بحث في هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 29 ديسمبر 2022

جمال ساد ...ثم باد ..مقال قديم

   عهد الصبا ، مكتبة الخرّاز ، مكتبة كانت عامرة ، وتلاميذ كالفلّ كانوا يملئونها بحثاً وشراءً وقراءة وإطلاّع :

  من منّا لا يذكره من سكّان البيضاء وعموم الجبل الاخضر ، اطفال ، شباب ، كِبار ، ذكور ، إناث ..سي (عبد الكريم ) والمُلقّب بالخرّاز ،(الخرّاز كان اسم المكتية امّا اسمه الحقيقي الذي عرفناه فيما بعد فهو (عبد الكريم الفيلالي)  ... حيث لم يكن احد يسأل عن الحسب والاصل والنسب والسلطة والمال والجاه ذاك الزمن الجميل (العهد الملكي ) ، بقدر ما كانت تجذُبهم حُسن المعاشرة والطيِب والعمل الصادق الحلال والمُعاملة الكريمة  ، ومكتبته العامرة (مكتبة الخرّاز ) ، والتي كانت قبلة الجميع نجد فيها كل ما لذ وطاب من (أطايب) الكتب والمجلات والجرائد والصحف للصغار والكِبار(بساط الريح ‘ ميكي ، سمير ، العربي ، الحقيقة ، سوبرمان ، ريدر دايجست (المختاربالعربية ) ، المعرفة ، هنا لندن ، تحت ظلال الزيزفون ،تهذيب الناشئين ، روز اليوسف ، كُتب المنفلوطي وطه حسين ونجيب محفوظ ، وغيرها الكثير ، والأهم فيها كان صاحبها ، ود وعفاف وتواضع وغيرها من محاسن الأخلاق ، رجعت لبلادي بعد اعوام من الدراسة في الخارج ، وجدت مكان مكتبته دكان احذية و شخاشير ، وبها ركن (للعطور المُقلدّة) ...وبقربها شارع طويل عريض من أطايب اللحوم (المجازر) ..ومحلات بيع الدخّان بكل انواعه....ورحل سي عبد الكريم ورحلت مكتبته لليوم ....

رحم الله سي عبد الكريم وسقى الله تلك الأيام الخوالي الطيبة ..

* عبد الكريم الفيلالي الملقّب بالخرّاز ..صورة ارشيف طاهر الغرياني



 

الجمعة، 23 ديسمبر 2022

صدى السنين الحاكي :


  شاعر واديب ليبي مُحب لعهد الملك والدستور والاستقلال  والتنمية والمواطنة (1951-1969 ) توقّف عن قول الشعر بعد إنقلاب سنة 1969 ..تمّ سؤاله سنة 1982 ..لماذا توقفت وتركت الشعر والادب ...فردّ :
باب البواعث والدواعي مُغلقة ** ذهب الكريم ، فلا كريم يُرتجى منه النوال ***ولا مليح يُعشقا ...
* رواية وتذكّر من الشيخ المثقف الوطني السيد مصطفى سعد عيسى الطلحي / البيضاء ..في لقاء عابر يوم الاربعاء 2022/12/21


 

السبت، 17 ديسمبر 2022

العودة إلى ...المُستقبل :


"عام 1968 ..حضر إلى المملكة الليبية ..احد الناشطين الأجانب في مجال حقوق الإنسان لغرض الدعوة لتأسيس وتكوين منظمة حقوق الإنسان بناء على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي كان صدر في عام 1947..وزار مُعظم مناطق ليبيا و المؤسسات القضائية والتشريعية والتعليمية والثقافية والمدنية والاقتصادية والإدارية والامنية والصحية وحتى مراكز الشرطة والسجون وغيرها ..حضرت له اخر لقاء وكان على شكل ندوة ولقاء بجامعة بنغازي (الجامعة الليبية) قبل ان يُغادرالبلاد بيوم واحد ، وكان برفقتي ممّن اذكر الراحل احمد بورحيل المسماري كما حضر معنا الاستاذ عبد المولى دغمان رئيس الجامعة ذلك الوقت ، رحمهما الله ، ولا يزلّ يرنّ بأذني لليوم ملخّص ما ذكر الرجل ..: ( : من خلال زيارتي اتضح ان مُعظم اموركم الحقوقية ممتازة وجيدة مُقارنة بكثير من البلدان والمُجتمعات التي زرناها...وانكم في الطريق الصحيح وانكم تملكون دستوراً مدنياً لا يوجد مثيله في كثير من البلدان حولكم ، هناك نقطة ضعف واحدة ولكنها كبيرة ، وهي ان هذا الدستور لم يأتي او يُصنع من خلال مُعاناة دستورية مرّت بها كثير من الشعوب والمجتمعات الأخرى ،إنما من خلال اباؤكم المؤسسين ، ولهذا اصبح الخوف ان يأتي يوماً ما ويُختطف هذا الدستور البديع او يُلغي او حتى يُستبدل ولن تجدون من يُدافع عنه ، لأنكم لا تعرفون قيمته ، ممكن يُنهب منكم يوماً بكل بساطة..) ..وفعلاً حدث بعده ما حدث وبكل بساطة ..بل صفّق لذلك النهب والتجميد ، يوماً ، الكثيرون ، بل ومنّا الكثيرون ممن لا يعرفونه "
** روايةالاستاذ محمد بوسريرة / البيضاء ..احد ضحايا السجون ايام النظام السابق لمدة 15 سنة ولم يخرج إلا في ما سمي ( اصبح الصبح) (1973- 1988)) ..
/ الصورة للبعثة الرياضية الليبية المُشاركة في إحدى الدورات الرياضية / المغرب ، خلال الستينات ..

 

الجمعة، 2 ديسمبر 2022

"الغنى الحقيقي لأي امة يكمن اساساً في الحفاظ على المصادر الطبيعية التي توفرها لنا كل ارض. "
* راشيل كارسون ( (Rachel Carson (1907-1964) ..في كتابها (الربيع الصامت 1962)... يطلق عليها البعض مؤسّسِة علم البيئة ..

 
 
 

 

الأربعاء، 23 نوفمبر 2022

صدى السنين الحاكي 27 فبراير 2013

    عندما تقرأ وتسمع وترى اليوم ، تلك الحكم والمواعظ والقصص ..عن الصبر والحكمة والعقل والإيثار والود والدنيا والاخرة وغيرها ..فى جميع اجهزة الاعلام بدءاً من بيوت الله وانتهاءاً بمواقع الاتصال الاجتماعي ومروراً بالراديو والتلفزيون وكل قنواته...تخرج الى الواقع متخيلا انك ستجد افلاطون جالسا في احد الاماكن يحدّث الناس بفلسفاته ، والمتنبي يتحدّث ويشعر ، وايّوب صابراً مُحتسبا و عمر ابن عبد العزيز حاكماً وحاتم الطائي يوزع طعاماً وشرابا على كل المارّين والمارّات ،  وسيدنا سليمان مُترفّقاً مع كل انواع الطيور، وأباذرّ رحمه الله ورحمنا ، يسير وحده امِناً مُطمئنا ،  وطه حسين يحاضر فى الجامعة وابن سينا يداوي احد مرضاه بكل رفق ويسمعه شعرا ونثرا عن محبوبته فينخفض ضغط الدم عنده الى المعدّل الطبيعى ويبرأ من سقمه وسهده ، وابن الهيثم في معمله يبحث الجديد فى علم الضوء وانكساراته..وعنترة يدافع عن (شقائق الرجال) بكل فروسية وادب ورجولة وخولة بنت الازور تقرض شعرها فى احد الصالونات النسائية المحترمة عن الشجاعة والادب والاخلاق ..
هل رأى احد منكم احدا من هؤلاء !...ام سترد عليّ الخنساء :
قذى بعينكِ امْ بالعينِ عوَّارُ** امْ ذرَّفتْ اذْخلتْ منْ اهلهَا الدَّارُ



 


الجمعة، 18 نوفمبر 2022

تاريخ فاخر وزمن جميل وروّاد :

 

الأستاذة قدرية سالم بن صويد :
   هي شخصية نسائية من الليبيات البارزات وهي أستاذة جامعية ورائدة في مجال التعليم الجامعي وقد تخصصت في مادة اللغة الإنجليزية التي قضت في تدريسها مدة تزيد عن الأربعة عقود من الزمن ..
  وُلدت قدرية بن صويد بمدينة بنغازي عام 1941 ودرست المرحلة الإبتدائية في مدرسة الأميرة ثم في المدرسة الإبتدائية التي كانت تقع عند شاطيء البحر بمنطقة خريبيش وقد تحول مبنى هذه المدرسة فيما بعد إلى مقر لكلية الحقوق ثم أزيل ..
   درست قدرية المرحلة الإبتدائية وسط ظروف اجتماعية صعبة ( رغم وجود حق المواطنة دستورياً ) ،مع مجموعة من بنات جيلها ومنهن :غالية بودجاجة ــ نفيعة بن عامر ـــ خديجة ستيتة ــ فتحية حسين مازق ــ ربح صهد ــ منى بن علي وغيرهن .. وكان هذا الجيل من الطالبات يتلقى التعليم على يدي رائدات أسهمن في نقل العلم والمعرفة وكان لهن الفضل في النهوض بذلك الجيل من الطالبات ومن أولئك المعلمات :
حميدة العنيزي ــ لمعان كويري ـــ خديجة الجهمي ـــ فضيلة بومنير ـــ سمية حجلاكي ــ ونورية الأزرق معلمة مادة الأشغال والتطريز .. إضافة إلى بعض المعلمين من الرجال .
كان المجتمع الليبي في تلك السنوات منغلقا على نفسه وكان الكثير من الآباء يرفضون خروج البنت إلى المدرسة .. وعن تلك الذكريات تقول الأستاذة قدرية بن صويد :
( ذات مرة زارنا في المدرسة الإبتدائية وفد من نظارة المعارف وكان برفقتهم أحد القضاة .. وكانت ابنته طالبة معنا .. وعندما وجد القاضي معلما يقوم بمهمة تدريسنا رفض أن تواصل ابنته الدراسة الإبتدائية ومنعها من المجيء للمدرسة .. )
    التحقت قدرية بعد ذلك للدراسة بمعهد المعلمات لمدة عام واحد ولم تكمل ..حيث واصلت تعليمها بالمرحلة الثانوية وتحصلت في عام 1959 على الترتيب الأول في امتحانات الشهادة الثانوية قسم أددبي على مستوى المملكة الليبية .. ونتيجة لتفوقها تحصلت على فرصة الدراسة بالخارج لكن والدها لم يوافق وسمح لها بمواصلة الدراسة الجامعية ..
كانت الجامعة الليبية في مدينة بنغازي قد افتتحت أبوابها عام 1956 بكلية واحدة هي كلية التربية التي التحقت بها قدرية لتدرس ضمن الدفعة الثالثة وكان معها من الطالبات :
نجمية الطرابلسي ـــ خديجة استيتة ــ ربح صهد ــ فتحية مازق
وتقول الأستاذة قدرية عن ذكريات أيام الجامعة : " كنا نلبس الخمار أثناء خروجنا من المنزل .. ونزيحه عند دخولنا للجامعة .. وكنا نشعر بالإحراج .. ونسمع التعليقات من زملائنا الطلبة .. كانت التقاليد صارمة جدا ..
في السنة الأولى من الدراسة الجامعية كنا حوالي 80 طالبا و 5 طالبات .. وكانت الدراسة مواد عامة جغرافيا ــ تاريخ ــ فلسفة ــ أدب عربي ــ لغة انجليزية
أذكر أنني درست مادة الفلسفة على يدي الدكتور أبوريدة .. ومادة الدراسات الإسلامية على يدي الدكتور ابراهيم اللبان ..
ومنذ السنة الأولى بدأنا بكتابة الأبحاث .. وكتبت أنا بحثا عن المسرحية في شعر أحمد رفيق باللغة العربية .. كما كتبت بحثا آخر باللغة الإنجليزية وكان الأستاذ حسين الكونيالي صديق عمي محمد بن صويد يصحح لي الأخطاء في هذا البحث .. والأستاذ حسين كان يشرف مع عمي محمد على صحيفة ( سرنيكا ويكلي نيوز) الصادرة في مدينة بنغازي باللغة الإنجليزية ..
كانت الجامعة شعلة من النشاط حيث شهدت إقامة الندوات والمحاضرات الثقافية ونشر الجرائد الحائطية ..وتكوين الجمعيات الثقافية مثل جمعية شكسبيروجمعية اللغة العربية ..وكان بالكلية طلبة شعراء مثل عمرو النامي وراشد الزبير .. وكانت بالجامعة مكتبة مكتظة بمختلف أنواع الكتب .. وكنا نستعير هذه الكتب كما نقضي أغلب وقتنا في المطالعة بالمكتبة ..كنا في وسط علمي تربوي وعلاقتنا بالأساتذة تقوم على الإحترام المتبادل .. لقد كانوا أساتذة أجلاء .. "
   تخصصت قدرية بن صويد في اللغة الإنجليزية وتخرجت من الجامعة الليبية في عام 1963 وتم تعيينها كأول معيدة بالجامعة الليبية وبدأت بتدريس اللغة الإنجليزية ..
   وفي عام 1964 تزوجت بالأستاذ محمد دغيم وأوفدت مع زوجها للدراسة في بريطانيا عام 1966 والتحقت بجامعة نوتنجهام وتحصلت على شهادة الدبلوم العالي في اللغة الإنجليزية وآدابها .. ثم سافرت إلى أمريكا وأكملت دراستها وتحصلت على شهادة الماجستير في اللغويات .. وعادت لمواصلة التدريس بالجامعة الليبية ..
* المصدر:
مقابلة شخصية مع الأستاذة قدرية بن صويد. /بقلم الاستاذ محمد العنيزي

 

الخميس، 10 نوفمبر 2022

جرد تاريخي للحالة الثقافية في ليبيا

تحت عنوان (التصحر الثقافي ) كتب الاستاذ (علي عُبيد  Ali Obaid ) على صفحته على الفيس بوك بتاريخ   22-10-2022 :

  الذين عاشوا حقبة الستينات يعرفون حجم الحراك الثقافي الذي كان يسود  البلاد رغم انتشار الأمية. المراكز الثقافية كانت تفتح أبوابها في كل مدينة ليبية، والمجلات والجرائد المحلية والعربية كانت تملأ المكتبات. أشهر الصحف الليبية آنذاك كانت طرابلس الغرب والرائد والبلاغ والشعب والحقيقة. إضافة للصحف المحلية، كانت الصحف اللبنانية والمصرية تملأ الاكشاك، وعادة شراء الجرائد والمجلات منتشرة بين المثقفين وأشباه المثقفين.

   لازلت أذكر، وأنا تلميذ في الرابع الابتدائي، كيف عثرت عند قريب لي، بالكاد يقرأ ويكتب، على أعداد من مجلة جيل ورسالة التي تصدرها الحركة الكشفية في ليبيا، وقرأت ذلك العدد الذي خصص لتأبين القائد الكشفي علي خليفة الزائدي رحمه الله وذكر مسيرته الكشفية.

   مجلة العربي كانت مركز ثقافي في مجلة، وكنا نراها عند مدرسينا في المرحلة الابتدائية، ولا يتردد هؤلاء المدرسون في قراءة بعض المواضيع لنا، حتى أننا عرفنا الدكتور أحمد زكي رئيس تحريرها قبل أن نعرف الكاتب الليبي الشهير صادق النيهوم.

   ببداية السبعينات كانت الثقافة في حالة ازدهار حقيقي؛ من منا لا يذكر مجلة الحوادث اللبنانية، تلك المدرسة الفذة في الصحافة، ومجلات النهار، والأسبوع العربي، وبيروت المساء؛ ثم الصحف المصرية مثل المصور، وآخر ساعة، وروز اليوسف، وحتى الشبكة والكواكب لمحبي أخبار الفن التافهة.

   مع منتصف السبعينات بدأت الصحف المصرية في الاختفاء نتيجة التناطح السياسي بين نظامي الحكم في مصر وليبيا. واختفت أيضا الصحف اللبنانية بسبب الحرب الأهلية، لكن فئة جديدة مدجنة، أغلبها لبناني، ظهرت على مسرح الثقافة أسمها الصحافة المهاجرة أغلبها بتمويل خليجي، فظهرت صحف الوطن العربي، والمستقبل، والكفاح العربي، والوسط، والمجلة.

    قبل أن تنتهي حقبة السبعينات دخلت على الخط الصحف الكويتية مثل القبس، واليقظة، والنهضة، التي رغم ابتذالها الذي يظهر على غلافها في صور نسائية جميلة، إلا أنها شكلت وجبة ثقافية معقولة، حتى أن مجلة النهضة بلغ توزيعها في سنة 1980م نحو ثلاثين ألف نسخة وهو رقم كبير في دولة مثل ليبيا.

    مع منتصف الثمانينات بدأ التصحر في الانتشار بسرعة، فاختفت الصحف الكويتية أيضا، بحجة التوفير في العملة الصعبة، ولم يكن النظام قادرا حتى على المحافظة على بعض المجلات الليبية الجيدة التي أنفق عليها أموالا طائلة مثل مجلة الثقافة العربية، ومجلة الوحدة.

    مع نهاية عقد الثمانينات لم يكن في ساحة الثقافة أكثر من صحيفتي الجماهيرية والزحف الأخضر، وبعض الصحف القزمية التي يسمونها الصحف القطاعية مثل الموظف والميزان والطالب، وهي في المحتوى لا تختلف كثيرا عن الصحف الحائطية في المدارس الإعدادية.

   نتيجة المبالغة في التطبيل والتمجيد المكرر إلى درجة القرف، لم تعد تلك الصحف تحظى بأي اقبال من القرّاء. ومن طريف ما يذكر في هذا الشأن أنه تم التوقف عن نشر أخبار الرياضة في صحيفة الجماهيرية، لأنها أخبار تخص صحيفة أخرى أسمها الرياضة الجماهيرية، فكان أن توقف معظم القرّاء عن شرائها إلى درجة أن ما وزعته بعد ذلك لم يتجاوز بضع مئات من النسخ في كامل مدينة طرابلس، مما اضطر هيئة التحرير إلى إعادة أخبار الرياضة.

     ببداية التسعينات أصبح المشهد الثقافي قفارا حقيقيا، خصوصا وأن حركة النشر قد توقفت هي الأخرى، والمسرح أصبح من الماضي، والندوات والملتقيات الثقافية لها هدف واحد هو التمجيد والتطبيل. إثر ذلك شعر النظام بحرج شديد من هذا التصحر فأسس مجلة غريبة اسماها لا. بدأت المجلة بمقالات ذات طبيعة نارية ممنهجة لكي توحي للقرّاء أنها صحيفة حرة، ولكن رغم مراقبة النظام لكل شيء إلا أنه لم يعد يتحمل هذه الفرقعات المصطنعة، فماتت بعد بضع سنوات.

    مع بروز برنامج ليبيا الغد والتهيئة للوراثة التاريخية فيما سمي الجماهيرية الثانية، ظهرت صحيفة أويا، وجند لها الموثوقون من كتاب السلطان، مع الاهتمام بالشكل والإخراج؛ لكنها بالقطع لم تكن قادرة على مكافحة التصحر، فقد استشرى في كل مكان، ولم يعد مجديا مكافحته بخطوة ارتجالية هنا وخطوة هناك.

    حدث الانفجار الكبير في سنة احدى عشر وتفاءل الكثيرون خيرا، وبرزت عشرات الصحف، لكنها سرعان ما انطفأت كما تنطفي الشموع الصغيرة، لأن الذين عاشوا التصحر الثقافي لعقود لا يدركون أهمية الثقافة، وليست من أولوياتهم، حتى وإن تناقضت توجهاتهم السياسية مع توجهات النظام السابق.

حتى هذه الساعة لايزال التصحر الثقافي مستمرا، رغم أن حكومات فبراير المتعاقبة خصصت وزارة لمكافحته أسمتها وزارة الثقافة، تبين في كثير من المناسبات أن لا علاقة لها بالثقافة