بحث في هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 31 مايو 2019

درس بدون عظة ...

*العاقل هو اللي يوسّم اعلله* ...قول ليبي قديم 
     احد الليبيين سافر منذ زمن ، وبعد نجاحه الثانوية ، إلى بريطانيا للدراسة الجامعية ...نزل فى مطار هيثرو / لندن ..بعد تفحّص جوازه وإستماره الدخول التي عبأها في الطائرة قبل نزوله ، تفحّص ضابط الجوازات الإنجليزي الجواز والاستمارة ..ثم ارجعها له ، وافهمه بأدب ان معلومة وخانة تاريخ الميلاد ناقصة ..فهو يجب ان يكتب اليوم والشهر والسنة ..وحيث ان صاحبنا لم يكن يعرف إلا السنة او لقبُها (عام النار ، عام الكبّة ، عام المطر ، عام الزلزال ، عام لمّة النواجع وهكذا ) ، كعادة مُعظم الليبيين والذين عاصروا ظروف بلادنا الصعبة في تلك الازمان ..ومع اصرار الضابط الذى لا يفهم هذا الامر ..اضطًّر صاحبنا لكتابة يوم وشهر كما خطر له تلك اللحظة ...دخل صاحبنا الى بريطانيا وعند احتياجه لشراء سيارة بعد فترة من الزمن ..اضطّر الى تعبئة نموذج شركة التأمين ..وطلب منه مندوب الشركة فى خانة ميلاده كتابة اليوم والشهر والسنة ..وحيث ان صاحبنا قد نسيّ ما كتب حين دخوله الى بريطانيا اول مرة ..فقد كتب ايضا ما خطر عليه تلك اللحظة ..يعد يومان جاءته رسالة مؤدّبة من شركة التأمين .."السيد المحترم ..حين دخلت بريطانيا عن طريق مطار هيثرو لندن بتاريخ كذا ، فقد كتبت تاريخ ميلادك بكذا ..وفى استمارتنا قد كتبت شيئا مُخالفاً له ..الاخطاء البشرية جائزة وتحدث كثيرا ..فقط نريد منك إفادتنا أيهما الأصحّ حتى نثبتّه فى دفاترنا ونبعث لك تهنئة بعيد ميلادك الصحيح . ..ولا تنسى ان تحتفظ به..وتذكره دائما فهو مهم جدا حتى وان لم تؤّمّن لدينا ..اطيب الاماني لك ....."
علّق صاحبنا على ذلك فقال : (حينها عرفت اننّي فى بلد تُكتشفْ فيها الأكاذيب ..وعاهدت نفسي بعد ذلك ان اُراجع وادققّ فى كل كلمة اكتبها او اقولها ..كانت لي هذه الحادثة ..اكثر تأثيرًا من كل الخطب العصماء والانذارات بالويل والثبور و عظائم الأمور التي ظللت اسمعها فى بلدى فى الجوامع والكتاتيب والاذاعات والمنابر والساحات واقرأها فى الكتب والصحف واسمعها كثيرا من الشيوخ والفتاوي ..والغريب فى الامر انه درس جاءني بكل ادب ولطف وإحترام ومودة ... ورغم ذلك لم انساه لليوم ) .

الأحد، 26 مايو 2019

الديموقراطية تحتاج بنية متكاملة ...

   الحقيقة لا توجد وجه مقارنة اصلاً حتى نحزن كثيرا على ما يحدث عندنا او ان نُعجب كثيرا بما يحدث عندهم..فتقريباً في الأول من يناير 1801، توحّدت مملكة بريطانيا ومملكة إيرلندا وأسّستا المملكة المتحدة والتي تُعتبر تاريخياً قاعدة الديموقراطية الغربية التاريخية وبعد كثير من الحروب والفقر والنزاعات والمعاناة والتأسيس والبناء ، مع كثير من الثقافة والتعليم والتربية والأدب الإنساني تولته نخبة من العلماء والمؤسسين و الأدباء والفنانين والسياسيين والفلاسفة الانجليز والغير انجليز ، كما كانت من اوائل من اخترع (الاستعمار) فكان يُقال عنها (الامبروطورية التي لا تغيب عنها الشمس) ، وفيها حدثت الثورة الصناعية الأولى والتي نتمتع بخيرات مُنتجاتها وتقنياتها اليوم ..إن اردنا ان نصل فلا يجب ان نطل على تلك الممارسات الديمقراطية من فوق ونتباكى ..بل نبحث عن بداياتها من تحت ونتعلّم ، ادعى معمر القذافي انه (ديموكراسي) لكنه وبعد اربعة عقود من التمسّك ، تم إزاحته من قبل إنتفاضة شعبية ، فترك وطنا مأزوماً ولكنه لم يترك دولة ، وحتى الوطن ولولا الأسس التي بناها الأجداد المؤسّسين و القواعد والقوانين الدولية للحدود لكان قد تركه سفرتحاً كما يُريد من قفزوا على إنتصارات تلك الإنتفاضة اليوم ، ومن أجل إزاحة عمر حسن البشير ونظامه في السودان ولمدة ثلاثة عقود ، كان لابد من القبض عليه ولكن بعد ان افسد الاقتصاد وقسّم السودان ..ملاّت إيران وفقيهها يبدو انهم لن يتركوا السلطة في بلادهم إلا بعد إفقاره والدخول في حرب قد لا تُبقِ ولا تذر..عن (جماعتنا) وفي 2014 ، مارسنا قليل من الديموقراطية ، اخرجناهم بالصناديق ، فأحرقوا كل شىء ولا يزالون ، مُتلبسين بشعارات (الثورة) ، تيريزا ماي رئيسة الوزراء البريطانية وبعد فقط 3 سنوات اضطرّت للإستقالة في مشهد عاطفي ومؤثّر وتاريخي، رغم انها كانت تُنفّذ في حكم إستفتاء شعبي بنعم للخروج من الاتحاد الأوروبي ..إلا انها بكت على مغادرة خدمة وطن .... ابى ان يُغادرها...

الجمعة، 17 مايو 2019

الشلطامي ........


الفجـر مـا يمسكـه لحـاف ........ مسـفي على بيت خالي ...
إن كان ظلّمـت سـاعة اسـلاف .. يجيك القمر في العلالي ...
ونا نقول يا وطن نكان صاف عشبْك... نخيلك ديما عوالي ...
مـا يطـقّهـن حد في كـاف .......... ولا اتطقّـهن ايـد والـي ....
تـرابـك على قـدّ ما شـاف ......... ياما صبر لريـح القبالـي ..
وأن صار ماصار ، لا تخاف ...........يكفيك فيه الغـوالي ........
(محمد الشلطامي)

الخميس، 16 مايو 2019

جون دينفر ـJohn Denver


     مُعظم اجيال الأمريكيين تعرفها ،يعرفها الصغار والتلاميد والطلبة وفي كل الولايات ، ولا تخلو منها مدرسة ولا مكتبة ، تسمعها في المطارات والكافيهات وكافتيريا الجامعات وحتى اليوم ..(خذني لموطني) ..الفنان الشعبي الامريكي الراحل جون دينفر(1943-1997) ...يتغنى بطبيعة بلاده قبل كل شىء ...طبيعتنا وبيئتنا الليبية الجميلة ومزارعنا وارضنا والعيون والسواقي و صحرائنا الجميلة ، لا بواكي عليها اليوم ........

الثلاثاء، 14 مايو 2019

زوربا اليوناني ..



 "الا تخجل ..كثير من الناس هم حيوان مُفترس ..هل هذا مكتوب في كُتبك ايها الرئيس !" ...
"إن الانسان احيانا هو كالحيوان المفترس ، انه ياكل خرافا وايضا دجاجا وخنازير ويزيد عليه كونه انه ... اذا لم ياكل لحم انسان فانه لا يشبع.
"أنا حر وغني ومتعلّم وقرأت الكثير من الكتب ...يا زوربا
"كلا انت لست حُرّ ايها (الرئيس). كُلُّ ما في الأمر ، أنّ الحبلَ المربوط َفي عنقكَ أطولُ قليلاً من حبال الآخرين".
 إن في جسدك روحاً، ويجب أن تشفق عليها، أعطها شيئاً لتأكله أيها (الرئيس)، فإذا لم تطعمها تركتك في نصف الطريق ..اسمع للفقراء والمعوزين واغاني البسطاء..  

 " طبعا إنك لا تصدقني، فكُتبك لا تقول لك أشياء كهذة.”
***************
   تلك بعض العبارات التي كان يردّ بها زوربا (الأميّ) على صديقه (المثقف) باسيل  ( الرئيس).

رواية “زوربا اليوناني” من الروايات العالمية الخالدة، كتبها الكاتب اليوناني ( نيكوس كازانتزاكيس ) عام 1946 باللغة اليونانية، وتُرجمت بعدها للإنجليزية عام 1952..تم ترجمة الرواية للغة العربية عدة ترجمات، وكان آخرها ترجمة (صامويل بشارة) الذي ترجم الرواية عن النص الأصلي اليوناني عام 2012.تجري احداث الرواية في جزيرة كريت باليونان ، وتجمع بين نقيضين ، الاول متعلم ويقرأ الكثير من الكُتب و(مثقف) ولديه الكثير من الاموال (باسيل)..الثاني (زوربا) ،رجل أمي وفقير ولكنه يعرف كل دقائق ومعاناة الحياة فأصبح (مثقفًا) بشكل طبيعي وواقعي من خريجي علوم الحياة والمعاناة وهي الاشياء التي كانت تنقص السيد (الرئيس )..على أحد شواطئ كريت، يلتقي الرجلان . كان احدهم (باسيل) يحاول أن يفرَّ من عالم المعرفة المحموم والملىء بالاستفسارات والنظريات والابحاث وحتى الخيبات رغم عدم إعترافه بذلك . والاخر هو الماسيدوني البدوي زوربا، وهو إنسان بسيط و مدهش، مغامر، بريء، شجاع ، حكيم ،بدائي التصرّف ، رغم انه أمي لا يقرا ولا يكتب ولا يعرف التنظير ، يقول “الرئيس” في الرواية واصفًا زوربا :“أدركت أن زوربا هو هذا الإنسان الذي كنت زمنًا طويلًا أبحث عنه ولا أعثر عليه، إنه قلب نابض بالحياة، وحنجرة دافئة، ونفسُ عظيمة بريئة على طبيعتها، لم ينقطع الحبل السري بعد بينها وبين أمها الأرض”. وسرعان ما انعقدت أواصر صداقة عميقة بين ذلك المتحضِّر الممتلئة نفسه بالفلسفة والنظريات ، وهذا البدوي البدائي الرائع الواقعي الذي تقوده غرائز طبيعية قوية، والذي يعيش الحياة بكل امتلائها وزخمها، ويحب الطبيعة والحياة، ويروي مغامراته بصدق و بحيوية نادرة المثال، وينطق بالحكمة أروع مما ينطق بها عالم او فيلسوف حتى وصل الامر إلى أن استعان الاول بزوربا لإدارة كثير من أعماله ...والمعروف ان زوربا هي شخصية حقيقية بسيطة قابلها الكاتب اليوناني (نيكوس كازانتزاكيس) في إحدى اسفاره، وقد اعجب به اعجابا شديدا، فكتب رواية باسمه. الملفت في رواية زوربا، هو قدرة الكاتب على وصف شخصية زوربا بشكل مطوّل ومفصّل وعميق، حتى انك تشعر أن زوربا هو الشخص الأعظم الذي قابله في هذا الكون،المميز في كونه رغم فقره وعوزه وأميّته يحب الحياة بكل أشكالها، لا يذكر الحزن، بل يذكر الفرح دائما حتى في لحظات حزنه الشديد ، تحولت الرواية إلى فلم من الافلام الكلاسيكية التاريخية عام 1964 والذي لا يزل مثار إعجاب النقاد والمُتابعين لليوم .. الفلم هو الذي أشهر رقصة (زوربا) التي كانت مثار الاعجاب هي والموسيقى المصاحبة في فلم (زوربا اليوناني) الشهير الذي قام ببطولته الشهير الراحل انتوني كوين  ...قد يكون اسم زوربا من الاسماء المشهورة ..لكن الكثيرون لا يعرفون قصته ولا الحكمة من كونه انه قد أطّر ..ثقافة ان ليس كل متعلّم ..حكيم ولا مؤسّس وقد يعجز حتى عن إدارة الحياة ...











الثلاثاء، 7 مايو 2019

بوب ديلان والاوسكار



     قطعة من الأدب الرفيع لفنّان وشاعر ومغنٍ ..يعتبره الكثيرون عندهم ..مُتحدّثاً نيابة عن اجيالهم ..ونموذجاً للأدب والفن النبيل  المُعارض خاصة زمن الستينات :
حصل المغني والفنّان الأمريكي  الشهير بوب ديلان  Bob Dylan  على جائزة نوبل في الأدب لعام 2016، وكان هذا الامر أمرًا فريدًا، إذ تعتبر المرة الأولى التي يحصل فيها مغنٍ وفنّان على الجائزة. لم يحضر ديلان حفل تسلم نوبل الذي أقيم يوم السبت 10 ديسمبر، لتتسلم الفنّانة الامريكية باتي سميث الجائزة بدلًا منه. ولكن ديلان أرسل خطابًا ألقته سفيرة الولايات المتحدة الامريكية في السويد آزيتا راجي... هذه بعض فقراته  :
"مساء الخير على الجميع، أقدم تحياتي الحارة إلى أعضاء الأكاديمية السويدية وإلى جميع الضيوف المميزين الآخرين الحاضرين الليلة.أعتذر لكم لعدم تمكني من الحضور بشخصي، ولكن أرجوكم أن تعرفوا أنني معكم كلية بروحي، وأنني شَرُفت بتسلم هذه الجائزة الراقية. الحصول على جائزة نوبل في الأدب هو أمر لم أتخيله أو أتوقعه على الإطلاق. منذ وقت مبكر، عرفت وقرأت والتهمت أعمال مَن اُعتبروا مستحقين لهذا الامتياز: كيبلينج وشو وتوماس مان وبيرل باك وآلبير كامو وهمنجواي. هؤلاء العمالقة الذين تُدرّس أعمالهم في المدارس، وتُحفظ كتبهم في المكتبات في أنحاء العالم، ويتم الحديث عندهم دومًا بلهجة الإحترام ، كان لهم دومًا تأثير عميق عليّ. والآن فانضمامي لهذه القائمة من الأسماء هو أمر لا أستطيع التعبير عنه بالكلمات وبالتالي أعتبر نفسي وسط صحبة نادرة جدًا، وهذا أقل ما يمكن قوله ولكني اتسائل  ، هل ما افعله هو (أدب) ! ..لقد استمررت في فعل ما بدأت فعله منذ وقت طويل، لقد صنعت عشرات التسجيلات، وغنيت في آلاف الحفلات في أنحاء العالم، ولكن أغنياتي كانت هي المركز الحيوي لكل شيء أفعله تقريبًا. بدا أنها حصلت لنفسها على مكان في حياة العديد من الناس في العديد من الثقافات المختلفة، وأنا ممتن لهذا.ولكن هناك شيء واحد عليّ أن أقوله ؛ كمؤدٍ، غنيت أمام 50 ألف شخص، وغنيت أمام 50، ويمكنني أن أقول لكم أن الأصعب هو أن تغني أمام الـ 50 شخصًا. الـ 50 ألف لديهم شخصية واحدة، ولكن الأمر ليس كذلك مع الـ 50؛ كل شخص لديه هوية منفردة ومنفصلة، وهناك عالم بداخل كل واحد منهم. يمكن لكل منهم أن يدرك الأشياء بشكل أوضح. لقد اُختبرَت أمانتكم، وعلاقتها بعمق بأنفسكم، إذ أنني لم أتجاهل بداخلي حقيقة أن لجنة نوبل صغيرة جدًا..ولكني أيضًا مثل شكسبير، كثيرا ما أكون مشغولًا بالسعي وراء محاولاتي الإبداعية والتعامل مع المشكلات المبتذلة في كل جوانب الحياة: "من هم أفضل العازفين لتلك الأغاني؟"، "هل أسجل في الاستوديو المناسب؟" "هل لحن هذه الأغنية مناسب؟" إذ أن هناك بعض الأشياء التي لا تتغير أبدًا، حتى بعد مرور 400 عام.لذلك لم يكن لديّ وقت أبدًا لأطرح على نفسي سؤال: "هل تعتبر أغنياتي أدبً ! بالتالي أشكر الأكاديمية السويدية، أولًا لأنها بذلت وقتًا للتفكير في هذا السؤال، وأخيرًا لتقديم هذه الإجابة الرائعة...أمنياتي الطيبة لكم جميعًا."...............(بوب ديلان  Bob Dylan )