بحث في هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 29 أغسطس 2019

ذكريات ....

كنتُ طفلاً ، توفي اخي الأكبر الجميل والذي يكبرني بسبع سنين ..بعد أيام وجدت حنّي (جدتي الحنون سالمة) اثار واضحة لقدميه في باحة البيت التُرابية حيث كان يلعب عادة لعبته المُفضّلة تحت شجرة التين ..بنتْ حولها سياجاً من لوح حتى تقيهما وتحفظهما من هبوب الرياح ...لكن أمطار الشتاء ازالت الاثار ...بكت كثيراً ..لم تهدأ إلا عندما رأت ان ازهاراً برّية وفراشات جميلة قد حلّت محلّها في الربيع ...

الأربعاء، 21 أغسطس 2019

الدين لله والوطن للجميع ...

    

    بدايات طيّبة لحلم نبيل ، التقت فيه المسيحية مع المُسلمة في وطن واحد للجميع :
المجلس العسكري في السودان ،أستطاع بعد خلعه عمر البشير، تلبية لرغبة السودانيين في إنتفاضتهم بعد ثلاثة عقود من حكمه وإخوانه ، ان يضبط الامن وحركة الشارع والحد من الإضرار بأمن السودان (الباقي) وسيادته وان يُبعد القوى الخارجية المتطرّفة والمؤدلجة والمُخرّبة وعدم تدخلّها في الشأن السوداني الداخلي وعن الشارع وعن الإنتفاضة ، وايضاً كان للتيار المدني الوطني النخبوي تأثيره الواضح في توصيل فكرة ان (الحكم المدني) هو المطلب الأصل ، ولا يتعارض ذلك مع وجود مؤسّسة جيش قوية وحرفية ووطنية ترعى الوطن وتحميه الان وغداً ..فوصل الإثنان إلى قناعة انه خلال المرحلة الإنتقالية (13 شهراً ) ، لابد من مرحلة إنتقالية تجمع الإثنان في مجلس سيادي (مدني عسكري ) ، لحكم السودان من خلال إعلان دستوري اتفق عليه الطرفان بالتراضي والوفاق ...إختراع املته الظروف وضرورات حفظ الوطن وتحقيق المطالب والوصول بالسودان لمستقبل افضل ،يتعايش فيه الجميع ما عدى القوى المتطرّفة ذات المشاريع البعيدة عن الهوية الجامعة ...والتي فرّقت يوماً بين الأمة السودانية الواحدة وكادت ان تقسّم حتى المُقسّم ، بسبب إلغاؤها لحقوق المواطنة وإستشراء الفساد وجعل حياة السودانيين صعبة وضنكا خلال عقود ...

الاثنين، 19 أغسطس 2019

حين كان القميص ....مشجّر.


   ولد الشاعر الليبي جيلاني طريبشان في بلدة الرجبان عام 1944م وانتقل للإقامة في طرابلس ابان العهد الملكي، ثم نشر انتاجه في أغلب الصحف الليبية الصادرة في الستينيات وسبعينيات والسبعينات...صدر ديوانه الأول عام 1978وكان بعنوان (رؤية في ممر) ، خرج بعدها الشاعر إلى المنفى الاختياري في بعض البلدان الاوروبية ثم استقر في العراق وأقام فيها عدة سنوات ...رجع إلى ليبيا (الجماهيرية) ، وحاول الاندماج في الحياة الثقافية مرة أخرى ، لكنه وجد أن الظروف لا تزل صعبة ، صدر ديوانه الثاني عام 1999 وكان بعنوان (إبتهال للسيدة نون)..له عدد كبير من النصوص الشعرية المنشورة في الصحف والتي لم تنشر في دواوين ...في السنوات الأخيرة من عمره عاد  لمدينة الرجبان ...الجبل الغربي ، حيث نشر اخر قصائده...قصيدة (مُكابدات ..او.. ما الذي جئت تفعلُه !) قبل وفاته 2001.... رحمه الله :
ما الذي جئت تفعله !
في بلاد لست تعرف فيها أحد !
قد آن لك أن تستريح ..
.......................
ما الذي جئت تفعله !
فالدوائر ليست كما تتراءى الدوائر ...والشوارع عامرة بالأفاعي ..
والبنات يداومن في الصبح في الثكنات ...
  ما الذي جئت تفعله ! 
..........................
تجلس الساعة في فندق ..يطل على المتوسط ....(يقصد احد فنادق طرابلس )
ليس فيه من بهجة النُزل غير الضجيج ....
.................................
قبل عشرين عاما ...
عرفتك الشجيرات في أول التلّ... 
طفلاً صغيراً ....  يداعب سرب حمام ..
ويبني قصوراً من الوهم ....أو وطناً ...
يحلم أن يتبادل فيه المهمات ...وها أنت في جبل (يقصد الجبل الغربي )
ليس فيه من الأطلس غير الحجارة ...
تنتظر الشعر ....تخلق طقساً من الوهم
تفتش في ذكريات الليالي الطويلات 
ثم تسأل :هل حقا كنتُ أنا ذلك المارد المتدفق بالأمنيات !
هل ذبلت زهرة القلب ؟ 
وكيف تخبو الأماني الجميلات ؟
أيها الشعر :آه لو جئتني قبل هذا السكون ...حين كان القميـــص مشجّر .
الجيــــــــــلاني طـريبشــــــان (1944-2001)
(معلومات الأستاذ  مفتاح قناو)




الاثنين، 12 أغسطس 2019

طال الليل ....

    يفرحون اليوم لأن الفحم النباتي متوفّر وبغزارة ..لكنهم سيتأففّون ويحزنون يوم تأتيهم رياح القبلي الصحراوية محمّلة بالأتربة وكل انواع شكاير النايلو تلطُمهم على وجوههم ، وحرارة الجو ونقص الأمطار ..ميزان وقضاء الكون عادل ..خاصة عندما يكون الفرح على حساب شيء آخر مُقتصّ من ميزان الطبيعة ...وبدون تعويض .

الأربعاء، 7 أغسطس 2019

عرس الزين :


      مشروع الإسلام السياسي الذي جسّده نظام عمر البشير عبر عقود ، كان السبب الرئيس الذي فصل الجنوب عن الشمال في السودان، ذلك الانفصال والذي ساعدته بعض القوى الغربية تحت حجج وشعارات إنسانية وحقوقية وكثير من الأطماع التي عززها تحكّم جماعات الإسلام السياسي  بالسلطة وفشلهم في الحفاظ  والقبول بالتنوّع والتعدّدية  التي كان يتصف بها المجتمع السوداني بطيبته وتسامحه ..فشريعتهم التي ابتدعوها يوماً ، أمرت بجلد امرأة سودانية مسيحية بحجة انها ارتدت بنطلوناً في الشمال..ففرّت بجلدها وبنطلونها وهويتها هي واهلها للجنوب وطالبوا بدولة لهم هُناك ، بعد ان عاشت قرونا واسرتها واقربائها واهلها في الشمال .. طبعا لا يزل جماعات الإسلام السياسي قادرين حتى اليوم على تحريك الدولة العميقة فهم اليوم وعبر الجزيرة يحاولون تأليب الرأي العام السوداني على ان (إتفاق العسكريين والمدنيين) لم ينص على مكانة (الشريعة) ..تحدّث احدهم عن ذلك ( عبد الحي يوسف )..فكتب كثير من السودانيين ،خاصة فئة الشباب ، رداً عليه .."اسكت انت يا إنتهازي ..الم تذهب الى ليبيا يوما ً وتخطب دعماً للإرهابيين والمتطرّفين هُناك .. " ..كم كان مثارا للإعجاب ايضاً قدرة العسكريين الذين انضمّوا لمطالب الشارع السوداني ، على الإعتذار والمُحاسبة لكل الأخطاء التي حصلت وكذلك منع عدد من المُحاولات الانقلابية للنكوص عن التغيير  ..ارى ان السودان اليوم ونخبه سواءا العسكرية او المدنية قد صنعوا خارطة طريق ستؤدي بهم إلى دولة مدنية ذات مؤسسات حديثة ومنها جيش وطني حرفي سيكون حارساً لتلك الدولة ، ومن الممكن بعدها حتى إصلاح ما افسده الاسلام السياسي إقتصاداً و توحدّاً وهوية وتنمية مستدامة ...كتب يوماً الكاتب السوداني الشهير الطيب صالح (1929-2009 ) صاحب رواية (موسم الهجرة إلى الشمال *1969 ) ، كتب رواية عن (عرس الزين)..قرأناها بإعجاب يوماً ..وكأنه يتحدّث عن عرس السودان اليوم ..

السبت، 3 أغسطس 2019

فكّر بشكل مُختلف

ثروات أمريكا الحقيقية :
      شركة أبل الأمريكية للتكنولوجيا ( Apple )، أصبحت في مثل هذا اليوم من العام الماضي ، أول شركة في التاريخ تتجاوز قيمتها السوقية تريليون دولار (1000000000000) (الف مليار دولار)...وطبعاً ،هي مشهورة بصناعة جهاز تلفون (الايفون ) وكذلك اجهزة كمبيوتر ابل ولوازمها وغيرها من البرمجيات والتقنيات ..مؤسسّها وصاحبها هو ستيف جوبز(Steve Jobs) ( 1955-2011) ، تأسست سنة 1976 بعلامة التفاحة الشهيرة ، بالنسبة لصناعة جهاز الايفون هو يحتاج إلى خمسين غرام نحاس ، 100 جرام بلاستيك ، والباقي (مكونات عقلية علمية) والذي نحتاج نحن لشرائه حسب اسعاره الحالية إلى حوالي 50 برميل (Barrel ) من النفط ..لم استطع كبح خيالي فيما لو حدث إنقلاب كما (الفاتح 1969 ) في أمريكا رافعاً شعارات الاشتراكية والحرية والتحرير والوحدة والقضاء على الامبريالية والصهيونية وطز في ... وبلا بلا ، وتم الزحف و تأميم هذه الشركة ..ويتحوّل عمالها إلى (شركاء لا اجراء) وتوابعها..هل سيظل نموها ونجاحها بهذا الشكل ! ....وتخيلوا مرة اخرى ان تطبّق فيها شعارات ( المرابحة) و(الصيرفة الإسلامية) وغيرها من شعارات (الإسلام السياسي) على طريقة الجماعة ، او تشكّل بها (هيئة مركزية للرقابة الشرعية..كما في مصرف ليبيا المركزي) ..ماذا سيكون مصيرها !...بما حدث ويحدث فقد قضينا للأسف على المئات من المُبدعين الـ(Jobs) الليبيين عندنا خلال خمسة عقود .... هذه الشركة تُراقبها المؤسسات المدنية وسلطات الدولة الأمريكية الرسمية والمدنية عن طريق الدستور الأمريكي..(تم إعتماده عام ( 1787)  ، وتعديلاته اللاحقة ، وقوانين الجودة و منع الاحتكار والمنافسة والشفافية ودفع الضرائب للحكومة مُقابل الخدمات وبناء البنية التحتية العامة (دولة الخدمات وليس دولة التملّك والإدارة ) ...ستيف جوبز ..هو أغنى رجل في العالم (حيّا وميتاً) ، ومع ذلك كان لا يمتلك سيولة نقدية بجيبه (مثله مثل كثير من التجّار ورجال الأعمال)، بل مجرّد ورقات إيداع من بنوك تُفيد بأن لديه رصيد كذا وبطاقات ائتمانية (ثقة) ، يستطيع بها ان يدفع ما يشاء لمن يشاء ، كما لم تكن تراه مهتماً كثيرا بهذه (الدنيا الفانية ) (الصورة ) ، بقدر ما يترك بها من بصمات وإبتكارات تُفيد الإنسانية وبلاده وإقتصادها ومؤسسته ونجاحها ......

الجمعة، 2 أغسطس 2019

التوازن ..أساس الحياة

الإخلال بتوازن الطبيعة ، والبيئي يُنتج اضرارا كثيرة ومتنوعة :
في سنة 1958 أمر الزعيم الصيني ماوتسي تونغ شعبه ، بقتل جميع الطيور البرية .. بحجة انها تأكل المحاصيل والحبوب وتفتك بالإنتاج الزراعي !
وبالفعل بدأ الفلاحون يقتلون عشرات الآلاف من الطيور .. وكان كل من يقتل أكبر عدد يتلقى جوائز ومكافآت ويعامل معاملة الأبطال الوطنيين ...بعد هذا الأمر انتشر لاحقًا الجراد بأعداد هائلة و الذي كانت تتغذّى عليه تلك الطيور ..وبدأ ذلك الجراد في اكل تلك المحاصيل بشراهة اكثر من الطيور .. فكان ذلك أحد الأسباب الرئيسية لمجاعة الصين الكبرى سنة 1961 .. والتي تسببت فيما بعد بهلاك أكثر من خمسة عشر مليون صيني بسبب الجوع .....
(الصورة ..الجبل الاخضر )