الأستاذ عبد الرازق شقلوف الدرسي رحمه الله (درنة 1914- بنغازي2004) ..احد صانعي إستقلال ليبيا ومؤسسّيها وهو الرجل الذى له تاريخ وطنى كله جهاد وتفاني وتضحية ..والذى تولى الشؤون المالية وتنظيمها بعد استقلال ليبيا وهو من مؤسسي وصانعي جزء كبير من النجاح الاقتصادى والبنوك في تلك الفترة والذى جعل من قيمة الجنيه الليبى فى تلك الفترة يساوى 3 دولارات الامر الذي أستمر حتى عام الانقلاب ، (فهناك علاقة وثيقة بين كرامة الامة وقيمة عملتها ) ...توفي الرجل رحمه الله وليس له بيت او ارض او املاك او حساب خارج او داخل ليبيا غير مرتبّه التقاعدي الذي كان لا يتجاوز 300 جنيها ليبيًا عند تقاعده بداية عام 1969 ، و بعد قيام الانقلاب تم التحفظ عليه و تم تخفيض معاشه التقاعدي إلى 110 دينار . و هذا الأمر جعله فى ضائقة مالية اضطر معها إلى ان يبيع كاطه (بذلة رجالية ليبية) ، كي يواجه مصاريف الحياة ....وكان يسكن شقّة بالايجار فى بنغازى ..قبل وفاته .
ألتقيت هذا الرجل الفاضل فى بيت الحاج محمد المهدى ميلاد اطال الله عمره في البيضاء ، سنوات قبل وفاته ،لا اذكر تحديدا ..ومن ضمن حكاياته الجميلة :
كنا قد اعددنا ميزانية تقديرية للدولة الليبية لإحدى السنوات ، وجدنا عجزا فى الميزانية ، أي فرق بين تكاليف ما نريد عمله تلك السنة وبين ما نعتقد انه سيكون ايرادا ، تشاورنا مع السيد رئيس الحكومة السيد حسين مازق رحمه الله ، فاضطررنا الى اقتراح بعض التخفيضات فى بعض البنود حتى نغطّى العجز ، وكان من العادة ان تُعرض الميزانية المعدّلة على ملك البلاد رحمه الله قبل عرضها على مجلس الامة ،اخذ السيد رئيس الحكومة موعدا مع الديوان الملكى لمقابلة الملك ...جلسنا بأدب واحترام فى حضور الملك ..وكان السيد حسين مازق قريبا فى جلسته منه ، يتحدّث اليه شارحا ولكن بصوت لا نكاد نسمعه ،اخذ الملك رحمه الله الاوراق ..لبس نظّاراته ..وبدأ يقرأ ..ثم رأيناه يخط بقلم رصاص بعض الملاحظات ..وعند ملاحظة معينة ..نظر الينا جميعا ..وقال : "لا ..لا ..يا ابنائي ..خفضّو من البنود متاع ..المراسم..الاحتفالات ، السفريات .،السفارات ،المهماّت ،الديوان الملكى ،الضيافة ، الاثاث الحكومي ، ولكن لا تقربوا هذه .،بل زيدوها ، لو تم الغاء هذا البند او تقليصه فكثير من الليبيين رقّاد الارياح ، لن يستطيعو الاستمرار فى الاستفادة "
ونظرنا الى السيد رئيس الحكومة لنعرف ما هو هذا البند المهمّ ..فاذ به يخص ،مصروفات التربية والتعليم .ومنها بند مصروفات داخلي الطلبة فى كثير من مناطق ليبيا ذاك الوقت ، والذي كان من خلاله يتم صرف منح للطلبة والصرف على تلك الاماكن التى تأوي الطلبة من المناطق البعيدة اكلا وشربا واقامة ودراسة مجاناً ..
(وشن جاب لجاب ...!)