بحث في هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 17 أغسطس 2013

                           جبل الثلج -6                                    9/8/2010
                              ــــــــــ

 مفتاح بوعجاج
         
 ــــــــــــــــ

      ما يميز ألصحافه الالكترونية هو أنها أوجدت هذه الجدلية (إن احسن استخدامها) بين الكاتب والقراء ،الكاتب من خلال كتاباته والقراء من خلال تعليقاتهم (اقصد التعليقات الموضوعية) ومن ثم تواجدت هذه (الديالكتيكيه) ان صح التعبير والتي تأتى بالفكرة ونقيضها لتولد فكرة أخرى جديدة وعليه حتى وان أردنا إنهاء الموضوع فأنه طبيعيا لن ينتهي بل تتوالد الكثير من الأفكار والرؤى وخاصة في جو من الحرية والاطمئنان والتشجيع ... ويبدوا ان مؤسسّي ومثقفو الحضارة الغربية قد تفطنوا باكرا لهذا الأمر ففرقوا بين الأفكار والفلسفات التي تبنى الأوطان والأمم وتلم الشمل وتجبر العقل وتفتح معاقله واختصروها وحددوها واتفقوا عليها، وبين الايديالوجيا النظرية التي تحتاج لزمن ومناظرات وصراعات فكرية لتطويعها على الواقع.. وأنا هنا لست من مؤيدي الكلام الفلسفي الانشائى اللغوي الغير هادف إلى حرية الإنسان مباشرة والهادف فى النهاية الى إرساء المجتمع الديموقراطى بالمعايير الحديثة، بسبب قناعتي بأنه لو كان تقدم الأمم يقاس بما أنتجت من هذا الجانب اللغوي والكلامي  ، لكانت الأمة العربية والإسلامية اقوي وأفضل الأمم لما تملكه منها ، وقد يقول قائل ان الأمم الغربية (وأنا هنا اقصد أوروبا وأمريكا الشمالية وتوابعها تحديدا) لديها أيضا هذه الكم الهائل من الحضارة الفكرية والفلسفية ومع ذلك لم يلهيها ذلك عن التقدم والنماء والبناء المادي ،لهذا أقول ردا على ذلك ، ان تلك الفلسفة وتلك الحضارة الفكرية الغربية كانت  منصبة تماما على بناء القاعدة البشرية وتنميتها بشكل صحيح وهدفها الواضح والكبير والمحدد كان حرية الفرد وبناء المجتمع وشاركت في حركة التنوير الحقيقية المباشرة بحيث أوجدت هذا الإنسان الحر السعيد حتى بفقره في فترة زمنية ما ، ليقوم بدوره ببناء هذه الحضارة المادية التي نعجب بها ونأكل ونلبس من إنتاجها حتى وان أنكرنا ذلك لينطبق علينا قول (يأكلون الغلة ويسبون الملة).
..أما حضارتنا الفكرية والإنشائية والفلسفية والكلامية واللغوية رغم جمالها  أنتجت لنا للأسف هذا الاختلاف  والانشطار والتناقض والتقليد الأجوف وحياة الاتكال والاختلاف والاستهلاك رغم دقه وحكمة وجمال تلك الكتابات والفلسفات من حيث اللغة والمعنى...بل يبدو أنها لسبب ما قد فأقمت المشكلة وزادتها سوءا، فكل مواطن وكل مفكر وكل مثقف وكل مسئول لديه رؤيته الخاصة عن معنى الديمقراطية وعن الاقتصاد وعن الحرية وعن الجمال وعن الموسيقى وحتى عن معنى الهزيمة ومعنى الانتكاسة ومعنى النصر بل لا زلنا نختلف في كيفيه حل قضية العرب المركزية فلسطين كما يقال (ونحن بالطبع فطاحل فى اللغويات) بل حتى أصحاب الشأن وهم إخواننا الفلسطينيين اختلفوا اختلافا جذريا وتم الانفصال على الأرض بل وصل الانقسام داخل البيت الفلسطيني الواحد..فأحدهم فتحاوى والأخر حمساوى ويبدو حتى ان الفتحاويين انقسموا فيما بينهم وكذلك الحمساويين.. ولا نزال كمزيد من الأمثلة حتى فى القرن الواحد العشرون نتناقش ونتهارج ونتعارك عن أشياء تجاوزها العالم الأخر سواء الغربي وحتى الأمم الشرقية المتقدمة كمثل هل الاختلاط الجنسين في التعليم جائز ام غير جائز فى مجتمعاتنا ؟ وهل الصور والتماثيل والصور التشكيلية حرام أم حلال وفوجئت بسؤال احدهم  عن هل الاستماع إلى الموسيقى جائز أم لا ؟.. بل قرأت جدالا غير ذات جدوى وبدون نتيجة عن هذا الموضوع على احد المواقع؟؟ ولو طرحت هذا السؤال ألان على قراء هذا المقال لجاوبنى المئات إجابات مختلفة وكل لديه ما يؤيد قوله ورأيه !!
   لا يقل لى احد أن الحل بالعودة إلى الأصول !،،اى أصول  وقد اختلفنا عليها بل أن الأصول نفسها وفى عقر دارها وفى وقتها كان الاختلاف وكان الجدال وكان القتال وان أردنا استدعائها فأي منها يصلح لظروفنا وهل نصل إلى اتفاق عليها؟؟

وهذا لا يعنى ان كل ثروتنا الفكرية التى أورثتنا هذه الثقافة هى غير مفيدة ولكن  يبدو ان أصحاب الكلمة الحقيقية التى تصب فى بناء الإنسان والمجتمع عموما قد سادهم الصمت او واروا أسفارهم او هاجروا لأسباب  كثيرة لتحل محلهم أبواق الرجال والنساء الجوف وحملة الدفوف والبناديرالذين لن يستطيعوا ان يعيشوا  إلا في هذا السوق العكاظي ،، وتحل محلهم الفكرة الوحيدة والرأي الوحيد والذي ينطبق عليه القول( If you are all thinking the same,  you are not thinking at all) (ان انتم تفكرون بنفس الفكرة ونفس الرأي، فهذا يعنى أنكم لا تفكرون على الإطلاق!) .. ..رغم انه في حقب كثيرة من تاريخ الشعوب تنحسر الكلمات الحقة الشجاعة ولا تظهر ولا يبقى على السطح الا  ألفاظ وكلمات التأييد والنفاق والموافقة وهز الرؤوس ...ولكن هذا لا يعنى عدم وجود الكلمات الصادقة التي تتسلل بهدوء الى ضمائر الشعوب عن طريق أدوات أخرى  كالأدب والموسيقى الشعبية والفن عموما وبهذا نعرف مدى ما يصيب تقدم الشعوب وحضارتها ان نحن أسكتنا الفن والموسيقى والأدب ومنعناه او حتى حرّمناه ؟ ومن ينادى بذلك فقد شارك فى التخلف والتقهقر سواء يدرى او لا يدرى؟
  أنها أسئلة وأحجية واستفسارات سنظل ندور حولها وسيظل جبل الثلج يزداد اتساعا طالما لم يقم أهل الحل والربط والوطن بمواجهتها وخلق ثقافة جديدة وخطاب حضاري جديد تجعل من الإنسان العربي والمسلم غير الذي نراه (فالكرب بخت الرجال) كما يقال.
مفتاح بوعجاج       9/8/2010
 

  

ليست هناك تعليقات: