الإقتصاد الليبي وللتاريخ لم يكن في اي يوم من الايام رهينة لأي من المنظمات والبنوك او صناديق النقد الدولية او غيرها ..خلال العهد الملكي كان السبب ليس النفط ، فالنفط لم يبدأ تصديره إلا عام 1962 ، ولم تتعادل تقريباً إيراداته مع مصروفاته ومصروفات الدولة الليبية إلا بداية 1968 ، بل كان السبب الرئيس هو محافظة المؤسّسين على السيادة الوطنية الليبية وخاصة السيادة الإقتصادية وإحتضان قطاع الاعمال وتشجيعه وإحترامه ، اما في عهد النظام السابق فكلنا نعلم السبب ، إرتفاع اسعار وإنتاج النفط ، والفائض الكبير الذي حصل نتيجة لذلك ، وإستلام دولة كاملة الاركان والمؤسّسات والسيادة ، وبالرغم من ذلك لم ينعكس ذلك على أي تنمية بشرية او مكانية او إقتصادية في الداخل ، (كان هُناك تنبؤ بالعجز في قطاع الاسكان يقدّر بحوالي مليون وحدة سكنية للسنوات الخمس ( 2011- 2016) ..(على سبيل المثال) ، اما عن الطرق والمواصلات والبنية التحتية وبناء وتخطيط المُدن ، فحدّث ولا حرج ، والسبب في رأييّ ،هو إحتكار النظام وعقيدته لكل مظاهر وسائل التنمية والقضاء تماما على ريادة قطاع الاعمال في مجالات الزراعة والصناعة والتجارة وحتى الاستيراد وغيرها .. ما ظهر كمشاريع زراعية وصناعية وغيرها خلاله ، احتكرته الدولة تملكاً وإدارة وعقيدة ، ونحن نعرف جميعاً كيف انتهت إلى لا شىء بمجرّد سقوط تلك الإدارة وذلك المالك ..الازمة الاقتصادية الليبية اليوم ، لا شك ان جزءاً رئيسياً يعود سببه إلى أننا ورثنا ذلك الاقتصاد الريعي الذي يعتمد اساسه على النفط ، والاعظم بسبب ، سيطرة المؤدلجون اليوم على مقادير الادوات الإقتصادية ووسائل توزيعها ، وهم لا يفهمون في الإقتصاد غير (فقه) سبائك الذهب والدولارات وغيرها من النقد الذي يسهل نقله وتهريبه وحتى إخفائه ..فأنحصر الاقتصاد في هذه الجزئية ، فأنطبق عليهم القول (قد يكون لديهم تضخّم كبير في فقه التدّين.. لكن يقابله ضعف كبير فى فقه العلوم والاقتصاد والمعاملة بما يليق بالعصر الحديث وعلوم الحياة) وقد ينطبق علينا وعليهم ايضاً المثل الشعبي الليبي (عندما يلتمّ المال والاهبال ، يريح المال ويقعد الاهبال ) .