بحث في هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 16 أبريل 2018

صدى السنين الحاكي 10 :



سوسة الليبية الجميلة المنسيّة :                                                                                                                    
  المدرّس علي محمد حمد ، مصري الجنسية (الصورة) ، متواضع ومتعلّم ومثقف وذو إحساس مُرهف على عادة مُدرّسو الازمان الرائعة قبل ان يأتي الطوفان ونفقد فيه البوصلة والاتجاه والهوية ...اتى من مصر في حافلة عتيقة ومتهالكة إلى بنغازي عام 1953 ، بعد إستقلال ليبيا ليعمل مُدرّساً للغة العربية بإحدى مدارسها ..ثم انتقل إلى المدرسة الداخلية ببلدة سوسة الليبية بالجبل الاخضر ، تلك المدرسة الداخلية الشهيرة (الصورة ) ، والتي كانت قلعة للعلم والاخلاق والوطنية تجمّع بها اطياف كثيرة من الليبيين لا يزل يذكرها بخير من عاش منهم لليوم ، تجمعهم الذكريات والاصالة ويحكون عن ذكرياتهم الجميلة بها ..والتي بناها العهد الملكي للتعليم الداخلي ، رغم فقره ..خاصة لمن كانوا يسكنون القرى والارياف بعيدا عن المُدن الرئيسية ، فكان بها المسكن والتعليم والمُنحة والغذاء .. وعلى غِرارها كثير مثلها في كل ارجاء الوطن ..في إثناء إحدى جولات الاستاذ على احمد حمد ، وحيدا وقت الغروب في ذلك العام ، بتلك االبلدة "سوسة الليبية" ، ورأى جمال الغروب على بحرها ، داهمته عرائس الشعر لتزرع بخياله رائعته الشهيرة (من وحي سوسة ) .. نُشرت هذه القصيدة االجميلة أول مرة بصحيفة ( البشائر، العدد3) بتاريخ 27 .07 . 1953 ، تسبقها كلمة إهداء رقيقة من شاعر الوطن " أحمد رفيق المهدوي" ... ونظراً لما كانت تتمتع به هذه القصيدة من قيم جمالية رفيعة (أكثر من خمسين بيت من الشعر البديع ، وزرع للهوية الوطنية والادبية لدى الاجيال )، تم إدراجها علي نحو مختصر ضمن النصوص الأدبية في المنهج التعليمي لمدارس المرحلة الإعدادية في عموم ليبيا عهد المملكة الليبية.. تم تعديل المناهج بعد 1969 لتُلغى امثال هذه التربية والاداب، وحل محلها صخب اخر لوّث الضمائر والعقول نتائجه اليوم هو ان هذه الاجيال تكاد لا تعرف ان هناك بلدة جميلة ليبية اسمها سوسة ..لا تزل تُراقب بصمت وجمال وهيبة عودة الاصول ..ووصل ذلك الجهل والتجهيل بأن إحدى مدونات (بوس الواوا) ، نشرت هذه القصيدة على انها وصف لسوسة التونسية الجميلة هي الاخرى وعلى الجانب الاخر من الضفّة ...ولا تعرف ان هناك 
سوسة ليبية اخرى جميلة هادئة ، وبصخب وضجيج اليوم ، لم يعد يذكرها احد ..                                                          
أرأيت سوسة والأصيل يلفّها في حلّة نسجت من الأضواء
** أما أنا فلقد أُخذت بسحرها لما وقفت هناك ذات مساءِ
حدّقت في أرجاءها من شرفتي فعشقت منظر هذه الأرجاءِ
** البحر يبدو من أمامي موغلا في الأفق , والجبل الأشم ورائي
والشمس تسكب في الغروب أشعة حمراء فوق اللجة الزرقاء
** هبطت على سطح المحيط فنصفها يبدو عليه , ونصفها في الماءِ
عزمت عن الكون الرحيل فخضبت آفاقه بدموعها الحمراء
** وهنا على شطآن سوسة يالها من جنة سحرية الإغراءِ
نامت على البحر الجميل كظبية مذعورة هربت من الصحراءِ
** عذراء في يوم الزفاف تهيأت للعرس وانتظرت على استحياء
يسري نسيم الليل طلقا ناعما ينساب بين رياضها الفناءِ
** وعلى التلال أشعة وردية سالت كأقداح من الصهباءِ
وعلى النخيل من الأصيل غلالة فتانة الأصباغ ذات بهاءِ
** تبدو الطبيعة فيه اجمل ماترى في سائر الأرجاء والأنحاءِ
يا بحر ! أغفا أهل سوسة كلهم وتمردت عيني على الإغفاءِ
** لم يبق غيري في الشطآن ساهرا تحت الظلام مفرغ الأحشاءِ
أعرفتني يا بحر أنا صاحب لك منذ عهود طفولتي البيضاء
** كم همت في الإسكندرية شاردا أفضي إليك بحيرتي وشقائي
وهنا بسوسة قد لقيتك ثانيا وكذا الحياء تقارب وتنائي ---
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- مراجع .. مقال فتحي العريبي ليبيا وطننا 15 اكتوبر 2009 / مدونة دنيا الوطن