بحث في هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 4 سبتمبر 2013

                                    كلمات -2                      08/09/2010
                                __________
 مفتاح بوعجاج           

   في بلادنا ذات الستة مليون نسمة أو يزيد ، وحيث إننا معجبون بالرقم المليوني، يبدو أن هناك مليون رأى ووجهة نظر في أمور يفترض ان بكون الرأي فيها موحدا لأنها من ذات الأمور المطلوبة للبنية الأساسية اى الأصول وليست فروعا..  ،إن تحدثت عن السياسة  وتنوع الأنظمة السياسية في العالم تظهر لك تلك الآراء في شكل قاطع وغير قابل حتى للاستفسار ، فهذا يفضل النظام الديموقراطى النيابي وذاك يقول أن النظام الامريكى الرئاسي هو الأفضل وينبرىء احدهم بالقول أن النظام الاشتراكي اليساري أفضلهم ويعرج بك الآخر على النظام السويدي وبشكل مؤدب يهمس لك احدهم بأن الآخرين لا يفهمون شيئا حيث يصّر على أن النظام الملكي البريطاني أفضلهم جميعا،، ويهز احدهم رأسه هازئا بك وبأفكارك ليقول لك أن الإسلام هو الحل ,, ولا تستطيع  بل تخاف من ردة الفعل أن تسأله عن اى إسلام يتحدث في الحكم ؟؟هل هو مثل ما يجرى في إيران أم الذي تنادى به طالبان أم هو ما ينادى به السلفيون أم  الوسطيين أم شباب الصومال الذين قاموا بتحريم مشاهدة مباريات كأس العالم بل قتلوا مجموعه منهم كانوا المساكين يتفرجون بكل براءة على تلك المباريات أم إسلام الأخوان أم  السنة أم ألشيعه أو الخوارج أم المعتزلة أو المرجئة أم العباسيين أم الأمويين أم حكم الأندلس ام التجربة التركية.. وتظل تعّدد بأدب وحياء خوفا من اتهامك بالكفر..؟؟ ..وبكل قوة مستندا على واقع الحال والأحوال ينظر أليك احدهم نظرة المستخف بك وبوطنيتك وبمعلوماتك وبعدم فهمك ويقول لك بكل قوة :انه النظام الجماهيري نظام سلطة الشعب  أفضلهم وان لم يرى منك بوادر التسليم بالأمر والإذعان أو حتى بوادر لبعض الاستفسارات ، قد يحاول الإبلاغ عنك لدى الجهات المعتبرة بأنك غير فاهم..  وعندما تسأله لتغيير الموضوع قصد السلامة، عن أن لديك صديقا يعانى من مشكلة سكن فهل هناك وسيلة للحصول على سكن بحكم علاقاته وإيمانه ..فيرد عليك متأففا : ألا تعلم أن الحل موجود في مقولة (البيت لساكنه) ؟ فتضطر للاعتراف بأن ذلك لم يخطر على بالك!!...  وًًٍٍَُِِيعلى احدهم صوته عليك بقوله الاتفهم أيها الرفيق ؟ :أن النظام الماركسي الشيوعي لهو أفضلهم وعندما تستفسر منه عن سبب سقوط الأنظمة الماركسية الشيوعية يرد عليك مكشرا عن أنيابه العاجية الجميلة التي تم تركيبها في عيادات ايطاليا وليس في موسكو:النظرية ممتازة ولكن الخطأ في التطبيق!!!  ،وان تحدثت عن الاقتصاد ستظهر تلك الألغام تكاد تنفجر فيك واحدة تلو الأخرى فأحدهم يتلو عليك نظريات ادم سميث و يظل يردد بقوة وبصوت عال مؤشرا بيديه إلى الأمام ثم إلى الخلف (دعه يعمل ودعه يمر)، والأخر يتلو عليك ما قاله فريدمان ثم يتلوه أخر بما فعل كينز في الثلاثينات من ضرورة تدخّل الدولة في تنظيم الأنشطة الاقتصادية ،ويدلك احدهم على ضرورة إتباع توصيات صندوق النقد الدولي. وينقلك أخر إلى النظرية الاقتصادية  في بلادنا والتي لم ينجح مفسروها حتى ألان في الترسية على بر من البراري فقد نقلونا من اشتراكية الثمانينات حين كانت الدولة تبيع في الكسبر و المعدنوس والموز(بعد الإفراج عنه) وعالات الشاهى  إلى رأسمالية القرن الحديث والتي تجاوزت حتى عن ما نّظر به الاقتصادي  ادم سميث   ، حيث أصبحت الدولة تبيع في مؤسساتها وشركاتها ومصارفها إلى من يشترى حتى وان كان أجنبيا,, ويعطيك احدهم دراسة اقتصادية عن (ليبيا الغد) فتقرأها يمينا وشمالا  ومن الأعلى للأسفل ومن الأسفل للأعلى فلا تفهم شيئاّّ وتكتشف أنها عبارات إنشائية أكثر منها اقتصادية بحيث تحتمل كل أوجه التفسيرات وتكون صالحه لكل زمان ومكان ولجميع التأويلات  !! كما لن تجد أية نظرية اقتصاديه او توصيات من مؤتمر علمي يوصى بتجميع ألاف البشر في مجمعات ومعسكرات لمعرفة الحي من الميت والمزور من الحقيقي والكبير من الصغير إلا إذا كانت نظريات صدرت ما قبل التاريخ وقد ظنها البعض أنها مقدمة لإجراءات الحكومة الالكترونية التي سمعنا عن قرب انعقاد مؤتمرات وندوات بخصوصها!!  وبينما تحاول أنت أن تشرح له مشكلة الحاج فرج الذي يعول أسرة وتم تحويله إلى المركز الوطني الذي تم إلغاؤه وان ملفه قد ضاع ومرتبه ضاع معه ولا يعرف لمن يلتجئ لان لا صاحب ولا مكان له في العزيزية وانه لا مال ولا فزّاعة كما عبّر الشاعر مراد ، فيرد عليك بأنه بإمكان الحاج فرج حضور الندوة المزمع عقدها عن (الأزمة المالية العالمية)في الأيام القريبة القادمة والتي سيحضرها ودعي أليها الكثير من البحاث والمتخصصون ويمكن من خلالها عرض مشكلته المحلية أو أعداد ورقه علمية عن المشكلة فتحاول أن تشرح له أن الحاج فرج باحثا عن مرتبه وليس باحثا علميا!!  .. وبينما أنت تحاول ان تجد مبررا لنسبة البطالة في دولة نفطية عدد سكانها قليل تفاجأ بإعلان عن احتفال سيقام قريبا لإنشاء مركز للدراسات الاقتصادية الاسترتيجية يحضره لفيف من العلماء من دول العالم خصصت له ميزانية مقتدرة..لدراسة مشاكل أفريقيا الاقتصادية وورشة عمل جانبية عن قرب انهيار الاقتصاد الامبريالي الامريكى!!  وفى غفلة من هؤلاء كلهم وبدون حتى فهم ماذا يدور وبدون حتى اطّلاعه اوفهمه لتلك النظريات او حضوره المؤتمرات أو الندوات الاقتصادية وفى غفلة من المخططين الاستراتيجيين، تسلل المواطن الليبي البسيط بكل جسارة إلى دولة الصين وأصبح يستورد منها كل ما يحتاجه السوق اللبيى وبجميع المواصفات الرديئة منها والجيدة    !.. وعندما تأتى إليك محتاجة ليبيه تستفسر عن أنها جاءت تبحث عن من يساعدها في الحصول على مساعدات لأسرتها التي توفى عائلها إلا أنها لم تجد أحدا لان الجميع غير موجودين فالبعض منهم سافر إلى غزة المحاصرة مع مساعدات غذائية وطبية والبعض الأخر سافر لحضور مؤتمر دولي عن كيفية مساعدة الفلسطينيون المحاصرين في غزة ,,,أما البقية الباقية فقد سافرو جوا لنقل معونات إلى موريتانيا فتطلب منها الصبر والانتظار..
   ويا ويلك إن أنت تكلمت عن مباريات كرة القدم ومن فاز ومن خسر وكيف تم اختيار المنتخب الوطني وعن الدوري الاوروبى وعن الدوري المحلى وتبدى إعجابك بأحد الأهداف وطريقة حصوله أو احد اللاعبين رأيته بالصدفة وعن مباريات كأس العالم  حتى تثبت لهم انك تفهم بالكرة ، فأنك ستفاجأ بألغام لاحصر لها تجعلك تبحث عن مخرج يحفظ ماء وجهك دون خسائر لأنك لا تفهم شيئا عن ما يدور بكواليس كرة القدم ...وعندنا تعرج على موضوع البيئة متحدثا عن أشجار العرعار(الشعرة) التي أصابها الجفاف وعن الأرض القبلية( مشتقة من القبلة وليس من القبيلة) التي تصحّرت وعن الجفاف عموما أو متحدثا عن تناقص كميات المياه الجوفية وضرورة الانتباه إلى ذلك وعن أكياس البلاستيك التي ملئت الأرض والسماء وعن القمامة التي ملئت الأرض والسماء أيضا:الأرض بالقمامة والسماء بدخانها بعد حرقها .. عندئذ يتدخل احد الخبراء ويطلعك على دراسة تمت عن طريق خبراء أجانب عن كيفية الحفاظ على السلاحف وعجول البحر ودراسة أخرى عن تأثير حرق المواد الهيدروكربونية على طبقة الأوزون  ويدعوك لحضور مؤتمر علمي قد يعقد قريبا عن التأثيرات المناخية على إنتاج  بيض السمك(الكافيار) ،  وندوة أخرى عن كارثة خليج المكسيك بعد انفجار بئر تابع لشركة ألBP  وعن تأثير ذلك على البيئة المحيطة فى ذلك الخليج وعن مدى تسيّب وإهمال الحكومة الأمريكية في المحافظة على بيئة بلادهم !! .. وبينما أنت تحاول أن تجد عاملا مشتركا بين هذه الأمور يفاجئك احدهم بأن الحل الجذري لمعالجة البيئة وترطيبها هو مشروع نقل مياه البحر إلى الصحراء عن طريق حفر قناة بالخصوص ,       

    وعندما تبدى رأيك بخصوص الزراعة يظهر لك العشرات بأراء مختلفة فهذا يشجع زراعة القمح والشعير والأخر يشجع الزيتون وبعضهم يقولون بضرورة إشراك المؤسسات الدولية والجامعات لدراسة الجفاف بينما يتأسف البعض على ضياع  حيوانات اللاما التي رأيناها أتت إلى مشروع منتزه وادي الكوف وتم استيرادها خصيصا من أمريكا الجنوبية ثم اختفت واختفى معها المشروع ، ويتأسف بعضهم على ضياع ثروة السلاحف التي يتم تهريبها إلى مالطا والذي سيؤثر على التنوع البيئي!! ويأتي احدهم ويرفع صوته بقوة متحديا الجميع بأن هذه الأرض لا تصلح للزراعة بتاتا ويجب ان تكون بلادنا معبرا تجاريا لاغير وان لديه دراسة علمية بالخصوص ، وتناسى انه قد التهم في الأيام الماضية برتقالا طرابلسى وتفاحا من الجبل وكرموسا من ألحنية وهندي وعنب من شحات واشترى زيت زيتون من إنتاج معصرة في مسلاته وتمر جالو مع كميات من طماطم اوجلة واحضر له احدهم رمانا من إنتاج وادي درنة وأوصى احد أصدقائه بالبحث عن رب تمر الساحل ونسى أيضا عناقيد عنب الزويتينة الذي ينبت فى عز الرمال ، التي كانت هي تحليته فى الليلة الماضية وهو يتناول الزميتة والبازين المعمولة من الإنتاج المحلى !!.. ويصر احدهم على ان ايطاليا عند احتلالها لليبيا كانت تخطط لجعل منطقة سهل المرج سلة غذاء ايطاليا من الحبوب ,,وعندما تحاول أن تجد حلا ورأيا سديدا بالخصوص تلتفت فترى مزارعينا يبيعون الهندي والعنب والكر موس والتفاح والانجاص والعوينة  والطماطم وبال التبن والقمح والشعير المحلى في سوق شعبي بسيط يفتقر إلى ابسط الخدمات البلدية ومحاطا بمياه المجارى.. ولا يعلمون عن هذه النقاشات شيئا وهم يعتقدون أن هذا الحديث والنقاش إن سمعوه يخص كوكبا أخر أو بلادا بعيدة ..وعندما أصيبت أشجار التفاح بدودة ثمرة التفاح(حفار الساق) ظل المزارعين يبحثون عن الدواء الخاص بذلك ولكنهم لم يجدوه ، وبعيدا عن اى أبحاث أو ندوات علمية بالخصوص  اجتمع مجموعه منهم   مفترشين الأرض وتناقشوا في الموضوع وتوصلوا إلى أن الحل هو بنزين وقطن وتل  ظنا منهم انه هذا هو العلاج بالتقنيات الحيوية الذي سمعوا عنه في الإذاعة في توصيات المؤتمر العلمي العالمي الذي انعقد بالخصوص.ويسألك احدهم عن امكانبة الحصول على توصيات مؤتمر المياه في القارة الأفريقية والذي انعقد في ليبيا لعله يجد فيه ما يشير إلى معالجة مشكلة انقطاع المياه عن حيه بحواشين النوّاب منذ أكثر من سنة!!  
   يقال أن جحا وابنه الصغير سافرا إلى مدينة أخرى فقام جحا بوضع ابنه الصغير على ظهر الحمار وقام هو بالمشي أمامهما ماسكا الحبل المربوط برأس الحمار ويقوده فمر على مجموعه من الناس جالسين يتهامسون وحين مر من أمامهم سمعهم يقولون: سبحان الله أن جحا لا يفهم ! لماذا لا يركب هو على ظهر الحمار ويترك ابنه يقودهما فأبنه صغير   وهو كبير ومسن ؟؟...وما ان توارى عنهم حتى انزل ابنه الصغير وأمره أن يقود الحمار وركب هو بدلا من ابنه الصغير.. فما إن مر على قوم آخرين جالسين حتى سمعهم جحا يتهامسون:أمّا هذا رجل أهبل ؟؟..يقوم هو بالركوب على الحمار وهو رجل كبير قادر على المشي ويترك ابنه الغض الصغير يمشى على رجليه ويقود الحمار؟؟ ...وبعد أن توارى عنهم نزل جحا من على ظهر الحمار وأمر ابنه أن يقوما معا بحمل الحمار وما إن مر على قوم آخرين حاملين ذلك الحمار حتى ضحكوا من ذلك المنظر وهم يقولون: لماذا يا جحا تقوم بهذا العمل الغبي؟ ..يا رجل أعقل أما أن تركب أنت أو يركب ولدك على الحمار فما تفعلونه هو فعل الأغبياء!! ..


مفتاح بوعجاج  فى 8/9/2010 ..تم نشره فى مواقع (ليبيا جيل) و(ليبيا وطننا) وعدد من المواقع الاخرى التى  كانت تعمل خارج الوطن ....

ليست هناك تعليقات: