بحث في هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 31 يوليو 2023

عمر المُختار ...

هناك من يتحدّث عن التاريخ ، وهناك من صنعه :
  إثناء مكوث البطل عمر المختار شيخ الجهاد في ليبيا، في السجن بعد القبض عليه ، أراد المأمور رينسي ، وهو آنذاك كان المسؤول الإيطالي في برقة ، في أمسية الرابع عشر من سبتمبر 1931 أن يُقحم أحد أصدقاء الشيخ البطل السجين في موقف حرج معه ، فأبلغه (كذبًا) بأنَّ المختار طلب مقابلته ، وأنَّ الحكومة الإيطاليَّة لا ترى مانعًا من تلبية طلبه ، ذهب الصديق إلى السجن لمقابلة المختار ، وعندما التقيا خيَّم السكوت الرهيب ولم يتكلم المختار فقال الصديق مثلا شعبيًّا مخاطبًا به المختار : « الحاصلة سقيمة ، والصقر ما يتخبل » ، وما كاد المختار يسمع المثل المذكور حتى رفع رأسه ونظر بحدَّة إلى صديقه الليبي وقال له : « الحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه » وسكت ، ثم أردف قائلا : « ربِّ هب لنا من لدُنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدًا ، أنني لم أكن في حاجة إلى وعظ أو تلقين ، أنني أؤمن بالقضاء والقدر ، وأعرف فضائل الصبر والتسليم لإرادة الله ، أنني متعبٌ من الجلوس هنا ، فقل لي ماذا تريد ؟ » ، وهنا أيقن ذاك الصديق وفهم بأنه قد غُرّر به فزاد تأثره وقال للمختار : « ما وددت أن أراك هكذا ولقد أرغمت نفسي للمجيء بناءً على طلبك . » فقال المختار : « أنا لم أطلبك ولن أطلب أحدًا ولا حاجة لي عند أحد » ، ووقف دون أن ينتظر جوابًا ، وعاد الأخير إلى منزله وهو مهموم حزين وقد صرّح بأنه شعر في ذلك اليوم بشيء ثقيل في نفسه ما شعر به طيلة حياته ، ولما سُئل عن نوع الثياب التي كان يرتديها عمر المختار أهي ثياب السجن أم ثيابه التي وقع بها في الأسر كان جوابه (وهو كان متحدثًا فصيحًا ويفهم الشعر الفصيح) ، بيتين من الشعر :
عليه ثيابٌ لو تُقاس جميعها بفلسٍ لكان الفلسُ منهن أكثرا**
وفيهنَّ نفسٌ لو تُقاس ببعض نفوس الورى، كانت أجلُّ وأكبرا **
________________________________
(مقتطفات من قراءات جمعتها الأستاذة ياسمينة البركي ،(كاتبة وباحثة ليبية مقيمة في فنلندا) من مصادر مختلفة..مع بعض التصرّف منّي..)



 

الاثنين، 3 يوليو 2023

The SIlent Spring الربيع الصامت

                                 ظواهر الطبيعة (الغير طبيعية ) خلال السنوات الاخيرة ..تجعلنا نستنتج ان ما فعلناه كبشرية بالطبيعة وبالبيئة ..هو مدمّر ..وهذا ما تنبأت عالمة البيئة والاحياء والكاتبة الامريكية  راشيل كارسون   (   Rachel Carson 1907-1964 ) ..في كتابها  (الربيع الصامت)(The Silent Spring ) والذي صدر عام 1962 ، حذّرت فيه من تدهور البيئة الطبيعية من اثر افعال البشر  : " إن لم تنتبهو لما تفعلوه بالبيئة فسيكون ربيعكم صامتاً ..ولن تجدو طيوراً تُغرد ولا سماءاً صافية ولا نجوم واضحة ..بل رياح تُزمجر وصحراء تًحيط بكم من كل جانب ...." ..وعلى اثره جاءت اغنية البيئة الشهيرة    )


they paved paradise and put a parking lot  ....بمعنى لقد اخذوا الجنة وصنعوا بدلها موقف سيارات ) ...كما كان لذلك الكتاب الاثر الواضح لتشكيل وتأسيس كثير من منظمات المجتمع  واشهرها حزب الخُضر في المانيا (ليس للأيديولوجية الخضراء عندنا اي علاقة بالأمر ) ...قرأت ذلك الكتاب منذ زمن وباللغة الانجليزية اهداه لي احد الاصدقاء في امريكا فترة دراستي هناك ، ولإعجابي وتأّثري به ، سميّت مدونتي هذه (الربيع الصامت) (The Silent Spring ) ..والتي كتبت   وجمعت مُعظم مقالاتي  بها منذ  2009 ولليوم  ومنها مجموعة مقالات تحت عنوان (الربيع الصامت)...   ..للأسف هذا التصحّر قد طال اليوم حتى النفوس ...اما عن الطيور وكثير من مظاهر الربيع  والطبيعة والحياة وغيرها قد غادرت ...   ألا ترون معي أن ربيعنا في الأعوام الأخيرة أصبح صامتا فعلا كما عبرت عنه الكاتبة بأقتدار .. وأرجو الله أن لا يكون التصحّر قد وصل حتى نفوس البشر ليفهموا ما أعني. وللحديث بقيه بأذن الله.