صدى السنين الحاكي :
أحد شيوخنا الكُرام من ابناء عمومتى رحمه الله..والذى كان عضوا من اعضاء لجنة الستين ثم تولى مهام كثيرة في دولة الاستقلال ...حدّثني فى جلسة عائلية منذ زمن ، كثيرا عن دولة الاستقلال ومآثرها العظيمة في تأسيس وطن لا زلنا ننعم بخيراته الى اليوم ..
بمجرد قيام الدولة الليبية فى نهاية ألخمسينات امرهم الملك ادريس رحمه الله ..هو ومجموعة من الوزراء والشيوخ والنواب الجدد بالذهاب الى الاتحاد السوفييتى ..وكان لهم تلك الزيارة ..فلم يروا هناك شيئا الا مصانع الاسلحة والدبابات والذخائر والبارود الاسود..والشيوعية الحمراء والفقر ...وافرادا من الحزب الشيوعي الحاكم يرتدون القرفطات الحمراء وبعض الاستعراضات العسكرية وكلام كثير عن الأمبريالية وانتصار العمّال والشغيلة كما كانت شعاراتهم ! ...وعند عودتهم امرهم مرة ثانية بزيارة الولايات المتحدة الامريكية ..وكان لهم ذلك ..فقال رأينا لأول مرة سدود المياه الضخمة والانهار ومساحات شاسعة من مزارع القمح والذرة ومزارع الابقار الواسعة ،وزرنا متاحف واشنطن عن تاريخ امريكا ..وزرنا الكونغرس والتقينا بعدد من النواب والشيوخ..وحضرنا جلسة محاسبة لبعض اعضاء الحكومة الامريكية من قبل لجان الكونغرس ..ولم نرى مدفعا او دبابة او ضابط امريكي غير من كان يتولوّن حِراسة بعض المواقع من افراد البوليس ..وزرنا محطات القطارات وراينا الطرق السريعة الحديثة والشوارع الفسيحة ..رأينا حتى المسارح ودور السينما ..وغيرها الكثير ...عند عودتنا تحدثنا مع الملك رحمه الله عن ما رأينا..فقال لنا ما معناه :" ما لكم إلا ما رأيتم !..ما رأيتم هو الفرق بين ..البناء والتنمية ..والكلام الفاضى ....! "
جاء انقلاب 1969 ولكن يبدو ان اولئك الانقلابيون..كانوا معكوسوا الرؤية جاهلون ، ملؤوا بلادنا بالحديد والخردة والأسلحة التى جاءت من بقايا خردة الاتحاد السوفييتى والشعارات والطزطزة الفاضية..و التى لا زلنا نعانى من اثارها الى اليوم ..فهل لنا في ذلك دروسا لبناء وطننا من جديد ....بعيدا عن الشعارات ..والكلام الفاضى !
'طبعاً هذا لا يعني اننا نتفق مع كل سياسات امريكا في الخارج ..ذلك شأن اخر ...