بحث في هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 5 يناير 2018

عبد الرحمن بدوي ..والكتاب الاخضر




   لاحظ احد مسؤولي الامن المصريين حقبة الخمسينات ان الكاتب نجيب محفوظ (رحمه الله)  ومعه مجموعة من المثقفين يجتمعون ويتجمعّون يومياً مساءاً بأحد مقاهي القاهرة ، فكلّف احد المُخبرين بالحضور معهم سراً وإعداد تقرير عن ما يدور ، وجد المُخبر وهو ذلك الانسان البسيط ، ان المجموعة كانت تتحدّث عن أسماء مثل كافكا وسارتر والبير كامو وافلاطون وابن رشد وسقراط  وابن خلدون ووليم فوكنر وحتى رامبو ، وأحياناً يحتدم الجدال بين الحاضرين عن افكار هؤلاء ، لم يفهم المسكين من هي هذه الاسماء وعن ماذا يتجادل الحاضرين ، وحيث انه كان يتعيّش من هذا التقرير فكشف عن نفسه وطلب من نجيب محفوظ مساعدته في ذلك ، فأصبح للسيد محفوظ مهمة اخرى غير مهمته الاولى ،وهي تلخيص هذا الامر والتعريف بالجدال ، من خلال تقرير أسبوعي ..مع التركيز على العمق الانساني عند تولوستوي !! ...في العام 1967 وحيث كانت الجامعة الليبية ببنغازي تستعين بافضل الاساتذة  من الجامعات الاخرى عهد المملكة الليبية ، جاء الاستاذ د. عبد الرحمن بدوي (1917-2002) للتدريس بها بكلية الاداب ، وحيث كانت تلك الفترة من افضل فترة الحريات الفكرية والادبية والاعلامية والصحفية والثقافية والتي ظهر فيها الكثير من الاسماء الليبية اللامعة واحتضنت فيها بنغازي وليبيا عموماً ،  نشاطات ثقافية متعدّدة ، وجد الرجل سعادة و ترحاباً وإستقبالاً  على مستوى الجامعة والمدينة ككل ، ثم جاء (الفاتح) وجاء (الكتاب الاخضر)  .. أُقتيد بعده السيد عبد الرحمن بدوي وشهاداته العلمية والفخرية وتاريخه  ، إلى أحد سجون «اللجان االثورية». وظل هناك ستة أعوام لايقرأ عقوبة له ، إلا (الكتاب الاخضر ) ،عُرف بعدها ، أن الذي أدى بالبدوي إلى السجن، كان تقريراً وضعه طالب فاشل ، لم يستطع إستيعاب او فهم محاضرات الدكتور بدوي وحديثه عن أفلاطون وسقراط والفارابي وتولوستوي ، وغيرهم من الاسماء (الغريبة) عليه ! ..

_مراجع ..كتاب المؤرخ سالم الكبتي (عبد الرحمن بدوي في بنغازي ) ، مقال الكاتب سمير عطا الله بصحيفة الشرق الاوسط الالكترونية  5 يناير 2018 )_