بحث في هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 26 يونيو 2017

صوت الموسيقى والماضي ..






 مدينتي البيضاء في نهاية الستينات كان بها 3 دور سينما تعرض احدث الافلام العالمية ،اذكر انني في ريعان الصبا حضرت في إحداهن، مع اصدقائي ، فلم (صوت الموسيقى)( (The Sound of Music) ،بعد اسبوعان من عرضه لأول مرة في بلد إنتاجه الاصلي في امريكا ، مكتبات بها كل انواع الكتب والمجلات والصحف المحلية والدولية ومجلات للأطفال والشباب مثل بساط الريح وسمير وميكي وطرزان والسوبرمان وغيرها مثل مجلة العربي والهلال ،معظمها من لبنان ومصر،والصحف الليبية كالحقيقة والميدان والمعرفة وغيرها، 2 دور ثقافة كبيرة بها كل انواع الدوريات والكتب والمجلات ،مقاهي شعبية يلتقي بها الناس ،قهوة وشاهي وحليب و(قازوزة) كما كان ينطقها الناس ،أشهرها إنتاج مصانع حسن صداقة (درنة) الخاصة ، بها مستشفى حكومي كبير تم بنائه عام 1964 تدخله كأنك في افضل الفنادق يخدم كل المنطقة (وهو لا يزل هو الوحيد حتى اليوم إلا انه قد ضاقت عليه السبل وغص برواده حيث لم يُبنى غيره حتى اليوم رغم المليارات والاحتياج، بها جامعة السيد محمد بن علي السنوسية بها مناهج الاسلام التنويري الذي لا يعادي ملّة ولا عقيدة ولا دينا ولا ثقافة اخرى على منهج الحركة الاصلاحية السنوسية المباركة يدرس بها طلاب من كل انحاء الوطن ،على سبيل المثال ، الطيب الخلوق الشيخ الدوكالي العالم وكذلك من افريقيا واندونسيا وغيرها من الدول الاسلامية ،بها عدد 2 فنادق تُعتبر 5 نجوم ذلك الوقت ، وكثير من السوّاح الاجانب هم الذين يجلبون الدولار الينا ولا نذهب اليه ، بها الكثير من المباني والمنازل المبنية من القطاع الخاص للتأجير،حسب المُخطط العام الجميل للمدينة (والتي أشرفت على تصميمه شركة دوكسيادس اليونانية بتكليف من حكومة المملكة الليبية)، والتي كان معظمها خالية ، بسبب ان العرض كان اكثر من الطلب ، بها دار ثقافة امريكي به الكثير من المجلات والدوريات العربية والامريكية يُشرف عليه أساتذة ليبيين مُحترمين شكلاً وثقافة ومعاملة، بمساعدة بعض الامريكيين المتخصّصين حتى في تعليم اللغة الانجليزية ،كما كان يعُرض داخله كثير من الافلام الوثائقية والتعليمية والثقافية وكذلك عرضها حائطيًا في كثير من المناطق والقرى بإستخدام وسائل العرض المتوفرة ذلك الوقت ..كان بها وسائل نقل عامة نظيفة ومُحترمة و بالمواعيد ...وغيرها الكثير من الاشياء الجميلة ،بمجرد إنقلاب (زحف الزاحف) اختفت هذه الاشياء ،حتى قازوزة حسن صداقة ...وحل محلّها الضجيج والوجيج على رأي شبابنا اليوم ..هذه فقط شذرات من واقع جميل أغلقه كتاب اخضر داس على بدايات مشاريع مدنية وحضارية وإقتصادية صحيحة كانت يوما ، وانا متأكد ان مثلها وأزيد كان موجودا، في كل مدن ومناطق بلادنا، وأستمرت على نهجه كُتب وشعارات وايديولوجيات زمنية بعد سقوطه،فلا تستغربوا وجود الارهاب و الدواعش بكل انواعهم ..طالما لم نتعلم الدرس بعد في ان الدين لله والوطن للجميع ...وان الدول والمجتمعات التي تبنت دساتير حقوق المواطنة والحرية والابداع هي التي بقت ونمت وتقدّمت ودخل غيرها مستنقع الارهاب الفتنة والتشرذم والاقتتال والفساد ...حفظ الله ليبيا.

(فندق البيضاء بالاس هوتيل عام 1966-غلاف فلم صوت الموسيقى)