بحث في هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 27 يوليو 2016

لمن فاته تاريخ تأسيس الوطن: ..ليبيا ..مولد أمة





  

ترجمة نص المقالة التي نشرت في صحيفة التايم الامريكية يوم الأثنين الموافق 31 ديسمبر 1951م
(بعد سبعة ايام من الاستقلال( 24ديسمبر 1951) بعنوان:
LIBYA: Birth of a Nation
ليبيا : مولد أمــــة
______________
في طرابلس وبنغازي حيث ساد نواب الحكام الفينيقيين والقياصرة والعثمانيين ، وحيث تناثرت اخر بقايا امبراطورية موسوليني هباء تحت شمس افريقيا لمعت راية جديدة تعلن ميلاد المملكة الليبية المتحدة ، اصبح قائد روحي مسلم مسن وحكيم ، أحدث ملك في العالم ، الملك ادريس الأول ملك ليبيا وبذلك توحدت اقاليم ثلاثة ” برقة وطرابلس وفزان " تفصل بينهما صحراء شاسعة     ، تحت برلمان ذي طراز أوروبي ، ودستور مستمد من تشريعات اثني عشر بلدا اخر.
انه ميلاد فريد من نوعه لبلاد مكونة من مدن بائسة وواحات مبعثرة في براري رملية وقفار قاحلة مترامية الاطراف تبلغ مساحتها ثلاث مرات مساحة تكساس وهي اول لدولة تولد بقرار من الأمم المتحدة .
ولكن هذا المولود الذي ولد تحت براثن الفقر وسط العالم العربي السقيم موصوما بلعنة الجهل ، ليس أمامه اي فرصة ليبلغ سن الرشد ،وسكان ليبيا البالغ عددهم مليون وخمسين الف ، يعرفون كلمة “الأستقلال” ولا يملكون إلا إرث قليل لتفعيله.
ليس بهذا البلد كليات جامعية ، ولديهم فقط 16 فرد يحملون مؤهلا جامعيا ، وثلاثة محامين . ليس هناك طبيب ليبي واحد أو مهندس او مساح او صيدلي . فقط 250 الف مواطن قادر على كتابة اسمه ، اما الباقين فيستعملون البصمة للتوقيع. أمراض العيون خاصة التراكوما منتشرة جدا لدرجة أن 10% من السكان مصابون بالعمى .
متوسط الدخل السنوي للفرد 35 دولار تقريبا , وهو اقل من أي قطر عربي آخر ربما باستثناء اليمن . ولم يبقى من آلاف المهاجرين الإيطاليين إلى ليبيا لخلق مستعمرة موسوليني النموذجية سوى 47000 إيطالي متقلدين لبعض الوظائف ويمتلكون   المزارع ويديرون أفضل الأعمال التجارية كما ان ثمانية أعشار الليبيين هم اما مزارعون او رعاة ماشية وعلاوة على ذلك يذكر مسح غير مشجع للأمم المتحدة أن هذه البلاد “يصعب عليها توفير الطعام لسكانها”.
باستيرادها لضعف ما تصدره فلا مناص لهذه الدولة من تسجيل عجز في ميزانيتها . ان النقل بالسكة الحديدية في المملكة عبارة عن قاطرة بخارية واحدة وقاطرتا ديزل وقليل من عربات النقل المهترئة تسير على 200 ميل فقط من السكك الحديدية بين طرابلس وفزان . ليس هناك خطوط هاتف او تلغراف او اتصالات راديو  عدد السكان : طرابلس(800 الف نسمة) و برقة(300 الف نسمة) وفزان(40 الف نسمة) ولم يتوفر لهذه الولايات ادارة مشتركة باستثناء السنوات الأخيرة من الحكم الإيطالي (من عام 1935 وحتى الحرب العالمية الثانية)..
حتى الامم المتحدة ليست على يقين بأن مثل هذا الطفل المعلول سيظل على قيد الحياة . ولأن القوى العظمى لم تستطع الاتفاق فيما بينها بخصوص مستقبل ليبيا المستعمرة الإيطالية سابقا ، فان دول الامم المتحدة الصغيرة بقيادة الدول العربية العجولة ودول امريكا اللاتينية استطاعت أن تمرر قراراً يمنح ليبيا استقلالها في مدة اقصاها اول يناير 1952م...
لقد ترك هولندي ممتليء قصير القامة يدعى ادريان بلت ، عمله كمساعد للأمين العام للأمم المتحدة وعين كمبعوث للأمم المتحدة لدى ليبيا آخذا معه فريقا من الخبراء للعمل هناك ولقد قرر المجلس المؤقت والمكون من 60 عضو ليبي- 20 من كل ولاية- والمجتمع تحت جناح الامم المتحدة ان يكون البلد ملكية فيدرالية ، وقام بكتابة مسودة الدستور والتخطيط للانتخابات وبدون اي جدال اجتمعت كلمة المجلس على تنصيب السيد محمد ادريس المهدي السنوسي ، أمير برقة ، ملكا على البلاد ويعتبر هذا الأمير زعيما روحيا وسياسيا للطريقة السنوسية ، كما يعتبر في ذاته اقوى شخصية في ليبيا.
لقد قاد الملك إدريس الأول رجال القبائل  السنوسية في حربين ضد الإيطاليين ، وهو يقطن الآن ثكنات إيطالية قرب بنغازي حورت كقصر له ، إنه العربي المتناسق الاطراف البالغ من العمر 62 سنة والمتبحر في العلوم الاسلامية ويرتدي ثياباً زرقاء كتلك التي يرتديها ملوك البدو ويتكلم بصوت رفيع ذي نبرة عالية . إنه يثق في الغرب ويصف في احاديثه الخاصة الجامعة العربية المتكونه من سبع دول بأنها “تحالف الضعفاء” ولكنه يعترف بالعلاقات الروحية التي تربط ليبيا مع بقية العالم الإسلامي وفي نفس الوقت يخطط للانضمام إلى الجامعة العربية . يقول خبير بريطاني في الشأن الليبي “اذا كان هناك شخص قادر على توحيد هذا البلد فهو الملك إدريس، ولأن هؤلاء الناس يؤمنون بالإسلام فإن الرابطة بينهم هي الإسلام . إن اول خطوة في هذا التوحيد هي صدور المرسوم الملكي الذي يقضي بانشاء عاصمتين الرئيسية في طرابلس والثانية في بنغازي لتسكين مخاوف البرقاويين من سيطرة طرابلس.
بعد العمل لمدة سنة مع الملك ووزرائه المصابون بـ(داء التفاؤل)، اصبح حتى بعض الاجانب المشككين تحدوهم الآمال “ثمة فرصة لديمقراطية حقيقية هنا” يقول أدريان بيلت “أظن أن الليبيين يستطيعون ان يجربوا حظهم فهم مفعمون بالنشاط وعلى استعداد لخوض التجربة وفي مرحلة استقلالهم هم محتاجون للعون الخارجي اكثر مما احتاجوا إليه عندما كانت بلادهم مستعمرة . وبريطانيا التي تأمل أن تكون الأخ الكبير . وفرت عددا من الكوادر المدنية لتشغيل دولاب العمل الحكومي وخصصت 6 ملايين دولار لدفع الأمور إلى الأمام (مقابل مليون دولار من الولايات المتحدة الأمريكيه) مع استعداد بريطانيا لضمان تغطية العجز في الميزانية السنوية والفرنسيون أعاروا بعض الخبراء لولاية فزان وهم يوفرون لها نصف مليون دولار سنويا.
جاذبية ليبيا لأمريكا وبريطانيا وفرنسا سوف يسمح لهم بالاحتفاظ بالحاميات العسكرية في ليبيا وامريكا بقاعدة “ويلس” قرب طرابلس ولكن قادة ليبيا الجدد أظهروا أنهم لا يريدون ان يكونوا طالبي مساعدات دائما ، وقد علق احد الدبلوماسيين الغربيين بالقول:”حتى الان برهنوا على أنهم يحرزون تقدما مشجعا، لأنهم طلبوا النصيحة الفنية مع المساعدة الماليه”.
عندما اقترب يوم الاستقلال في الأسبوع الماضي نظرت الى الحكومة الليبيه باحترام يصل إلى حد القداسه . فقد كان الوزراء يوزعون أنفسهم بين العاصمتين في طائرة مستعارة من الأمم المتحدة بهدف تنظيم احتفالات ستدوم ثلاثة أيام وقام أحدهم باستدانة مدفع هاورتزر أمريكي لتحية هذه المناسبة باطلاق 101 طلقة وقد وجدوا عجوزا تركيا يعرف كيف يستخدمه . وقام فريق من الفنيين بالجيش الأمريكي بزيارة الملك المعتكف في مكتبه لغرض تسجيل خطابه الذي سيزف إعلان الإستقلال وقد أعاد الملك قراءته أربع مرات وبعد ان تم بث التسجيل اتسعت عيناه دهشة وقهقه ضاحكا.
ان المواطن العادي المتجول في اسواق طرابلس الشعبية أو الذي يعيش في وسط تلال الرمال في فزان لا يبدو واثقا من معرفة ماذا يحدث ولكنه كما يملك دائما كلمة تطالب بالاستقلال فإنه يملك كلمة يعبر بها عن الأشياء غير المفهومه وهي “إن شاء الله



الجمعة، 22 يوليو 2016

الفجر المُنتظر




    أيا فجرًا طال إنتظاره....
    لست خائقًا على انك ستغيب ...
    إنما خوفي على أحبابي أن يملّوا الانتظار ..
    ويأتيهم اليأس...
    وتتغير الاحلام ... ...
    فالانتظار إن طال ..
    ستأتيهم هواجس كِثار!

الثلاثاء، 19 يوليو 2016

السوق السوداء بيضاء حتى ...حين !






 خبراؤنا يدرسون في ارقى الجامعات قواعد الاقتصاد الحر ...ثم يأتون ليعملوا خبراء في إقتصاد مُغلق ....!
السوق السوداء ..او التسمية الاكثر لطفُا (السوق الموازية) ..مصطلح من العادة لا يوجد إلا في الاقتصاديات الرعوية الكاذبة ...والمُخادعة ...والحقيقة ان السوق السوداء هي مؤشر واضح وصريح عن العجز لدي الحكومات والاقتصاديات التي تدّعي انها تُقدم (كل) الخدمات للناس ...وتُهيمن على النشاطات الاقتصادية فيما يسمي القطاع العام ...قد تظهر لديك أسعار السلع والخدمات في مؤشرات وبيانات وقرارات الح...كومة ..الدولار بكذا ...واليورو بكذا ..والخبزة بكذا وجتى الحلاقة بكذا واللحم الوطني بكذا ..والذهب بكذا ..يا سلام !..بينما الاسعار الحقيقية التي تجدها في السوق وبالواقع هي بكذوات !.....
الحكومات والدول المحترمة ...هي التى تصنع السياسات العامة وتُزيل الاختناقات التي تساعد على نمو الاقتصاد الخاص ومنع الاحتكار والتوجيه بأدوات إقتصادية كالضرائب والجمارك وسعرالفائدة لتحسين اداء هذا الاقتصاد وتوجيهه لاحتياجات الناس وليس التحكم فيه أو إمتلاكه ..لو توجهت قيمة الدعم التي تتراح بين 12إلى 16 مليار دينار سنوية كقروض للاقتصاديات الخاصة المفيدة لكان الوضع افضل والفساد أقل والخمات اكثر والمنافسة اشرف ..الحكومة دورها ..بناء بنية تحتية من طرق واتصالات وكهرباء ومواصلات وامن وقضاء وتشريعات عادلة...والتأكد من صلاحية المواد الاستهلاكية ومراقبة مواصفاتها ..مراقبة صلاحية الادوية والغذاء عن طريق أجهزة متخصصة وعلمية صاحبة قرار سيادي في هذه الامور ...أقوى مؤسسة رقابية في امريكا في هذا الاطار هي مؤسسة (إدارة مراقبة الاغذية والادوبة الامريكية) الـFDA والتي تستطيع بقراراتها إيقاف وإحالة اكبر شركة موردة او مصنّعة للغذاء او الدواء للقضاء عندما تُخالف تشريعاتها ونُظمها ..عندنا من يستطيع إحالة الحكومة بحكم انها اكبر شركة موّردة للغذاء والدواء وتناست الخدمات المنوطة بها ،فهي في ظل إقتصادنا هي الحكم والخصم ! ...لن تستقيم الامور ما لم نغير طريقة تفكيرنا الصندوقية الكبيرة التي ورثناها وستستمر الامور كما هي وإختفاء السلع والخدمات ثم تحتمي بالاسواق السوداء ...وتظهر هناك ...لتقول لنا كل مرة ..بعي!...ونشكر الله انه لا يزل لدينا.... سوق سوداء إلى حين ... !

الأحد، 17 يوليو 2016

أسرى (الديموقراطية)









      
     السجن (الديموقراطي)..
    واضح أن الهدف الرئيس لبرامج ومشاريع الإسلام السياسي هو الوصول إلى الحكم والسلطة.. ومن ثم التمركز والتمترّس هناك ولو على حساب وحدة الوطن وإقتصاده ونسيجه الاجتماعي والمؤسّساتي ..حدث هذا في مصر يوما ..وهاهو يتكرر في تركيا ونرى معاركه في تونس ونعيشه في ليبيا...فهل رأينا احد من هذه الوجوه التي تُمثل هذا التيار حاد عن عيوننا وأذاننا ..فهم يصلون ولا يذهبون (الصادق الغرياني مثالاً !).
    يستعملون نصف ديموقراطية للوصول ثم يحرقون بقية ألياتها ..
    (الديمقراطية ) لا تعني أنها ستأتيننا بالحلول الامثل أوالصائبة دائمًا... للوصول لهذا الامر يجب ان تتضمّن هذه الديموقراطية على آليات متنوعة  يحفظها دستور مدني  حاكم بين الجميع وعلى الجميع ،منها التناوب على السلطة وتنظيم الاختصاصات بين السلطات ووجود مؤسسات حكومية عادلة ومنهجية واضحة  لتصويب الاخطاء ومعالجة الكوارث والقدرة على التغيير، فالتجربة والخطأ منهج علمي وكذلك يجب ان يكون منهج إنساني ومجتمعي ، ليحدث التراكم المعرفي والإنساني والثقافي والسياسي ....عندها سيأتي الشعور بأننا ننتقل من احسن لأحسن ثقافيا واقتصاديا ومجتمعيا ومؤسّسيًا مقابل ما دفعناه من ثمن وقت..لا كما نرى الان من أسوأ لأسوأ ..
    في (ديموقراطيتنا الانتقالية) (الفريدة) والتي صنعها لنا المجلس الانتقالي ذو التوجهات الاسلاموية .. مهدوّا لـ(ديمقراطيتهم) ..لكن بدون اليات وادوات واضحة وصريحة تُحقّق هذا الشرط ..بل تجاوزت الخط الاحمر كون دستورها الانتقالي سمح بتأسيس الاحزاب (الكيانات السياسية) في مجتمع لا يعرف بعد كلمة حزب سياسي او إنتخابات بالقوائم نظرا لتصحر ثقافي ساد البلد 42 سنة عجفاء ..   فوقعت البلد أسرى لهم وبطريقة تبدو كأنها طريقة(ديموقراطية) كاملة وهو لا يعدو إلا كونه (سجن) ديموقراطي محمي بشداد غلاظ رغم لباسهم الحديث ..!فحتى إنتخابات 2014 التي كانت نتائجها نسبيًا لصالح التيار المدني رفض نتائجها التيار الاسلامي وأستند في رفضه لبعض الهفوات كالتسليم والاستلام ثم أنزل مليشياته التي كونها ومولّها أيام تسلطه على السلطة والاموال إلى الشارع بل تحالف مع الارهاب والارهابيين ونحصد اليوم نتائج هذا الامر فتنة وتشرذم وإنقسام .
    لا يجب ان يتركّز إحتجاجنا وكرهنا بسبب ما نحن فيه ،على مفهوم الديموقراطية ونحلّل خطأ أنها سبب المأزق الذي نحن به اليوم ... بل يجب ان يشمل الاحتجاج حتى على من أتوا بها ناقصة أصلا!.وإلا لن نكون مُنصفين ..تشخيص المرض بشكل صحيح هو نصف العلاج...!