بحث في هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 29 يونيو 2019

حياة وميلاد جديد ...

   المصّور البرازيلي الشهير (Salgado Sebastião)، والحاصل على عدة جوائز محلية ودولية عن نشاطه التصويري وإبداعه في هذا المجال وهو المشهور كونه وثّق كثير من صور الحرب الاهلية الدامية في رواندا في التسعينات...وعاد منها منهكاً حزينا جراّء ما رأى وسمع وصوّر ...أراد أن يعود إلى قريته ومكان ميلاده في البرازيل ، قرية كانت جميلة تسمى ( Minas Gerais) ، ليرتاح من همومه ..إلا ان حزنه زاد عندما وجدها قد تصحرّت وتم القضاء على غاباتها وخالية من الأشجار والطيور وغيرها من المخلوقات البرية والحياة البرية الجميلة التي عاش معها في طفولته وصباه وشبابه ، وان فقط 0.5 % من الاشجار قد بقت نتيجة للنشاط الجائر والإهمال ...فصمّم هو وزوجته (Deluiz Wanick) ..ومع مُساعدة من تعاطف معهما من الأشخاص والمنظمات والمؤسسات ..فكان المشروع وكان النجاح بعد حوالي 18 سنة من العمل المُضني ، فكانت عودة الحياة الطبيعية بكل اشكالها وعندها صرّح لوسائل الإعلام التي واكبت الحدث وبكل تفاصيله : " شكرا لزوجتي وشكرا لكل من ساعدنا ..انا اليوم وزوجتي وُلدنا من جديد ، مع عودة الحياة للقرية " ...

الخميس، 20 يونيو 2019

خوان غويتيسولو

   الأديب الإسباني الشهير خوان غويتيسولو ( Juan Goytisolo )(1931-2017) صاحب روايات (خوان بلا أرض) و(فضائل طائر منعزل) و(طيور تلّوث عشّها) وغيرها ، و الذي رفض عام 2009 استلام ما سمي وقتها (جائزة القذافي للأدب وحقوق الانسان) التي اسسّها النظام السابق عام 2007 وقيمتها المالية حوالي 200000 دولار (من حسابات الدولة الليبية طبعًا) ، واشترى بها وبأمثالها كثير من (الرقّاصة)..توفي السيد غويتسيلو في مراكش /المغرب ودُفن بها سنة 2017، حيث كان يقيم في احد مناطقها الشعبية التي احبّها (الصورة ) بعد ان اتاها ،حزينًا ووحيدًا وفقيراً بعد وفاة زوجته ، من اسبانيا حيث كانا يُقيمان ..كتب وتحدّث عن اسباب رفضه لتلك الجائزة الوهمية وقتها ،لعل اشهرها :
   "بعد تردد قصير، ناقشت خلاله بيني وبين نفسي احتمالات قبول الجائزة أو رفضها، ولأسباب سياسية وأخلاقية، اتخذت الخيار الثاني حيث انه لا يمكن لي إستلام الجائزة والمبلغ المقدّم ،حيث ثبت لي ان المبلغ المالي مقدّم من حكومةالجماهيرية الليبية التي «استولى "فيها معمّر القذافي على الحكم بانقلاب عسكري سنة 1969 "
    "لا يمكن أن أحمل جائزة تحمل اسم ديكتاتور..."
    "لست شخصاً ينساق وراء القضايا بطريقة هوجاء. لكنّني في إطار احترامي الخاص لشعوب المنطقة وثقافتها الرائعة، انتقدتُ دائماً، وكلَّما استطعت، الأنظمة التي تستبدّ بشعوبها، وتبقيها في الفقر والجهل"
   اردوغان ومن يتباكى اليوم ، يدّعي انه مُدافعاً عن حقوق الإنسان ،استلم تلك الجائزة عدّاً ونقداً سنة 2010 هنا في ليبيا (االصورة )..(هنا من هو صاحب الاخلاق النبيلة والفضيلة..من يدّعي انه مُسلم ومؤمن ، ام من ينعته خِوان اردوغان بالكافر !)



الاثنين، 17 يونيو 2019

الاحزاب والتأسيس ..في ليبيا

   الأحزاب ..تاريخياً ، تتشكّل بعد وجود دستور ينظّم تاسيسها وتمويلها  او حاجة أقتضتها مطالب الجمهور بعد التأسيس..  كان دستورالولايات المتحدة الامريكية صامتاً تجاه قضايا الأحزاب السياسية ، عند إقراره عام 1787، حيث لم يكن هناك في البلاد أحزاب.. بل ان بعض الآباء المؤسسين للدولة الامريكية رفضوها برمّتها وقتها... كما أن جورج واشنطن، أول رئيس للبلاد، لم ينضمّ أبداً إلي أي حزب او تكتّل سياسي، وأعرب عن أمله بأن لا يتم تشكيل أحزاب سياسية وقت التأسيس ، (وهذه كانت نفس فكرة الملك أدريس رحمه الله بعد الأستقلال ، شعورا منه بأنه لم يحن وقتها بعد.) ... فيما بعد ونظراً  للحاجة لكسب دعم شعبي لبناء (الجمهورية ( والتي ادّت فيما بعد وبالتدريج إلى الابتكار الأمريكي للحزب او التكتّل (الجمهوري) في نهاية القرن الثامن عشر، والذي كان يفضّل حكومة مركزية قوية وإقامة روابط وثيقة بين الحكومة والأغنياء...ثم اتى الحزب الديموقراطي والذي ايّد  دوراً محدوداً للحكومة المركزية واعتماد نهجا مستمدا من عامة الشعب تجاه الحكومة ...إلى ان اصبح (الحزبان) اكبر الاحزاب (الشعبية) الامريكية اليوم ، تتنافس كلاهما لمصلحة الشعب والمجتمع والدولة والاقتصاد والنظرة إلى العلاقات الدولية بما يتناسب مع مصالح بلادهم وشعبهم حسب وجهة نظر كل منهما  ،  ولا يختلفان كثيراً في الثوابت الوطنية ، إلا من حيث نظرتهم لتلك المصلحة الشعبية والوطنية واين تكون ، اما الهوية عندهما فهي امريكية وطنية تاريخية ولا يختلفان عليها ...بل ان كثير من الأكاديميين لا يطلقون عليهما احزاب ، كما هي في الدول والمجتمعات التي قفزت على مسار التأسيس ونواة الدولة الاولى ..فجعلت من العربة امام الحصان ..بل يطلقون عليها (تكتّلات) تتغير توجهّاتهما من حين لحين حسب المُعطيات الواقعية او الاستراتيجية ...
في ليبيا اليوم ..جاءتنا وبعد التحرير الثاني ، احزاب مموّلة وجاهزة ومعظمها لديها اجندات ومشاريع وهوية وايديولوجيات خارجية وهويات عابرة للاوطان (الإسلاماويين خصوصاً ) ، فقفزت على التأسيس والهوية والتاريخ الوطني لدولة محطّمة إقتصاديا وفكريا وثقافياً لعقود ، فزادت الفرقة والإنقسام والتشرذم والفتنة بدل التوحّد على مباديء عامة وثوابت وطنية ، والادهى انها تحاول ان تؤسّس الدولة  اليوم على أجنداتها ومشاريعها تلك ، وهذا طبعاً لن يستقيم ولن يُقيم ...مهما طال الزمن وطالت التضحيات ..واعتقد ان هذا هو لبّ الصِراع الليبي اليوم ...


الجمعة، 14 يونيو 2019

حكمة ........


"عندما ترغب في البحث عن شجرة الحقيقة ، في غابة من الأوهام ...البوصلة الوحيدة الموثوق بها هي ...في اعماق روحك الإنسانية"
(استفتِ قلبُك ولو أفتاك الناس)

اصدق النصيحة ...



      "لا تحدثني عن ثروة أي بلد وأهله مشحونين بالحقد والعنصرية والمناطقية والجهل والادلجة !..*نيجيريا* من أكثر الدول غنى بالثروات والمعادن ، ومن أكبر دول العالم المصدّرة للبترول ، ولكن أنظر إلى حالها ووضعها والسبب أن الإنسان فيها مشبّع بالأحقاد العرقية ومحمّل بالصراعات ! فيما سنغافورة البلد الذي بكى رئيسه ذات يوم ، لأنه رئيس بلد لا توجد فيه مياه للشرب .. اليوم يتقدم بلده على اليابان في مستوى دخل الفرد.. في عصرنا الحالي الشعوب المتخلّفة فقط هي التي مازالت تنظر لباطن الأرض ما الذي ستخرجه كي تعيش، في الوقت الذي أصبح الإنسان هو الاستثمار الناجح والأكثر ربحاً ! ..هل فكّرت وأنت تشتري تلفون جلاكسي أو آيفون كم يحتاج هذا التلفون من الثروات الطبيعية ! ،ستجده يكلّف عدة دولارات من الثروات الطبيعية، جرامات بسيطة من الحديد وقطعة زجاج صغيرة وقليل من البلاستيك، ولكنك تشتريه بمئات الدولارات تتجاوز قيمته عشرات براميل النفط والغاز، والسبب أنه يحتوي على ثروة فكرية تقنية من إنتاج عقول بشرية ! ،هل تعلم أن إنسانا واحدا مثل "بل غيتس" مؤسس شركة مايكروسوفت يربح في الثانية الواحد 226 دولارا، يعني ما يملكه اليمن ودول الخليج من إحتياطي للثروات لن تستطيع مجاراة شركة واحدة لتقنية حاسوب !
هل تعلم أن أثرياء العالم لم يعودوا أصحاب حقول النفط والثروات الطبيعية، وإنما أصحاب تطبيقات بسيطة على جوالك، هل تعلم أن أرباح شركة مثل سامسونج في عام واحد 327 مليار دولار، نحتاج لمئة سنة لنجمع مثل هذا المبلغ من الناتج المحلي !
أخي في الشمال أو الجنوب، في الشرق أو الغرب من هذا الوطن ، أيها الواهم بأن لديك ثروة ستجعلك في غنى دون الحاجة إلى عقلك دع عنك أوهامك، فلا ثروة مع عقلية الثور والبقرة و الأدلجة الشعاراتية ! ،هُزمت اليابان في الحرب العالمية الثانية ، وفي أقل من خمسين عاماً انتقمت من العالم بالعلم والتقنية ، وبقي الأغبياء يسألونك عن عرقك ومذهبك أو من أي قبيلة او جماعة أنت ...!"
(فاروق القاسم ( مواليد1937/ البصرة).. عالم نرويجي من اصول عراقية من اكبر خبراء الإدارة والنفط في ...مملكة النرويج)



الثلاثاء، 11 يونيو 2019

دموع في السماء ......

   عندما يتحوّل الحزن إلى عمل ..وعندما تصدُق المشاعر ، وعندما يتناسب المظهر والإحساس مع الحادثة ...يظهر الإبداع ، فهم ايضاً يملكون كمّا هائلاّ من المشاعر الانسانية ، وكما يُقال "إن اردت بعمق معرفة وتقييم المجتمعات الاخرى..فأنصت لما يقوله فنّانيهم ونُخبهم ، وليس بالضرورة ما يقوله اهل السياسة والحكومات عندهم" :
هذه الأغنية هي لملك الجيتار كما يلقّب ، الفنان الإنجليزي المولد والأمريكي الجنسية ، (اريك كلابتون)( Eric Clapton)..غنّاها بعد فاجعة وفاة ابنه ذو الأربع سنوات بعد سقوطه من الدور الـ50 من شقة في عمارة سكناه في مدينة نيويورك الامريكية سنة 1991 ، إثر حادثة اليمة كان خلالها طفله (كونر) (Conor) يلعب بجانب الفرندا..الاغنية نالت الكثير من الجوائز وظلّت في المرتبة الثانية في قوائم أفضل الأعمال المائة لمدة سنة كاملة في امريكا ونالت الكثير من الجوائز منها جائزة (قرامي ) (Grammy Awards ) الشهيرة للأعمال الادبية والفنية ....ثم عادت واحتلّت المرتبة الأولى سنة 2004 ..و لاتزل شهيرة لليوم وصُنّفت من افضل الأعمال الـ500 في القرن..الأغنية من كلماته ولحنه وبعنوان (Tears in Heaven) (دموع في الجنّة او السماء كما يُترجمها البعض ) ، يتمنى فيها ان يلتقي بأبنه هُناك، وانه سيكون اول من يفتح له بابها ليضمّه ويعتذر اليه ويبكي امامه ثم يلعب معه كما كانا ...ساقوم بترجمتها كاملة حسب الظروف ..إلا ان أداؤها لها ..ورنّات حُزنه عن الحادثة تُغني عن كثير من الترجمة .....

الأحد، 9 يونيو 2019

صدى السنين الحاكي :


    
    الحوار.. ليس معناه التشنّج والتعصّب لرأي واحد ، بل بدايته الإيمان بأنه مشروع لمحاولة الوصول إلى الحقيقة ، ولا يجب ان يكون مصحوباً بعاطفة هوجاء او أيديولوجية تؤمن انها تملك الحقيقة كاملة ، كما ان اول إشتراطاته المنهجية ان يتفق المحاورون على الإيمان ببعض الامور التي اصبحت اليوم من البديهيات وان لا نعود لنكتشف العجلة من جديد .. فجملة واحدة من الطيش والتشنّج الغير مستندة للحقيقة او البديهية ستزيد من الفرقة والخيبة والكراهية ...عندما بدأت النهضة الصناعية والاقتصادية فى بريطانيا كنتيجة لعصر النهضة والتنويرخلال القرن الثامن عشر في بريطانيا وقبلها في فرنسا ، والتى نرى إنجازاتها قد عمّت كل ارجاء العالم اليوم ، ونحن نقتني منتجاتها بدأّ ًمن ابرة الخياطة الى الطائرات والصواريخ والأقمار الصناعية عابرة القارات ، وجد رجال الأعمال ومدراء الشركات ومخطّطوا الاقتصاد والتنمية ذاك الوقت ، ان إحدى معوقات تلك النهضة والتنمية هى كثرة الجدل والجدال حتى فى اروقة المصانع والمكاتب والإدارات والشوارع والميادين (لم يكن يوجد قنوات واذاعات او وسائل أتصال إجتماعية كما هى اليوم) ، فتم دراستها كظاهرة (اجتماعية ) تستحق العلاج ، درسها علماء الاجتماع والنفس والإدارة وغيرها من العلوم الانسانية ،انبثق عنها التوصية بضرورة تشجيع الفنون والرياضة والآداب والمسارح وتوفير اماكن مخصّصة لها ، لتمتص بعض من تلك (المعارك) ، وتطوير مناهج التربية و التعليم بكل أشكاله وخاصة تضمينها مناهج (كيف نتحاور ) ، كما تم التوصية بضرورة وجود مكان خاص ليّتحدث فيه ( ألمتحدّثين والمهرّجين) عن ما يريدون بعيدا عن أماكن العمل ..فكانت نشأة حديقة (الهايد بارك الشهيرة فى لندن) (Hyde Park) ) عام 1872، مساحتها حوالي 40 هكتار، بها جزء كبير يسمى (ركن المتحدثّين ) (Speakers Corner) ، موجودا حتى اليوم ، ومثلها في باريس وفي نيويورك وكثير من المُدن الشهيرة ، تتحدّث فيها كما تريد وتقول ما تريد (بشكل سلمي طبعا) بشرط إحضار كرسيك او حتى سلّوم ،(شعراء ،سياسيون ،مهرّجون ،موسيقيون ،وعّاظ ،أدباء ،أحزاب وحتى (مجانين)،وينصت لك من يشاء ويصفق لك من يشاء ..وعندما تناسينا نحن دراسة هذه الظواهر الانسانية ،وحلولها العلمية من متخصّصين ،تحولت أوطاننا ، إلى هايد باركات كبيرة ومسارح وحتى الملاكمة والتمتيع ، وأشياء أخرى (مُزعجة) كثيرة ! ..وستظلّ ، إلى ان نعي الدروس والحلول (العلمية ) التى سبقتنا اليها الأوطان التي تقدّمت ، لكثير من مشاكلها الاجتماعية وحتى السياسية والأخلاقية والثقافية ، واكتشفت من خلالها مرضاها النفسيين وحوّلتهم إلى هذه (الكورنرات ) او المشافي ، بدل ان يكونوا في مقدمة الحديث والوعظ والحوارات عن الاوطان والتاريخ والتأسيس والهوية ، بل وحتى يحاولون ان يكونوا اليوم وللأسف من مؤسّسيها ...

الجمعة، 7 يونيو 2019

عودة لقراءة في المشهد والتاريخ ..


     بعد إستقلال وتأسيس الاوطان في المنطقة العربية في العشرينات والثلاثينات والأربعينات وحتى الخمسينات والستينات وبعد معارك الاستقلال بأشكالها المختلفة وكذلك ما افرزته نتائج الحرب العالمية الثانية من إتفاقيات وتقسيم نفوذ ..كان للتيارات المدنية بمختلف أشكالها النفوذ الاوسع في تلك الاوطان ، فكانت تونس والعراق ومصر وليبيا والسودان ولبنان مثلا جيدًا لما يجب ان تكون عليه بدايات تأسيس نهضة المجتمعات والدولة من تنمية وحرية مدنية وتعليم وإقتصاد وحقوق إنسان وعلاقات دولية وأمن وكل نواحي الحياة المجتمعية والثقافية من ادب ومسرح وفن وكتابة وتنوير وحريات أكتسبت فيها حتى المرأة مكانتها من حيث مشاركتها المجتمعية والثقافية والفنية والادبية فظهرت أسماء كثيرة لمعت في كل المجالات لازلنا نطرب ونقرأ ونعود لأعمالها وكتبها حتى اليوم  بها الأصالة والمُعاصرة وهي اغنى من امثلتها اليوم..
     بعد قرار  تقسيم فلسطين 1948...ظهرت الحمية القومية العاطفية الهوجاء فكان للجيوش الوليدة والتي لم تنضُج عقيدتها الوطنية بعد ، فرصة للانقضاض على تلك النهضة الوليدة تحت شعارات كثيرة كتحرير فلسطين والوحدة والاشتراكية وغيرها..فحصل اول إنقلاب عسكري في سوريا (العقيد حسني الزعيم سنة  1949   ) ، تلاه فيض من الإنقلابات في مصر والعراق والسودان واليمن وليبيا ..صاحبتها تأسيس أحزاب قومجية ويسارية  تبنت تلك الشعارات، لم تُحقق شىء من تلك الشعارات ..كل ما حقّقته هو القضاء على الكثير من الانجازات الثقافية والاقتصادية والتعليمية التي كان سابقة لها بل  جلبت ايضاً الخراب للأفكار والعقول والمنجزات الاقتصادية ..لم تبني منجزات جديدة بل استولت على كل الانجازات قبلها وأمّمتها واعطتها للطبقة العمالية فقيرة الحال والثقافة التي توّهمت بأنها قد ملكت ما تستحق فكانت اليد التي ضربت بها تلك الحركات الانقلابية كل المؤسسات المدنية الاخرى ونظرا لسوء الثقافة ،لم تشعر تلك الطبقات وهي تمتلك ما أنجزها غيرهم ،انهم بهذا قد خسروا المُعين الاقتصادي الاكبر الذي لو بقى وتطور تدريجيا وثقافيا وتشريعيا وعلميًا لطالت إنجازاته الاقتصادية والمدنية الجميع فيما بعد. ..والحقيقة ان تلك الحركات الانقلابية بهذا التصرّف بدت وكأنها تستدين من جهة ما لُترضي نفسها وأخرين ..ولم تفكّر انه  سياتي  يومًا  تقف فيه عاجزة عن تسديد تلك الديون وعندها تقع في مأزق إقتصادي وإجتماعي وسياسي وثقافي ودولي كبير ..وهذا ما حصل ..فتم الهروب للإمام ودخلت في معارك وهمية لم تكسب فيها معركة واحدة فلجأت للغة العربية لتسمي الاشياء بغير مسمياتها فكانت مثلا الهزيمة نكسة وكان شكسبير هو الشيخ الزبير والجنيه هو الدينار والثقافة هي تمجيد الاستبداد ..وأمتلاء قاموس المفردات والاعلام الموجّه بكلمات مثل الامبريالية ، الاستعمار و العملاء والخونة ،قوى الشعب العاملة ،  الاشتراكية ،الجواسيس ،عصر الجماهير ، المؤامرة ..الخ ...
     تزامنت بدايات تلك النهضة المدنية الاولى مع سقوط دولة الخلافة العثمانية التي ورثت (الخلافات الاسلامية) فكان ظهور دعوات للعودة لتلك الخلافة أيضا..منها ظهور جماعة الاخوان المسلمين والتي ظهرت من عباءتها معظم الحركات المتطرفة فيما بعد والتي ظلت تعمل وتُنظّم نفسها سرًا وأحيانًا علنا   ...بعد فشل تلك الحركات الانقلابية القومجية ...وبداية عودة الوعي (السلبي) بسبب فشل وإنتهاء الايديولوجية القومجية ..حلّت جماعات الاسلام السياسي مكانها بعد تغييرات( الربيع العربي ) لأسباب كثيرة من أهمها دعم العالم الغربي لتلك الجماعات على أساس انها هي الحركة المعتدلة وفشل الحركات المدنية على تقديم مشروع يجذب عامة الناس والذين تغلب عليهم حالة التدّين وكذلك أخذا برأي كثير من مراكز الابحاث الغربية ورموزها  بأن هذه المناطق لا تُحكم إلا من خلال أيديولوجية دينية ولتكن مُعتدلة ..لعله قد يحدث أمران ..إما الاستقرار تحت حكم تلك الحركات، او الوعي بمخاطر هذا النوع من الحكم كما حدث مع الحركات القومجية التي ايدتها الشعوب سابقًا ثم حادت وثارت عليها بعد فترة  (ثورات الربيع وما بعده)..حيث يبدو ان الوعي السياسي والمدني لا يحدث بدون المرور على هذه المرحلتان وليس القفز عليهما..
   نحن الان في مرحلة الوعي بخطورة سياسات ونهج وأطماع وجهل مشاريع الاسلام السياسي بمختلف أشكاله في المرحلة الثانية (العراق ، سوريا ، ليبيا ، مصر ، اليمن ، تونس ، لبنان ، السودان)...ولكن هل هذا سيقودنا لحتمية العودة لأسس مشاريع النهضة الحقيقية قبل تلك الانقلابات وكذلك مشاريع الاسلام السياسي، والتي اساسها الحكم الرشيد والحكيم و الاقتصاد الصحيح وحقوق المواطنة  والتمدّن والبُعد عن المشاريع العابرة للأوطان...لننقذ أوطاننا من الضياع !...وخاصة اننا نعلم اليوم ان ثقافة (الإنقلابات العسكرية) لم تعد صالحة..فهي ايضاً مرحلة وانتهت وتم إستبدالها بثقافة ان الجيوش كمؤسّسة وطنية حرفية ،لابد من وجودها حماية للوطن والامن واوقات الازمات وحامية.وحارسة للتحوّل الديموقراطي والمدني ....والأهم انها الوحيدة القادرة لحماية فكرة الوطن ..والتعلّم من التاريخ وأن كثير من الدول العربية والإسلامية التي لم تمر بمرحلة الانقلابات الاولي هي اليوم الاكثر إستقلالاً وإستقراراً ونماءاً ..

 

  


الاثنين، 3 يونيو 2019

صدى السنين الحاكي :


 لم تمنعه سنّه ولا رقادة ريحه... على ان يقوم بواجب الوفاء نحو زوجته المريضة التي تحتاج الى (كليَة) ...بكى بجانبها عندما لم تتوافق كليتيه مع كليّتها ، ثم أخذ يجوب الشوارع والطرق والميادين بحثا عن متبرّع ...او متبرعة ..ما اجمل قيمة الوفاء في كل شيء ، وعند كل الشعوب والأديان ...