بحث في هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 18 ديسمبر 2019

في يوم اللغة العربية

18 ديسمبر هو يوم اللغة العربية لكونه اليوم الذي أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 3190 في18 ديسمبر عام 1973، والذي يقر بموجبه إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة. بعد اقتراح قدمته بعض الدول العربية خلال انعقاد الدورة 190 للمجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو.
هذا من أجمل ما قرأت وباللغة العربية الفصحى بقلم الاديب والكاتب والرسّام( جبران خليل جبران)(1883-1931) ، يدافع فيه عن نفسه عندما أتهمه ونقده البعض بأنه قد أفسد اللغة العربية كونه قد كتب كثير من قصائده او تخللتها بعض الالفاظ الدارجة والشعبية...
------------------------------------
    
لكم من اللغة العربيّة ما شئتم ، ولي منها ما يُوافق أفكاري وعواطفي.
لكم منها محجَّة مقرَّرة مقصودة ، ولي منها واسطة متقلِّبة لا أستكفي بها إلا إذا أوصلت ما يختبئ في قلبي إلى القلوب ، وما يجول في ضميري إلى الضمائر .
  
لكم منها قواعدها الحاتمة ، وقوانينها اليابسة المحدودة ، ولي منها نغمة أحوِّل رنّاتها ونبراتها وقراراتها إلى ما تثبته رنَّةٌ في الفكر ، ونبرةٌ في الميل ، وقرارٌ في الحاسة .
  
لكم منها القواميس ، والمعجمات ، والمطوَّلات ، ولي منها ما غربلته الأذن ، وحفظته الذاكرة من كلام مألوف مأنوس ، تتداوله ألسنة الناس في افراحهم وأحزانهم .
    لكم منها العَروض ، والتفاعيل ، والقوافي ، وما يُحشَر فيها من جائز ، وغير جائز ، ولي منها جدول يتسارع مترنِّماً نحو الشاطئ ، فلا يدري ما إذا كان الوزن في الصخور التي تقف في سبيله ، أمِ القافية في أوراق الخريف التي تسير معه .
  
لكم منها الشعراء الفحول الفطاحل الخناذيذ ، ومن صدَّرهم ، وشطَّرهم ، وخَمَّسهم ، وذيّلهم ، وشرحهم ، ولي منها ما يتمَشَّى مهيبِّاً خجلاً في قلوب الشعراء الذي لم ينظموا بيتاً ، ولم ينثروا سطراً .
    
لكم منها الرثاء والمديح والفخر والتهنئة ، ولي منها ما يتكبَّر عن رثاء من مات وهو في الرحم ، ويأبى مديحٍ مَن يستوجب الاستهزاء ، ويأنفُ من تهنئة من يستدعي الشفقة ، ويترفَّع عن هجو من يستطيع الإعراض عنه ، ويستنكف من الفخر إذ ليس في الإنسان ما يُفاخر به سوى الإقرار بضعفه وجهله .
    
لكم من لغتكم البديع ، والبيان ، والمنطق ، ولي من لغتي نظرة في عين المغلوب ، ودمعة في جفن المشتاق ، وابتسامة على ثغر المؤمِن ، وإشارة في يد السموح الحكيم .
   
لكم منها ما قاله سيبويه ، والأسود ، وابن عقيل ، ومن جاء قبلهم وبعدهم من المُضجرين المُملِّين ، ولي منها ما تقوله الأمّ لطفلها ، والمحبُّ لرفيقته ، والمتعبدِّ لسكينة ليله .
       
لكم منها الفصيح دون الرَّكيك والبليغ دون المبتذَل ، ولي منها ما يُتمِتمه المستوحش ، وكلّه فصيح ، وما يغَصّ به المتوجِّع ، وكلّه بليغ ، وما يَلثَغَ به المأخوذ ، وكلّه فصيح وبليغ .
  
لكم منها البنيان المرصوص ، ولي منها أسراب من الشحارير ، والبلابل ، تتطاير وتنتقل مرفوفة بين حقول الخيال ورياِضه .
  
لكم منها القلائد الفضِّيّة ، ولي منها قطر النّدى ، ورجع الصدى وتلاعب النسيم بأوراق الحور والصفصاف .
      
لكم منها الترصيع ، والتنميق ، وكل ما وراء هذه البهلوانيّات من التلفيق ، ولي منها كلام إذا قيل رَفَع السامع إلى ما وراء الكلام ، واذا كُتِب ، بَسَط أمام القارئ فُسحاً في الأثير ، لا يحدّها البيان .
  
لكم منها ماضيها ، وما كان في ماضيها من الأمجاد والمفاخر ، ولي منها حاضرها ومستقبلها بما في حاضرها من التأهب وما سيكون في مستقبلها من الحريّة والاستقلال .
     
لكم لغتكم عازفاً يتناولكم عوداً فيَضْرب عليكم أنغاماً تختارُها أصابعُه المتظلِّفة ، ولي من لغتي قيثارة أتناولها ، فأستخرج منها أغنية تحلم بها روحي ، وتذيعها أصابعي .
     
ولكم أن تسكبوا لغتكم بعضكم في مسامع بعض ليُسَرَّ ، ويُعجب بعضكم ببعض ، ولي أن أستودع لغتي عصفات الريح وأمواج البحر ، فللريح آذان أشدّ غيرة على لغتي من آذانكم ، وللبحر قلب أربأ بها من قلوبنا .
ولكم أن تلتقطوا ما يتناثر خِرقاً من أثواب لغتكم ، ولي أن أمزِّق بيدي كلّ عتيق بالٍ ، وأطرح على جانب الطريق كل ما يعيق مسيري نحو قمّة الجبل .
    
ولكم أن تُحنِّطوا ما يُبتر من أعضائها المعتَلَّة ، وأنْ تحتفظوا به في متاحف عقولكم ، ولي أن أُحرق بالنار كلّ مَفْصَل مشلول.
     
لكم لغتكم عجوزاً مُقْعَدَة ، ولي لغتي صبيّة غارقة في بحر من أحلام شبابها . وما عسى أن تصير إليه لغتُكم وما أودعتموه لغتَكم عندما يُرفَع الستار عن عجوزِكم وصبيَّتي ؟
  
أقول إنّ لغتكم ستصير إلى اللاشيء . أقول إنّ السراج الذي جَفَّ زيته لن يُضيء طويلاً .
   
أقول إنّ أخشاب النعش لا تُزهر ، ولا تُثمر .
   
أقول لكم إنّ ما تحسبونه بياناً ليس بأكثر من عُقْم مزركَش ، أقول إنّ القيظ في نفوسكم يُسيِّركم مرغمين إلى مستنقعات الكلم .
    
أقول لكم إنّه لا ينتهي هذا الجيل إلاّ يقوم لكم من أبنائكم وأحفادكم قضاةً وجلاّدون .
   
أقول لكم إنّما الشاعر رسولٌ يبلغ الروح الفرد ما أوحاه إليه الروح العام ، فان لم يكن هناك رسالة ، فليس هناك من شاعر.
   
وأقول إنّما الكاتب محدِّث صادق ، فإن لم يكن هناك من حديث صحيح مقرون ثابت ، فليس هناك من كاتب .
   
أقول لكم إنّ النظم والنثر عاطفة وفكر ، وما زاد على ذلك فخيوط واهية ، وأسلاك متقطعة . والآن ، وقد طلع الفجر ، أتحسبون أنّني أشكو لغتكم لأبِّرر لغتي ؟
  
لا والذي جعلني ناراً ودخاناً بين عيونكم وأنوفكم . إنّ الحياة لا ولن تحاول تبرئة نفسها أمام الموت ، والحقيقة لا ولن تشرح ذاتها لدى البُطل ، والقوّة لا ولن تقف أمام الضعف. ....لكم لغتكم ولي لغتي        ...

(الصورة ..جبران يلعب مع الاطفال في احد شوارع نيويورك قبل وفاته رحمه الله)
 . 


  

















السبت، 14 ديسمبر 2019

ذكرى تأسيس الجامعة الليبية

أرتقو بالذكريات التي تجمع ....فالقاع صار مزدحمًا بغيرها ...:
        15 ديسمبر 1955 ذكرى صدور المرسوم الملكي بقانون انشاء الجامعة الليبية نواتها كلية الاداب والتربية ويكون مقرها مدينة بنغازى ، 64 سنة تمرّ ، فمن يحتفل بذكرى الجامعة . من يتذكر علامة ممتازة من علامات الوحدة الوطنية .
انطلقت الجامعة من المبنى الذى شهد اعلان الاستقلال من قبل الملك ادريس قبل ذلك باربع سنوات . فى اشارة واضحة للربط بين معانى الحرية والاستقلال والعلم والتحديث والتطور . لكن الوطن الان غافل عن تاريخه واريد له غير ذلك .
   الجامعة الليبية .. هنا كانت الانفاس الطيبة والعطاء والتضحيات .. المؤسسون والعاملون والاساتذة والطلبة . رحلة تواصلت لاْم الجامعات الليبية الى 1973 فانشطرت الى ثنتين ! . في تلك الحديقة ..في ذلك المبنى .. في تلك المدرجات .. في تلك الدروب .. يلوّح محمود البشتى ومحمد حمي وعبدالجواد الفريطيس ومحمد السعداوية ومجيد خدورى وناصر الدين الاسد ومصطفى بعيو وعبدالمولى دغمان والهادى بولقمة ومختار بورو وعمر التومى الشيبانى ومحمود الخوجه . المحاضرات والبحوث والتطلع لبناء ليبيا التى جمعت الجميع فى ذلك المبنى الصغير .. مبنى اعلان الاستقلال . هناك بين الدروب يلوح ايضا ابراهيم الهنقارى وعبدالحميد الطيار ومحمد دغيم ومحمد بالروين وصلاح الدين حسن ومنصور محمد الكيخيا ومحمد الوافي واسعد المسعودي وشعيب المنصوري وعمرو النامي والصادق النيهوم وسالم قنيبر وجبريل الزروالى وفوزية غرور وقدرية بن صويد وسلمى الشيبانى وفتحية مازق ونجمية الطرابلسى .. وغيرهم الكثير . ابناء وبنات ليبيا .ثم طه الحاجرى وعبدالهادى بوريدة وعبدالعزيز طريح شرف وعبدالهادي شعيره ووليام كلايلاند وتوفيق الطويل وعثمان امين وعبدالرحمن بدوي ومصباح عريبي ومحسن الشيشكلي وهاشم حيدر .. وفوزى جادالله وجميل سعيد .. وغيرهم .
    اساتذة وعاملون وطلبة وجامعة تنطلق والاحلام .. والحرية والعلم . وليبيا ..
من يتذكر ليبيا .. والجامعة الليبية بعد 64 سنة ! ....
(الاستاذ الفاضل المؤرخ ...سالم الكبتي...بتصرّف)
(تلك كانت روح ليبيا ...وستظل جامعة وموحّدة إن شاء الله ) ....


الأحد، 8 ديسمبر 2019

من ايام المُختار

     إثناء مكوث البطل عمر المختار شيخ الجهاد في ليبيا، في السجن بعد القبض عليه ، أراد المأمور رينسي ، وهو آنذاك كان المسؤول الإيطالي في برقة ، في أمسية الرابع عشر من سبتمبر 1931 ، اراد أن يُقحم أحد أصدقاء الشيخ البطل السجين في موقف حرج معه ، فأبلغه (كذبًا) بأنَّ المختار طلب مقابلته ، وأنَّ الحكومة الإيطاليَّة لا ترى مانعًا من تلبية طلبه ، ذهب الصديق إلى السجن لمقابلة المختار ، وعندما التقيا خيَّم السكوت الرهيب ولم يتكلم المختار فقال الصديق مثلا شعبيًّا مخاطبًا به المختار : « الحاصلة سقيمة ، والصقر ما يتخبل » ، وما كاد المختار يسمع المثل المذكور حتى رفع رأسه ونظر بحدَّة إلى صديقه وقال له : « الحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه » وسكت ، ثم أردف قائلا : « ربِّ هب لنا من لدُنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدًا ، أنني لم أكن في حاجة إلى وعظ أو تلقين ، أنني أؤمن بالقضاء والقدر ، وأعرف فضائل الصبر والتسليم لإرادة الله ، أنني متعبٌ من الجلوس هنا ، فقل لي ماذا تريد » ! ، وهنا أيقن ذاك الصديق وفهم بأنه قد غُرّر به فزاد تأثره وقال للمختار : « ما وددت أن أراك هكذا ولقد أرغمت نفسي للمجيء بناءً على طلبك . » فقال المختار : « أنا لم أطلبك ولن أطلب أحدًا ولا حاجة لي عند أحد » ، ووقف دون أن ينتظر جوابًا ، وعاد الأخير إلى منزله وهو مهموم حزين وقد صرّح بأنه شعر في ذلك اليوم بشيء ثقيل في نفسه ما شعر به طيلة حياته ، ولما سُئل عن نوع الثياب التي كان يرتديها عمر المختار أهي ثياب السجن أم ثيابه التي وقع بها في الأسر كان جوابه (وهو كان متحدثًا فصيحًا ويفهم الشعر الفصيح) ، بيتين من الشعر :
"عليه ثيابٌ لو تُقاس جميعها بفلسٍ لكان الفلسُ منهن أكثرا**
وفيهنَّ نفسٌ لو تُقاس ببعضها نفوس الورى ، كانت أجلُّ وأكبرا "
___

_____________________________
(مقتطفات من قراءات جمعتها الأستاذة ياسمينة البركي ،(كاتبة وباحثة ليبية مقيمة في فنلندا) من مصادر مختلفة..مع بعض التصرّف منّي..)

الأربعاء، 20 نوفمبر 2019

المنارة .....

و أراكم في وسط هذا الزحام..
أطيافاً بعيدة .. كالضياء..
و يطير قلبي من ضلوعي في النداء.......
(فاروق جويدة)
(جلس التاريخ والهيبة يوماً ..فوقف الوطن والجميع )
(الجمعية الوطنية التأسيسية الليبية ..مع الملك إدريس السنوسي ..1951)

الاثنين، 18 نوفمبر 2019

الخميس، 14 نوفمبر 2019

اولويات ...

    " كلمتي بإختصار ووضوح ..هو اننا يجب ان نحثّ طلابنا وطالباتنا خاصة في بحوث الدراسات العليا في المجالات الإقتصادية ، ان يتجّهوا إلى الدراسة والبحث في تجربة ليبيا الإقتصادية والتنموية والإدارية الناجحة بعد الإستقلال (1951- 1968) وبكل فروعها لنستفيد منها اليوم ونتعلّم من تجربتها التي لائمت ظروفنا المحلية يوماً ..ومنها ننطلق ..بدل هذا التهافت على عناوين اخرى قد تكون صالحة لبيئات ومجتمعات اخرى سبقتنا كثيراً ولم تتعرّض لما تعرّضت اليه بلادنا ..والتي من العادة بعد الأنتهاء منها والحصول على (الشهادة) ، تُرمى بسلاّت القمامة التي امتلاءت بها حتى فاضت ..بينما الاقتصاد عندنا يترنّح ذات اليمين وذات الشمال ..كان عندنا مشروع إقتصادي وإستراتيجية وطنية بالخصوص ..صحيح لم تكتمل وتوقفت بعد سبتمبر 1969 ولليوم ....لقد ان لنا العودة لها ودراستها والإستفادة منها بل وحتى الرجوع إلى اساسياتها ومحاولة إستكمالها ، وخاصة عن طريق مراكز البحث العلمية المتخصّصة والجامعات والمعاهد والمهتمّون بالإقتصاد وحتى الإدارة "
كلمتي في إحدى الندوات الإقتصادية (2016) لمحاولة حلّ مشكلة السيولة ، بعد ان سمعت احدهم يتحدّث لساعة كاملة عن (النظرية الكينزية والنظرية الكلاسيكية والفرق بينهما ) ...العنوان مهم وجاذب ولكني اعتبرته قفز على الواقع وليس مهمّاً او(urgent ) في ظروفنا الحالية كما كثير من البحوث والتنظيرات والندوات .. " الطريق المقفل قد لا يجبرك على التوقف فقط ، بل قد يُجبرك احياناً على الرجوع " (الصادق النيهوم) ..

السبت، 9 نوفمبر 2019

فتحكك يا عبد الفتّاح ...


      لا شك انه كانت هُناك قوة روحية هائلة جعلت من هذه البقعة من العالم تتحدّث لغة واحدة ولليوم ...تلك القوة الروحية التي إن تخاصمنا عليها بخصومات وإختلافات لا معنى لها قد نضيّع ايضاً مُكتسباتها الايجابية والإنسانية الاخرى ...


الأربعاء، 30 أكتوبر 2019

تفكير خارج الصندوق ...


     لو تُقاس نسبة البطالة في بلادنا (حسب الاصول والمقاييس الاقتصادية الدولية) ، اظنّ انها لن تقلّ عن 70% ..وحيث ان ( حل المُشكل الاقتصادي) حسب النظرية الخضراء العالمية الثالثة ، كان يضعه وينظّر له انه من ضمن الحلول الاقتصادية النهائية للمشكل الإقتصدي العالمي ، فكان لا يجب ان لا يظهر هذا الرقم بتاتاً ..فتم توزيع الليبيين والليبيات على (امانات وجهات) حكومية كمكبّات فقط ..ستجد مثلاً ان (امانة) كان يُفترض ان ملاكها الوظيفي العامل يُفترض ان لا يزيد عن 40 عنصر..تجد به الالاف ، وخاصة بعد منع وتجريم وتأميم القطاع الخاص ونشاطاته خلال عقود ..وجود ثروة نفطية في ليبيا وانها ثروة كل الليبيين يجعلنا اليوم بحاجة ان يتقاسم الليبيين هذه الثروة كحد ادنى لكل منهم بدون حتى ان يكون موظّف حكومي ، منعاً للعوز والاحتياج والشعور بالعدالة الإجتماعية..على ان يكون هذا الحد الادنى له علاقة ببعض العوامل كعدد من يعول ، أرملة ، مربيّة ، إيتام ، خريج خالٍ عمل وعوامل إنسانية وإقتصادية كثيرة يمكن تحديدها عن طريق مختصّين ، يوضعون في جهة واحد  ..اما من يعمل بنشاط ما حكومي ، فبالإضافة  لهذا الحد الادنى تُضاف له علاوات تختلف من وظيفة لأخرى حسب التخصّص والخبرة والمؤهل والإحتياج وحسب نوعية وإنتاجية العمل يحدّده مختصون ايضاً ...الولايات المتحدة الامريكية نسبة من يعملون في القطاع الحكومي لا تتجاوز 23% ، والباقي في القطاع الخاص ..مع وجود مؤسسات ضمان إجتماعي لمن لم يجد عمل ..او تم تسريحه سواء من القطاع الخاص او من القطاع العام ..إلى ان يجد عمل (ومن خلاله يمكن قياس نسبة البطالة بشكل واقعي ) ...لو طبقنا معايير التوظيف العام والملاك الوظيفي بشكل صحيح..فاين سيذهب الباقي ومن سيعولهم ..عملية الايقاف ووقف المرتبات لن يفعلها إلا العاجز عن معرفة الحلول الإدارية الصحيحة لمشكلة تراكمت لسنين .....

الجمعة، 25 أكتوبر 2019

العودة ....هشام مطر

  "Those who would later lament Seif and his father's regime are like a man who looks at the ashes and says, 'I much prefer the fire'. The calamity that followed the fall of Qaddafi is more true to the nature of his dictatorship than to the ideals of the revolution".
(Hisham Matar)
     هؤلاء من (يتحسرّون) على النظام السابق (سيف وابيه) ، هم مثل من ينظر إلى الرماد ويتحسّر قائلاً "افضّل النار أكثر " ، أن المصائب والكوارث التي أعقبت سقوط النظام هي أقرب لروح وطبيعة نظامه الدكتاتوري المُستبد منه إلى مثاليات ومطالب الإنتفاضة (الاصلية) .
(الكاتب والأديب الليبي هشام جاب الله مطر)
    هشام جاب الله مطر، روائي وشاعر ليبي من مواليد نيويورك 1970 لأبوين ليبيين، ايام كان والده (السيد جاب الله مطر ) ، يعمل بالسلك الدبلوماسي الليبي في امريكا ،مقيم الان في لندن يكتب باللغة الإنجليزية، أمضى طفولته في طرابلس، ثم في القاهرة.   تمّ خطف والده (جاب الله مطر) بعد إعلانه إنشقاقه من شوارع القاهرة على يد مخابرات النظام السابق ولم يعُرف له اثر حتى اليوم ...
   في العشرينات من عمره أنهى دراسة الهندسة المعمارية في معهد «جولد سميث»، وافتتح مكتباً للتصميمات المعمارية، لكن ميله إلى الأدب تغلب على مهنته فانصرف إلى كتابة الشعر والرواية، وعمل في غضون ذلك ممثلاً مسرحياً وعامل بناء ومجلّد كتب.
بعد عدة محاولات أدبية تمكن هشام من أن ينهي روايته الأولى «في بلد الرجال» 2006، والتي رصد فيها الحياة الليبية في نهاية السبعينات وخاصة القمع السياسي والاجتماعي على لسان صبي صغير يعيش مع أمه.
   تُرجمت الرواية التي كتبت باللغة الإنجليزية إلى عدة لغات، ورشحت لجائزة «بوكر مان» للأدب الإنجليزي، ثم صدرت له رواية أخرى بعنوان (اختفاء) العام 2011.
   حالياً، يعيش هشام مطر متنقلاً بين لندن ونيويورك؛ حيث يعمل أستاذاً مندوباً في كلية بارنارد، بجامعة كولومبيا...اخر رواياته (العودة ) والتي اشتهرت ، بعد حصولها على 3 جوائز عالمية مؤخرا، حيث أعلن منظمو جائزة بوليتزر العالمية للعام 2017 فوزها فى مجال أدب السير الذاتية، كما فاز الكتاب بجائزة "بين" الأمريكية "PEN America Literary Award" فى نهاية شهر مارس 2017، كما تحصلّت على"جائزة الكتاب الأجنبي" الفرنسية، Prix du Livre Etranger لعام 2017.


الأربعاء، 23 أكتوبر 2019

حكمة السنين ...

 الإختلافات الحقيقية بين الناس والمجتمعات والانظمة السياسية والاحزاب ليست في الغايات والاهداف والشعارات المُعلنة ، فهي حتمًا ستكون رفيعة وحسنة ونبيلة ومُغرية بل وحتى مُتشابهة ..إنما في الوسائل ..لذلك لا تسألوا كثيرًا وتنخدعوا بتلك الاهداف والغايات والشعارات.. ..اسألوا عن الوسائل لتحقيق تلك الاهداف وتأملًوها وافحصوها جيدًا ..عندها لن تنخدعوا أبدًا ...وستظهر لكم حقائق هؤلاء المخفيّة.
(علي عزّت بيغوفيتش)

السبت، 19 أكتوبر 2019

حدث هذا في ليبيا ..قبل الطوفان :



    يصدر ملك البلاد أمراً ملكياً بحل المجلس التشريعي لولاية طرابلس فيقوم الأستاذ (علي الديب) رئيس المجلس التشريعي المنحل برفع قضية أمام المحكمة العليا ( الدستورية) طاعناً في دستورية الأمر الملكي فتحكم المحكمة ببطلان الأمر الملكي وإلزام المدعى عليه (أي الملك) بالمصاريف ؛ ويعيد الملك إصدار مرسوما دستورياً صحيحا بالحل ؛ وهذا لا يمنع رئيس المجلس المنحل من التقدم لإنتخابات تشريعية لاحقة ويفوز في هذه الإنتخابات ويرأس المجلس من جديد ؛ ويصدر السيد (علي الديب) أيضا في فترة تالية صحيفة (الليبي) المستقلة التي تدخّل الملك شخصيا طالبا التحقيق في أسباب إيقافها عن الصدور.
     يعلّق الفقيه القانوني المستشار (شفيق إمام) سنة 2003 ، عن حكم المحكمة العليا في القضية المرفوعة ضد الملك إدريس قائلاً : (إن هذا الأمر يعد سابقة ديمقراطية ودستورية انفرد بها قطر عربي...... منذ سنين).
(ارشيف الاستاذ نوري بن ضو)

الاثنين، 14 أكتوبر 2019

إنتخابات تونس

    بغض النظر عن نتائج الإنتخابات في تونس اليوم ..لن ننسى ان الشعب التونسي قام يوماً بثورة من اجل تغيير الحاكم تضامناً مع مواطن تونسي أحرق نفسه غضباً لإهانة كرامته ولفقره وعوزه ..وها هو اليوم يحاول بطريقته وبالمُتاح ، تغيير المنظومة التي تلت ذلك الحاكم والتي زادته فقرًا وإرهابا ومُعاناة ..لاشك ان التونسيين اكثر وعياً ومدنية من اخرين لأسباب عديدة تُشير لها وتؤكدها كثير من الدراسات الإجتماعية والتي تُفيد ان نوعية النتائج التي تأتي بعد سقوط الانظمة لهاعلاقة بما كان عليه ذلك النظام ..كلما كان مُتخلفاً ومُستبدّاً كلما زادت مدة وزمن التغيير للأفضل ويحتاج لتضحيات ووعي اكبر...     التونسيون اليوم عبروا مرحلة وعي كبيرة ، وارسلوا رِسالة تقول ..السيادة للأمة والحاكم هو خادم لها ..وان الاقتصاد والكرامة وحق المواطنة والامن والامان هي ما سنقيّم به الحاكم ، طالما توفرّت لدينا الأليات المدنية لفعل ذلك ..وليس الشعارات والايديولوجيات والمشاريع العابرة لللاوطان ..من عدد 217 مقعد بالبرلمان التونسي النهضة 2011: 89 مقعد 2014: 68 مقعد 2019: 43 مقعد..
  وطبعاً يظل هذا شأن تونسي داخلي ولا نتمنى نحن الليبيون إلا الخير لتونس..ولكن تظل نظرتنا لحكّام تونس دائماً وفقط هي من خلال نظرتهم وسياساتهم الإيجابية تِجاه بلادنا المكلومة ..وليس كما كان يحلّل المرزوقي بكاءاً وتصدية ولا الغنوشي تنظيراً ....تلك الترويكة التي ارهقتنا وارهقتهم ....ولا تزل .

السبت، 5 أكتوبر 2019

مانديلا ..الإنسان والتاريخ :


  حين كان نيلسون مانديلا ، طالباً يدرس الحقوق في الجامعة في جنوب افريقيا ايام الابارتايد (نظام الفصل العنصري )، كان أحد أساتذته و اسمه بيتر ،عنصرياً ، ويكرهه بشدّة ، في أحد الأيام كان الأستاذ بيتر يتناول طعام الغذاء في مقصف الجامعة ، فاقترب منه نيلسون مانديلا حاملاً طعامه و جلس بقربه..فقال له الأستاذ بيتر: "يبدو أنك لا تفهم يا سيد مانديلا أن الخنزير والطير لا يجلسان معاً ليأكلا الطعام" .. نظر إليه مانديلا و أجابه بكل هدوء: "لا تقلق أيها الأستاذ ، فسأطير بعيداً عنك".. ثم ذهب و جلس على طاولة أخرى.. ..
(ارشيف الاستاذة Nadia Albakoush )

السبت، 7 سبتمبر 2019

لقاء مع غسّان سلامة


    في مقال له تحت عنوان (لقاء مع غسّان سلامة) (الاربعاء 3 يوليو 2019) و على صحيفة الشرق الاوسط الالكترونية ، كتب الاستاذ الصحافي الكاتب اللبناني سمير عطاالله : (قلت للدكتور سلامة إن الذين عاصروا مثلنا النزاعات الخطرة، يشبِّهون الوضع في ليبيا بالوضع في الكونغو غداة الاستقلال: هناك قتال على مناطق المناجم، وهنا على النفط... وفي الحالتين، ما من فريق واحد قادر على الحسم... مما يعني أن التقسيم قائم فعلاً بين سلطتين على الأقل؛ كلتيهما تدَّعي الحكم ( ..الحقيقة هذا الجزء من المقال اثارني كثيراً ، خاصة من كاتب مثقف وشهير ، كتب الكثير من المقالات عن تاريخ ليبيا وكان للحق في مُعظمها مُنصفاً ومُحبّاً مما جعل لديه قاعدة عريضة عند الليبيين تحترمه وتقدّره ولا زالت ..إلا إن إختزاله للصراع المؤلم في ليبيا اليوم في قضية النفط فقط ، فهذا منّا عليه العتب ...الصِراع في ليبيا وبعد إنتصار الإنتفاضة على نظام الاستبداد السابق ، كان ولايزل بين تيارين ...تيار يُريد بناء دولة مدنية تحفظ حقوق الانسان وحقوق المواطنة الليبية كما كانت تحمل مبادىء دستور الاستقلال الليبي (1951) ،والتي توافقت عليه تاريخياً كل اطياف الشعب الليبي بعد صراع ومعارك الاستقلال ..وديباجته كانت تقول : ( السلطة لله ، اودعها الله الأمة ، فالامة هي مصدر السلطات ) وكذلك المادة 11 المحورية في ذلك الدستور : ( الليبيون امام القانون سواء ،وهم متساوون في التمتّع بالحقوق والمدنية السياسية ، وفي تكافؤ الفرص ، وفيما عليهم من الواجبات والتكاليف العامة ،لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الدين او المذهب او العنصر او اللغة او الثروة او النسب او الاراء السياسية والاجتماعية ) ..هذه المباديء الدستورية التاريخية والتي انقلب عليها نظام (الفاتح) في سبتمبر سنة 1969 وجعل البلاد من غير دستور ولأكثر من اربعة عقود وحكمها بخطاباته ونظرياته ومقولاته وكتابه الاخضر ، فأزال الكثير من المكتسبات الاقتصادية والثقافية والمدنية والحقوقية ، التي رسختها مبادىء ذلك الدستور خلال 18 عاماً (1951-1969 ) من الانجازات المادية والحقوقية والسيادية رغم فقر الدولة ذلك الزمن مقارنة بمليارات الدولارات فاضت بها خزائن الدولة الليبية خلال عهد النظام الاسبق ، لم يبني بها خُمس ما بُني خلال عهد النظام الملكي الليبي ، صرف مُعظمها على مُغامراته وشطحاته ونظرياته الفارغة وهدم الكثير من تلك المُنجزات.....وبين تيار إخواني متأسلم قفز على الانتفاضة عندما شعر بقرب إنتصارها وهو الذي كان قد تصالح مع النظام السابق ، بل وكتب قيادييه عن (مراجعات فقهية) ، تم فيها تعديل كل فقه او فتوى سابقة كانوا قد اصدروها ضد النظام ..وبعد ان تغلغلوا بكل طريقة في مؤسسات ليبيا ما بعد الانتصار والانتفاضة ..وبتأييد من مشروع دولي قديم يُتيح لمشروع الإخوان المُسلمين السيطرة على (الشرق الاوسط الجديد) وكانت قد تبنتّه الادارات الامريكية السابقة وحتى اوباما وكلنتون ، لأسباب كثيرة لا يسعنا المجال هنا لذكرها وشرحها ...هذا التيار يُريد ان يفصّل تأسيس ليبيا الجديدة ما بعد الإنتفاضة على مقاسه ، وإعتبارها (بيت مال المُسلمين) ..وبلا جيش وطني ولا حدود ولا امن ولا حقوق مواطنة ..ربط علاقاته بتركيا وقطر وحتى الدولة (الإسلامية في إيران) ، واستعان بكثير من المنظمات الإرهابية التي ارهقت البلاد والعباد ،حيث قبل إعلان مشروع الكرامة (2014) ، تعرّض الالاف من الكتّاب والإعلاميين و وطلاّب الدولة المدنية وكثير من ضباط الجيش والشرطة والامن للتصفيات والخطف والاغتيال والتفجيرات والإخفاء ..بل وهم من منع عودة مبادىء دستور الاستقلال يوم ما سُميّ بخطاب التحرير (23-10-2011 ) على الاقل كدستور إنتقالي لحين التوافق على دستور للبلاد ، بعد ان اعاد الليبيون راية الإستقلال والنشيد الوطني كرموز لأنتفاضتهم ، وصممّوا هم (الإعلان الدستوري المؤقتّ وخارطة للطريق ) خلال مرحلة إنتقالية كانوا هم مصمّموها.. وبما يتماشى مع مشروعهم لليبيا ...وحتى في مشروع دستورهم المُقترح الحالي ، كانت اهمّ مادة فيه هي المادة رقم 6 التي تقول ( الشريعة هي مصدر التشريع ، ويُلغى كل ما يُخالف ذلك ) ..تلك (الشريعة) التي يريدون ان يفصّلّوها على مقاسهم ومصالحهم وتوجهاتهم ومشروعهم عن طريق مجلس شورى ابتدعوه إبتداعا ....صراع اليوم في ليبيا هو بين تيار مدني يريد دولة مدنية بها مؤسسات الدولة الحديثة به من الليبيين من كل المناطق شرقا وغرباً وجنوباً ..وتيار مؤدلج به ايضا بعض الليبيين من كل المناطق ، يريد ان يصنع دولة للفقيه ...وللاسف ان هذا التيار الاخير هو الان من يُسيطر على مصرف ليبيا المركزي والحوافظ الإستثمارية والسفارات وغيرها من الوظائف السيادية في الداخل والخارج ، ويبذّر الأموال على مشاريعهم ودعمهم للارهب والارهابيين ،جاءوا بعد ان لفظتهم إنتخابات 2014 (إنتخابات مجلس النواب الليبي ) حيث اعلنوا الحرب على نتائج تلك الإنتخابات (فجر ليبيا) ، ثم ارجعتهم ما سميّت إتفاقية (الصخيرات) التي ليس لديها اية شرعية شعبية او دستورية ولكنها تتمتع وبكل سلبياتها وللاسف (بما يسمى بالشرعية الدولية ) والتي بدأت تتداعى تدريجيا بعد ظهور الكثير من الوقائع والحقائق على الارض خاصة بعد معركة تحرير طرابلس ..ولو كان الصراع على النفط فقط لأكتفينا بالقول ان مُعظم منابع وحقول النفط وحتى موانىء التصدير هي اليوم تحت حماية قوات الجيش الليبي ، إلا ان مشروع الكرامة لم ياتي فقط لهذا الغرض ،إنما لأستعادة هوية الوطن ووحدته وإنقاذه من ذلك المشروع الإخواني المتأسلم ..وتصحيح مسار إنتفاضة فبراير الليبية ...
      لبنان ، هذا البلد الجميل وصاحب الجميل علينا باهله وثقافته وتاريخه ومدنيته وفنّه ومدرسته الثقافية المميزة ، يصُارع اليوم هويته وجماله وبقائه وطيب وفاقه السابق ..تحت صِراع الطائفية البغيضة التي جاءت بها فكرة ..تقاسم السلطة بين الطوائف والمذاهب المُختلفة ، وليس بناء لبنان تحت شعار (الدين لله والوطن للجميع ) ...فأذكت الصراعات الطائفية ..بالرغم ان لبنان لا يزل يحتفظ بمصرف مركزي واحد يُديره تكنوقراط ولا سيطرة للمليشيات عليه ، بينما في ليبيا يُسيطر عليه اليوم تيار الإخوان ، مجلس إدارة ، وإدارات وحتى فتاوي مؤدلجة لا علاقة لها بالسياسات الاقتصادية والنقدية الصحيحة المعمول بها في كل مركزيات الدول المتقدّمة ،والذي شابه لكثير من الفساد يشهادة الدكتور غسان سلامة نفسه عندما صرّح يوماً علناً : " لا يوجد فساد في ليبيا ، يوجد نهب ممُنهج " ..كذلك لا يزل لبنان لديه (جيش وطني ) يحمل ويدافع عن رموز بلاده ..بينما هذه الجماعات لم تسمح واعاقت تاسيس جيش ليبي حرفي وموحد ..بينما شجّعت وموّلت تشكيل مليشيات تحمل رايات اخرى من بينها رايات داعش واسمهتم (الثوّار ) ..بديلاً عن الجيش الليبي الحرفي والموحّد ..
     
   التاريخ يقول ان البقاء والتطّور دائماً للأوطان والمجتمعات التي تحترم حق المواطنة ولا تُدخل الدين في الصراعات السياسية ..تلك يحسمها دستور مدني ديموقراطي ..فالدولة كيان دستوري دينها هو تقديم افضل الخدمات والعدل بين مواطنيها بغض النظر عن دينهم او مذهبهم ...إحترامي للأستاذ الكاتب سمير عطالله وإحترام كل الليبيين المُحترمين ....

الخميس، 29 أغسطس 2019

ذكريات ....

كنتُ طفلاً ، توفي اخي الأكبر الجميل والذي يكبرني بسبع سنين ..بعد أيام وجدت حنّي (جدتي الحنون سالمة) اثار واضحة لقدميه في باحة البيت التُرابية حيث كان يلعب عادة لعبته المُفضّلة تحت شجرة التين ..بنتْ حولها سياجاً من لوح حتى تقيهما وتحفظهما من هبوب الرياح ...لكن أمطار الشتاء ازالت الاثار ...بكت كثيراً ..لم تهدأ إلا عندما رأت ان ازهاراً برّية وفراشات جميلة قد حلّت محلّها في الربيع ...

الأربعاء، 21 أغسطس 2019

الدين لله والوطن للجميع ...

    

    بدايات طيّبة لحلم نبيل ، التقت فيه المسيحية مع المُسلمة في وطن واحد للجميع :
المجلس العسكري في السودان ،أستطاع بعد خلعه عمر البشير، تلبية لرغبة السودانيين في إنتفاضتهم بعد ثلاثة عقود من حكمه وإخوانه ، ان يضبط الامن وحركة الشارع والحد من الإضرار بأمن السودان (الباقي) وسيادته وان يُبعد القوى الخارجية المتطرّفة والمؤدلجة والمُخرّبة وعدم تدخلّها في الشأن السوداني الداخلي وعن الشارع وعن الإنتفاضة ، وايضاً كان للتيار المدني الوطني النخبوي تأثيره الواضح في توصيل فكرة ان (الحكم المدني) هو المطلب الأصل ، ولا يتعارض ذلك مع وجود مؤسّسة جيش قوية وحرفية ووطنية ترعى الوطن وتحميه الان وغداً ..فوصل الإثنان إلى قناعة انه خلال المرحلة الإنتقالية (13 شهراً ) ، لابد من مرحلة إنتقالية تجمع الإثنان في مجلس سيادي (مدني عسكري ) ، لحكم السودان من خلال إعلان دستوري اتفق عليه الطرفان بالتراضي والوفاق ...إختراع املته الظروف وضرورات حفظ الوطن وتحقيق المطالب والوصول بالسودان لمستقبل افضل ،يتعايش فيه الجميع ما عدى القوى المتطرّفة ذات المشاريع البعيدة عن الهوية الجامعة ...والتي فرّقت يوماً بين الأمة السودانية الواحدة وكادت ان تقسّم حتى المُقسّم ، بسبب إلغاؤها لحقوق المواطنة وإستشراء الفساد وجعل حياة السودانيين صعبة وضنكا خلال عقود ...

الاثنين، 19 أغسطس 2019

حين كان القميص ....مشجّر.


   ولد الشاعر الليبي جيلاني طريبشان في بلدة الرجبان عام 1944م وانتقل للإقامة في طرابلس ابان العهد الملكي، ثم نشر انتاجه في أغلب الصحف الليبية الصادرة في الستينيات وسبعينيات والسبعينات...صدر ديوانه الأول عام 1978وكان بعنوان (رؤية في ممر) ، خرج بعدها الشاعر إلى المنفى الاختياري في بعض البلدان الاوروبية ثم استقر في العراق وأقام فيها عدة سنوات ...رجع إلى ليبيا (الجماهيرية) ، وحاول الاندماج في الحياة الثقافية مرة أخرى ، لكنه وجد أن الظروف لا تزل صعبة ، صدر ديوانه الثاني عام 1999 وكان بعنوان (إبتهال للسيدة نون)..له عدد كبير من النصوص الشعرية المنشورة في الصحف والتي لم تنشر في دواوين ...في السنوات الأخيرة من عمره عاد  لمدينة الرجبان ...الجبل الغربي ، حيث نشر اخر قصائده...قصيدة (مُكابدات ..او.. ما الذي جئت تفعلُه !) قبل وفاته 2001.... رحمه الله :
ما الذي جئت تفعله !
في بلاد لست تعرف فيها أحد !
قد آن لك أن تستريح ..
.......................
ما الذي جئت تفعله !
فالدوائر ليست كما تتراءى الدوائر ...والشوارع عامرة بالأفاعي ..
والبنات يداومن في الصبح في الثكنات ...
  ما الذي جئت تفعله ! 
..........................
تجلس الساعة في فندق ..يطل على المتوسط ....(يقصد احد فنادق طرابلس )
ليس فيه من بهجة النُزل غير الضجيج ....
.................................
قبل عشرين عاما ...
عرفتك الشجيرات في أول التلّ... 
طفلاً صغيراً ....  يداعب سرب حمام ..
ويبني قصوراً من الوهم ....أو وطناً ...
يحلم أن يتبادل فيه المهمات ...وها أنت في جبل (يقصد الجبل الغربي )
ليس فيه من الأطلس غير الحجارة ...
تنتظر الشعر ....تخلق طقساً من الوهم
تفتش في ذكريات الليالي الطويلات 
ثم تسأل :هل حقا كنتُ أنا ذلك المارد المتدفق بالأمنيات !
هل ذبلت زهرة القلب ؟ 
وكيف تخبو الأماني الجميلات ؟
أيها الشعر :آه لو جئتني قبل هذا السكون ...حين كان القميـــص مشجّر .
الجيــــــــــلاني طـريبشــــــان (1944-2001)
(معلومات الأستاذ  مفتاح قناو)