بحث في هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 2 نوفمبر 2023

المجاهد ابوبكر حمد سعد بالذان الحجازي الدرسي .....

   الحاج المجاهد ابوبكر حمد سعد بالذان الحجازي الدرسي ولد عام : 1875بمنطقة الحنية الواقعة شمال الجبل الاخضر على ساحل البحر المتوسط ، وهو احد أعيان برقة البارزين ، عيّن شيخ قبيلة الدرسة منذ العهد التركي بدل والده الحاج حمد بن سعد بن محمد بن عبد المولى ابن سليمان بوميصولة.
    ولقب باابوبكر بالذان لشدة حاسة السمع (**) حيث اقترن هذا اللقب باسمه طول حياته ، وينتمي في نسبه الي قبيلة الدرسة وهو من ذرية برغل بن ادريس بن حرب من سلالة بني سليم .
شارك بقيادة عشيرته في الجهاد الليبي ضد الغزاة الايطاليين حيث يعتبر من ضمن النواة الاولى التي شكلها احمد الشريف لمقاومة الغزو الايطالي للبلاد واستمر في نضاله ضد الايطاليين ، واشترك في عدة معارك ابرزها معركة ( القرقف ) حيث قال فيه الشاعر حسن امغيب الدرسى : (( ضنى عبدالمولى روسيه والله ماخلقوا فاجيالى ،بوبكر بذان اطوال معانيه من نقطة جاب البيابانى ، نحلف كان اتحلف فيه ماعمره درج فاوطانى ، يمشى يغزى كل عشيه يضرب كي ضرب الشيهانى ، واخذ من النجع اسكليه منهم بوعيسى شعنانى ،)).وقام بتموين دور شيخ الشهداء عمر المختار الي أن تم الوشاية به الي الحاكم الايطالي في منطقة الحنية وصدر حكم بنفيه الي أحد الجزر الايطالية ( اوستيكا ) كما صُدرت جميع امواله في ذلك الوقت ، وافرج عنه وعاد الي ارض الوطن ليعتقل مرة اخرى سنة 1929 بمعتقل بنينة (منطقة بنينه قرب بنغازى ) وهذا السجن كان مخصص لمشايخ القبائل لتأديب الاهالى حتى لاينظموا الى المجاهدين ( الادوار ) ، وهو متزامن مع فترة معتقل المقرون الذي هو الاخر كان يضم اسرته وجميع افراد قبيلته ، ثم خرج من المعتقل بعد اعدام شيخ الشهداء عمر المختار سنة ( 1931 ) وكان من المبايعين الاوائل للامير ادريس السنوسي والداعمين له من أجل استقلال ليبيا ، بالاضافة الي مساعدتة وتمويله للمجاهدين ( المحافظية ) ونتيجة لذلك صدر عليه حكم بالاعدام من قبل الحاكم العسكرى الايطالى بمنطقة مسة وهنا نشيروبكل فخر الى ترابط المجاهدين الشرفاء وبفطرتهم وحكمتهم التى اعجزت الايطاليين الغزاة حيث نروى هذة الحادثة للتاريخ : (( عندما استدعى الحاج ابوبكر بالذان لمقر الحامية الايطالية بمنطقة مسة قابله مساعد الحاكم العسكر وهو من الغرب الليبى ويدعى البكوش وكانت تربطه به علاقة ودية وكان مصدر للمعلومات للحاج ابوبكر عن تحركات الايطاليين وابلاغ المجاهدين بها ، وعند استدعائه لاستدراجه للاعتقال ومن ثم الاعدام وعند دخولة لمقر الحاكم بمسة توجه اليه السيد البكوش الذى كان يعلم بصدور حكم الاعدام وعندما مر بجانبه فى ساحة المعسكر ( البياصة ) قال له وبصوت منخفض : ( ان لله وان اليه راجعون يا ابوبكر ) ومضى كل منهم بأتجاه دون ان يتصافحان وقد فهم الحاج ابوبكر مغزى العبارة التى قالها له السيد البكوش ودون ان يثير الشكوك بأنه عرف مايدبره الايطاليين دخل وبذكائه وشجاعته الى احد المكاتب ثم خرج فسأله أحد الجنود الايطاليين وكان الحاج ابوبكر يجيد اللغة الايطالية : مالامر فرد عليه انه يريد مقابلة المامور ( الحاكم العسكرى ) وهو الان فى اجتماع , وانا ذاهب لاربط فرسى واعود لمقابلته بعد الاجتماع وذهب بهدوء حتى توارى عن الانظار ولكى لايثر الشك ترك فرسة ليوحى لايطاليين انه مازال قريب وانتشر خبر حكم الاعدام وبدأ الايطاليون بالبحث عنه ومطاردته لتنفيذ الحكم ,فوقفت جميع قبائل برقة وشرفائها الي جانبه وقاموا بأخفائه الي ان تم تهريبه من قبل الاستخبارات البريطانية بقيادة ضابط المخابرات الانجليزي ( بنكوف ) الي جمهورية مصر العربية بناءاً على توصية من الامير ادريس السنوسى فى ذلك الوقت ، حيث التحق بالامير ادريس السنوسي والمجاهدين الليبيين المتواجدين بالاراضى المصرية ، مما اغضب الايطاليين حيث قاموا بالتنكيل باسرته وجلدهم واعتقال ابنه الاكبر لاعدامة نكاية بوالده الا أنه تم تهريبه بساعات قبل اعدامه من قبل ضابط ايطالى من اصل مغربى وكان هذا الضابط من اصدقاء الحاج ابوبكر بالذان وكان متعاون مع المجاهدين ويمدهم بالذخيرة التى تسلم له ويشترى من الجنود الايطاليين ذخيرتهم ويضعها فى مكان معروف للمجاهدين . وهو من المنادين بتأسيس الجيش السنوسى وقد شارك في تأسيـــس جيش التحرير بقيادة الامير ادريس السنوسي بتواصله مع المجاهدين داخل برقة وكذلك باقناع افراد قبيلته الفاريـن من الاحتلال الايطـالى او الذين تم اســرهم من البريطانيين للانضمـــام لجيش التحرير سنة ( 1940م ) - وهو من ضمن اعضاء المجلس التشريعى وقام بمبايعة الملك ادريس السنوسي بعد الاستقلال ليكون ملكا لليبيا .
    كما وقف في وجه الانجليز فى فترة الوصاية البريطانية على برقة عندما حاول الحاكم البريطاني فرض ضريبة على سكان برقة ،حيث قام بالرماية على مقر الحاكم العسكري في مدينة البيضاء ( وهو مايعرف بالسيلس وحاليا سجن قرب البريد القديم وهو أحد المعالم المعمارية القديمة بمدينة البيضاء حيث لاتزال اثار نيران بندقيته ( ام حريبه ) حتى الان في الجهة الشمالية للمقر "وذلك بشهادة اعيان عائلة الشاظوف براعصة التى كانت تسكن بالقرب من المقر" ليبقى هذا الاثر شاهد على نضاله ونضال قبيلته العريقة التي ذكرها ( غريسيانى )في مذكراته بأنها اشرس القبائل الليبية في قتال الايطاليين .
   كما أنه هو أحد الموقعين على وثيقة برقة التاريخية التي تطالب باستقلال ليبيا 1948 م
عين من قبل الملك ادريس السنوسى كممثل لقبيلة الدرسة المجاهدة في لجنة الستين وهي لجنة اعداد دستور ليبيا في عام 1951 م وكان رقم تسلسله ( 20 )، وعين مستشار لقبيلته في مجلس الشيوخ ، كما اقترح عليه الملك ولاية برقة فى نهاية الخمسينات لكنه رفض لكبر سنه ولاعطاء الفرصه للشخصيات الشابة والمتعلمة لتستطيع النهوض البلاد .
    ومن ضمن مواقفة فى حادثة مقتل الشلحى من قبل قريب الملك شكل المشايخ والنواب وفد حيث كان القاتل قريب الملك والمقتول صديق الملك وفوض الوفد الحاج ابوبكر بالذان بالقاء الكلمة بأسمهم وبعد كلمات التعزية والمواساة وفى النهاية قال جملته المشهورة : ( باهى ياسيدى اللى جت منكم ماجت منا ) وهز الملك راضيا حيث جاءت هذة الكلمة فى مقامها . والمقصود : اذا كان القاتل من خارج الاسرة الحاكمة تكون فتنه بين الاسرة المالكة وقبائل برقة قد تؤدى الى انهاء حكم العائلة المالكة .
   توفى الحاج ابوبكر بالذان بعد رجوعه من فريضة الحج حيث اصيب بحمى وحطت به الطائرة بجمهوية مصر العربية ومنها الى مدينة طبرق ثم نُقل بسيارة اسعاف الى مستشفى مدينة مسة الذى وصله وهو فى الرمق الاخير حيث توفى بمستشفى مسة وهنا مفارقة غريبة حيث ان مستشفى مسة كان هو مقر الحاكم العسكرى الايطالى ابان الاحتلال الايطالى وكان هو المكان الذى كان سيننفذ به حكم اعدامه ليعود بعد عدة سنوات ليفارق الحياة فى ذات المكان، شيع جثمانه رحمة الله عليه بتاريخ : 26/ 6 /1960 م ، ودفن في مدينة البيضاء بمقبرة ارويفع بن ثابت الانصاري، وقد حضر مراسم جنازته العديد من الشخصيات والاعيان والقى السيد حسين مازق والى برقة كلمة اثناء مراسم التشييع قال فيها : " هذا ركن من اركان برقة أنهد " وأصرت قبيلة البراعصة على اقامة مراسم عزاء له بمدينة مسة على نفقتهم تقديرا وعرفانا لجهده وجهاده ولمواقفه الواضحة والشجاعة ولحكمته فى جمع كلمة القبائل لصالح الوطن ووئد الفتن وكان ذلك قبل توجه اهل المرحوم لاقامة مأتمه بمقر سكناهم بمنطقة الوسيطة ..رحم الله الشيخ المجاهد بوبكر بوالذان.
(المعلومات من صفحة وارشيف الاستاذ فتح الله خليفة جبريل  )

** تعديل وتصحيح من السيد ميلود صالح بذّان : ( ورد هنا خطأ تاريخي من حيث تسمية بالذان ، في بداية المقدمه نُسب إسم بالذان إلى جدي سعد وهذا غير صحيح ، ثم الخطأ الثاني هو تسمية جدي أبوبكر بهذا اللقب لشدة سمعه والصحيح أن لقب بالذان في جدي حمد هو الذي أشتهر بهذا اللقب وتوارثه أبنائه من بعده .)
 

 

 

سالم الكبتي وأدباء من ...ليبيا

مقال الاستاذ الكاتب اللبناني الشهير  سمير عطالله اليوم الخميس 2 نوفمبر 2023  في موقع صحيفة الشرق الاوسط بعنونان:
أدباء من ليبيا
 
  يُلقّب الدكتور محمود شمام الزميل سالم الكبتي بأنه «ذاكرة ليبيا». في كتابه الجديد «قمر جنوب السماء» يروي صاحب الذاكرة وحارسها، تاريخ بلد عاش في الازدهار والفقر، الاستقرار والخوف، الوحدة والتفتت.
  بلد يطمع الجوار في شيء من أراضيه، أو يدعو فريق آخر إلى ضمه مرة واحدة على طريقة العراق والكويت. ولا يبرئ «صاحب القمر» الشعب الليبي نفسه من الأخطاء والانحرافات، مؤكداً دائماً على الدور الأبوي الذي لعبه الملك إدريس السنوسي في توحيد ليبيا، ثم في تدعيم الوحدة والألفة والقربى بين الناس.
  تبدأ سردية الكبتي مع التاريخ في المرحلة الفرعونية، وصولاً إلى ما هي ليبيا الآن. سرد جميل جذاب يطغى فيه الأسلوب أحياناً على الوقائع. وواضح من الأسلوب الجذل والشفّاف مدى تأثر الكاتب. وبنموذجه الأدبي الساحر الصادق النيهوم، الذي شكّل مفترقاً في الفكر والثقافة والحداثة الليبية.
   في أحد فصول الكتاب يرسم الكبتي صورة بسيطة لما كان عليه خلف السنوسي: «غابت الشمس. وهاجرت الطيور. وسبتمبر (أيلول) اقترب، ثم وقع. انزوى الملك في مستقره الجديد. ظل صامتاً طوال كل الأعوام التي قضاها لاحقاً في مصر. محاولة من النظام الجديد لاغتياله على الطريق الزراعي بين القاهرة والإسكندرية عام 1972 فشلت. لم يقابل السباب والشتم بالمثل. ظل صامتاً. لم يكتب مذكراته. لم يدلِ بتصريحات للصحف والإذاعات. وكلهم تركوه وحيداً».
    لكن ماذا عن المرحلة المقابلة، ماذا حدث للدولة التي «راعت مصالح الجميع في كل الأحوال»؟ إليك ما حدث «... وأضحت الرائحة الليبية تفوح في كل المشاكل على وجه الأرض. وكثيراً ما أضحت ليبيا مدعاة للقلق بسبب التدخل في شؤون الآخرين. الحروب والنزاعات. الأمور الداخلية للغير، وحشر الأنف وسطها. كل ذلك شوه من سمعة ليبيا وأبنائها. صورة قديمة تلطخت بالتدخلات والمؤامرات...».
   يعيد الكبتي الاعتبار إلى موجة من الأدباء والمفكرين والروائيين الكبار الذي مَنع الأديبُ والقاص الأكبر ذكر أسمائهم: رشاد الهوني، وخليفة الفاخري، ويوسف القويري، وأحمد إبراهيم الفقيه، وعلي فهمي خشيم، ومحمد أحمد وريث، وعبد الرازق أبو خيط، وحميدة البراني زوجة رشاد الهوني، والكاتبة اللامعة في «الحقيقة».
    كان ذلك سربا سمي «جيل الحقيقة». وقد أطل على بنغازي وجامعتها وشغفها الثقافي العام 1968 الدكتور عبد الرحمن بدوي، أستاذاً للفلسفة في جامعتها طوال ست سنوات. ولم يرَ أحد في انضمام الفيلسوف الكبير إلى المدينة الصغيرة والجامعة الصغيرة غرابة أو استهجاناً. غُيّبت ليبيا الأدبية طوال أربعة عقود. وما إن غاب حتى أطل أدباؤها من جديد. مرحبا يا أخويا مرحبا.