بحث في هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 14 فبراير 2019

فبراير2 :



    كان طبيعيا أن لا يكون هناك مستقبل سياسي لنظام سبتمبر ، وكان طبيعياً ووطنياً ان نثور عليه ، ما لم يكن طبيعيا هو أن يضمحلّ او ينقسم وطن مع سقوطه. إذا وضعنا مصر جانبا، لأسباب خاصة بها مرتبطة بتماسك المؤسسة العسكرية ألتجأ اليها حتى حُسني مُبارك أخر ايامه وسلمّها البلاد ،وهذه نُقطة تُحسب له لا عليه ، كما التجأ اليها الشعب المصري لتصحيح مسار يناير فيما بعد ..وكذلك حدث الامر في تونس ..ليبيا أستلمتها فبراير في بداياتها ، بدون مؤسّسات ولا جيش حرفي نظامي ذو عقيدة وطنية ولا دستور ، كانت سهلة لأن يتلقفها اصحاب االمشاريع الجاهزة والتي لم تكن لتعبّر عن طموحات الليبيين والليبيات في خروجهم في فبراير ، رافعين راية الاستقلال والنشيد الوطني ، كإشعار وتعبير عن الوطن وهويته وتاريخه وحتى طموحاته ،كان سقف أحلامنا السماء، فلم نلتفت إلى ما يدبر لنا حيث نصب لنا البعض فخّاً لا زلنا نُعاني اثاره ونكباته لليوم ، فلم يعد الكثيرون يفرقّون بين ممارسات وسياسات هؤلاء وبين نُبل وحلم إنتفاضة بدايات فبراير .. ما يفترض أن تعمل من أجله القوى السيـاسية والثقافية والمدنية اليوم ، أكثر من أي وقت ، هو المساعدة على ضبط الوضع الأمني وحماية الوطن وتأييد مشروع الكرامة لإزالة الارهاب والمفخّخات التي تم زرعها خلال المراحل الانتقالية بكل اشكالها وقادرة في الوقت نفسه على امتلاك رؤية سياسية واقتصادية وأمنية وثقافية ومدنية صحيحة لبناء المؤسسات لمصلحة الوطن والمُصالحة الوطنية في ظل مشروع متكامل للعدالة والإنصاف (فبراير 2) ، اما الحديث عن بناء وطن او صناعة دستورفي ظل تلك (المفخّخات) وبدون مؤسسات امنية وعسكرية وطنية او التشكيك في اهداف المؤسّسة العسكرية التي تُحارب الارهاب وما زرعوه ،(يجوز نقدها موضوعياً ولكن لا يجوز التشكيك فيها ،خاصة بعد تضحياتها البطولية لتصحيح المسار ) ، فهو امر سيشارك في إضمحلال الوطن وتشتيته كما يحدث اليوم ...فلا تظلموا فبراير الأصل ...بل أسترجعوها من هؤلاء الذين يدّعون انهم اصحابها من جماعات الإسلام السياسي وداعميهم .. الأحلام النبيلة عصية على السرقة ، ولا تموت. ما زالت ثورة فبراير تمثل إلهامًا حقيقيًا لنا، وما زالت الحلم الذى يرافقنا، لكنه يحتاج إلى الصبر والأمل والرؤية.. طريق طويل وشاق كُتب علينا، كانت بدايته مظاهراتٍ وخروجًا للميادين للتعبير العلنى عن رفض ما كاد ان يسرق منا المستقبل .. علينا أن نتمسك بما حصلنا عليه بجدارة: الثقة بقدرتنا على التأثير والفعل والتعبير عن اخلامنا وطموحاتنا واننا استطعنا يوماً إزالة نظام الاستبداد وقادرين على ذلك اليوم وغداً..واكتسبنا حرية التعبير وكسر حاجز الخوف الذي أحتجزنا عقودا .. السنوات التى تلت الثورة لم تذهب هباء، كما يظن البعض، صحيح دفعنا الثمن غاليا، لكن ما كان لنا أن نصل لهذا الوعى دونه. لم نعد الشعب الساذج الذى يجمّعونه على فتات شعارات ويفرّقونه بعصا، لكننا أصبحنا اليوم قادرين على التفرقة بين الغث والسمين، بين الصدق والخداع، بين العهود والمشاريع الحقيقية ، والوعود والشعارات الواهية.
المجد والعزة لشُهداء فبراير والكرامة الشرفاء ..وحفظ الله الوطن ..