بحث في هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 6 يناير 2019

الاستقلال في حد ذاته مُعجزة ..

    

      كثير من الكتّاب والكاتبات ، يعزون نجاح إنقلاب سنة 1961 بكل سهولة حسب رأيهم ، إلى ضُعف وهشاشة النظام الملكي الليبي (1951-1969 ) ، بل وصل البعض منهم إلى ان التأثير الإجتماعي كان له ابلغ الاثر في هذا الامر ، وان إختيار مدينة البيضاء كعاصمة لليبيا في اواخر عهد المملكة كان له تأثير ايضاً بحكم عدم رضى اطراف اخرى عن هذا الامر وان عدم وجود احزاب سياسية قد شارك ايضاً ..لا استطيع ان اُنفي هذه النقاط جملة وتفصيلا ، لكنني اذكر الاتي :
* الانقلابات كانت سمة وظاهرة ذلك العصر في منطقتنا منذ إنقلاب حسني الزعيم في سوريا سنة 1941 ، تحت شعارات الوحدة والحرية والاشتراكية ومُحاربة الاستعمار والامبريالية وتحرير فلسطين ، والذي تبعه إنقلابات في مصر والعراق والسودان واليمن وغيرها من المُحاولات ، بالرغم من وجود احزاب بها وكذلك كثير من المؤسسات المدنية  والإعلامية والثقافية .. إذاً لا يمكن إختزال هذا العامل وحده في نجاح الإنقلاب ..وخاصة وان ليبيا كان مطموع بها لأكثر من سبب ، جيوسياسة وثقافية وإقتصادية وسماحة دينها وسياستها وعصرية وحداثة ومدنية دستورها ..
* استلم نظام الانقلاب دولة كاملة الاركان ..دستور ومؤسسات وقوانين وثقافة وتعليم ، كانت سترقي بها لو أستمرّت ، لمصاف الدول والمجتمعات المتقدمة إقتصادياً وإجتماعياً وتنويرياً  ، والذي ظلّ الانقلاب لعقود مُركزّاً على هدمها بما اوتيّ من مال وسلطة وإعلام ومُساندة من انظمة (الشعارات) فيما بعد ، ثم عاد بعد عقود ليرفع شعار الانتقال من الثورة للدولة ولم يستطع ، فعادت رموز تلك الدولة بعد الانتفاضة حيّة وقوية ، كأنها كانت حيّة تحت رماده ...دليل على قوة وصلابة (عضمتها)...
* الفساد وطبعاً سيظل موجودا حتى في اعتى الدول والمجتمعات رقيّاً ..في هذا الشأن اكرّر ان الفساد خلال العهد الملكي كان إستثناءا ولم يكن قاعدة كما اصبح بعده ولليوم ، بل كان خلال العهد الملكي موجود بالجانب المجتمعي وليس بالجانب الرسمي للدولة ، والذي إن ظهرت به كان علاجه القانوني والدستوري متوفّر ، بل كانت مؤسسات الدولة تتحسّن اوضاعها عاما بعد عام ، بل ظلّت مؤسسات الدولة كالتعليم ووسائل الثقافة والعدلية تسعى بشكل مُلاحظ  لللنهوض بالمجتمع إرتقاءا وتنويرا وحقوق مواطنة ...
* لا ننسى ان دولة الاستقلال استلمت مُجتمعاً به الكثير من العوز التعليمي والثقافي المدني والاقتصادي ، بعد الاستعمار الايطالي والاحتلال العثماني لقرون وشهدت ارض الوطن بعض من معارك الحروب العالمية الثانية ، فكانت معركة الاستقلال والتأسيس مُحاطة بأكثر من معركة واكثر من عوز واكثر من عدو ، ولهذا يُعتبر الاستقلال وميلاد دولة في حد ذاته مُعجزة تاريخية وطنية ، ناهيك عن معجزة الإنجازات وسط تلك الظروف ...