بحث في هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 23 فبراير 2019

ثورة على ...الفقيه

    كثيرون من رفاق معمر بومنيار فى انقلابه المشئوم فى سنة النكبة الليبية سنة1969 ،سمعتهم يتحدثون على ان هذا الرجل والذي عرفوه قبل الانقلاب كان متدينا يحفظ القران الكريم وكان خجولا لا يأكل الا من وراء يديه او منديل خجلا، وحتى لا يسمع له صوت اثناء اكله.. وكان يتحدث اليهم عن ضرورة الصلاة وال سمعتهم يتحدثون على ان هذا الرجل والذي عرفوه قبل الانقلاب كان متدينا يحفظ القران الكريم وكان خجولا لا يأكل الا من وراء يديه او منديل خجلا، وحتى لا يسمع له صوت اثناء اكله.. وكان يتحدث اليهم عن ضرورة الصلاة والتدين ولهذا صاروا يستحون منه ولا يلعبون الورق اثناء تواجده او يتحدثون بأشياء دنيويه اخرى امامه!.. وصاروا يلقبونه.. بالفقيه...

     وهكذا تم تسليمه زمام الامر من قبل الانقلابيين واعتباره الزعيم لهم وانقلابهم الكارثى، لأنه رجل (يخاف الله) بالتعبير الليبى العاطفي وفى نفس الوقت يحفظ شعارات عبد الناصر وما يردده صوت العرب فى ذلك الوقت من عدالة واشتراكية وتأميم الممتلكات وتوزيعها وتحرير فلسطين وتوحيد قوى الشعب العامل وتوحيد امة العرب والاسلام ورمى اليهود وما وراء اليهود فى البحر.. والقضاء على (الإمبريالية) والاستعمار وتأسيس منظومة دول عدم الانحياز والتى لو بقيت الى اليوم لكانت انحازت الىى الفقيه وبقية الطغاة ضد شعوبهم.. لان مؤسسيها  هم امثالهم  .. وهو مستعد للخطابة عن هذه الامور حتى يبح صوته وهى من الخصال كانت مستحبة عندنا وللأسف لا تزل، وقد اكتشف الإنجليز مُبكراً هذا (المرض) قبلنا فعملوا فى جزء من حديقة الهايد بارك اللندنية ركنا اسموه (ركن المتحدثون) (Speaking Corner).. يتحدث فيه هؤلاء المرضى او حتى غيرهم عن ما يشاؤون ساعات حتى لايعطلون الذين يعملون، و يعتبرها بعض المشاهدون نوعا من الترفيه فى اوقات فراغهم تطبيقا لـ (مجنون يحكىي وعاقل يستمع).
  عكس الملك ادريس السنوسي رحمه الله، والذي كان يخاف الله قولا وعملا ولكنه كان لا يستمع الى تلك الشعارات المدوية بل حاول ان يبني بلاده بهدوء وتعقل بعيدا عن الضجيج والشعارات والإيديولوجيات التى ثبت بطلانها وزيفها وكان الملك لا يتحدث كثيرا ولكنه يعمل كثيرا.. عكس الفقيه تماما وكل كلماته كانت على الملاء معروفه ويكاد الليبيون فى ذلك الوقت يحفظونها لقلتها ولصدقها ولحكمتها وحاول ان ينأى ببلادنا عن كل تلك المشاكل لانه كما يقول بعض المقربون منه كان دائما يقول ما معناه: ان الشعب الليبى فضلة (بقايا) حروب وفقير وامي ولا يصح الان ادخاله فى حروب او متاهاة اخرى قبل بناء دولة الدستور والمؤسسات وهو الذى كان يؤمن بضرورة تحكيم الدستور فى كل شىء، حتى فى مراسيمه هو والتى اسقط الدستور احداها فى عام 1954 وتقبلها بكل ادب ورحابة صدر.... ورغم ذلك تغلبت المراهقة السياسية والفكرية على صوت العقل والمنطق وتسلل ذلك الفكر المريض والشعاراتي الى ليبيا وحدث الانقلاب الكارثة والذى ستظل ليبيا تدفع ثمنه اجيالا ودماءا ومالا.. لانهم استمعوا يوما ما وبدون عقل وتفكير الى صوت.. (الفقيه)...
  ما ان توطدت اركان ذلك الفقيه حتى بدأ يتخلص من رفاقه واحدا تلو الاخر بعد ان بدأوا يكتشفون ان سيدى الفقيه لديه جوانب اخرى كانت خافية عليهم.. وخاصة انه قد تمكن من حكم البلاد والعباد بدون دستور او نواب وحتى بدون من انقلبوا معه.. وتورطوا وتورطنا وهاهو العالم الحر كله تورط معنا فى هذا الفقيه... وخاصة وانه قد انجب فقهاء اخرون يشبهونه فى الافكار والتصرفات وحب تملك البلاد والعباد واسماؤهم اسلامية مثل (سيف الاسلام وسيف العرب والمعتصم) بل منهم من فتح سويسرا وفرنسا فتحا على يديه وهو السيد هانيبال ومنهم ايضا من تبنى السلفية مثل الشيخ (الساعدى) ولهذا صارت الورطة اكبر..
الا ان ما لم يحسبه سيدى الفقيه هو ان هناك يوم من ايام السنه اسمه 17 فبراير..   . يبدو ان سيدى الفقيه لم يعي الدرس او لانه مريض لا يرى الا ما يريد ان يرى، بعد ان انتقل من مرتبة فقيه الى مرتبة اكبر سفاح وطاغية ضد شعبه فى التاريخ واكير كافر بحق الشعوب فى الحرية والديموقراطية وبناء دولة الدستور والمؤسسات والقانون...
ولكن السؤال الاهم والمهم..هل نحن وعينا الدرس التاريخى القاسى فيكيفية اختياراتنا؟.. وهل يكفى انه رجل طيب ويحج ويصوم ويزكي ويصلي التراويح ويحفظ القران لاختياره للعمل العام..؟ طبعا تلك الامور قد تكون مؤشرا ايجابيا على صلاح الفرد ولكنها فى الحقيقة لا تكفى..؟ لم يكن اوباما ولا ساركوزى ولا حتى برلسكونى متدينين عند اختيارهم،، فتلك الشعوب تنظر لهذا الامر على اساس انه امر شخصى لا يهمهم بقدر ما يهمهم عمله بالبرنامج الذى تم اختياره لاجله.. ومدى احترامه للدستور والقانون وادبيات واخلاق المهنة فلا يجوز للرئيس عندهم ان يمارس عملا لا اخلاقيا والا سيحاكم وما حدث لمدير صندوق النقد الدولى دومينيك ستراوس عنا ببعيد حيث تمت محاكمته واقالته من وظيفته على جرم يرتكبه (فقهاؤنا) بكل بساطة ومع من يريدون بدون حسيب او رقيب جهارا ونهارا.
    لم تعفي الرئيس الامريكى جيمى كارتر كونه (رجل طيب) ويكاد يكون قسيسا فعلا من اعتبار فترة رئاسته من اضعف سنوات امريكا ولم يعاد انتخابه...
     الدولة الليبية يجب ان تكون دولة مؤسسات تحترم فيها الامكانيات والكفاءات بعيدا عن العاطفة والتقييمات الشخصية العاطفية، بناءا على دستور شرعي وطني ديموقراطي به مبدأ التداول على السلطة ونظام فصل السلطات وحرية التعبير واحترام المواطنة.. وهذه احدى مطالب واهداف ثورة فبراير وجزء من متطلبات الثقافة الوطنية الجديدة.

مفتاح بوعجاج  2011/5/8

الأربعاء، 20 فبراير 2019

فيروز ...

ايه ..فيه أمل 13/10/2010 :
       عنوان رائع لعمل أظنّه رائعا لفنانة رائعة... لا اعلم هل أنها بأسبقية كلمة (أيه) تعني معنى الاستهزاء على أساس انه لا أمل! أم ردا على سؤال واضح وصريح :هل هناك أمل ؟..والإجابة نعم أن هناك أمل..إنها فيروز..وهو عنوان ألبومها الجديد منذ زمن طويل .. أنها من جيل العمالقة الذين كوّنوا وجداننا سواء ندري أو لا ندرى وسواء اعترفنا أم لم نعترف كما هي العادة عندنا.....جيل (آخى جاوز الظالمون المدى) و(الربيع وبساط الريح ووردة من دمنا)و(فوق الشوك) و(الأطلال و ولد الهدى)..وكما للعالم الأخر الشمالي لهم بتهوفن وموزارت وبوب ديلان وفرانك سيناترا ..فنحن لنا هؤلاء ...ورغم كل شيء فقد التصقوا بالأرض واقتربوا لمن هم عليها وتغنوا ب(محلاها عيشة الفلاح) و(خليها على الله )و (سلملي عليه) و(اعطني الناي وغني).. واحتشموا وتغنوا بالقصائد واللغة الجميلة التي لا يضاهيها إلا الغناء على الاجواد والاكارم والأوطان وأبطال التاريخ والهوى الماجدولينى هوى قيس وليلى.. مصاحبة بموسيقى تخاطب الروح وتسكن القلوب( عش أنت ..انّى مت بعدك ..واطلًًَُ ما شئت صدّك ..للأخطل الصغير ) ....نعم هم لا يزالون الأمل على أن بإمكاننا أن نكون في قمة الذوق عندما نرى ذلك الجمهور المؤدب يشاهد بكل إحساس وذوق حفلات أم كلثوم في الخمسينات والستينات وجمهور فيروز في حفلتها الأخيرة ،والتي رأينا فيها الصغار قبل الكبار ينصتون خاشعين لتلك الكلمات وتلك الألحان التي تهز النفوس والخواطر وتدخل وتسكن أرواحهم وتجمعهم على وتر واحد بعد أن تكاد أن تفرقهم السياسة والطوائف والجهل والعصبية .. هذا الفن الذي كان ولا يزال من ضمن أدوات التربية التي جعلت من ذلك الجيل فريدا في أخلاقه وسلوكه وصبره وسعيه وذوقه وتحليله وتحريمه وحتى في وطنيته.
(يا فؤادي.. لا تسل أين الهوى ...كان صرحًا من خيال ..فهوى) (أين من عيني حبيب.. ساحر فيه عز وجلال وحياء..واثق الخطوة يمشى ملكا ..ظالم الحسن ...شجي الكبرياء ..عابق السحر كأنفاس الربى ..ساهم الطرف كأحلام المساء) كلمات لذلك الطبيب إبراهيم ناجى صاحب الأطلال تكاد كلماتها تلك تربي جيلا كاملا على معاني العزة والكرامة والثقة في النفس والأدب والحياء .. واجزم أن طبيبا قال هذه الكلمات لن يكون كطبيب يحفظ ويستمع إلى الواوا او الدح الدح انبو ..ولكنهم ولألف سبب وسبب راحوا واختفت أعمالهم مثلهم مثل الكثيرين من أسيادنا ومعلمينا الأفاضل وثقافتهم الفاضلة وحل محلهم الصخب والضجيج والوجيج والإرهاب والتطرف والمكر والحسد وثقافة الأنا ومن بعدي الطوفان و الفن الذي يخاطب الغرائز والأجساد لا الروح والقلوب..المسارح ودور الفن وأروقة الرسومات ( Galleries )والمكتبات ودور السينما ومتاحف للأطفال والكبار والغناء الاوبرالى واحتفالات فنانيهم الكبار لا تخلو منها مدينة أو دولة متحضرة تريد الرقي بسلوك أناسها لتجعل منهم متذوقون ذوي إحساس مرهف يحترمون حرية الآخرين ويفهمون دورة التاريخ والحياة ويتذوقون ويعرفون معنى الذوق العام ..يركبون ويقودون سياراتهم بهدوء ، يحترمون المشاة ويحترمون بعضهم ، لديه إحساس بالآخرين فلا يركن مركبته بطريقة تحتل مكان لأربعه أو عشرة مركبات أخرى ..يتحدث بصوت هادئ ويستمع باحترام للآخرين ويحترم أرائهم ووجهة نظرهم ويذوب في معاني الشعر والأدب..يتألم لمواجع وألام الآخرين ، لديه إحساس مرهف بجيرانه من الساكنين..يحب الصغار ويوقّر الكبار لديه مساحة كبيرة للآخرين وأفكارهم.. ذلك أن الروح والإحساس كما يقولون هي (نار ،إن لم تطعمها لتقوى وتشتعل ..خبت وانطفأت)..وانظروا حولكم ألا ترون معي أن الإحساس قد انطفأ وكبرت نار المادة والجهل والطمع بدلها فكثر أهلها وافرزوا ثقافتهم وأعراضها التي لا استطيع أن اعددها فهي اكبر من ان تخفى على احد !...مرّت على أهلنا سنين ودهور وقرون والأئمة والوعاظ والحكماء والأساتذة يتلون تلك العظات والآداب والقصص والحكم والقول المأثور والوعيد بالويل والثبور وعذاب الجحيم ومع ذلك لا يزال المنحدر طويلا وخطيرا ولم ولن يحدث شيء...وفى ذلك استشهد بتذكير الكاتبة ثريا الشهري لقول الشاعر زهير:
(ما أرانا نقول إلا معارا، أو معادا من قولنا مكرورا) وكان هذا القول منذ ما يقارب الـ1400 عاما ..فماذا نقول اليوم ! ...لنؤكد كلام هذا الشاعر الفحل منذ ذلك الزمن السحيق على ما نقول ونظل نكرر القول ونجتره اجترارا صار مملا لامعنى له ولا اثر !..قد يقول قائل وما دخل فيروز وما تقول في هذا ..أقول ردا : دعنا نجرب شيئا أخر لنخلق إنسانا أخر غير الذي نراه ..دعونا نجرب ونستمع إلى الفن الجميل والشعر والأدب ونفتح ابواب الجمال ، لعلنا نخلق إحساسا وضميرا جديدا...فلم يعد لنا منهم إلا هي ونقول معها أيه..فيه أمل....!
عيد سعيد لفيروز في عيد ميلادها الثمانون ..ولها منا الدعاء بالصحة وطولة العمر ..فأمثالها ...أنس للزمن وملائكة في الارض والسماء..



 

الاثنين، 18 فبراير 2019

صدق الأماني والفعل ........

 "كم اتمنى من الله ان يبارك وان يكون بعون الاجيال الحاضرة والقادمة ، فهم من سيدفعون ثمن و ديون حماقاتنا إن نحن أخطأنا التصرّف او التشخيص او العلاج اليوم "
(هربرت هوفر(Herbert Hoover 1899–1944) )( الرئيس 31 للولايات المتحدة الامريكية...والذي بكثير من سياساته الحكيمة انقذ المجتمع والاقتصاد الامريكي من أزمته وكارثته الاقتصادية خلال ما عُرف بفترة الكساد العظيم (1929-1933) (the Great Depression) (الصور)...



الخميس، 14 فبراير 2019

فبراير2 :



    كان طبيعيا أن لا يكون هناك مستقبل سياسي لنظام سبتمبر ، وكان طبيعياً ووطنياً ان نثور عليه ، ما لم يكن طبيعيا هو أن يضمحلّ او ينقسم وطن مع سقوطه. إذا وضعنا مصر جانبا، لأسباب خاصة بها مرتبطة بتماسك المؤسسة العسكرية ألتجأ اليها حتى حُسني مُبارك أخر ايامه وسلمّها البلاد ،وهذه نُقطة تُحسب له لا عليه ، كما التجأ اليها الشعب المصري لتصحيح مسار يناير فيما بعد ..وكذلك حدث الامر في تونس ..ليبيا أستلمتها فبراير في بداياتها ، بدون مؤسّسات ولا جيش حرفي نظامي ذو عقيدة وطنية ولا دستور ، كانت سهلة لأن يتلقفها اصحاب االمشاريع الجاهزة والتي لم تكن لتعبّر عن طموحات الليبيين والليبيات في خروجهم في فبراير ، رافعين راية الاستقلال والنشيد الوطني ، كإشعار وتعبير عن الوطن وهويته وتاريخه وحتى طموحاته ،كان سقف أحلامنا السماء، فلم نلتفت إلى ما يدبر لنا حيث نصب لنا البعض فخّاً لا زلنا نُعاني اثاره ونكباته لليوم ، فلم يعد الكثيرون يفرقّون بين ممارسات وسياسات هؤلاء وبين نُبل وحلم إنتفاضة بدايات فبراير .. ما يفترض أن تعمل من أجله القوى السيـاسية والثقافية والمدنية اليوم ، أكثر من أي وقت ، هو المساعدة على ضبط الوضع الأمني وحماية الوطن وتأييد مشروع الكرامة لإزالة الارهاب والمفخّخات التي تم زرعها خلال المراحل الانتقالية بكل اشكالها وقادرة في الوقت نفسه على امتلاك رؤية سياسية واقتصادية وأمنية وثقافية ومدنية صحيحة لبناء المؤسسات لمصلحة الوطن والمُصالحة الوطنية في ظل مشروع متكامل للعدالة والإنصاف (فبراير 2) ، اما الحديث عن بناء وطن او صناعة دستورفي ظل تلك (المفخّخات) وبدون مؤسسات امنية وعسكرية وطنية او التشكيك في اهداف المؤسّسة العسكرية التي تُحارب الارهاب وما زرعوه ،(يجوز نقدها موضوعياً ولكن لا يجوز التشكيك فيها ،خاصة بعد تضحياتها البطولية لتصحيح المسار ) ، فهو امر سيشارك في إضمحلال الوطن وتشتيته كما يحدث اليوم ...فلا تظلموا فبراير الأصل ...بل أسترجعوها من هؤلاء الذين يدّعون انهم اصحابها من جماعات الإسلام السياسي وداعميهم .. الأحلام النبيلة عصية على السرقة ، ولا تموت. ما زالت ثورة فبراير تمثل إلهامًا حقيقيًا لنا، وما زالت الحلم الذى يرافقنا، لكنه يحتاج إلى الصبر والأمل والرؤية.. طريق طويل وشاق كُتب علينا، كانت بدايته مظاهراتٍ وخروجًا للميادين للتعبير العلنى عن رفض ما كاد ان يسرق منا المستقبل .. علينا أن نتمسك بما حصلنا عليه بجدارة: الثقة بقدرتنا على التأثير والفعل والتعبير عن اخلامنا وطموحاتنا واننا استطعنا يوماً إزالة نظام الاستبداد وقادرين على ذلك اليوم وغداً..واكتسبنا حرية التعبير وكسر حاجز الخوف الذي أحتجزنا عقودا .. السنوات التى تلت الثورة لم تذهب هباء، كما يظن البعض، صحيح دفعنا الثمن غاليا، لكن ما كان لنا أن نصل لهذا الوعى دونه. لم نعد الشعب الساذج الذى يجمّعونه على فتات شعارات ويفرّقونه بعصا، لكننا أصبحنا اليوم قادرين على التفرقة بين الغث والسمين، بين الصدق والخداع، بين العهود والمشاريع الحقيقية ، والوعود والشعارات الواهية.
المجد والعزة لشُهداء فبراير والكرامة الشرفاء ..وحفظ الله الوطن ..

الأربعاء، 6 فبراير 2019

راية الوطن .......

  


  عندما ارى علم وراية الاستقلال مرسوما ومرتفعا وموشوما فى كل مدن ليبيا ..في ازقتها وفى ميادينها ..وفى كل القرى النائية والمتبعثرة فى صحارى وجبال الوطن غربا وشرقا وجنوبا ..عندما اراه مرتفعا ومحمولا فى ايادى الاطفال وعلى جدران مدارسهم فى زوارة والزنتان ومساعد وجادو ومرزق والرجبان وسبها والكفرة ومصراته والبيضاء وبنغازي واجدابيا وسلوق ودرنة وزليتن وبين ازقّة طرابلس المدينة القديمة وسلوق والجغبوب وسرت والزاوية والقبّة وشحات وسوسة وغيرها من مدن وقرى الوطن ...عندما رأيت احد او واحدة قد رفع تلك الراية من وسط بركة مياه امطار فى احدى مناطق ليبيا النائية جنوب غرب ليبيا ووضعها على اعلى حجر فوقها هيبة واحتراما ..عندما رأيت طفلة صغيرة فى احدى قرى ليبيا البعيدة جنوب طبرق تلعب امام بيتها الشعبى القديم المبني من الزنك ، تلفّ يدها بشريط من علم الاستقلال ..عندما رأيت قبراً لأحد الشهداء موصوعا عليه علم الاستقلال فى مقبرة قديمة بالمرج وأخرى في الزاوية وغرباً في غدامس...عندما رأيته محمولا فى مقدمة احدى الفرق الرياضية المشاركة فى مسابقة خارج الوطن ..عندما رأيته مرسوما على سيارة قديمة جدا تسير بشارع من شوارع صبراته المهشّمة ...عندما اراها وقد رسمت على باب احد المحلات البسيطة فى اسلنطة ...وفى ام الرزم وفى جالو وهون....اذوب خجلا وحشمة ممن يرتفع كلامه عن الجهة والجهوية والمناطقية ...

السبت، 2 فبراير 2019

صدى السنين الحاكي :


     السيد السكوري العبيدي (رحمه الله) .. كان شخصية من شخصيات ووجهاء المجتمع أبان العهد الملكي طيّب الذكر، وكان لا يملك من حطام الدنيا شيئا غير هندامه النظيف والانيق دائما ووجهه الجميل البشوش على عادته..جلس يومًا في حافلة من حافلات ذاك الزمن راجعًا الى منطقته وبيته الذي يبعد حوالى 80 كيلو متر شرق مدينة البيضاء قريباً من (منطقة زاوية ترت) ، بعد ان قضى اياماً في ضيافة أصحابه بالمدينة .. لم يكن في جيبه غير جنيهًا ليبيًا واحدا وهو كان قيمة واجرة النقل ....جلس وسط الركاب ..وظل يتحسًس ذلك الجنيه خوفا من ان يفقده فيكون مُحرجا امام سائق الحافلة عندما يحين مطالبة الاجر وخاصة وان كل من يراه يعتقد انه من الأغنياء ( لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ ) ..ركبت امرأة ليبية ..يبدو انها كانت تريد نفس الوجهة الا انها لا تملك نقودا ..وظلّت واقفة مدخل الحافلة تتأمّل فى وجوه الركّاب وهندامهم ..فتوسّمت في صاحبنا خيرا .. منظر وهندام ووجاهة وهيبة ...توجّهت نحوه مباشرة وتركت بقية الركاب الآخرين.... ادلت له بسرّها وكيف انها مضطرّة للسفر ولا تملك الاجر اللازم ..وقف صاحبنا واجلسها مكانه..قائلا لها بنُبل : (انتِ محظوظة ..فقد نسيت فى المدينة شيئا ولهذا اريد ان انزل وسأخذ حافلة اخرى ان لم الحق على هذه الحافلة اليوم )...ذهب مباشرة الى السائق وناوله الجنيه الوحيد الذى يملك ...كأجر سفرية تلك المرأة ..وغيّر هو طريقه الى وجهة اخرى ...بجيب فاضي ....بعيدا عن بيته وأسرته ..ولكن اعزّاء واصدقاء ومعارف وكِرام كثيرين ... في المدينة ..البيضاء..
(رواية احد اصدقائه سي عبدالله المسماري 2014)


Reaader"s Digest





      ذات ليلة غشاها الضباب ..شاهد ربّان سفينة ما ظنّه أنوار سفينة أخرى تتقدم نحوه.. و طلب من المسئول عن الإشارة أن يوجه أنواره نحوها معبّراً بالضوء عن الآتي : بدّلوا إتجاهكم 10 درجات جنوباً..وإلا سيحدث إصطدام ..وأتاه الجواب : بل بدّلوا أنتم إتجاهكم 10 درجات شمالاً..وعندئذ أجاب الربان بنفسه : بما إني القبطان ..ينبغي أن تُطيعني و تُغيّر إتجاه سفينتك 10 درجات جنوباً..جاءه الآتي : و أنا بحّار من الفئة الأولي ..لذلك عليك أن تُطيعني و تغير إتجاهك 10 درجات شمالاً... جنَّ جنون القبطان الذي عاد يقول الأتي : انّي قائد سفينة حربية و ها أنا آمُرك بتعديل إتجاهك..عندها جاءه هذا الجواب : اما أنا فقائد المنارة البحرية التي تهتدي بها انت الان ، و لهذا أحثّك علي التقيّد بأمري فوراً...وإلا ضيّعت نفسك وضيّعتنا !
(مجلة المختار(ٌReader's Digest) أبريل 1984)


الجمعة، 1 فبراير 2019

العراق .............




صدى السنين الحاكي :
  زار اخر ملك للعراق (الملك فيصل الثاني 1935-1958 ) إحدى مدارس منطقة الموصل (مدرسة الوطن في لكش وسط مدينة الموصل ، اول مدرسة تاريخية في المدينة).. قبل وصوله لها ، ارسل لهم طلباً ..اتمنى من كل المُعلمين والمعلمات ان لا ينحنوا لي امام طلابهم (وهي عادة وتقليداً كان موجوداً ذلك الوقت دليل الإحترام والتقدير )..بعد وصوله ، طلب جمع كل المُعلّمين والتلاميد في ساحة المدرسة ...ذهب اليهم ووقف امامهم ...وهو الذي انحنى لهم إحتراماً وتقديرا ...بعدها قام الإنقلاب تحت شعارات (الحرية والاشتراكية والوحدة وتحرير فلسطين والقضاء على الامبريالية ووو..) ، تم إعدام الملك الصغير في (ثورة ) هوجاء..فيما بعد انصفه وانحنى له التاريخ ..وظلّ العراق بعده و لليوم في أزمة ..وكثير من الإعدامات ..
(من صفحات تاريخ العراق )