بحث في هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 28 فبراير 2021

البيضاء/10

وفي البداية ....كانت البيضاء النايرة وناديها العريق ..وملتقى الجميع...وكما قال احمد شوقي في قصيدته (جبل التوباد) :
جبل التوباد حياك الحيا ****** و سقى الله صبانا و رعا
فيك ناغينا الهوى فى مهده *** و رضعناه فكنت المرضعا
وعلى سفحك عشنا زمنا *****// و رعينا غنم الأهل معا
و حدونا الشمس فى مغربها ***** و بكرنا فسبقنا المطلعا
هذه الربوة كانت ملعبا ******** لشبابينا و كانت مرتعا
كم بنينا من حصاها أربُعا ****** و انثنينا فمحونا الأربُعا
و خططنا فى نقى الرمل فلم * تحفظ الريح و لا الرمل وعا
ما لأحجارك صمّا كلما **** هاج بى الشوق أبت أن تسمعا
كلما جئتك راجعت الصبا ******** فأبت أيامه أن ترجعا
قد يهون العمر إلا ساعة ***** و تهون الأرض إلا موضعا

 

 

الخميس، 18 فبراير 2021

حكمة وفلسفة تاريخية

"عندما ينهار القديم .. والجديد لم يولد بعد.... في هذه الأثناء تكثر الوحوش الضارية".
- أنطونيو غرامشي Anonio Gramsci
  كاتب وسياسي وفيلسوف إيطالي ( 1891-1937 ) ..عاصر نضالات مناطق اوروبا نحو الديموقراطية والدولة المدنية ، وما مرّت بها من معارك عسكرية و سياسية ودينية وإجتماعية تلك الفترة .......
- معلومات من ارشيف Hind Houdi


 

السبت، 6 فبراير 2021

شجرة اللوز

  سأل حكيم شجرة اللوز :(حدثيّنى يا اختاه عن الله ) ! ...فلم يسمع صوتا ..ولا هراجا ..ولا مواعظاً ولا قصصًا ...ولم تأتى بكتبًا ....ولم تُربّي لحية ..، فقط ...أرتجّت ثم أزهرت ثم وبحياء محبّب وهدوء ... أثمرت..!   


 

الثلاثاء، 2 فبراير 2021

البيضاء 7 ...السوق الفوقي وذاكرة مدينة

السوق القديم ....وحكاية مقهى عبد المولي  :
  في بدايات ستينات القرن الماضي كان " السوق القديم " بصومعة جامعه العتيق , وهو الآن في ذاكرتنا بمثابة تاريخ يحفل بأناس بسطاء كانوا بيننا وتشاركونا في شتى مناحي الحياة والسعي للقمة العيش ومقارعة الفقر الذي كان يضرب بأطنابه غالبية أفراد مجتمع المدينة في ذلك الوقت .
  احتفى السوق القديم في ذلك الوقت بعدد ٍ من الدكاكين المعروفة بأصحابها الأجلاء ( الحاج رشيد , والحاج عبد الصمد , , و العطار " التونسي " , وأعلومه , وسليمان و" بولطيف " و الدعوب " والعريضة " وايضا ( ثابت " صاحب محل إيجار الدرجات الهوائية .. وغيرهم من المشهود لهم بنقاء السريرة ومساعدة البسطاء وفق استطاعتهم ا..
وكان " سوق الزبط " يحده من جهة الجنوب الشرقي " وفيه نشاهد سيارات " الدوج " و" الفورد " للحمولات الثقيلة و " الفوردينا " المخصصة للركاب , أيضا هناك التجار المتنقلون الذين يمارسون البيع وشراء للفحم والحطب والجلود والأعلاف وغيرها من الأنشطة العادية , بالإضافة إلى كونه سوقا للخضروات ...
  وكانت هناك محلات الجزارة بصاحبيها ( بوحازق ) و ( بومحارب ) وهما شخصيتان رائعتين لا تمل حضورهما أو سماع أقوالهما أو عبثهما عبر المقالب التي يعدانها , وفوق ذلك هم أصحاب التجربة الحقيقية في الحياة إذا ما جد الجد وذوى الرأي في الأمور الاجتماعية الأخرى .
   مقالبهما كانت كثيرة لكنهما في ذلك يخلقان هذا التقارب المحبب للنفس ولا يملك من يعرفهما إلا أن يشعر بالحب تجاههما وبهذا كانا نكهة السوق القديم ..
    أضف إلى هذه النخبة ( الحاج عمر المسماري ) بهيئته التي كانت تدل على نبل هادى متأصل وروعة حضور وأناقة مظهر قل وجودها في ذلك الوقت , وهو أيضا من وجوه المجتمع المعروفين ومن أعيان مدينة البيضاء القديمة , وكان رحمه الله يمتاز بطيبة قلبه وشعوره المرهف دون تمييز , و كان رفيقاً ملازما لمعظم أصحاب الدكاكين والتّجار في السوق القديم , ومراقباً طريفا لبوحازق وبومحارب في كل مقلب يحدث لأحد من أصحابهم , فتراه المتأمل لنتيجة مقلب ناجح بابتسامة هادئة بعذوبة لا تنسى .!
   في الطرف الشمالي للسوق كانت مدرسة " الميدان " ذات الطابقين يرأسها على ما أذكر " المرحوم " يونس بوسويق ومن مدرسيها إذا لم تخني الذاكرة الأساتذة ( اصطفان " المصري " , واحمد البر واني " الفلسطيني " ومن المدرسين الليبيين الأساتذة ( إبراهيم هزاوي . حمد لحيمر – صالح الطقطوق – رمضان جبر – وبوسلطان - وأيضا – رجب بيانكو ) , وهناك أيضا قيّم المدرسة الذي كان يطلق على وظيفته في ذلك الوقت ( المباشر ) ويدعى ( بوعجيلة ) ..
     الممرض " أبريك ساسي " والممرضة " حسن بنت إبراهيم " كهلان نهلا من علوم التمريض وأعطيا تجربتهما للمواطنين في ذلك الوقت من خلال المستوصف الذي كان يقع في الجانب الشمالي من السوق حيث تقاطع الطريق , ويتميزان بمهارة الأداء وخفة الظل والهدوء المصحوب مع المجهود الذي يبذلانها طوال ساعات النهار .. كانا مخلصين للمواطن البسيط والمدينة القديمة التي شهدت شبابهما وكهولتهما معاً ..
     وفي الجوار كانت صيدلية " بالروين " صاحبها الرجل الذي امتلك بجدارة الخبرة الكافية لإسداء الإرشاد و النصح أو التدقيق في الوصفات الطبية وإبداء المعلومة للراغبين فيها
    وتأتينا الذاكرة بمقام " رويفع الأنصاري " برواده ومزارته , و" مرقب " العجوز " التي لا تكاد تفارق جواره , و( جردس ) الشخصية البسيطة التي دأبت على التنقل المستمر ما بين مزرعة بوحليمه ومقام رويفع الانصاري والسوق القديم ..!!
وفي الجانب الغربي من السوق القديم كانت قهوة عبد المولي .. وفيها تتلاقى الوجوه والذكريات ومهارات لعب الورق .. فكانت هذه التركيبة العجيبة والطريفة معاً .
    تتداعى صور تلك ( القهوة ) التي لم تعد موجودة فهي الملجأ للحمالين والسائقين وآخرون نهلوا من الحياة ونهلت منهم وركنوا للراحة وقضاء أوقات فراغهم الطويلة على كراسي تلك القهوة !!
  الرجل المسن الذي تخونني الذكرة في استحضار اسمه كان حمالا اختص في إفراغ الشاحنات من حمولاتها , ولطالما أدهشتنا قدرته على تحمل أوزانها و رفيقه " ذاوود " الذي لا يتسع عالمه إلا للقهوة وتفريغ حمولات السيارات .
   رواد " القهوة " من المقيمين بالمدينة القديمة أو الوافدون من المناطق المجاورة , وتختلف مشاربهم ومستوى وعيهم من شخص إلى آخر .. فهذا الذي يروى حكايات غرامه وانتصاراته وانتكاساته وهذا الذي يتذكر غناوة علم يلقيها بتلحين متمهل متزامنة مع نبرات استحسان الحضور , وهذا الذي يروى مغامراته مع مخالفات الحرب العالمية الثانية في الصحراء الليبية و اللغم اللعين الذي ذهب بيده وعينه اليسرى , والآخر الذي يروى حكاية عشقه لفتاة حبشية حينما كان مجندا إجباريا مع الجيش الايطالي في الحرب الايطالية – الحبشية - ولم يكتمل حلمه عندما قتلت الفتاة جوار أحد أسوار المعسكرات الايطالية وليروى للحضور أيضا تفاصيل معارك الحبشة و دمويتها وشراستها..!! وسيدي ( بوحمّاد ) الذي روى كيف اجبره الايطاليون على أن يقوم باستطلاع فردي عبر احد الأودية الرهيبة المليئة بالمحاربين عقوبة له لتهجّمه على ضابط ايطالي دأب على إهانة المجندين الليبيين وليبتسم عندما يوضح كيف انتصر على الموت رغم كيد الضابط الايطالي
   بالتقازة " الشاعر " ورفيقه بالحسين .. كانا عالمين مختلفين عن ما سواهما في قهوة عبد المولى .. فهما انس سهرة الشعر ونجوم أفراح المدينة وصفاقة ومجرادة " الصابية " وحضورهما يعنى حدث يسر الموجودين ويدخل البهجة على عوالمهم !! ..
وفي قهوة عبد المولي كان ( بوالفحلة ) ومغامراته ومهارات في ( قناصة صيد الليل ) ووصفه المسهب لكلاب الصيد التي دربها على القنص , وكيفية إصابته بارتعاشة جسمه التي لا تفارقه من جراءّ انتفاضة ( شاة صيد الليل ) بعد اقتناصها وذبحها وحملها على ظهره !!
  في قهوة عبد المولي لم تكن الكتابة بالجمال الذي يذكر وهذا ما تدل عليه الدوائر والخطوط المتروكة على صفحة سجل القهوة أو على صفحة الطاولات أو على جدار القهوة , وهي في النهاية تنبئ على أن من كان يجلس هنا هو العامل الكادح او الفلاح البسيط الذي ما كان له أن يتوصل إلى مرحلة من العلم !!
   جولات لعب الورق " السكنبيل " كانت عبارة عن خطوط متجاورة ينتهي المطاف بها برسم حلقة حولها إعلانا بنهاية جولة وفوز احدهم على الآخر , أما ( لعبة الشيزة) في السوق القديم فلم يتغير مكانها , فلا زال المكان يعج باللاعبين حتى الآن رغم تغّير الوجوه وفي ذلك الوقت , وقد دعانا الحذر ألا نلقي السلام لأسباب عدة منها انشغال اللاعبين عن السلام الذي نلقيه بحثا عن ( تنزيلة دار ) مناسبة أو خشية غضب لاعب محتجاً بما يتيسر من مصطلحات وسبابة مرتعشة تشير إلى مربعات اللعبة .
وقفات بسيطة احترم ماورد بها من أسماء وتواصلاً مع شيخنا الجليل الدكتور عبد الجواد عباس الذي دأب على سرد ذكريات البيضاء القديمة , هي في النهاية جانب من ذاكرة مدينة مع فائق الاحترام والتبجيل لكل اسم ورد بهذه المقال....
  المقال نقلاً عن الاستاذ مفتاح الشاعري -