بحث في هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 17 يونيو 2019

الاحزاب والتأسيس ..في ليبيا

   الأحزاب ..تاريخياً ، تتشكّل بعد وجود دستور ينظّم تاسيسها وتمويلها  او حاجة أقتضتها مطالب الجمهور بعد التأسيس..  كان دستورالولايات المتحدة الامريكية صامتاً تجاه قضايا الأحزاب السياسية ، عند إقراره عام 1787، حيث لم يكن هناك في البلاد أحزاب.. بل ان بعض الآباء المؤسسين للدولة الامريكية رفضوها برمّتها وقتها... كما أن جورج واشنطن، أول رئيس للبلاد، لم ينضمّ أبداً إلي أي حزب او تكتّل سياسي، وأعرب عن أمله بأن لا يتم تشكيل أحزاب سياسية وقت التأسيس ، (وهذه كانت نفس فكرة الملك أدريس رحمه الله بعد الأستقلال ، شعورا منه بأنه لم يحن وقتها بعد.) ... فيما بعد ونظراً  للحاجة لكسب دعم شعبي لبناء (الجمهورية ( والتي ادّت فيما بعد وبالتدريج إلى الابتكار الأمريكي للحزب او التكتّل (الجمهوري) في نهاية القرن الثامن عشر، والذي كان يفضّل حكومة مركزية قوية وإقامة روابط وثيقة بين الحكومة والأغنياء...ثم اتى الحزب الديموقراطي والذي ايّد  دوراً محدوداً للحكومة المركزية واعتماد نهجا مستمدا من عامة الشعب تجاه الحكومة ...إلى ان اصبح (الحزبان) اكبر الاحزاب (الشعبية) الامريكية اليوم ، تتنافس كلاهما لمصلحة الشعب والمجتمع والدولة والاقتصاد والنظرة إلى العلاقات الدولية بما يتناسب مع مصالح بلادهم وشعبهم حسب وجهة نظر كل منهما  ،  ولا يختلفان كثيراً في الثوابت الوطنية ، إلا من حيث نظرتهم لتلك المصلحة الشعبية والوطنية واين تكون ، اما الهوية عندهما فهي امريكية وطنية تاريخية ولا يختلفان عليها ...بل ان كثير من الأكاديميين لا يطلقون عليهما احزاب ، كما هي في الدول والمجتمعات التي قفزت على مسار التأسيس ونواة الدولة الاولى ..فجعلت من العربة امام الحصان ..بل يطلقون عليها (تكتّلات) تتغير توجهّاتهما من حين لحين حسب المُعطيات الواقعية او الاستراتيجية ...
في ليبيا اليوم ..جاءتنا وبعد التحرير الثاني ، احزاب مموّلة وجاهزة ومعظمها لديها اجندات ومشاريع وهوية وايديولوجيات خارجية وهويات عابرة للاوطان (الإسلاماويين خصوصاً ) ، فقفزت على التأسيس والهوية والتاريخ الوطني لدولة محطّمة إقتصاديا وفكريا وثقافياً لعقود ، فزادت الفرقة والإنقسام والتشرذم والفتنة بدل التوحّد على مباديء عامة وثوابت وطنية ، والادهى انها تحاول ان تؤسّس الدولة  اليوم على أجنداتها ومشاريعها تلك ، وهذا طبعاً لن يستقيم ولن يُقيم ...مهما طال الزمن وطالت التضحيات ..واعتقد ان هذا هو لبّ الصِراع الليبي اليوم ...