بحث في هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 18 ديسمبر 2020

حديث العودة إلى ...المستقبل

    "عام 1968 ..حضر إلى المملكة الليبية ..احد الناشطين الأجانب في مجال حقوق الإنسان لغرض الدعوة لتأسيس وتكوين منظمة حقوق الإنسان بناء على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي كان صدر في عام 1947..وزار مُعظم مناطق ليبيا و المؤسسات القضائية والتشريعية والتعليمية والثقافية والمدنية والاقتصادية والإدارية والامنية والصحية وحتى مراكز الشرطة والسجون وغيرها ..حضرت له اخر لقاء وكان على شكل ندوة ولقاء بجامعة بنغازي (الجامعة الليبية) قبل ان يُغادرالبلاد بيوم واحد ، وكان برفقتي ممّن اذكر الراحل احمد بورحيل المسماري كما حضر معنا الراحل الاستاذ عبد المولى دغمان رئيس الجامعة ذلك الوقت ، رحمهما الله ، ولا يزلّ يرّن بأذني لليوم ملخّص ما ذكر الرجل ..* : من خلال زيارتي اتضح ان مُعظم اموركم الحقوقية ممتازة وجيدة مُقارنة بكثير من البلدان والمُجتمعات التي زرناها...وانكم في الطريق الصحيح وانكم تملكون دستوراً مدنياً لا يوجد مثيله في كثير من البلدان حولكم ، هناك نقطة ضعف واحدة ولكنها كبيرة ، وهي ان هذا الدستور لم يأتي او يُصنع من خلال مُعاناة دستورية مرّت بها كثير من الشعوب والمجتمعات الأخرى ، ولهذا اصبح الخوف ان يأتي يوماً ما ويُختطف هذا الدستور البديع او يُلغي او حتى يُستبدل ولن تجدون من يُدافع عنه ، لأنكم لا تعرفون قيمته ، ممكن يُنهب منكم يوماً بكل بساطة..* ..وفعلاً حدث بعده ما حدث وبكل بساطة ..بل صفّق لذلك النهب والتجميد ، الكثيرون "
**ملخّص حديث مع الاستاذ محمد بوسريرة / البيضاء-2013 ..احد ضحايا السجون ايام النظام السابق لمدة 15 سنة ولم يخرج إلا في ما سُميّ ( اصبح الصبح) (1973- 1988)) ..
*الصورة ..البعثة الرياضية الليبية لأحدى النشاطات الرياضية في المغرب في الستينات ..
 


 

 

الاثنين، 7 ديسمبر 2020

سيرة وطن ...في تاريخ رجل

 
   غيث عبدالمجيد سيف النَّصر.. رحيل مُناضل بصمت
    يوم الأحد، الموافق 6 ديسمبر 2020م، غيب الموت الّذِي لا مفر منه، وبعْد معاناة مع المرض، المُناضل الوطنيّ الكبير وشيخ أولاد سُليْمان وكبير آل سيف النَّصر، غيث عبدالمجيد سيف النّصـر، عَن عمر يناهز اثنين وتسعين عاماً.
كان والده عبدالمجيد سيف النَّصر أحد حكماء عائلة سيف النَّصر وأحد مشايخ «قبيلة أولاد سُليْمان» البارزين. وجده غيث سيف النَّصر استشهد دفاعاً عَن إحدى زوايا السّنُوسيّة فِي تشاد «زاوية بير علالي بمملكة كانم مركز السّنُوسيّة بتشاد». ويُذكر أن عدد شهداء معركة الدَّفاع عَن زاوية بير علالي، الواقعة فِي العَام 1902م، حوالي مائة شهيد، تقدمهم: الشّيخ غيث سيف النَّصر، والشّيخ محمّد البراني.
جاهد آل سيف مع السّنُوسيّة فِي حرب التَّحرير، وهاجروا معهم إِلى تشاد ومِصْر وغيرها من البلدان، وولد غيث عبدالمجيد سيف النَّصر فِي العَام 1928م فِي تشاد إبّان هجرة أهله إِلى هُناك. ونشأ فِي بيت شديد الولاء إلى «البَيْت السّنُوسي»، وآل «سيف النَّصر» سنوسيّون أباً عَن جَدٍّ، وربطتهم علاقة روحية وارتباط وثيق بالإخوان السّنُوسيين منذ انطلاق الدعوة السّنُوسيّة بليبَيا. وقد ربطت الحاج غيث علاقة روحيّة بالمَلِك الرَّاحل إدْريْس المَهْدِي السّنُوسي، وكان شديد الولاء والمحبة له. ويُذكر أن ولاء آل سيف النَّصر للسّنُوسيّة كان ولاءً كاملاً ومعروفاً لدي جميع الِلّيبيّين، وأن العائلة ظلّت طوال تاريخها - وعلى امتداد التّاريخ الِلّـيبيّ - غير منصاعة لقيادة أحد ولم تبايع شخصاً أو بيتاً إلاّ البَيْت السّنُوسي، نظراً لتقديرها لدّور هذا البيت في نشر الإسْلام والدّفاع عَن المسلمين، ولجهاد السّنُوسيّة وانتسابهم إِلى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد أشار الشّاعر الشّعبي المعروف محمّد الأصيفر «من أولاد سليمان» إِلى عمق العلاقة بين «الإخوان السُّنُوسيّة» وعائلة «سيف النّصـر»، في قصيدة نسجها فِي العَام 1920م بعد وفاة السِّيّد سيف النّصـر، فقال فِي بيتين منها:
صغير نفس لاجوه لإخوان *** ينابيلهم يا سيادي
بيـنهم محـبة وقران *** وارثينها م لأجدادي
   للسّيِّد غيث عبدالمجيد سيف النصر ثلاثة أخوة، وهم: محمود، منصُور، أحمَد، وله اثنان من الأبناء هما: عبدالحميد وعبدالجميد وعدد من البنات. وقد شغل الحاج عدد مِن المناصب بعد استقلال ليبَيا وقيام دولة ليبَيا الحديثة، وكان من بينها والي ولايّة فزَّان قبل إلغاء النَّظام الفيدرالي فِي أبريل مِن العَام 1963م.
  تداول على منصب والي فزَّان مِن ديسمبر 1951م إِلى أبريل 1963م، السّادة: أحمَد سيف النصر «مِن 1951م إِلى 1954م»، عُمر سيف النّصر «مِن 1954م إِلى 1962م»، غيث عبدالمجيد سيف النّصر «مِن 1962م إِلى 27 أبريل 1963م». وبعْد إلغاء النَّظام الفيدرالي، عُينَ غيث عبد المجيد سيف النصر محافظاً لفزَّان، ثمَّ عُين في العَام 1968م سفيراً للمملكة لدى تشاد وبقى في منصبه حتَّى انقلاب الأوَّل مِن سبتمبر مِن العَام 1969م.
  سجن محمّد سيف النصر« البّيْ محمّد» بعْد انقلاب سبتمبر 1969م مباشرة، وهُو عمّه وأب زوجته المرحومة بإذن الله تعالى الحاجة فاطمة الّتي تزوجها فِي منتصف خمسينات القرن المنصرم. مكث البّيْ محمّد في السجن عدد من الشهور، وفي أواخر سبتمبر 1971م تدهورت صحته بشكلِ كبير، وأدَّى هذا الأمر إِلى اضطرار الانقلابيين إِلى نقله مِن السجن إِلى أحدى مستشفيات العاصمة. وبعد أيّام معدودة من نقله إِلى العلاج، وافته المنية داخل المستشفى، وتحديداً في شهر أكتوبر مِن العاَم 1971م.
   رفض الحاج غيث عبدالمجيد سيف النَّصر انقلاب الأوَّل مِن سبتمبر وعارضه منذ يومه الأوَّل، ولجأ إِلى الخارج معارضاً فِي النصف الأوَّل مِن العَام 1970م، أيّ بعْد استيلاء معمّر القذّافي على السّلطة بشهور قليلة. اتهمته سلطات القذّافي المخابراتيّة بالضلوع فِي محاولة لقلب نظام الحكم، عُرفت بـ«مؤامرة فـَزّان» أو «مؤامرة سبها»، المحاولة الّتي أتهم بقيادتها المقدّم عبدالله حلوم آمر كتيبة المشاة الخامسة، إِلى جانب: الرَّائد عُمر عبد الرَّحيم، والنقيب السّاعدي سيف النّصر ابن البّيْ محَمّد سيف النّصر، كذلك الملازم محمّد طاهر والملازم جناب إمراجع، وقد ادعى النّظام بأن عناصر مقيمة بالخارج كانت تقف خلف هذه المحاولة، وهم: عبْدالله عابد السّنُوسي، عُمر إبراهيم الشّلحي، غيث عبْدالمجيد سيف النّصـر، وذلك في شهر مايو من العَام 1970م. ويُذكر أن اثنين من السجناء فِي هذه القضيّة قد استشهدا فِي ديسمبر 1970م تحت التعذيب وهما: الملازم أوَّل محمّد الطاهر القطروني، والملازم أوَّل أبوحليقة دخيل الشريدي.
ربطت سلطات القذّافي المخابراتيّة المحاولة بعلاقة مَا تربطها بجهات أجنبيّة وبشخصيات محسوبة على النّظام الملكي، وبالسّيِّد عبدالله عابد السّنُوسي تحديداً. وتؤكد بعض المصادر بأنّ الحاج غيث سيف النصر عبدالمجيد لم يكن ضمن مجموعة عبدالله عابد إنّما رُبطت مجموعته بمحاولة عابد لأنّ مدينة سبها كانت الساحة الرئيسيّة لتحرك قادة المحاولتين. ففي الوقت الذي كان الحاج غيث يُعد مع مجموعته مشروعاً للإطاحة بنّظام القذافي، تمكنت سلطات المخابرات من إكتشاف محاولة عبدالله عابد «محاولة سبها»، ومن خلال ذلك وصلت إلى مجموعة الحاج غيث، فربطت المحاولتين بعبدالله عابد لحاجة فِي نفس نظام القذّافي !!.
   صدر حكم غيابياً بالإعدام الحاج غيث، ومِن المدهش أن يتكرر نفس مَا حدث إبّان حكم المستعمر الإيطالي، وتتكرر نفس الصورة بعد تسعة وثلاثين عاماً، حيث أصدر انقلابيو سبتمبر 1969م حكماً يقضي بإعدام أحد أبناء عائلة سيف النّصـر وثاني يقضي بسجن ابن آخر مدى الحياة. وتزول الدهشة حينما يعي الإنْسَان بأن حكم المستعمر وحكم المستبد وجهان لعملة واحدة، فكلاهما يعتمد سياسة الإذلال وسلب الحُقُوق ويعتبر «الحرية» العدو الأوّل له. ففي الثامن والعشرين من سبتمبر 1933م، عقدت سلطات المستعمر الإيطالي محكمة خاصّة في طرابلس الغرب، قضت بإعدام أولاد سيف النّصـر جميعاً، وفي يوم السبت 5 جمادي الثّاني 1392 هجري الموافق 16 يوليو 1972م، أصدرت محكمة عسكريّة خاصّة حكمها في قضيّة أسمتها: «قضية التآمر رقم 1 لسنة 1970م»، وحكمت غيابياً بالإعدام على ثلاثة أشخاص، هم:
1- عبْدالله عابد السّنُوسي
2- عُمر إبراهيم الشّلحي
3- غيث عبدالمجيد سيف النّصـر
وحكمت المحكمة بالإعدام حضوراً على شخص واحد، هو: أحمـَد الزبير السُّنوُسي. كمَا حكمت المحكمة بالسجن المؤبد على ثلاثة أشخاص هم:
1- السّاعدي محَمّد سيف النّصـر
2- محمّد علي الضراط
3- علي ميلاد القهواجي
  وبرأت المحكمة ساحة مائة وأثنين شخصاً، وحكمت على مجموعة أخرى بالسجن بمدد تتراوح بين عشر سنوات والحبس لمدة سنة واحدة.
  تمكن الحاج غيث مِن مغادرة ليبَيا قبل أنّ تلقي سلطات القذّافي القبض عليه، وقبضت على آخرين وسجنتهم، وظلّوا رهن الاعتقال حتَّى مارس 1988م. ويذكر أن الحاج غيث قام – وبعد انقلاب سبتمبر مباشرة – بإجراء اتصالات متعددة مع مدنيين وعسكريين محذراً إياهم من مغبة السكوت عمّا وقع فِي الأوَّل مِن سبتمبر 1969م، وتنقل بين المدن والقرى الِلّيبيّة المختلفة لأجل إنضاج موقف موحد مِن الانقلاب.
   ومنذ خروجه مِن ليبَيا فِي مايو 1970م، تنقل بين دول عربيّة وأفريقيّة عديدة، مِن تشاد إِلى النيجر ثمَّ تشاد وبعد ذلك المملكة المغربيّة وجمهوريّة مِصْر العربيّة ليعود مجدداً إِلى تشاد. واستقر منذ بداية العَام 1992م فِي الولايات المتحدة الأمريكيّة، حتَّى العَام 2011م، حيث عاد إِلى ليبَيا بعْد اندلاع ثورة السّابع عشر من فبراير واستقر بها إِلى العَام 2014م ثمّ غادرها مجدّداً ليستقر بتونس والّتي تُوفي بها يوم الأحــــد 20 ربيع الثاني 1442 هجري الموافق 06 ديسمــــبر 2020م.
  وبعد تأييد معمّر القذّافي للمحاولة الفاشلة ضدَّ المَلِك الرَّاحل الحسن الثاني مَلِك المملكة المغربيّة الّتي قادها الجنرال الصخيرات فِي صيف 1970م، وتأييده للمحاولة الانقلابيّة الثانيّة بقيادة الجنرال أوفقير فِي العَام 1971م، ثمّ تورطه «نظام القذّافي» والنَّظام الجزائري فِي العَام 72/ 1973م فِي دعم التمرد الّذِي وقع في بعض المناطق الجبليّة في المملكة المغربيّة، تمكن الحاج غيث من إقناع السّلطات المغربيّة بدعم محاولة لّيبيّة تستهدف نظام القذّافي. انطلقت تلك المحاولة فِي العَام 1973م مِن المغرب نحو الهدف إلاّ أنّها لم تصل إِلى هدفها النهائي، حيث تمكن القذّافي مِن إجهاضها، وبعدها قدم القذّافي إِلى مَلِك المغرب كافة التعهدات وأغدق على خزينته الملايين من الدولارات فأعادت المغرب علاقاتها مع القذافي وكان ذلك على حساب القوى الوطنيّة الليبيّة في الخارج. وتأزمت العلاقات مجدَّداً بين البلدين فِي وقت لاحق، بسبب أزمة الصحراء الغربية ودعم معمّر القذّافي لجبهة البوليساريو واعترافه بـ«جمهوريّة العربيّة الصحراويّة الدّيمقراطيّة» الّتي أعلنتها الجبهة مِن جانب واحد فِي الصحراء، في حين تقترح الرباط منح الصحراويين حكماً ذاتياً تحت سيادتها.
  استمر الحاج غيث فِي اتصالاته وتحركاته وزيارات، فزار عدة دول عربيّة وأجنبيّة واجتمع بالشخصيّات الوطنيّة المقيمة في تلك البلدان قصدَ إيجاد تفاهمات معها وخلق إجماع وطنيّ لأجل تجميع القوى الوطنيّة في عمل جبهوي واحـد يستهدف نظام القذافي الانقلابي، ومِن تلك الشخصيّات على سبيل المثال لا الحصر: الرَّاحل الكبير فاضل المسعودي شيخ المُعارضين الِلّيبيّين فِي المنفى، الصحفي والإذاعي الشهيد محمّد مُصْطفى رمضان الّذِي اغتلته عناصر القذّافي الإجراميّة فِي لندن يوم 11 أبريل 1980م أمام مسجد لندن بعْد أدائه لشعائر صلاة الجمعة.
   وبعْد استقالة محمّد يُوسف المقريَّف مِن منصبه كسفير لليبَيا لدى الهند فِي العَام 1980م، بادر المقريَّف بالاتصال به، وانضم الحاج غيث إِلى «الجبهة الوطنيّة لإنقاذ ليبَيا» الّتي أُعلن عَن تأسيسها فِي السّابع مِن أكتوبر مِن العَام 1981م. انتخب الحاج غيث سيف النصر نائباُ لمحمّد المقريَّف «الأمين العام» فِي أوَّل مجلس وطني تعقده جبهة الإنقاذ، والّذِي انعقد فِي المملكة المغربيّة فِي العَام 1982م. أُعيد انتخابه كنائب للأمين العام مرتين متتاليتين بعْد انتخابه فِي المغرب، الأولى في الدورة الثانيّة للمجلس الوطنيّ الّذِي انعقد فِي بغداد العَام 1985م، والثانيّة فِي مدينة دلاس بولاية تكساس «Dallas -Texas» بالولايّات المتَّحدة الأمريكيّة، وذلك حينما انعقدت جلسات الدورة الثالثة للمجلس الوطنيّ في شهر أبريل من العَام 1992م.
شغل المنصب حتَّى أبريل 1992م، حيث رفض قبول المنصب بعْد انتخابه فِي دورة المجلس الوطنيّ الثالثة. أصر المقريَّف على تولّي الحاج غيث سيف منصب «نائب الأمين العام»، إلاّ أن الحاج رفض المنصب ولم يتولاه. ظل الوضع على مَا هُو عليه إلى أن استقال المقريَّف مِن موقعه كأمين عام للجبهة الوطنيّة لإنقاذ ليبيا فِي صيف 2001م. قُبلت استقالة المقريَّف وانتخب إبراهيم عبدالعزيز صهّد فِي أغسطس 2001م أميناً عاماً لجبهة الإنقاذ. عقدَ المكتب الدَّائم للجبهة فِي مارس 2004م – وبعد تعذر انعقاد المجلس الوطنيّ – اجتماعاً موسعاً حضره أعضاء اللّجنة التنفيذيّة وأعضاء المكتب الدَّائم فاختير مفتاح الطيّار نائباً للأمين العام، وأُعيدَ انتخاب إبراهيم صهّد أميناً عاماً.
   شارك الحاج غيث عبدالمجيد سيف النّصـر في كافة مناشط العمل الوطنيّ بالخارج مُنذ انضمامه للجبهة وحتَّى ساعة اندلاع ثورة 17 فبراير 2011م. شارك في مجالس الجبهة الوطنيّة لإنقاذ ليبَيا التي عقدت بالمغرب سنة 1981م، وبغداد سنة 1985م، وهيوستن بولاية تكساس في الولايّات المتَّحدة الأمريكيّة سنة 1992م، وفي مناشط الجبهة السّياسيّة والإعلاميّة، وفي تظاهرات الجاليّة الِلّيبيّة في أمريكا وبعض الدول الأخرى. وحينما اندلعت ثورة 17 فبراير كان الحاج غيث من بين قادة المُعارضة الِلّيبيّة فِي الخارج الّذِين وقفوا مع الثورة منذ ساعة اندلاعها الأولى ودعموها بجميع الوسائل والإمكانيات لأجل إنجاحها والتخلص من نظام القذّافي الّذِي حكم البلاد اثنين وأربعين عاماً. وأصدر بياناً متلفزاً أُعلن فيه مساندته للثورة وإدانته لنظام القذّافي ومطالبة للمجتمع الدّوليّ بالوقوف إِلى جانب الشّعب الِلّيبيّ وحمايّة المدنيين مِن قوَّات نظام معمّر القذّافي. أذاعت البيان المتلفز قناة «الجزيرة» و «العربيّة» الفضائيّة وعدد آخر من الفضائيات، كمَا تمَّ نُشر «نص البيان» في بعض الجرائد والصحف الإلكترونيّة.
  توفي الحاج غيث بعْد معاناة مع المرض لمدة ثلاث سنوات، فِي تونس يوم الأحد الموافق السّادِس مِن ديسمبر 2020م، عَن عمر يناهز اثنين وتسعين عاماً. ولم يعرف الفقيد طوال حيَاته الركوع لغير الواحد القهار، ولم يقبل يوماً بإغراءات نظام القذّافي ولا ضغوطاته، وفضل أن يمضي حياته واقفاً، ولا يتراجع عَن موقفه ومبادئه ومهما كلفه ذلك مِن أثمان. أو كمَا قال ابن عمّه السفير غيث سالم سيف النَّصـر: «واحد و أربعون عاماً (1970م – 2011م) مِن النَّضال المستمر تلاحقه عقوبة إعدام غيابي، تترصده الورقة الحمراء المعممة عن طريق الإنتربول فِي المطارات والحدود البرية، بتهم تثير الضحك والسخرية ممَنْ أصدرها بحقه، لم تلن له عريكة ولم يُسَلّم ولم يستسلم لمغريات، رأسه على كفه، ثقته فِي ربه، بقدر مَا كان نقياً طاهراً صادقا فِي نضاله كان حبّه لوطنه». 
  الاستاذ المؤرّخ الليبي شُكري السنكي -       
 

 

 

الجمعة، 4 ديسمبر 2020

ايام النافورات ..والكِرام

    الاستاذ والمُربي الفاضل محمود دربي رحمه الله رحمة واسعة، كان مُديراً للتربية والتعليم في مدينة البيضاء فترة العهد الملكي طيب الذكر وحتى بداية الإنقلاب...وله من الفضل على التربية و التعليم ما اعتبره قدوة ومسلك وعفاف وتميّز كمُعظم رجال وسيدات التربية والتعليم ذلك الزمن ...عاصرناه كطلبة  خلال المرحلة الثانوية أخر ايامه قبل تقاعده ..وبحكم علاقتنا مع أبنه صديقي مروان دربي ، كنّا نلتقي به أحيانًا كثيرة في بيته المتواضع بأحد أحياء البيضاء العريقة والذي كان يشع أنسًا وكرمًا وعلمًا  ..في جلسة لازلت أذكرها بعد تقاعده حدثّنا مُبتسمًا ..."بعد الانقلاب بفترة بسيطة، التقيت صدفة بـ(القذافي) ودار حديث بيننا وكان في تلك البدايات يختلف عن ما بعده ..حيث كان يبدو وكأنه فقيه متواضع وعنده الامان، مما شجّعني على الحديث له عن مميزات العهد الملكي وإن البلاد يجب ان تستمر إن اردنا النجاح على نفس أسس وقواعد ذلك العهد خاصة في مجال التربية والتعليم حتى وإن تغيّر النظام ..وهنا ..كشّر عن أنيابه وبدى لي شخصًا أخر قائلاً بغضب (انت رجعي !) ..فرددت مبتسمًا مع بعض من الخوف ..اشكرك على هذا الوسام الثاني الذي ساعلقه على صدري ...فسألني بحدة ..وماذا كان هذا الوسام الاول ! ...فقلت ولكن بحذر وكثير من الخوف ...إتهام الطليان لي أيام الاحتلال بأنني كنت ..خائن !...التفت بعيد عني وبدأ في حديث مع اخرين ..وحينها تسلّلت بهدوء خارجًا ...وأنا ادعو الله سرًا في نفسي ان لا يتبعني أحد وان يحفظ الله البلاد والعباد مما هي مُقدمة عليه ..."
           / الصورة  ..من اليمين / فيصل شلوف /مفتاح بوعجاج/ مروان محمود دربي   / منصور المهدي ميلاد - في رحلة لبنغازي ايام الثانوية في السبعينات ..الصورة التقطها العزيز الراحل رفيقنا عبد الحميد محمد يونس رحمة الله عليه ...

 

 

الخميس، 3 ديسمبر 2020

البردوني ...

"يارؤى اللّيل...ياعيون الظّهيرة..
هل رأيتُنَّ موطني والعشيرة !...
هل رأيتُنَّ يحصُباً أو عسيراً !...
كان عندي هناكَ اهلٌ وجيرة...
يا رؤى ، يا نجوم..ُ أين بلادي !
لي بلادٌ كانت بشبهِ الجزيرة...
هكذا أخبرُوا...لأن بلادي ،خنجرُ الآخرين وهي العقيرة..
هكذا ماجرى...ﻷن بلادي صارت ...ثروةُ الآخرين ، وهي الفقيرة"
- البردوني ...شاعر اليمن