنا صغارا لا نعرف الا قليلا جدا من الليبيين يتناولون النبيذ ..وكان يقابل هذه المعصرة مبنى كلية أصول الدين التى كانت تتبع حينذاك جامعة محمد بن على السنوسي الإسلامية ، وكل كان ينشط  فى مجاله، تلك فى انتاج النبيذ والكلية فى تخريج دفعات من خيرة أبناء ليبيا فى مجال الفقه و اصول الدين..وتم تدمير وازاله هذه المعصرة فى السبعينات وتحولت المعاصر الى البيوت والسوق السوداء ، وتبقى العنب ومزارعي العنب بدون مكان لتوريد إنتاجهم حتى إقامة مصنع الفاكهة فى منطقة ماسه فى بداية الثمانينات الا ان مزارعي العنب تحول نشاطهم إلى منتجات أخرى، وتحول مبنى كلية أصول الدين الى مبنى البحث الجنائي بعد ان كثرت الجرائم الجنائية وجزء منه بقى دار الحراسات (سجن) حتى ألان.
  اما مبنى ارض المعصرة وما جاورها فقد حل محلها محلات تجارية تبيع كل الأشياء المستوردة من الصين وتركيا وكوريا وايطاليا و يعمل بمعظمها عماله عربية وضاق المكان بما رحب حيث شارك في ازدحام وسط المدينة والتي عادة ما تكون فى الدول المتحضرة مركزا واسعا يسمى السنتر او الداون تاون(Center)،،والذي كنت أتمناه أيضا ان يكون ساحة وسط المدينة كميدان التحرير بالقاهرة به مكتبات ومقاهي عصرية ومتحف شعبي ومكان لعرض رسومات الشباب وإعمالهم الفنية ،، ولا اعلم شيئا عن مصير آلات المعصرة والتي كان بالإمكان تحويرها اذا لم يكن هناك بد من تدميرها، لصناعة الكحول (السبيرتو) والذي نستورد منه كميات كبيرة للاستعمال الطبي والمنزلي. ويبدو ان حتى ميزان المعصرة قد تم تدميره أيضا فى خلال تلك الحمية التدميرية التى أصابت النفوس فترة من الزمن وكادت ان تقضي على الكثير من المباني التاريخية ويا ويل من يقف إمامها فقد يتهم بالرجعية والعمالة .
  لا أزال  اذكر ونحن صغار جمال مدخل مدينة البيضاء من الناحية الغربية بعد مرورك على مبنى ضريح الصحابي رويفع الانصارى والمسجد التاريخي الملحق به، حيث كان يوجد مبنى جميل به (دروج) مباشرة بمقدمة المبنى ومبنى أخر للمصرف الزراعي وساحة جميلة بينهما ومبنى البلدية وأمامه ساحة واسعة وبجانبها مبنى فندق اسمه فندق (نيكولا) على اسم صاحبه الايطالي او اليوناني ..وبعدها مبنى مدرسة الميدان الابتدائية والإعدادية الشهيرة والتي درس بها معظم سكان المدينة في الخمسينات والستينات وبجانبها اذكر كانت توجد صيدلية (بوالروين) والتي كانت بمثابة العيادة للمدينة يعمل بها صاحبها ذو الأخلاق الرفيعة وكان بمثابة أب للجميع ويفتح بساعات محددة ومعلومة ومعروفة لدى الجميع(اليوم وحتى على توفر أعداد هائلة من الصيدليات التجارية فلا توجد صيدليه عاملة ليلا فكلها تقفل أبوابها ليلا عكس ما كان سابقا فكانت الإذاعة تقوم بتحديد اسم الصيدلية العاملة ليلا وعنوانها وساعات عملها) وفى شمال تلك المدرسة يوجد ساحة ملعب التنس الشهيرة  ..بعد عودتنا فوجئنا بإزالة معظم تلك المباني وضاع الكثير من تاريخ وذاكرة المدينة ..وتحول الفندق الى مبنى للأمن الخارجي ثم تمت إزالته بالكامل  فيما بعد ولا زلت الى هذه اللحظة حائرا عن الأسباب التى أدت الى إزاله هذا المبنى التاريخي لان مكانه لازال فارغا حتى اليوم، هو والشجرة المعمرة الكبيرة التي كانت تجاوره (يبدو ان حمى اقتلاع الأشجار انتشرت أيضا بعد إزالة شجرة ميدان الشجرة ببنغازي ولا يزال يحمل نفس الاسم رغم عدم وجود الشجرة وكذلك إزالة خروبة فرشيطة الشهيرة)، وراحت الصيدلية وأزيل مبنى مدرسة الميدان   وحلت محلها عمارات سكنية  ،  كما اختفت الساحة الواسعة أمام الضريح والذي كانت تقام فيه كثير من النشاطات الدينية والاجتماعية وبنيت مكانه عمارات سكنية حالت بينه وبين امتداد مقبرة الضريح فى الجهة الجنوبية .. .وللحديث بقية.
مفتاح بوعجاج  ..البيضاء 24/7/2010