بحث في هذه المدونة الإلكترونية
كان مثقفا على رأي الناس ورأيه في نفسه ..قرأ الكثير من الكتب خاصة كتب الفلسفة والفن والمسرح والتاريخ القديم والحديث والقصص والأدب .....انهى دراسته الجامعية وذهب الى الولايات المتحدة للدراسات العليا على حساب نفسه ..لم يحدد بعد ما ينوي تخصصه في دراساته العليا .. ...وجد موضوعا متداولا وعناوين كثيرة حوله..وأعجبه عنوانه ..جديد ..انه عن علم المسرح الجديد هناك حيث كان صاحبنا من هواة المسرح .. .. ....ذهب فرحا الى أستاذه المشرف ..سيدى ..لقد وجدت موضوعا اعجبني كثيرا و به الكثير من المراجع ....ومشّوق ..وسأكون الاول عن ابناء بلادي للدخول فى هذا العلم المسرحي الجديد ..وسأنشره فى وطني ليكون فاتحة خير على المسرح ..انهم فى وطني يقولون ..اسّس مسرحا ..تبني شعبًا ...وتنهض بأمة ! ...قاطعه مشرفه ..ما هو يا ابني ....اجابه : انه عن فكرة (مسرح اللامعقول) ....سكت الاثنان ..عمّ الصمت المكان ..استاذه يفكّر ...بعدها اجاب :يا ابني ..نحن هنا كل شىء لنا بالمواعيد ..حياة رتيبة منظّمة اكثر من النظام نفسه ..المجتمع كأنه ساعة دقيقة لا تتأخر ولا تتّقدم...الوقت لدينا يحسب مالا ...والناس تراهم في الشوارع لا يستطيعون المرور من ضفة الى ضفة اخرى إلا عن طريق المكان المخصص للعبور ..السيارات تسير وتقف بانتظام وتُركن بانتظام فى مكانها المخصص ...هدوء يلف الشوارع والميادين ومناطق السكن والعمارات ..الناس لا يعلو صوتها على بعضها ..لا توجد لدينا حيوانات او كلاب سائبة ..حتى الرحلات فى الغابات خصصوا لها امكنة خاصة للزاردين ..الغابة نفسها يعمّها الهدوء ...لا نستعمل ابواق السيارات الا للضرورة القصوى وان حدث سنعرّض انفسنا للمخالفة القانونية ..حتى هنا في الجامعة لا تكاد تسمع صوتا غير الطلبة والطالبات ذاهبون الى محاضراتهم او الموظفون ذاهبون الى اعمالهم ومكاتبهم ..لدينا فقط عطلة السبت والأحد ..يذهب بعضنا الى السينما او المطاعم او المتنزهات وبعضنا يريد ان يذهب الى مسرح اخر صاخب غير مسرح الحياة الرتيب والمنظّم والمعقول هذا !..ولهذا اخترعنا مسرح (اللامعقول ) لنرى فيه اشياءا غير معقولة عكس ما حكيته لك وعكس ما تراه تماما وعكس واقعنا الرتيب هذا !.. فنضحك ويعرف اطفالنا وشبابنا اشياء غير معقولة لم يعرفونها فى حياتهم اليومية ....اما انتم فقد عملت فى بلادكم اكثر من سنتين ..ورأيت مسرح اللامعقول جهارا نهارا وفى الشوارع والميادين وفى قيادة السيارات والحافلات..واماكن العمل والسكن وحتى فى طريقة عمل حكوماتكم ...ولهذا لا حاجة لكم لمسرح اللامعقول ..حياتكم كلها مسرح لامعقول ..انصحك بدراسة مسرح (المعقول) ليتعلم الناس عندكم ماهو المعقول ....او بتغيير امرك وبحثك الى شىء اخر ...مثلا ...دراسة الفرق بين المعقول واللامعقول !..هذا ان عرفت المعقول واللامعقول ..واستطعت التفربق بينهما فى ثقافة شعوبكم ..على ان تتأكد بالسماح والاذن لكم بنشر مثل هذا الموضوع فى بلادكم..فقد يكون ممنوعا او حراما عندكم......او قد يتم إتهامك بأنك تُفسد حياتهم بجلب مثل هذه الافكار الـ(متخلفة) في رأي كثير من مواطنيك ..فهم يبدو انهم راضين تماما عما يجري على مسرح الحياة عندكم ....أختر كما يختار زملاؤك السابقين موضوعا مُريحًا و غير جدلي عندكم ..مثلا...عن تفسير الاحلام بين الماضي والحاضر ..أو أضرار قراءة ترجمات الكتب الاجنبية أو حتى ...الموسيقى وأضرارها على العقول النظيفة ... !....