الأستاذة قدرية سالم بن صويد :
هي شخصية نسائية من الليبيات البارزات وهي أستاذة جامعية ورائدة في مجال التعليم الجامعي وقد تخصصت في مادة اللغة الإنجليزية التي قضت في تدريسها مدة تزيد عن الأربعة عقود من الزمن ..
وُلدت قدرية بن صويد بمدينة بنغازي عام 1941 ودرست المرحلة الإبتدائية في مدرسة الأميرة ثم في المدرسة الإبتدائية التي كانت تقع عند شاطيء البحر بمنطقة خريبيش وقد تحول مبنى هذه المدرسة فيما بعد إلى مقر لكلية الحقوق ثم أزيل ..
درست قدرية المرحلة الإبتدائية وسط ظروف اجتماعية صعبة ( رغم وجود حق المواطنة دستورياً ) ،مع مجموعة من بنات جيلها ومنهن :غالية بودجاجة ــ نفيعة بن عامر ـــ خديجة ستيتة ــ فتحية حسين مازق ــ ربح صهد ــ منى بن علي وغيرهن .. وكان هذا الجيل من الطالبات يتلقى التعليم على يدي رائدات أسهمن في نقل العلم والمعرفة وكان لهن الفضل في النهوض بذلك الجيل من الطالبات ومن أولئك المعلمات :
حميدة العنيزي ــ لمعان كويري ـــ خديجة الجهمي ـــ فضيلة بومنير ـــ سمية حجلاكي ــ ونورية الأزرق معلمة مادة الأشغال والتطريز .. إضافة إلى بعض المعلمين من الرجال .
كان المجتمع الليبي في تلك السنوات منغلقا على نفسه وكان الكثير من الآباء يرفضون خروج البنت إلى المدرسة .. وعن تلك الذكريات تقول الأستاذة قدرية بن صويد :
( ذات مرة زارنا في المدرسة الإبتدائية وفد من نظارة المعارف وكان برفقتهم أحد القضاة .. وكانت ابنته طالبة معنا .. وعندما وجد القاضي معلما يقوم بمهمة تدريسنا رفض أن تواصل ابنته الدراسة الإبتدائية ومنعها من المجيء للمدرسة .. )
التحقت قدرية بعد ذلك للدراسة بمعهد المعلمات لمدة عام واحد ولم تكمل ..حيث واصلت تعليمها بالمرحلة الثانوية وتحصلت في عام 1959 على الترتيب الأول في امتحانات الشهادة الثانوية قسم أددبي على مستوى المملكة الليبية .. ونتيجة لتفوقها تحصلت على فرصة الدراسة بالخارج لكن والدها لم يوافق وسمح لها بمواصلة الدراسة الجامعية ..
كانت الجامعة الليبية في مدينة بنغازي قد افتتحت أبوابها عام 1956 بكلية واحدة هي كلية التربية التي التحقت بها قدرية لتدرس ضمن الدفعة الثالثة وكان معها من الطالبات :
نجمية الطرابلسي ـــ خديجة استيتة ــ ربح صهد ــ فتحية مازق
وتقول الأستاذة قدرية عن ذكريات أيام الجامعة : " كنا نلبس الخمار أثناء خروجنا من المنزل .. ونزيحه عند دخولنا للجامعة .. وكنا نشعر بالإحراج .. ونسمع التعليقات من زملائنا الطلبة .. كانت التقاليد صارمة جدا ..
في السنة الأولى من الدراسة الجامعية كنا حوالي 80 طالبا و 5 طالبات .. وكانت الدراسة مواد عامة جغرافيا ــ تاريخ ــ فلسفة ــ أدب عربي ــ لغة انجليزية
أذكر أنني درست مادة الفلسفة على يدي الدكتور أبوريدة .. ومادة الدراسات الإسلامية على يدي الدكتور ابراهيم اللبان ..
ومنذ السنة الأولى بدأنا بكتابة الأبحاث .. وكتبت أنا بحثا عن المسرحية في شعر أحمد رفيق باللغة العربية .. كما كتبت بحثا آخر باللغة الإنجليزية وكان الأستاذ حسين الكونيالي صديق عمي محمد بن صويد يصحح لي الأخطاء في هذا البحث .. والأستاذ حسين كان يشرف مع عمي محمد على صحيفة ( سرنيكا ويكلي نيوز) الصادرة في مدينة بنغازي باللغة الإنجليزية ..
كانت الجامعة شعلة من النشاط حيث شهدت إقامة الندوات والمحاضرات الثقافية ونشر الجرائد الحائطية ..وتكوين الجمعيات الثقافية مثل جمعية شكسبيروجمعية اللغة العربية ..وكان بالكلية طلبة شعراء مثل عمرو النامي وراشد الزبير .. وكانت بالجامعة مكتبة مكتظة بمختلف أنواع الكتب .. وكنا نستعير هذه الكتب كما نقضي أغلب وقتنا في المطالعة بالمكتبة ..كنا في وسط علمي تربوي وعلاقتنا بالأساتذة تقوم على الإحترام المتبادل .. لقد كانوا أساتذة أجلاء .. "
تخصصت قدرية بن صويد في اللغة الإنجليزية وتخرجت من الجامعة الليبية في عام 1963 وتم تعيينها كأول معيدة بالجامعة الليبية وبدأت بتدريس اللغة الإنجليزية ..
وفي عام 1964 تزوجت بالأستاذ محمد دغيم وأوفدت مع زوجها للدراسة في بريطانيا عام 1966 والتحقت بجامعة نوتنجهام وتحصلت على شهادة الدبلوم العالي في اللغة الإنجليزية وآدابها .. ثم سافرت إلى أمريكا وأكملت دراستها وتحصلت على شهادة الماجستير في اللغويات .. وعادت لمواصلة التدريس بالجامعة الليبية ..
* المصدر:
مقابلة شخصية مع الأستاذة قدرية بن صويد. /بقلم الاستاذ محمد العنيزي