نحن اليوم في حرب لا هوادة فيها على امن ووحدة وهوية الوطن وتاريخه :
البعض وحتى (البعضات) يتحدّثون عن مأسي الحروب والنزاعات ويوجهّون النصائح مدلّلة بالايات والقصص وحتى الاشعار والقصائد والحواطر الوردية والاقوال وشعارات (حقوق الانسان) لتصل إلى "اوقفوا الحرب""نعم للسلام"، ويا سلام ..وكأننا قد اخترنا الحرب طواعية ونحن نبتسم وزاردين جنب منارة سي أخريبيش وبحر بنغازي ونتمشى مع اولادنا وبناتنا وأسرنا على الكورنيش ونتصّفح الكتب والمجلات من دار مكتبة الفضيل او قاعدين نستمع للصادق (مش الغرياني ،النيهوم) او نتحادث مع الفاخري في مقاهي وسط البلاد وشارع الاستقلال ونجول على كيفنا ونشتري البخور والعطور ولزوم الافراح من سوق الظلام ونسمع الحان المزامير الشعبية ونشتري الزبدة الوطنية والفاكهة والمنتجات الوطنية من سوق الاقواس ونشتري الحوت من سوق الحوت ونستمع لصدقي والشعالية وبومدين والصافي بمحلات وازقة شوارع بنغازي العتيقة الجميلة ونمر ونقرأ الفاتحة على ضريح شيخ الجهاد البطل المختار وسط البلاد ،رمز الدين السمح والوطنية والبطولة والجهاد..عندما حصلت حرب فيتنام في الستينات ، بعيداً عن الاراضي الامريكية وليس في عقر دارها ..ظهرت الحركات الشبابية تبعها الادب والفن والشعر عن مأسي الحرب وسقوط الضحايا هناك ، وكان الفنان الشاعر (بوب ديلان)(الذي حصل السنة على جائزة نوبل للسلام) أحد رموزها ، كان شعار (اقفوا الحرب ) و(نعم للسلام)(مطر عنيف سيسقط) ،(اين كنت يا ذوي العيون الزرق !)مقبولا ، دفاعا عن الضحايا والخسائر من الجانبين هناك بعيدا في فيتنام ،حيث لم تُشكّل تلك الحرب تهديد مباشر لامن أمريكا في الداخل حيث لم يغزوها احد حاملاً تهديدا لامن ووحدة أراضيهم وعلى العكس، اتحد كل الشعب الامريكي قبلها عندما شعر بالتهديد الفكري الايديولوجي الشيوعي فترة الخمسينات ، والتي سميّت بالمكارثية نسبة للنائب الجمهوري الامريكي جوزيف مكارثي ذلك الوقت والذي تصدّر هذا المشروع الوطني للحفاظ على هوية بلاده( 1950 – 1955) ورغم التحفظات الكثيرة التي لحقت بالمشروع ،إلا انه تاريخيا منع وحارب أيديولوجية كانت لو ترسخّت لغيّرت الهوية الاقتصادية والاجتماعية لبلاده عُرفت مزاياه بعد اكثر من 5 عقود ! الاولى بمثقفينا اليوم ان يتحدوا ضد التحدي الايديولوجي والهوية الوطنية الليبية لوحدة وامن بلادنا التي تغزونا اليوم وان تتركزّ جهودنا على توحيد البلاد لمحاربة الارهاب وبناء نواة المؤسسات العسكرية و المدنية ومن ثم الالتفات لمشروع وطني مدني يكون نواته دستورا مدنيا جامع ذو هوية وطنية ليبية يحفظ الحاضر والمُستقبل ..بدل المناداة بتقليد شعارات وردية لا تنطبق على حالتنا اليوم !