بحث في هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 17 أغسطس 2013

    
       جبل الثلج-3    
                                            
     مفتاح بوعجاج                                    _________

 انعكاس وتأثير الحضارة الغربية على حياتنا وبسبب تلك الزاوية المغلوطة التي نظرنا إليها من خلالها ومن ثم محاولة الاستعانة بمفرزات وأدوات تلك الحضارة فى التنمية فى بلداننا عن طريق تلك الزاوية المغلوطة (سبق تعريف ما اقصد بالحضارة الغربية في الجزء الثاني من جبل الثلج)سبًب لنا الكثير من الإعراض المرضية الاجتماعية والتنموية والسياسية وحتى الاخلاقيه من ضمنها النفاق الاجتماعي  والكبر والتجزيئية فى التفكير والانحراف فى السلوك والذي أدى فى النهاية إلى الانفصام والبعد عن الواقع  وأكبرها هو هذا التشوًه الكبير في التنمية ..وهذا ما تراه مجسما في  فى معظم الأجسام والمؤسسات  والتي لها أصلا فى الغرب ومثيلا باهتا لها عندنا خاليا من الجوهر وكلها تقليدا شكليا لم تثمر عن اى  تنميه ماديه او إنسانيه حقيقية ..نحن بهذا لا نؤًله  تلك الحضارة او نعصمها من الأخطاء ولكن هذا شأن أخر يستحق دراسة أخرى,ونحن هنا أيضا لانستهين بالجانب الايجابي من حضارتنا الاسلاميه العربية التي يعتبرها الكثيرون حتى من المثقفون الغربيين كانت مشاركة في تقدمهم وبناء اللبنات الأولى من الحضارة الغربية وفلسفة ابن رشد العربي العقلانية التي تبناها الغرب في بدايات عصر النهضة كانت أحداها ،بل الكثيرين منهم اعتبر أن تراجم العرب والمسلمون لإعمال الحضارة اليونانية القديمة كانت هي الأساس لانتقال أسس تلك الحضارة إلى الثقافة الغربية بالإضافة إلى إعمال العلماء العرب والمسلمون فى علوم الفلك والطب والرياضيات وغيرها من العلوم من أمثال ابن سينا والفارابي والكثير من المصطلحات العلمية ذات الأصول العربية اكبر دليل على ذلك.
 ومدخلنا بكل بساطة هو انه طالما نحن نحاول ان نتقدم بتلمس الطريق الذي سلكه الغرب من اجل التقدم والتنمية وذلك باستحضار تلك الوسائل ,إذا فالأحرى ان ننظر إليها من الزاوية الصحيحة والمنطقية بدل استيراد القشور وترك اللب والأصلستحضار الوسائل التى أأأأااأ.... وقبل كل ذلك نحن بأشد الحاجة الى دراسة أنفسنا والالتفات الى حالنا لننقد بكل موضوعية ووطنية ما نحن فيه وقبل هذا وذاك يجب ان يكون هناك اتفاق على بديهيات تمثل أرضية صلبه نقف عليها جميعا ونعود لها عند الاختلاف حتى يكون اختلافنا خلاقا مثمرا لا يصل بنا الى المقاطعة والابتعاد بل حتى أحيانا إلى العداوة والحرب.  وأول تلك البديهيات هو خلق مناخ امن للرأي والرأي الأخر  واعتبار ان الاختلاف هو وسيلة من وسائل البحث عن الأفضل وليس من اجل الاختلاف نفسه وكما يقولون فى الغرب (If you are all thinking the same ,you are not thinking at all)اى بما معناه (اذا انتم جميعكم تفكرون بنفس الطريق والفكرة ,,فإذا انتم لا تفكرون على الإطلاق)(الترجمة بالمعنى وليست ترجمة حرفية)...ومن ضمن الخلل الكبير الذي أصاب العقل العربي بسبب تلك النظرة الخاطئة لجبل الجليد, هو القفز الى وسائل استعملها الغرب فى الوصول الى نتائج معينة واعتبرنا نحن ان تلك الوسائل هي الغاية ,فأختلط عندنا الأمر بين الغاية والوسيلة وبين الأصل والإعراض..فعلى سبيل المثال أصبحت عندنا وترسخت في أذهاننا أن الانتخابات هى الديمقراطية وبالتالي عندما نعمل انتخابات حسب الطريقة الغربية(one man one vote   )   فأننا قد حققنا الديمقراطية كاملة وننام قريري العين، ولم نعى ان هذه الفكرة وصلت وترسخت بعد الكفاح المضني لبناء العقل المستنير لدى كل مواطن بحيث يحسن الاختيار بعقله وليس بعاطفته او ميوله الاجتماعية والشخصية ، وكذلك ننسى ان الديموقراطيه هي نظام شامل للحياة هدفها النهائي هو الفرز الطبيعي والحر لإمكانيات البشر ورغباتهم وإنها مفتاح لذلك المصباح المسجون بداخله المارد والذي سيكون بإمكانه الخروج حرا والإبداع بالطريقة والأسلوب الذي يناسب إمكانياته ورغباته وبالتالي سيكون البشر منظمين من تلقاء أنفسهم والاتجاه الى حيث يرغبون ويودون وعندها تتراكم النتائج والايجابيات وتبدأ دورة الحياة فى الإنتاج والتطور والتنمية بطريقة قد يحسبها احدهم سحرا بينما هو إنتاج لإمكانيات البشر عندما نحسن تنظيمهم بشكل ديموقراطى سليم ...ويكون كل واحد منهم فى مكانه الطبيعي ...وهذا الأمر بدوره يخلق ديناميكا أخرى تؤدى بالفرد الحر الى الإبداع فى عمله ويجعل من قيمة الفرد فى ما يؤديه من عمل لبلاده ويكره ان يكون عاطلا   وان يتناول مرتب بدون عمل يؤديه( ولتبسيط فهم هذا الأمر نرى انه عندما نقف أمام موظف خطوط الطيران لحجز مقعد على متن احد خطوط الطيران الغربية ،يقوم ذلك الموظف بالسؤال عن رغبات الراكب عن ميوله مثلا هل يحب الجلوس فى مقدمة الطائرة ام فى الخلف؟هل يحب الجلوس جانب النافذة ام بعيدا عنها؟ هل يحب الجلوس بالقرب من الحمام ام بعيدا عنه؟وغيرها من الاسئله المعتادة ..وعند استكمال الاجابه يعطى الموظف للراكب بطاقة صعود بها رقم كرسي فى مكان قريب من رغبات ذلك الراكب في حدود الإمكان ..وبالتالي ترى كل راكب قد جلس بطريقه ديمقراطيه وفى مكانه المناسب  والذي يريحه ويجعله يشعر بالرضي ..وهكذا أصبح ركاب الطائرة راضون كل فى مقعده..اما عندنا وللظروف التى  عشناها جميعا قد ترى احدهم يحب الجلوس في الإمام وقد رموه في الخلف واحدهم يخاف من النظر من النافذة وقد تم حشره جانب النافذة واحدهم يحب النوافذ وقد رموه بعيدا عنها وهكذا تجد الجميع غير راضون وانه قد  توزيعهم بطريقه حشرية ومقلقة وغير إنسانيه رغم ان تحقيق سعادتهم ورغباتهم كان بسيطا جدا)....الديموقراطيه بهذا المفهوم هى وسيلة لتنظيم البشر بطريقة صحيحة وإنسانيه تؤدى إلى إنتاج أكثر وسعادة اشمل ....ونظرة العقل العربي ومفهومه للديمقراطية يؤكد نظرية جبل الثلج (او الجليد كما أسمته جيل وهو فى رأى أفضل تسمية من جبل الثلج) حيث عند الرجوع إلى أدبيات الانتخابات والديمقراطية فى الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال, فأن كثيرين عندنا لا يعلمون ان انتخاب الرئيس فى أمريكا لا يأتي بطريقه مباشرة من الناخب الامريكى بل اذا غصنا في جبل الجليد وذهبنا إلى عام 1787 وفى أول اجتماع للجنة الدستورية كان هناك نقاش محتد فمنهم من رأى اختيار الرئيس عن طريق الشعب مباشرة اى فكرة الرئيس الشعبي ونبذوا هذه الفكرة في وقتها للإجماع على أن الرئيس الشعبي قد لا يكون كفؤا وتم طرح فكرة الاختيار عن طريق مجلس النواب إلا ان هذه الفكرة تم رفضها أيضا لأنها ضد الدستور وتم الاتفاق على فكرة الكلية الانتخابية( (Electoral College وهى ان يقوم المواطنون في كل ولاية باختيار من يقوم باختيار الرئيس وذلك بتطبيق الدستور واختيار الرئيس الكفء ..ولم تَُطبًق هذه الفكرة في فرنسا اوالمانيا وكثير من الدول الأخرى لاختلاف الرؤى والظروف الا أنها كلها تُجمع على أسس الديمقراطية فى وجود دستور والتداول على السلطة ومبدأ فصل السلطات واحترام الحريات والملكيات الفردية ,وكثير من الدول أبقت على النظام الابوى الرمزي فى وجود الأسس الديموقراطيه  بما يتناسب مع ظروف تكوينها الاجتماعية والتاريخية وليس بالتقليد الأعمى لما  تحصل عليه الغرب في نهاية كفاحه التاريخي الخاص من اجل الديمقراطية.
  لامناص إذا كوننا نستهلك إنتاج ونقلد ونبنى ونستعين بأسس الحضارة الغربية فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية من أن نراجع طريقتنا الخاطئة في استيراد قشورها ولا نتعمق فى دراسة أسباب النجاح والفشل لنختار منها الأنسب لمجتمعاتنا ..وقد سبقتنا دول كثيرة فى هذا المجال منها اليابان التي تعرضت لأبشع وسائل الدمار والاحتلال إلا ان شعبها تحول من شعب يقدس فكرة الانتحار الذاتي ضد الاحتلال(الكوميكاز) إلى شعب استفاد من العمق الحضاري للغرب وتحمل وصبر وبني إلى ان   أصبح الغرب يستجدى اليابان فى المعونات الاقتصادية وحتى العسكرية وبني الشعب الياباني بلاده اقتصاديا ولم يتخلى عن روح اليابان التاريخية وتحول من فكرة الانتحار المدمر إلى فكرة ا لتحدى البنًاء اى من الانتحار إلى الانتصار(لا يغير الله بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)..وهاهي الصين تستعمل كل أدوات الغرب فى تنميه اقتصادها بطريقه تناسب المجتمع الصيني ويحسب لها  اليوم الغرب اكبر حساب.

   مظاهر كثيرة ظهرت نتيجة للركوب على ظهر الحضارة بطريقة خاطئة كما يعبر أهلنا البسطاء..فيبدو مضحكا ومؤسفا عندما يتحاور الأساتذة فى محاورات تلفزيونية عن التأثير المستقبلي لذوبان جبال الجليد نتيجة ارتفاع درجة حرارة الأرض وهم لا يدرون تأثير عدم توفر سكن صحي بسيط   لعائله فقيرة بجوارهم....   ... اعتقدنا أننا انتصرنا على أمريكا برمي حذاء على رئيسها بينما تستجدى شعوبا عربيه الحصول على غذائها من أمريكا...تم محاكمة صحفية عربية نتيجة ارتدائها بنطالا وقريب من مقر تلك المحكمة شعبا يتم إطعامه عن طريق هبات ومعونات دوليه...يبدو مضحكا جدا ذلك الترف الفكري فى النقاش على إمكانيات وجود ماء على ظهر القمر بينما  لم نستطع توصيل المياه فى داخل إحياء المدن على وجه الأرض...كيف يستقيم أمر نقاش الباحثين العرب عن تأثير الأوزون على خلايا دماغ الأرنب وهم لا يعلمون ولا يبحثون فى تأثير تكدس أكثر من ستون طالبا فى الفصل الدراسي  الواحد فى المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية على تحصيلهم، مضحكا كثيرا عندما أرى علماء من مصر الشقيقة يرتدون افخر البذل الأمريكية والأحذية اللامعة وساعات سويسريه يتناقشون ولا يصلون إلى نتيجة عن إمكانيات سقوط وانهيار وتفكك الامبروطورية الامريكيه في الوقت القريب ولا يستطيعون وضع حل لمشكلة حرق بقايا النباتات بعد الحصاد من قبل المزارعين مما سبب مشكلة تلوث الجو في سماء القاهرة ومصر تستورد الأعلاف و القمح والفول من الغرب او استحضار صور واقعية عن حياة أكثر من خمسة ملايين يسكنون المقابر...مؤتمرات مدوية  وهرج ومرج وبحوث عن الأمن الغذائي والمائي العربي ونفس المؤتمرون مسئولون  عن تصرفاتهم ببناء مكاتب فاخرة وصالات لا لزوم لها   خصبة بعد اجتثاث أشجار الزيتون والبناء فوق أخصب الاراضى الزراعية...الفلاح المصري من أكثر فلاحى العالم كفاحا وقدرة وتحمل ومع ذلك لم نرى مؤتمرا او ندوة واحدة كان فيه هذا البطل مركز الحوار والحديث لنعرف مشاكله ،لقد كان مركز الحديث هي تلك الفنانة ذات الماكياج المزيف والشعر  والمستعار والحديث المتكلف والجلسة بلا حياء وحديثا عن كفاحها وبطولتها لتصبح قدوة مزيفة لبناتنا في الحياة ..

ليست هناك تعليقات: