بحث في هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 26 أبريل 2024

يوسف بورحيل المسماري (1866 - 19 ديسمبر 1931)

 عن المُجاهد البطل يوسف بورحيل المسماري كتب الكاتب منصور بوشناف :

 شهد النصف الثاني من القرن التاسع عشر بدايات انهيار امبراطورية الخلافة العثمانية وتوسع امم اوروبا على حسابها بقضم تلك الامبراطورية ولاية اثر ولاية واقليما اثر اقليم, في تلك الاثناء وفي برقة بليبيا و" بمدور الزيتون " جنوب مدينة المرج وبالتحديد عام 1866م ولد يوسف بورحيل المسماري ليلقبه بعد اربعين عاما من ولادته الشيخ عبدالسلام الكزه بــ(عقل الجهاد) .

 عند ميلاد يوسف بورحيل المسماري عام1866,كانت الحركة السنوسية قد ترسخت في ليبيا وافريقيا كحركة احياء اسلامي سعت لتجديد الفكر الاسلامي من اجل النهضة ونشر الاسلام ومقاومة التنصير والمد الاستعماري في البلدان الاسلامية والعربيةولد يوسف بورحيل المسماري وسط بيئة فقيرة ورغم الفقر والتخلف كانت الحركة السنوسية قد منحتها حلما بالنهوض بعد الانهيار و التجديد بعد التحجر وبدأت فعلا في تحقيق ذلك الحلم بالتعليم . الطفل يوسف بورحيل نشأ وسط احد نجوع بادية برقة كغيره من ابناء تلك الحقبة القاسية, كانت حياة الكفاف الملمح الاساسي لتلك الحياة , فكانت الزراعة الموسمية والرعي ركني الاقتصاد الاساسين .التعليم كان شبه معدوم وسط تلك الظروف الصعبة التي لاتتوفرفيها شروط الاستقرار, ولكن يوسف بورحيل حظي ببعض التعليم على ايد فقهاء النجع, فحفظ اجزاء من القرأن الكريم وتلقى بعض المعارف الدينية على ايدي اولئك الفقهاء . اثناء طفولته تلك, تعرض يوسف بورحيل لحادثة تركت علامة على وجهه, فقد سقط في تنور نار ليعاني الآم الحروق ويتعلم مبكرا ان الحياة قد لاتكون الا مواجهة للنيران وصبرا على الآمها والاهم الانتصار للحياة على تنورها المتقد .

 كبر حاملا لذلك الوسم على خده الايمن ولقبوه " بوخديده" , كان نحيلا ابيض البشرة., متأنقا في ملبسه ورصينا شديد التعقل منذ سنه الباكرة .انتقل يوسف بورحيل الى زاوية الجغبوب ليلتقي هناك بمن سيكون رفيقه وقائده حتى استشهادهما, التقى بعمر المختار .كانت زاوية الجغبوب السنوسية مدرسة لتربية وتكوين قادة المستقبل في تلك الفترة, تعد طلابها لقيادة مجتمعهم نحو مستقبل افضل, فتربي عقولهم وابدانهم لتحمل مسؤوليات بناء مستقبل افضل, كانت تربيهم عقولا عامرة بالمعرفة وايد عاملة بالزراعة والتجارة و ورجال ادارة ومقاتلين من اجل حماية الدين والارض من غزاة قادمين لامحالة .

  نضج الفتى يوسف وصار رجلا متميزا ليعود من الجغبوب الى الجبل الاخضر ويعمل بزاوية القصورمعلما وكل ذلك كان برفقة عمر المختار الذي كان يتولى ادارة تلك الزاوية ..كان عمر المختار كثير السفر والتنقل مما جعله يوكل مهمة ادارة الزاوية والاشراف على تعليم وتربية طلابها ليوسف بورحيل رفيقه الاقرب والاكثر معرفة ورجاحة عقل  . عام 1923م تشكلت ادوار المقاومة للمرة الثانية وكانت قيادتها قد اوكلت لعمر المختار واظهر يوسف بورحيل قدرة فائقة على التخطيط للمعارك والقدرة على ايقاع الخسائر الكبيرة بالعدو وباقل الامكانيات, مما جعله من اهم قادة ومخططي الجهاد ضد الطليان تحت قيادة عمر المختار .

اظهرت المعارك تفوقه وقدراته الفائقة على ادارتها والتخطيط لها والخروج منها باقل الخسائر, كان عبقرية عسكرية وعقلا للجهاد كما اسماه الشيخ "عبدالسلام الكزة " .

  كان عمر المختار قد عينه نائبا له في قيادة المجاهدين وقائما على دور " البراغيت" فقد كان عمر المختار قد اصدر قرارا بتعيين قادة لادوار المجاهدين بالجبل الاخضر من الشيوخ الذين رفضوا الاستسلام واصروا على مواصلة المقاومة وشملت تلك التعينات مناصب اخرى مالية وادارية وفقهية دينية وقضائية وكل ذلك لاعادة تنظيم حركة الجهاد ضد المحتلين الطليان ، شارك يوسف بورحيل في غالبية المعارك التي خاضها المجاهدون بقيادة عمر المختار, فقد كان الذراع الايمن لعمر المختار في المعارك وكان ممثله في المفاوضات وحل النزاعات القبلية, كان العقل الراجح وكان كما قال عنه عمر المختار "مافيش عمر المختار بلا يوسف بورحيل" وتولى بعد استشهاد الفضيل بوعمر كتابة وتحرير رسائل عمر المختار واطلق عليه "الجنرال الفاشي جرسياني" القائم باعمال القيادة .

قاد يوسف بورحيل معركة " جردس العبيد " وكبد فيها الايطاليين خسائر فادحة وغنم فيها المجاهدون غنائم هامة من اسلحة وذخائر ومؤن .

  عام 1931  تلقت المقاومة الليبية ضربة موجعة وقاصمة باستشهاد عمر المختار بعد اسره وشنقه في سلوق, ولكن و رغم تلك الضربة استمرت المقاومة وواصل من تبقى من المجاهدين المقاومة بعد ان اتفق من تبقى من قادة الادوار على تسليم القيادة ليوسف بورحيل واصدر السيد احمد الشريف قرارا بذلك وقد قال احمد الشريف في رسالته الى بورحيل "هذا القرار ليس منا بل بناء على وصية عمر المختار للحفاظ على الجهاد"

  استلم بورحيل قيادة الجهاد في ظروف شديدة الصعوبة, مجاهدون يعانون الجوع ونقص الذخيرة وتفتك بهم الامراض, كان الحصار الذي فرضه الايطاليون قد جردهم من كل شيء ولم يتبق لهم من سلاح ولاغذاء الا الايمان والارادة .

رغم تلك الظروف واصل بورحيل القتال حتى الرمق الاخير , حيث جمع قادة الادوار الباقين وقال لهم " اننا محاصرون من كل الجهات وقد هاجر احبابنا واهلنا الى مصر وبلدان اخرى والايطاليون يضغطون علينا لنستسلم ولكننا لن نفعل لن نستسلم بل سنواصل حتى الطلقة الاخيرة والشهادة " ..يوم 19 ديسمبر 1931م وقرب زاوية " ام ركبة " شرق طبرق حاصرت كتيبة ايطالية يوسف بورحيل وتلاتة من رفاقه بعد ان لجاوا لكهف وظلوا يقاومون حتى استشهد بورحيل ورفيق اخر وتم أسر المجاهدين الاخرين .

   الايطاليون لم يكتفوا بقتل الشهيدين بل مثلوا بالجثامين الطاهرة ثم قطعوا راس يوسف بورحيل ووضعوه في صفيحة وحملوه الى البردي للتعرف عليه ثم عرضوا الراس على نزلاء المعتقلات من الاهالي ليكون راس يوسف بورحيل المقطوع الاعلان عن نهاية المقاومة .  يوسف بورحيل احد ابرز قادة الجهاد الليبي وذراع عمر المختار وعقل الجهاد الراجح ظل وبكل اسف مغيبا عن كتب التاريخ وسرديات تاريخ الجهاد وكان اخرها فيلم عمر المختار حيث اختفت شخصية نائب عمر المختار وخليفته في قيادة الجهاد بعد استشهاده, من هذا الفيلم, ولم يكن من سبب لهذا التغييب الا وجود المناضل الوطني "احمد بورحيل " نجل يوسف بورحيل في المعتقل السياسي سبعينيات القرن الماضي .

نشر ببوابة الوسط   26-4- 2024


 

الأربعاء، 3 أبريل 2024

إجلاء القواعد الاجنبية من ليبيا

وإن عادوا...نعود :
  إن خروج القواعد الاجنبية ، لم يكن يحتاج إلى (إنقلاب عسكري)، فهو كان سينتهي حتما ً وبطريقة مُحترمة دوليًا عام 1971..
  لا أعتقد ان هناك عاقلا او مطّلع على التاريخ او باحثًاً محايدا سيقول أنه لولا إنقلاب سبتمبر 1969 ما خرجت القواعد الاجنبية من ليبيا !..تلك القواعد التي جاءت إتفاقيتها لاسباب تخص ظروف ليبيا ابان الاستقلال والاستفادة من قيمة إيجارها لصالح الصرف منه على ميزانيات التعليم والصحة وغيرها أيام ليبيا لا نفط لا فزّاعة ..! ...التاريخ سجّل أن الحكومة الليبية وبتوجيه من الملك إدريس رحمه ومطالبات الكثير من الليبيين ذاك الوقت قد رعت مفاوضات جادة بدأها رئيس الحكومة الليبية أنذاك المرحوم السيد محمود المنتصر عام 1964 مع أمريكا وبريطانيا ..توصّل فيها الجميع لأن تنتهي مدة وجود القواعد عام 1971وبشكل تراعى فيه كافة الاطراف القوانين الدولية والاعراف والمصالح الوطنية وليبيا كدولة محترمة وليست غوغائية(طزطزية)..حدث إنقلاب سبتمبر 1969 فأدّعى زورًا أن هذا كان أحد إنجازاته ..وهو الذي دفع تعويضات مليونية عن قيامه بتلك الخطوة الاستعراضية في غير وقتها ..ولم يشر لا من بعيد ولا من قريب عن تلك الاتفاقية والتي كانت ستفعّل بدون ان تدفع ليبيا مليمًا واحدا ..على كل حال ...ترحّموا وأنصفوا صانع الاستقلال والوطن ورفاقه من كل انحاء ليبيا فلولا تلك الإتفاقية الاصل .. لما وجدتم مطارا ..تطيرون منه واليه اليوم ،(مطار قاعد ويلس )(معيتيقة) ، وان وجود قواعد امريكية لليوم في كل من كوريا الجنوبية واليابان والمانيا وغيرها ...لم تمنعها من ان تكون اليوم من اكثر الدول سيادة وتقدّم إقتصادي ..
إن لم تقرأوا التاريخ بإنصاف ...أحترموا على الأقلّ...عقولنا . 



 

الاثنين، 18 مارس 2024

ليبيا الوطن ....

"سلامُ اللهِ على الحيطان العتيقة
على المنازل القديمة
على أزقة الحنين
سلامُ الله على أنقياء الزمن الجميل ...
على الرفاق الطيبين ...
على الجيران ذوي الانس والفزعة .."
....وعلى الطيبين والطيبات ..وعلى عموم ليبيا ...بلد الطيوب ..وشط الحرية ...


 


الأحد، 24 ديسمبر 2023

لماذا 24 ديسمبر !

عن هذا الامر كتب الاستاذ Mohamed Hesperides (وهو احد المُهتمين والمُعاصرين لتاريخ الاستقلال ) كتب في 14 ديسمبر على صفحته على الفيس بوك الاتي :

  حدًد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في 21 نوفمبر 1949 أخر موعد لاعلان استقلال ليبيا بأن يكون الأول من يناير 1952، فهل حدد (الإنجليز) يوم إعلان الاستقلال ليتفق مع احتفالات العالم المسيحي بعيد ميلاد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام؟ أم أن هناك أسباب فرضت ذلك؟

أولا : قيد القرار إعلان الاستقلال بأن يكون قبل الأول من يناير1952 أي بأن نهاية الأجل تكون يوم 31 ديسمبر1951.

ثانيا:أن يوم 24 ديسمبر 1951 كان يوافق يوم الإثنين، وهو أول يوم عمل في الأسبوع في الولايات المتحدة حيث يقع مقر الجمعية العامة وفي بقية دول العالم الغربي، وهو في نفس الوقت أخر يوم عمل في الأسبوع قبل احتفالات أعياد الميلاد يومي 25 و26 ديسمبر أي الثلاثاء والأربعاء.

ثالثا: أعلن الدستور الليبي في 7 أكتوبر1951 أي قبل ثلاثة أشهر من نهاية الأجل الذي حددته الجمعية العامة، وانطلقت اللجان المشكلة في وضع الأسس لهيكلة إدارات ومصالح الحكومة في الدولة الوليدة، كذلك قفل الحسابات الختامية وتسليم واستلام الأصول الثابتة من السلطات البريطانية التي كانت تسيطر على قرابة 70 بالمائة من البلاد.

رابعا: في الخامس عشر من ديسمبر( تسعة أيام قبل إعلان الاستقلال) أبرق بلاكلي المعتمد البريطاني وزارة خارجيته بأنه وقع اليوم إعلان تسليم السلطات لينشر في الجريدة الرسمية وتمنى أن يحذو كل من معتمدي برقة وفزان حذوه، على يتم تسليم مهام الدفاع والخارجية يوم اعلان الاستقلال.أنظر صحيفة طرابلس الغرب المرفقة

خامسا: لم يتبقى من الموعد إلا اسبوعين تتخلهما عطلة رسمية لمدة يومين لكنها في الواقع تستمر لمدة اسبوع ولم تنتهي اللجان من أعمالها، كان موعد إعلان الاستقلال قد حدد يوم 10 ديسمبر، فرأت وزارة الخارجية البريطانية تأجيله إلى يوم الإثنين 17 ديسمبر. وافق كل من الملك ادريس والسيد محمود المنتصر على مضض.

سادساً: فشلت بعض اللجان في إنهاء أعمالها قبل هذا الموعد وخاصة المالية التي كان عليها إقفال الحسابات وإعداد ميزانية جديدة للدولة الوليدة، وكان أخر أعمالها اعداد مرتبات العاملين في الإدارات والمصالح قبل قفل الحسابات، كانت هناك لجنة إيطالية – ليبية تبحث موضوع الأملاك الإيطالية وتسليمها للحكومة الليبية قد توقفت عن العمل بسبب سفر أعضائها إلى إيطاليا لحضور عيد الميلاد مع عائلاتهم، كما أن الخارجية البريطانية تصر هلى تواجد ( الوزيرالبريطاني المفوض) عند إعلان الاستقلال والذي كان في لندن ويفضل الاحتفال مع أسرته.

سابعاً: حدد الملك ادريس يوم الرابع والعشرين من ديسمبر موعد إعلان الاستقلال وأصر على ذلك ورفض أي تأجيل بعد هذا الموعد وتضامن رئيس حكومته في ذلك، ولم يكن أمام السلطات البريطانية إلا القبول، كانت الأسباب التي أبداها كل من الملك ورئيس وزرائه هي:

أ‌- أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة حدد يوم 31 ديسمبر كأخر موعد لإعلان الاستقلال، وأن تأجيل إعلان الاستقلال بعد هذا الموعد سيهدد باعادة طرح المسألة الليبية على الجمعية العامة، وهوما تريده الجامعة العربية وبعض من الأحزاب الليبية التي تسير في ركبها.

ب‌- السيد محمود المنتصر من جانبه كان يريد ردا قويا على الدعاية التي كان ينشرها حزب المؤتمر ضده حول فشل حكومته في تحقيق الاستقلال.

وهكذا تم اعتماد التاريخ الذي أختاره الملك ادريس وهو يوم الرابع والعشرين من ديسمبر موعدا لإعلان الاستقلال وهو يوم عمل في جميع دول العالم وخاصة ذات العلاقة بموضوع ليبيا واستقلالها، ليصلها إعلان الاستقلال.

   أخيرا، قرار تحديد يوم إعلان الاستقلال كان قرارا ليبيا، لم تفرضه جهة خارجية ، ولا علاقة له بالإحتفال بعيد ميلاد السيد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام وهو بحسب الكنيسة الكاثوليكية يوم 25 ديسمبر الذي ينطلق عند منتصف الليل يوم 25 ديسمبر بكنيسة المهد في بيت لحم على بعد 3.5 كيلومتر من أولى القبلتين وثالث الحرمين مسرى النبي صلى الله عليه وسلم ، المسجد الأقصى.

رحم الله من كان يسعى لخير هذه الأمة ....



.