بحث في هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 15 مايو 2017

يا ظالمني

يا ظالمني :
 كان يمتاز بالشجاعة وحكمة وطرائف المواقف ..فقدّموا له مذكرة ليقدمّها لمعمر القذافي عند حضوره أحد إجتماعات (الاتحاد الاشتراكي) بالبيضاء في منتصف السبعينات ،محتواها ان يسمح ويأذن لهم ويموّل مدرسة إبتدائية وفصول جديدة لإستيعاب اولادهم وبناتهم ،حيث تجاوز عدد تلاميذ الفصل الواحد اكثر من 40 تلميذاً بعد توقف خطط التنمية المعدّة سابقاً قبل الانقلاب ..قبِل المهمة وحضر اللقاء ، وبعد ان نظّر القذافي كثيرًا عن الاشتراكية والوحدة وتحريرفلسطين وقرب بزوغ عصر الجماهير والاستغلال والامبريالية والاستعمار وتحرير الشغيلة في العالم وربط الاحزمة وقرب طرح الحلول الاقتصادية والسياسية والاجتماعية حلولا نهائية لا رجعة فيها والثورة الثقافية وعرّج على كاسترو وكارلوس وأكل الدلاع وجبهات الصمود والتصدّي والمقاومة ورجعية انظمة المغرب العربي ..امر براحة له وللحاضرين على ان يعود الاجتماع لاستكمال الحديث عن الخونة والعملاء المندسين بين الشعب لإفساد المشروع الثوري المحلّي والاممي وضرورة تطهير الجامعات والتعليم من الرجعية وتأميم الشركات والاملاك الخاصة (الاستغلالية)و... ...خلال تلك الاستراحة تسلّل صاحبنا ورحبّ عليه وأستأذنه بتقديم مذكرة وترجّاه ان يطلع عليها فهي تخص امر قدمّه له اهل المنطقة ..أخذ القذافي الورقة ودسًها في جيبه قائلاً "باهي باهي بعدين ، توا نشوفها"..رجع الجميع للقاعة بعد الاستراحة، وصاحبنا يجلس الكراسي الامامية ،مزهواً بأنه نجح على الاقل في المرحلة الاولى ..تقدم احد الشعراء بملحمة شعرية عن جهاد الاجداد ضد الاستعمار ،لم ترق للقذافي ،حيث فهم منها ان ما تحدّث عنه لهم لم يجد اذان صاغية ولا فهم ولا مفهومية ! ..عندها أضطر جالسًا ان يُخرج الورقة وبدأ يتمعّن فيها ..لم تطل فرحة صاحبنا وهو يمعن النظر في القذافي ..حيث رآه وقذ زاغت عيونه وبدأ الغضب عليه ، نادى بعدها القذافي لاحد الحراس وتمتم في أذنه كلمات ..رأى صاحبنا ان الحارس قد التفت إلى الحاضرين وبدأ هو ايضا يتفرّس في وجوه الحاضرين ..فعرف انه يبحث عنه ..اشار له بيده ..تقدم الحارس لصاحبنا قائلاً "شن اللي اعطيته للقائد" ، تمتم صاحبنا بأنها مذكرة بغرص المساعده في الــــ ..ثم وضع يده في جيبه فوجد المذكرة لا تزل هناك ..وبدأ يفكر ..ماذا اعطيت ، ماذا اعطيت ...عندها تذكّر ..كان صاحبنا من رواد مقهى الجزائر في السوق القديم قبل ان تتم إزالته فيما بعد ،بعد توجيهات غلق المقاهي والدكاكين وغلق النشاطات الترفيهية والتجارية ، فهذه النشاطات تعتبر في ظل النظرية ..ليست إنتاجية بل تمنع الناس من الانتاج والعطاء ! ..تذكّر صاحبنا ان صديقه صاحب المقهى عرف منه انه سيسافر بعد ايام لبنغازي ..فطلب منه ان يحضر له مجموعة اشرطة غنائية لزوم المقهى والروّاد، متوفرة في بنغازي وغير متوفرة في البيضاء ومعظمها أغاني لام كلثوم ،كتبها له صاحب المقهى في ورقة ، تصدرتها اغنيات :يا ظالمني ، اروح لمين ، ح اسيبك للزمن ،الاهات ، فكروني، يا عيني عللي راح ، ووسطها أغنية لفريد وأخرى لمحمد صدقي ...يا ليل ياما فيك سهارى ..طيرين في عش الوفا ..وذيّلها بأغنية محمد نجم ..ليبيا يا نغمًا في خاطري ..اعطى صاحبنا المذكرة الاصلية للحارس معتذراً قائلاّ " توا بلغّوني ان قريبي فلان توفى ..ومعزّا كبير يرجا فيّ..تبقى على خير " ...