بحث في هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 18 أغسطس 2013






                                  حنين

بقلم: مفتاح بوعجاج    12/12/2010
تحدّث احد المثقفين المصريين أمام احد أعضاء الحزب الوطني المصري وكان الحديث عن فترة الثلاثينات والأربعينات وحتى الخمسينات وبشيء من الحنين. فرد عليه العضو غاضبا: أتريد ان ترجع بالبلاد خمسين سنة إلى الوراء؟ فقال المثقف بكل ارتياح: يا ريت!
ذلك الوقت لم نعشه ولكن سمعنا وقرأنا عنه ورأينا صوره واستمعنا إلى شعرائه وفنانيه وقرأنا أدب وروايات ذلك الزمن الجميل، وتفرجنا على حفلات كبار ذلك الوقت فكان فنا أصيلا وكلاما وشعرا ولا أروع وجمهوره المؤدب الوقور في جلسته واستماعه وذوقه وإحساسه وصدقه وحتى لباسه فكوّن ذلك حنينا ووجعا للماضي.
مكرم عبيد المناضل المصري الوطني المشهور وكان قبطيا مسيحيا ورفيق سعد زغلول في النضال في الثلاثينات والأربعينات. توفي في عام 1961 وأقيمت له جنازة وطنية حضرها كل الشعب المصري الذي لم يكن يفرّق بين مصري قبطي او مصري مسلم تطبيقا للشعار الجميل الذي رفعه المصريين بعد انفجار كنيسة القديسين في الإسكندرية "مسيحي، مسلم مش مهم....نحن مصريين في نفس الوطن ونفس اللهمّ". مكرم عبيد هو صاحب الكلمة التاريخية: إذا كانت المسيحية ديني، فأن الإسلام وطني.
السودان ومصر كانت دولة واحدة تحت تاج واحد وعلم واحد، بعدها صارت مصر دولة والسودان دولة وألان سيصبح السودان دولتين واحدة في الجنوب والأخرى في الشمال بعد اطول حرب في افريقيا تركت ندوبا وجروحا وتاريخا وقضايا، وما سيترتب على هذا الانفصال من تبعات سياسية واقتصادية واجتماعية ستضر الاثنين. ولا تزال دارفور في الطريق! ومع كل هذه اللالام وجد السودانيين في الشمال وقتا لجلد امرأة ارتدت بنطلونا امام العالم ادعاء بأنها خالفت الشريعة التي فصلّوها على هواهم وأفكارهم السطحية التي لم تحفظ وطنا فما بالك بنطلونا او شريعة.
الخرطوم كانت يوما مكانا للاءات العرب الثلاث بعد حرب الـ67، لا صلح، لا تفاوض، لا سلام حتى تخرج إسرائيل من الارض المحتلة، انقلبت اليوم إلى عكسها فأصبحت إسرائيل هي التي تقول لا لكل شيء والعرب يستجدون العالم ليضغط على إسرائيل كي ترضى بإعطاء الفلسطينيين ما يقل عن 20% من الارض التي اعطاها لهم قرار الامم المتحدة في عام 1948 ورفضوها فلم يعرف العالم ماذا يريد العرب، فتركوهم على هواهم فلم يأتوا لا بالأولى ولا بالثانية.
اما عن القدس فهي اليوم في وضع صعب تحت الاستيطان ويبحث الإسرائيليون عن هيكل سليمان فوق الارض وتحت الارض وشيوخ ومفتيو العرب تغاضوا اليوم عن مسألة القدس اولى القبلتين ومسرى النبي عليه الصلاة والسلام إلى قضايا أخرى أكثر أهمية واقل تعبا والتزاما مثل هل يجوز للمرأة ان تقود السيارة ام لا؟ وهل ارتداء الجينز حلال؟ وهل يجوز للمرأة لباس القناع الواقي من الغازات وقت الحروب؟ وهل يجوز للمرأة ان تعمل بائعة او كاشيرة بالأسواق وهل الموسيقي والغناء حرام ام حلال والتي لو تتبعت ما يقولون فيها لوجدت الفتوى ونقيضها.
قادني ذلك إلى تذكر ذلك الرجل الذي قال له صديقه: اليوم رأيت خطيبتك مع الواد عبدالمعطي الميكانيكي اليد في اليد يتنزهون في الكورنيش... فرد الرجل غاضبا مستنكرا: الواد عبدالعاطي ده لا ميكانيكي ولا حاجة ولا بيفهم في الميكانيكا ولا بيعرف الميكانيكا..أوعي تصدّقه!
اليمن في صراع أخوي بين الشمال والجنوب رغم أنهم كلهم عرب ومسلمون وهنا تنتفي حجة السودان في ان الشمال عربي مسلم والجنوب افريقي مسيحي وديانات واللاديانات اخرى فما السبب يا ترى بالنسبة لليمن؟
لبنان، بلد الأخطل الصغير (بشارة الخوري) صاحب "سائل العلياء عنا والزمانا...هل خفرنا ذمة مذ عرفانا....المرؤات التي عاشت بنا....لم تزل تجري سعيرا في دمانا" قصيدة وردة من دمنا، في الأربعينات يتغنى بفلسطين وبلد الكتب والمجلات والثقافة، بعد مصر وبلد الحريات الدينية والشخصية وبلد فيروز سفيرة العرب كما يقال إلى النجوم. اليوم في صراعات طائفية وسياسية لم تنجه منها حتى الان، الا ما يتمتع هذا البلد من الحد الادنى من المؤسسات الديمقراطية التي لن تصمد كثيرا اذا ما استمر هذا الامر.
الصومال كانت دولة وألان صارت إلى كيانات هلامية متعددة تحارب بعضها بعضا بدون هدف او اتجاه ولم يعد للحديث معني؟
عندما انتهت المدة المتفق عليها بين الصين وبريطانيا على التواجد في جزيرة هونج كونج، قامت بريطانيا بتسليم الجزيرة إلى الصين وكانت هونج كونج بلدا ديمقراطيا ليبراليا ذا اقتصاد ليبرالي ناجح وكانت الصين بلدا شيوعيا منغلقا ذا اقتصاد متعثر ضعيف. فأتفق حكماء الصين على ان تحتفظ هونج كونج بنظامها الديموقراطي والاقتصادي وان تعود إلى الصين تحت شعار "نظامان ودولة واحدة" وبتتبع تاريخ الصين نجد ان اكبر دولة في العالم هي التي اتبعت اصغر دولة في النظام الاقتصادي وليس العكس ونجحت الاثنتان!
هكذا يبدو ان ما قاله المثقف المصري، صحيحا، فالماضي أفضل من الحاضر كثيرا والمستقبل مليء بالمفاجأت. أليس من حقنا في هذه الحالة ان نسأل لماذا واين وكيف، وان يعلو صوت اخر غير الاصوات والشعارات التي قادتنا إلى كل هذه الهزائم والانتكاسات وان نستعمل هذا الذي نحمله بدون ان يحملنا، العقل. والذي سيقودنا إلى ضرورة البحث عن وعاء يستوعب تناقضات المجتمع وتطلعاته وثقافاته واحتياجاته بحيث يتم الاحتفاظ بالوطن الواحد، وهي امور في الحقيقة موجودة في هذا الشيء السحري: الديمقراطية وتابعتها الليبرالية وتوابعهما عكس التزمّت والانغلاق والتعصب والرأي الواحد والشمولية والدكتاتورية، ويبقى الدين لله والوطن للجميع. والتاريخ والأمر أمامكم.
مفتاح بوعجاج
كاتب ليبي
                                                  جبل الثلج (2)                     
                                               ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
 مفتاح بوعجاج                                                (تم نشرها فى 11/11/2009)
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
     شئنا أم أبينا تظل الحضارة الغربية بكافة إشكالها المؤثر الكبير لكل فروع حياتنا(واعني بالحضارة الغربية هنا هي مجموعة السلوك والثقافات والتشريعات والأسس الاقتصادية والاجتماعية التي أدت إلى هذا الكم الهائل من الإنتاج المادي والمعرفي وحتى الانساني) فهي التي أيقظت فينا هذا الشعور بأننا متخلفون فكريا وماديا وحدث هذا عند الصدام الحضاري الذي جاء نتيجة لانفتاح العالم وحدوث هذا الاتصال السريع الذي أربك حسابات من كانوا يعتقدون عندنا أنهم الأفضل والأحسن بل والأقوى حتى  ..ووجدوا أنفسهم في معركة غير متكافئة, سلاح الغرب كان هو ذلك البناء البديع والواقع المتين, وسلاحنا كانت الكلمة والحروف المسكينة التي لم تصمد أمام صمت في يده سلاح ..فأتى هذا السيل من الكتب والتحليلات والمؤتمرات والندوات والتصورات والاختلافات والاتفاقيات  التي غرقنا فيها ومللنا حتى الاستماع إليها  او قراءتها لأنها لم تثمر شيئا وأصبحت واقعا متكررا  لامناص منه ..ولعدم قدرتنا على الفعل تحولت معاركنا الى معارك كلاميه ظهر فيها الإطناب والسجع والمحسنات البديعية والبلاغية ومرورا بتلك الخطب الحماسية الترشيدية والتحذيرية فى الجوامع ومختلف المناسبات ومن على منابر الإذاعات و الفضائيات المختلفة  من فتاوى وفتاوى مضادة بدون أن تسفر حتى عن كيف يوقف هذا الفرد المخاطب سيارته بطريقة يحترم بها الآخرين فى الشارع المملوك من الجميع. وأصبح علم الكلام علما غزيرا عندنا لعله يٍغنينا عن ما عند الغرب او يقربنا الى ما هم فيه على الأقل لدرجه اننى سمعت أن  احدهم قد قام بتحضير الدكتوراه في حرف الهمزة  المسكين الذي لا يعرف ما يفعل إمام حاملة الطائرات الضخمة أو أمام صاروخ موجه او إمام مركبه فضائيه موجهه من الأرض ، واستمر ذلك البحث والتقصي لحرف الهمزة لأكثر من أربع سنوات بالتمام والكمال..كما قامت المعارك الطاحنة مع الأعداء فى الإذاعات  ومؤتمرات التنديد والاستنكار وأناشيد حماسيه وتأييدية يغنيها مطربين يرتدون أخر ما صنع الغرب ويركبون افخر ما صنع من سيارات وتتزين فناناتنا بأفخر المكاييج والألبسة و لازلنا نطرب ونعجب ويثور الدم في عروقنا عندما نسمع (آخى جاوز الظالمون المدى..فحق الجهاد وحق الفدى)لأحمد شوقي يغنيها عبد الوهاب التى  غناها فى عام 1948  ونفرح للوحدة العربية عندما غنى فريد الأطرش اوبريت(بساط الريح)لنكتشف ألان أن انتصاراتنا كانت كلاميه وان الوحدة العربية لم تتحقق حتى في ذلك الاوبريت الجميل اللحن والكلمات.
  بدأ الأوروبييون طريق وحدتهم فى الخمسينات بالاتفاق على إنشاء سوق أوروبيه مشتركة بعد الاتفاق على تأسيس مشروع الحديد والصلب (الجانب المغمور من جبل الثلج) والذي قادهم إلى تنسيق التشريعات والنظم فانتهت الإجراءات ألاقتصاديه الفعلية إلى أوربا الموحدة سياسيا اليوم...بينما كان الأمر عندنا فى العالم العربي والاسلامى بداية عاطفيه من فوق جبل الثلج فانتهت إلى لا شيء بل انتهت إلى عداوات وانقسامات ..كان الاتحاد السوفييتي دولة واحدة والدول الاوروبيه دولا عدة ..وألان الاتحاد السوفييتي دول عدة وأوروبا دولة واحدة ويرجع ذلك فى فرق البدايات فأحدهما بدأ من الجزء الطافي من جبل الثلج والأخر بدأ من الجزء المغمور.
      توقف او أوقف الاجتهاد فى اعتقادي بمجرد إن كمل الكلام وابتدأ العقلانيون فى مرحله  الدخول الى الجانب العقلي والعلمي (من أمثال ابن رشد وابن خلدون) وبدأت تهتز الكثير من القيم الكلامية ولم تستطع الصمود إمام المحك والاختبار العقلي والعلمي او بالأحرى الاقتصادي الطبيعي ..فأثر أهل الكلام السكوت والإسكات والاكتفاء بالسكينة تحت شعار توقف الاجتهاد وتوقف  عندئذ العقل العربي والاسلامى عن الاجتهاد والدخول فى مرحله الفعل حفاظا على تلك المكتسبات الكلامية وبدأ العقل العربي يكرر نفسه كلاميا بل بدأ يأكل فى نفسه كما يقال تحليلا  وتقلبا بطنا وظهرا واضحي التكرار سمة من سمات حياتنا بل وأصبح الكلام والتوجيه والإرشاد لا معنى له حتى في جوامع الله التي بح أأمتها فى الحديث عن الأخلاق والسلوك القويم واحترام الجار والكبير بدون نتائج تذكر على ارض الواقع ..ولا يزال العقل العربي والاسلامى متوقفا عند هذا الحد(يعرٌف بعضهم الحضارة العربية بالحضارة أو الظاهرة الصوتية) وحتى من جاسر وحدد الخلل من المثقفون والكتاب والسياسيون لم يستطع اى منهم تحقيق الوعي المنشود ولم يقدر على مقاومة هذا السيل العارم من النقد الظالم فأثر السكينة او شد الرحال للغرب .تأكيدا لما قاله سيدنا على ابن أبى طالب(والله ما ناقشت جاهلا إلا وغلبني..وما ناقشت عالما إلا وغلبته) ...لا اعتقد ان الحضارة الغربية عند بداية ظهورها فى القرن السادس عشر ميلادي كان لها هذا الحشد من الكلام والخطب والبحوث والأوراق والنقاشات عن الأصول والجذور والأقوال المأثورة  والتاريخ  فلم يكن لديهم أصلا فضائيات او قاعات مؤتمرات او حتى   إذاعات ولا كمبيوترات ثابتة او محمولة  ولا حتى شوارع او مدن كما هي اليوم ..لقد بدأت بعد كفاح ونضال تاريخي على ارض الواقع على الفقر الظلم والطغيان تمثلت فى الثورة الفرنسية التي قادها فلاسفة عصر التنوير التي نادت بالحرية والمساواة  والعدالة و ثورة مارتن لوثر في أوربا والتي  طالبت بفصل الكنيسة عن ألدوله  تحت شعار (ما لله لله وما لقيصر لقيصر)و(والدين لله والوطن للجميع)وبعدها جاء الاقتصاديون الامريكييون والانجليز من أمثال ادم سميث بمبادئ اقتصاديه واضحة وعملية وحافزة تشتمل على حوافز فرديه تؤدى محصلتها فى النهاية إلى مصلحة المجموع, مما أدى إلى حصول الثورة الصناعية والاقتصادية التي رفعت شعار بسيط يقول (دعه يعمل دعه يمر ) فى ظل تشريعات واستراتيجيات تسمح بحرية الاستثمار والعمل واحترام وحفظ الملكية الخاصة وفى نفس الوقت تحافظ على حقوق العامل والمستهلك وتعمل من خلالها ألدوله قاضيا عادلا بين الجميع لتنفيذ ما اتفقوا عليه فى العقد الاجتماعي.. ومرورا ببعض الشعارات اليسارية التي بدأت تذبل مع الزمن وكما قال تشرشل ما معناه(إذا لم تعجب بالشعارات اليسارية وأنت صغير فأنت لا تملك العاطفة ..أما إذا استمر ذلك مع زيادة السن ..فأنت لا تملك عقلا )..وذلك ردا على استفسار بسبب تغيير الايديولوجيه التي كان يعتنقها وهو صغير ).. وهكذا تم بناء البنية التحتية الاساسيه من إنسان حر وقوانين وتشريعات تنظم علاقة افرد المجتمع فيما بينهم وتنظم علاقة الإفراد بالدولة والدولة بهم وتم إرساء دوله العقد الاجتماعي على أساس الحريات ومتطلبات الإنسان الطبيعية الانسانيه  وبوضوح لا لبس فيه.(حوكم Bill Gates  الامريكى صاحب ومؤسس شركة Microsoft للبرمجيات منذ سنتان على تهمة خرقه لقانون منع الاحتكار الذي صدر فى بلاده منذ أكثر من مائتي عام ..مما يدل على وجود تشريعات تحمى المستهلك مع بداية النظام الرأسمالي الليبرالي)..وهذا الأمر هو الذي بدوره أدى إلى بزوغ الحضارة الغربية اى ان بناء الإنسان بطريقه صحيحة هو الأصل وبالتالي فأن هذا الإنسان المتزن والموجود فى دولة العدل والقانون الشرعي الطبيعي هو الذي أسس أركان الحضارة الغربية  التي نتمتع بخيراتها وإنتاجها الادبى والمادي والمعرفي سواء اعترفنا بذلك ام أنكرنا كما هي عادتنا.
هاهم أساطين وخبراء الاقتصاد عندنا لايزالون ينظرون إلى الجزء الطافي فوق المياه من جبل الثلج فبمجرد انفتاح اقتصادنا على اقتصاديات العالم الأخر يقومون  بالندوات والمؤتمرات واللقاءات وتشكيل اللجان تلو اللجان من اجل بناء وافتتاح سوق الأوراق المالية على غرار ( wall street ) وتناسوا ان هذا السوق ومثيلاته جاء فى أمريكا  و الغرب واليابان بعد ان تم تأسيس ألاف الشركات المنتجة للإنتاج الزراعي والصناعي والتقني والمعلوماتى وغيره خلال عشرات السنين وتكدس ذلك الإنتاج ليكون فائضا تجاريا اقتصاديا يربح من ورائه المساهمين اى ان هذه السوق جاءت فى اخر مرحله من  مراحل الإنتاج الفعلي كنتيجة  طبيعيه ولم تكن هدفا فى حد ذاتها ونحن صار عندنا أسواق ماليه ولا انتاج اللهم غير المصارف وشركات التأمين التي تدخل تحت بند الاقتصاد النقدي وبالتالي فاقتصادنا هو فى الطابق العلوي من جبل الثلج ..وهذا يقودنا الى ان الأزمة المالية العالمية جاءت عندهم فى الشق النقدي الورقي وليس فى الجانب الانتاجى فإنتاجهم  من جميع الأنواع مكدس ومتوفر ..اما الاقتصاديات المبنيه على الاقتصاد النقدي فقط فهي التي تتأثر أكثر من غيرها لعدم مقابلتها اى إنتاج فعلى ..وهذا انعكس على تأثير تلك ألازمه على نوعيه الاقتصاد فالأسعار عندهم هبطت وعندنا ارتفعت وخاصة فى سوق العقارات ومواد البناء.
صديق عربي قال انه تم إرساله للخارج إلى إحدى الدول الأوروبية للتدرب على وسائل الدفاع المدني التي تم شراؤها من تلك ألدوله وبعد الشراء والتوريد والتدريب على استعمال  تلك الوسائل اكتشفوا ان من ضمن وظائف تلك الأجهزة هى إعلان إنذار صوتي بحيث يتجه الناس إلى الملاجىء بمجرد سماعهم ذلك الإنذار الا انه قال تم توقيف تلك الأجهزة عن الاستعمال بسبب عدم وجود ملاجئ يتجه إليه الناس فى حالات الإنذار ..وهكذا كان النظر لأعلى جبل الثلج (الأجهزة والوسائل) ونسوأ قاعه( الملاجىء وما في حكمها).
      انا لا أريد ان اجعل من مقالي هذا  ومقالي السابق (جبل الثلج (1))بحثا علميا مليئا بالأرقام والإحصائيات والأسماء فالواقع يٌغنينا عن ذلك كما لااريد   استنساخ ما حصل عندهم لاختلاف الظروف رغم ان دولا شرقيه كثيرة من أمثال اليابان وكوريا استطاعت ان تهضم تلك الحضارة بل وتصبح منافسه لها ولا أريد أن ادخل فى موضوع سلبيات وايجابيات تلك الحضارة فهذا شأن أخر..ما أردت قوله هو إن  نُبصر وان لا نضيع السنين فى الشكليات, فقد مرت السنين ودورة التاريخ ونحن ندور حول تلك الحضارة واضعنا المدخل الحقيقي والعملي إليها بقصد او بدون قصد وما مدخلنا إلى ِِِِِِِِِِِالحضارة إلا ذلك المغمور من جبل الثلج.





سيكولوجية الانسان المقهور ..

 

.. حيث انه النصف الثاني من  بداية الثمانينات، كان الكثير من البحّاث يسعون الى تطبيق نتائج    التحليل النفسي 
 على الذات العربية والاسلامية ذات العقلية الخرافية والسلوك المنحرف . هذه  البحوث  جعلت هدفها ادراك التخلف الاجتماعي في جهة، ووضع اللبنات الاساسية لمدرسة التحليل النفسي للذات العربية والاسلامية من جهة اخرى ... وجاء كتاب الدكتور مصطفى حجازي الذائع الصيت والمشهور عنالتخلف الاجتماعي(مدخل الى سيكولوجية الانسان المقهور )(بيروت، معهد الانماء العربي، 1981….) كتابا مهما فى هذا الشأن..تذكرتّه اليوم وانا اراه ..مستشارا سياسيا للرئيس المصرى الانتقالى وشاهدت لقاءه الصحفى مع الاعلام..وعرفت الفرق بين اكاديمى واخر ورجال واخرون وكتب واخرى... اتمنى من القارئون والقارئات تنزيله فهو متوفر على الانترنت .
بعض من اسطره:
( من يثور لا يكتئب، ومن يكتئب يعجز عن الثورة ويحرم منها. ابتلاع الغضب والحنقي يتحول إلى الاعتداء أو التهديد يكون رد الفعل قي واحد من ثلاثة: القتال، الهرب، التجمد: fight, flight, freeze . الغضب هو التعبئة النفسية الضرورية لمد الكيان بالطاقة كدفاع حيوي وطبيعي، والرضوخ هو أحد تجليات التجمد الذي يشكل البعد الثالث للآلية الدفاعية الحيوية ضد الأخطار . غير أن نزوة الحياة تقاوم بشراسة ولو استكانت إلى حين ... بانتظار استعادة نزوة الحياة والوجود لنشاطها، عادة ما يتسرب العنف في مسارب جانبية، من ذلك ما يتكرر من احتقان وجود المقهورين بالتوتر وسرعة الاستثارة وردود الفعل الانفعالية المبالغ فيها مقارنة بما تستدعيه الوضعية الواقعية من ردود فعل. ومنها افتعال الأزمات والصراعات والنزاعات وتضخيمها، وتحويل صغائر الأمور إلى كبائر، وتوافهها إلى قضايا مشحونة ومبالغ فيها... وتظهر ميول التشفي وتبخيس الآخرين وإسقاط التبخيس الذاتي على الآخر. ومن ذلك تفشي ظواهر التطرف والفاشية التقليدية المتلبسة ظواهر الأصوليات والتعصب التقليدية. هدر الحياة يطلق العنان لنزعات الموت .أصعب وضعية بالنسبة إلى الإنسان المقهور هي مجابهة هدره بكل كثافته الوجوديةالتي تضعه أمام "ذعر الكيان" أو ذعر الخواء.... هذا الخواء الوجودي وذلك الفراغ واللاشيئية واللاقيمة تفجر أقصى حالات الغضب، والعنف المدمر يولد قلقًا يتعذرمجابهته إلا كلمحات أو خفقات سريعة سرعان ما تتلاشى . لا يمكن للإنسان المقهور تحمل واقعه الوجودي العاصف بسهولة ولمدة طويلة. وتتراوح الاستجابة الحيوية الطبيعية ما بين الانفجار الذي لا يبقي ولا يذر، وبين الانتحار الحامل دلالة تحطيم المرآة العاكسة لذعر خواء الكيان وفشله .تقوم الآليات بدور ترميم الواقع الذاتي واستعادة قيمة بديلة توفر التوازن. وهي حلول تسكينية وليست العلاج، تبقي القوى المولدة للاضطراب والقلق قائمة، تستنزفا لطاقات النفسية في إجراءات الحماية بدلا من توظيفها في البناء والنماء الكياني.والعديد منها يدخل في عداد آليات الدفاع العصابية من مثل إسقاط القهر على الآخرين. آلية الاحتماء بالماضي تظهر مع الهزائم الجماعية ... تغرق الجماعة في بطولات الماضي المجيد، ما يجعلها تعيش في وهم مستقبل ناصع. ذلك هو الهدر يكرر ذاته ما دام يصرف المرء عن صناعة مستقبله مستبدلاً به وهمًا مستقبليًّا .. ويشكل الاحتماء بالقدر المكتوب والامتحان والبلاء دفاعًا جماعيًّا آخر في مواجهة القهر... يتحول الأمر غالبًا إلى نوع من الفلسفة ترد الأمر إلى حكمة خفية وبالتالي يجب القبول الاستسلامي بها. يتواصل الهبوط اللولبي للهدر ليولد حالة تبلد وعطالة هي ذاتها مولدة لهدر جديد.والكلام أحد آليات التمويه. الثرثرة والإفراط في الكلام الفارغ الذي يدعي الامتلاء والأهمية، ولا يهدف إلا إلى تضليل الآخر حول القيمة الذاتية وأهميتها. وبمقدار ما يحتقن الغليان في النفوس تزداد اللغة عقمًا وينحسر نطاق الدلالة. هنا تتحول اللغة إلى أداة تزوير للوجود الذي يصل حد موت الكيان، ومن خلالها يعاد إنتاج القهر … )..جزء من الحل الذى يطرحه الباحث:
يستهل مشروع البناء الوطني باسترداد حق المواطنة لكل فرد وتصفية تفاعلات الهدرفي النفسية. فبعد رفع الطغيان يجري ترميم الروح الجماعية من أعطاب القهر. وكل الانقلابات والحركات التي غفلت عن هذه المهمة أعادت إنتاج الاستبداد ودفعت الناس للتحسر على الماضي. الاعتراف بالإنسان المواطن ودوره ورأيه ومشاركته الفاعلة فى اتخاذ القرارات التي تصنع المصير الوطني...هى اولى العلاج ..