لاحظ احد مسؤولي الامن المصريين حقبة الخمسينات ان الكاتب نجيب محفوظ
(رحمه الله) ومعه مجموعة من المثقفين
يجتمعون ويتجمعّون يومياً مساءاً بأحد مقاهي القاهرة ، فكلّف احد المُخبرين بالحضور
معهم سراً وإعداد تقرير عن ما يدور ، وجد المُخبر وهو ذلك الانسان البسيط ، ان المجموعة
كانت تتحدّث عن أسماء مثل كافكا وسارتر والبير كامو وافلاطون وابن رشد وسقراط وابن خلدون ووليم فوكنر وحتى رامبو ، وأحياناً
يحتدم الجدال بين الحاضرين عن افكار هؤلاء ، لم يفهم المسكين من هي هذه الاسماء
وعن ماذا يتجادل الحاضرين ، وحيث انه كان يتعيّش من هذا التقرير فكشف عن نفسه وطلب
من نجيب محفوظ مساعدته في ذلك ، فأصبح للسيد محفوظ مهمة اخرى غير مهمته الاولى
،وهي تلخيص هذا الامر والتعريف بالجدال ، من خلال تقرير أسبوعي ..مع التركيز على
العمق الانساني عند تولوستوي !! ...في العام 1967 وحيث كانت الجامعة الليبية ببنغازي
تستعين بافضل الاساتذة من الجامعات الاخرى
عهد المملكة الليبية ، جاء الاستاذ د. عبد الرحمن بدوي (1917-2002) للتدريس بها
بكلية الاداب ، وحيث كانت تلك الفترة من افضل فترة الحريات الفكرية والادبية
والاعلامية والصحفية والثقافية والتي ظهر فيها الكثير من الاسماء الليبية اللامعة
واحتضنت فيها بنغازي وليبيا عموماً ، نشاطات ثقافية متعدّدة ، وجد الرجل سعادة و
ترحاباً وإستقبالاً على مستوى الجامعة
والمدينة ككل ، ثم جاء (الفاتح) وجاء (الكتاب الاخضر) .. أُقتيد بعده
السيد عبد الرحمن بدوي وشهاداته العلمية والفخرية وتاريخه ، إلى أحد سجون «اللجان االثورية». وظل هناك ستة
أعوام لايقرأ عقوبة له ، إلا (الكتاب الاخضر ) ،عُرف بعدها ، أن الذي أدى بالبدوي إلى
السجن، كان تقريراً وضعه طالب فاشل ، لم يستطع إستيعاب او فهم محاضرات الدكتور بدوي
وحديثه عن أفلاطون وسقراط والفارابي وتولوستوي ، وغيرهم من الاسماء (الغريبة) عليه
! ..
_مراجع ..كتاب المؤرخ سالم الكبتي (عبد الرحمن بدوي في بنغازي ) ،
مقال الكاتب سمير عطا الله بصحيفة الشرق الاوسط الالكترونية 5 يناير 2018 )_