بحث في هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 22 فبراير 2015




الاصلاح الديني هو جزء من  مشروع النهضة :

تثار هذه الايام ..ليس في ليبيا فقط ولكن حتى  على مستوى اكبر ..قضية ..الإصلاح الديني ..بعد ان لاحظنا هذا الاستغلال البشع للدين وتأويل نصوصه بما يتلائم مع (امراض وإغراض  البعض ونفسياتهم) ..لدرجة وصلت لتبرير النحر والانتحار ...تجربة الغرب في هذا الاطار جاءت من خلال ما قام به القس ورجل الدين الالماني مارتن لوثر منذ اكثر من خمس قرون في (حركة الاصلاح الديني في اوروبا ) والتى كانت بداية لحركة النهضة والإصلاح هناك ..لم تكن تلك الحركة من اجل تغيير او إلغاء الدين ..إنما كان الغرض هو تحرير الدين من الاستغلال البشري عندما وصلت الامور الى إعطاء (صكوك الغفران) من قبل من أدعوا انهم يملكون حق غفران الذنوب ودخول  الجنة  مقابل مبلغ مالي معين ! ..وهنا دخل هذا الرجل التاريخ عندما رفع شعار: ..(علاقة إلانسان بربه لا تحتاج إلى اية واسطة) ..والتي انبثق منها  فيما بعد شعار ..الدين لله والوطن للجميع .. ومن هنا كان بداية الاصلاح الديني  عند لوثر و  قيامه بترجمة نصوص (الكتاب المقدس اللاتيني)إلى اللغة الشعبية الالمانية ليقوم الناس مباشرة بالإطلاع على نصوصه وكسر احتكار (رجال الدين) الذي دام لقرون قبله مدعين انهم يمثلون (الرب) وأنهم سلطته على الارض ..وانهم وحدهم فقط يملكون تفسير النصوص ...حيث  بهذا الاحتكار كانوا سندا للسلطة الزمنية لترسيخ السلطة عند فئة معينة ..في مصلحة مشتركة بينهم وبين رجال الدين .
 ومن هنا بدأت فكرة  تحرير الدين من الاستغلال البشري وبداية إستعمال العقل والتمييز بين ما هو ديني وما هو دنيوي ..وبين مصالح الناس في هذه الحياة الدنيا ..(الدولة وواجباتها) ..ومن هنا نستطيع ان نعرّف فكرة (إلاصلاح الديني ) ..أنها ليست للإلغاء الدين .. إنما تنزيهه من الاغراض وتأويلات نصوصه بما يتلائم مع الاغراض السلطوية والسياسية  عند البعض..والعودة لاستعمال العقل واحترام حقوق المواطنة والإنسانية..وكذلك حرية نقد التاريخ لأن المقصد الاساسي هو ..مصلحة البشر ..حيث يتحقق المبدا الرئيس (إينما وُجدت مصلحة للبشر فثمة شرع لله ).. وانه لا يجوز ان يخلق الله عقولا ويخلق ايضا ...شرائع مضادة لها (ابو العتاهية) ..
كان قد سبق لوثر هذا ..الفيلسوف الإسلامي ابن رشد ..في الاندلس منذ اكثر من 800 سنة ..حيث دعي الى استعمال العقل ..ولكنه اتهم من قبل تنابلة السلاطين ومفتييهم..وتم حرق كتبه وترجماته التى طارت أفكارها فيما بعد إلى اوربا ومات شريدا منبوذا في المغرب ..وتوقف الاجتهاد بعده إلى اليوم .. ..ويقال تاريخيا ان أحد تلامذته عندما رأى كتبه  تُحرق امامه من قبل العامة (بتحريض من رجال وفقهاء السلطة)..قال له ابن رشد ..: ( إن كنت يا أبني تبكي حال المسلمين   ...فأن البحر لن يكفي دموعا حال المسلمين اليوم..وإن كنت تبكي كتبي فإن للأفكار أجنحة تطير بها) ..وفعلا طارت الافكار ..ولكن للضفة الاخرى ..فتقدموا هم ..وتأخرنا نحن ..
 كان هذا من اكثر 800 سنة ...فهل تغير الحال !
مفتاح بوعجاج   14-2-2015