بحث في هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 4 سبتمبر 2013

                                   كلمات-3
                          (يسألونك عن التخلف)                      25/9/2010

       مفتاح بوعجاج
         ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

     الحقيقة لست الأول ولا الأخير الذي تحدث وسيتحدث عن الإشاعات والخرافات(بل أصبحت حقائق عند الكثيرين) بخصوص ما أثير في تجمعاتنا في أفراحنا ومعازينا وما أكثرها هذه الأيام(وخاصة وفيات الحوادث والمواليد) بسبب تلك المكالمات الهاتفية القاتلة والتي استهدفت فقط الشعب الليبي دون غيره والتي قيل أن بسببها قد سقط ومات العشرات بعد تلقيهم مكالمات غامضة من دول الاتحاد الافريقى،، وهم موجودون بثلاجات المستشفيات ...ولا اعلم ولا اعرف كيف الطريقة لترد وتقنع من يؤمن بهذا الكلام بأن هذا الموضوع وبصريح العبارة وباختصارها غير صحيح.
  في ثقافتنا الشعبية كان المتحدثون من أهلنا وخاصة عند الحديث عن بعض المواضيع  التي تحتاج إلى دليل وتأكيد ، بأن  ينهون حديثهم بعبارة (دير عليها ناطور!!)...وللأسف فقد مرت الكثير من الحكايات والقصص في الزمن الحاضر ولم نعمل لها ناطورا..،فقد ظهرت الكثير من الحكايات عن تلك الطبيبة الأردنية والتي تعالج  قومنا المرضى (عن بًٍٍَِِْعد)(ليس فقط الاستشعار عن بعد ولكن أيضا العلاج عن بعد) وتقوم بإرسال أطقم طبية طائرة ،حسب زعمها، غير منظورة إلى مرضاها في ليبيا بعد أن يتم تشخيصهم تلفونيا حيث يبدو أنها كانت متخصصة فقط في علاج الليبيين  بهذه الطريقةّ أما الشعوب الأخرى فلم تكن محظوظة!!..وبعد أن يقوم أهل المريض بإرسال المعلوم بالدولار(قبل ظهور اليورو) وترضى أحيانا بطواقم ذهبية أو الجواهر الثمينة واستلامها عند الطبيبة في الأردن اى أن التشخيص و العلاج يكون لا مرئي أما الثمن فهو ظاهر للعيان ، واستمر العمل بهذا النوع من العلاج سنينا والمٍِْعالجين يحكون عن تلك المعجزات التي حصلت لهم بدون أن يشعروا حتى بوخز الإبر أو مشارط العمليات الجراحية ثم اختفى الأمر واختفت الطبيبة فجأة ولم يعد للموضوع اى اثر ولم يعمل العاقلين ناطورا حتى يتم تذكر هذا الأمر فيما بعد...
  ثم ظهر ذلك الحديث عن (الرحى)( وهى تتكون من حجران دائريان بقطر حوالي نصف متر احدهما ثابت والأخر متحرك تستعمل عادة لطحن الحبوب قبل اختراع الكهرباء والمطاحن الحديثة، والحجران مصنوعان من أحجار ناريه صلبه من إنتاج باطن الأرض بعد خروج معظمها بسبب البراكين، ومعظمها من حجر البازلت الصلب) (وتلك الأحاديث والخزعبلات جعلت قيمة وثمن الرحى ترتفع إلى ألاف الدينارات حسب نسبة المواد المشعة المتركب منها تلك الرحى حسب ما يدّعون وحسب نسبة مؤشرات تغطيه ليبيانا والمدار عندما تضع هاتفك النقال بالقرب من تلك الرحى !!؟) .. وتكالب الآلاف ذكورا وإناثا عن البحث عن الرحى في البراري والوديان والغابات بل ودخلت الرحى من ضمن الممتلكات التي دخلت من ضمن تقسيم الورثة والتي أصرّ الكثيرين على عدم انتهائها  بالتقادم، وأصبح حديث الساعة بل الدقيقة وفى جميع المناسبات ولو استمع خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية لما كان يدور من أحاديث نسائية ورجالية لأرسلت فرقها التفتيشية للمعاينة والتقصي وكان ممكن أن تتعرض بلادنا للغزو أو للحصار إلى أن يتم معالجة هذا الأمر الجلل و الخطير ..كما تًًٍَُِذهل لرؤيتك لهولاء المتأنقون لباسا ومركوبا بكرافتاتهم وبذلهم ونظاراتهم  و قبل البسطاء من الناس وهم يجوبون ويبحثون عن هذا المصدر الجديد للثروة بل ويعرضون الأسعار المغرية لمن يدلهم على بقايا رحى...! وأصبح الحديث عن هذا الأمر بكل الأمكنة التعليمية وحتى مراكز البحوث والعلوم والطاقة جهارا نهارا  وانتهى الأمر فجأة كما بدأ وتناسينا الأمر بعد ثبوت عدم صحته، ولم نبنى ناطورا لهذا الأمر فمرّ ولعله سيتكرر عند اللازم في الجيل القادم.....
  كما شد الكثير من رجالنا ونسائنا الرحال إلى تونس في فترة  ظهرت فيها الأقاويل بأن معالجة تونسية تزيل الحصى من الكلى وحتى المرارة بدون الاحتياج إلى عملية جراحية أو ليزريه وإنما بكل بساطة فقط بعد أن تدخل في فم المريض خيطا اقسم الكثير من المرضى بأنهم شفوا تماما وأنهم رأوا تلك الحصى ملتصقة بالخيط واقتنعنا بالجزء الأول من كلامهم إلا أن الجزء الثاني من عودة ألامهم وأنهم لجئوا أخير إلى العمليات الجراحية فهذا لم يًٌٌٍَُِعرض ولم نسمعه رغم انه حدث ..,, كما نسينا عمل ناطور على هذا الأمر ليدخل ذاكرتنا ولهذا احتمال عودته وبقوة وارد وفى اى وقت ..!
  كما ظهر في المنطقة الغربية من بلادنا ذلك الكلام عن الطبيب الفلبيني الذي يجرى عمليات ومعالجة المرضى في اى مكان من الجسم بدون فتح أو حتى ظهور علامات تدل على تلك العمليات، واستمر العمل بهذا الأمر زمنا ثم اختفى الأمر فجأة كما ظهر بدون أسباب وبدون ناطور.... كما لا يزال الكثير منا يذكر تلك المعالجة فى مصر والتي تداوى الظهور الموجوعة بخبطات على تلك الظهور كفيلة بإزالة تلك الأوجاع وشدّ الرحال إليها ولا يزال الكثيرين الذين يستحقون خبطات على الدماغ وليس على الظهور.
ولو أردنا أن نعمل ناطورا لمثل هذه القضايا لأصبحت نواطيرنا مثل سور الصين العظيم طولا وعرضا.....بسبب تصديق مثل هذه الخرافات والأكاذيب التي لايوجد لها دليلا واحدا ..
  أن هذا الأمر يقودنا إلى الحديث عن العقل الخرافي المؤمن بالشعوذة والدروشة والذي يسهل عليه تصديق ما يشاع وما يقال وتاريخنا طويل ومليء منها ،،وهو سوق رائج دخل إليه تجار هذا النوع من الشعوذة والدروشة تارة باسم الدين وتارة باسم الدنيا ..فأصبحت حالات الطلاق أسبابها عند المشعوذين سحرا وجانا لا بسبب الإهمال والتقصير في الوفاء بعقد الزواج والعلاقات الإنسانية والشرعية..وأصبح رسوب أبنائنا في الامتحانات هو تسليط جانا وسحرا عليهم من قبل من يكرهونهم ويحسدونهم لا بسبب تقصيرهم في دراستهم  وتحصيلهم أو تقصيرا في العمليات التعليمية ذاتها ، وهذا التأويل  المتخلف يجعلنا نحيل مشاكلنا وآلامنا ومعاناتنا لأسباب غير منظورة وغير مرئية.(فالجان والجنين والجنّة هي مشتقه من شيء لا نراه)(وذلك حتى نستريح ونريح ولا نلوم أحدا ولا يتم البحث فيه وعن أسبابه وهو ابسط وأسهل  تفسير نلجأ إليه بعيدا عن التعب والبحث والمعاناة والتحشيم  كما تفعل الشعوب الأخرى (المتخلفة) والتي تتعب وتضيع وقتها في بحوثها وتقصيها عن الحقائق والأسباب ومن ثم المعالجة  !!؟)..
   كما عمل الكثيرون من أغنيائنا على محاولة زيادة رصيدهم من الدولار واليورو والين ومضاعفتها عن طريق مشعوذين  مؤمنين بتوالد تلك الأموال من بعضها البعض وراحت وطارت الأمهات ولم يولد شيئا... كما تطور الأمر إلى الاعتقاد أن وفاه العروس ليله زواجها كان بسبب السحر وتسليط الجان عليها من قبل العزال، ولم يتفطنوا إلا أخيرا أن سببها كان تلك الحنة المخلوطة بمواد سامة عمل خلطتها وافدون من بلدان متخلفة ..كما كان يعتقد أن من يقع أرضا مريضا ويظل يرتعد وتصطك أسنانه قد أصيب بجان وكانوا يعالجونه بالضرب والكي إلى أن اكتشف العلم الحديث أن هذا مرضا عضويا بصيب كهرباء المخ بنوع من الماس الكهربائي أن صح التعبير أسموه مرض  الصرع (Epilepsy )(اضطراب في الجهاز العصبي عموما وخلل في أداء الدماغ)     ....وهناك الكثير من التفسيرات اللاعلمية والتي ترّقت حتى إلى مستويات عليا إلى أن  أصبحت حتى هزائمنا في المعارك القومية سببها الجان والسحر والى أن عدم تحقيق الوحدة العربية هو محاولات الاستعمار والصهيونية والامبريالية الاستعانة  بجنود من الجان الصليبيين النصرانية والتي لم يراها عساكرنا وأركان حروبنا بالعين المجردة وإلا لكانوا التهموهم التهاما.؟؟.. لو راجعنا أنفسنا بكل صدق وموضوعية إلى ما كان عليه حالنا منذ قرن مضى لضحكنا على معتقداتنا وتفسيرنا للأمور وحتى فتاوينا  ولكن العلم الحديث بدا يكشف عنّا الغمة تدريجيا إلى أن بدأ ما كان حراما زقوما أصبح اليوم هو الحلال بل يحثنا عليه ديننا ؟؟ انه العلم انه النور انه البديل للجهل والجاهلين ،أنها رؤية العالم المتقدم المتحضر..انه العالم الذي قال عنه الإمام محمد عبده (فيه وجدت الإسلام ولم أجد المسلمين أما عندنا فوجدت المسلمين ولم أجد الإسلام)،إننا وبشدة بحاجة إلى تأكيد فقه للعمل وفقه السلوك وفقه للحضارة بعد أن استوعب الناس فقه العبادات،، وكما قال احد المفكرين المتنورين( في القران عدة آيات تبدأ بكلمة  يسألونك ، مرة عن الروح ومرة عن الساعة وثالثة عن الساعة و  عن الأهلة ورابعة عن ذي القرنين وخامسة عن المحيض وسادسة عن الخمر والميسر إلى غير ذلك من الأمور التي شغلت جموع المسلمين قبل أربعه عشر قرنا ، والمفارقة المدهشة أن عقول اغلبيه المتدينين ما تزال تتحرك في نفس الدوائر بدرجة أو بأخرى وبشكل أو أخر..فهي لم تغادر أفاق الغيب ..وهى الأمور التي تم حسمها واستقر أمرها، وأصبح على أجيال المسلمين الحالية أن تتجاوزها وتطرح أسئلتها الجديدة وتنشغل بالإجابات الصحيحة عنها ، وإذا جاز لنا أن نستعير لغة الخطاب القرانى في الحديث عن شجون زماننا فسوف نقول : يسألونك عن التقدم والتعلم والديمقراطية والشفافية والتنمية وغيرها....  ويسألونك عن التخلف؟؟.)
  لقد أن لنا أن يكون حديثنا صريحا ومباشرا للقول بأن هذه العقلية لم تعد توجد إلا عندنا وفى واقعنا أو عند أمثالنا من البشر ،ولا يغرنّك تلك المباني الفخمة والمسميات الفاخرة وامتلاء جوامعنا بالمصلين المؤمنين بمثل هذه الخرافات والأقاويل وما دامت عقولنا بهذه السطحية والسذاجة فهناك في عقولنا يكمن التقدم أو التخلف ، والإيمان والجهل ، والنور والظلام,,,لقد أن الأوان لتغيير كل أدوات التنمية عندنا وتغيير لغة الخطابة الدينية والدنيوية والاتجاه إلى ألوجهه الصحيحة إلى حيث نور العقول وإلا سيولد كل يوم ناطورا حتى وان لم نبنيه على الواقع.. سيكون في عقولنا.. واكرر ما قاله مهاتير ماليزيا (مهاتير محمد ):
(عندما أًٍٍَُِِِْْصلى أتوجه إلى مكة ..أما عندما اخطط أتوجه إلى طوكيو).والذي يحاذيه قول:( أن تمتلك عقلا صغيرا ينمو بشكل صحيح وسوى ومتحضر ومتعلم ،،أفضل من أن تمتلك عقلا كبيرا وضخما خرافيا مشوشا ينكمش)  وان ) : اى أحمق أهبل جاهل يستطيع أن يضخم ويعقّد الأمور ويؤمن بالخرافات ..ولكنك تحتاج إلى عاقل شجاع ليعيد الأمور إلى طبيعتها وحقيقتها) ..والأخير هذا ما نحتاجه لتنوير العقول الغافلة حتى لاتزيد أو تكبر نواطيرنا.
25/9/2010    (ليبيا جيل ..ليبيا وطننا)
 



ليست هناك تعليقات: