جبل الثلج
-5
----------
الكاتب : مفتاح بوعجاج
لقد وردتني رسائل كثيرة وتعليقات تخص مقالات
(جبل الثلج) والتي نشرتها على صفحات جيل –ليبيا الالكترونية ابتداء من 03/11/2009 (الحلقة الأولى) وحتى
11/05/2010(الحلقة -4) وقد استقر فى ذهني وخاطري أن أقوم بالرد الموضوعي وليس الشخصي
على تلك الرسائل والتعليقات في مقال مكمل ,,ولا أنفى اننى قد استفدت كثيرا من تلك
الرسائل والتعليقات بل هناك من كانت لديه أفكار وأراء مكملة وكان مبعث سروري هو هذا
الحراك الثقافي والذي يظنه الكثير وأنا كنت منهم انه هامدا صامتا جامدا إلا أن
ماحدث كان العكس تماما وهو شيء مفرح وسار ويبدو من خلال تلك الردود والتعليقات أن
الجميع يبحث عن اجابةلاسئلة كثيرة أصبح كثيرا منها تاريخية مثل :لماذا تقدموا هم
وتأخرنا نحن؟.. وهل تدور الأفكار والندوات والكتابات والبحوث والمؤتمرات عندنا فى
حلقات مفرغة ؟ وكيف يتم التعايش بين الرؤى والأفكار بدل المواجهة؟،،،ومما لاشك فيه
ان هذاالامر تحول إلى همّ على القلوب وفى النفوس "" كما تحول على الأرض
الى تعصب وانقسام وانشطار وصل حتى الى الانقسام الاجتماعي بين مؤيد للحياة الغربية
والى عائد للماضي والسلف وبين هذا وذاك محتار يأخذ من هذا وذاك وفى جميع الأحوال
ضاعت الأصالة وضاعت المعاصرة واختلط الزبد بالطحين كما يقولون فلم نصل حتى ألان إلى
مجتمع راضى عن نفسه حتى فى نشاطه ومناسباته الاجتماعية اليومية وانعكس ذلك على
الأرض فى ندوات ومباريات كلامية ونقد لسياسات الدول العظمى ولطريقة لعب البرازيل
فى كأس العالم وكذلك نقد لموتور سيارات الهمر الأمريكية ويدور هذا النقاش والنقد
على فراش صيني في خيمة احتلت الشارع الرئيسي الحديث وكأنه أصبح نجعا
مصغرا وسط أقواس اللوح المزدانة بأضواء الكهرباء المسروقة ومنعت الناس والسيارات
من المرور فيه .كما اختلطت مناسبات الأفراح عندنا بالعادات والممارسات الغربية
والعادات والممارسات المحلية فتحولت سياراتنا إلى خيول وأحصنة تتسابق وتلهد في
الشوارع على أساس أن(الميز طرب) وترى سيارات ألفجعه(تسمية ليبية شعبيه لسيارات
تويوتا خيمة) حاملة لتلك الخرفان متجهة بها إلى حيث حتفها ولكن فى موكب يصم الأذان
زئيرا فى موكب يحتل الشارع وما عليك الا الانتظار حتى وان كنت مسعفا لمريض او
متجها الى ميعاد عمل ، كما تأتى الهدايا فى مناسباتنا مغلفة بأوراق الهدايا
الحديثة على ان يتبعها خروف يذبح على الطريقة الليبية ..وهكذا
كل ما يطلبه الكتاب و المثقفون في بلادي للإجابة
عن مثل هذه الأسئلة والمشاركة في إثراء الموضوع وفك هذا الاشتباك او خلطه بطريقة
صحيحة، هو الحرية في إبداء الرأي بشكل متحضر ومؤدب مع ضرورة التزامهم بوحدة من
نتكلم ونتحدث من اجله الا هو الوطن والأمة
واحترام رموزه التاريخية والوطنية ليظهر هذا الحراك فى اتجاه واحد ومثمر
وبناء، ولكن بآراء متعددة حيث ان الاختلاف لا يفسد للود قضية طالما اتفقنا على الأصول
ومن ضمنها احترام الحريات الشخصية واحترام المعتقدات الدينية للجميع وعدم فرض
المعتقدات على الآخرين(تطبيقا لنص انه قد اختلف معك فى الرأي ولكنى سأدافع عنك حتى
الموت لتقول رأيك) ويأتي تقييم المواطن بمدى تقبله للراى الأخر فى ظل ثوابت وطنيه أدبيه
إنسانية تمثل الأرضية المشتركة ابتعادا عن عن تلك الدكتاتورية الاجتماعية التي أفرزت
وجهات نظر قطعية لا حوار معها كأننا مجموعة من الصم والبكم تتحاور مع بعضها بدون
نتيجة .
يمكن لي هنا الإشارة الى بعض الآراء (ليس كلها)
التي وردتني فى بعض النقاط هي:
*كثير من القراء يتفقون
على ان هناك تخلف فكرى ثقافي مادي انسانى حضاري تنموي فى مجتمعاتنا وهو الأمر الذي
جعلنا نضل الطريق والوسيلة والرؤية..ولكنهم يختلفون فى الأسباب ويختلفون كذلك فى
طرح الحلول ..وهذا الاختلاف في الأسباب والحلول كان متباعدا جدا ومفجعا فكان
مشطورا انشطارا لا يمكن تجميعه(وهذا دليل على احتياجنا الى قاعدة فكرية تستوعب
التناقضات الفكرية وجعل الاختلاف ليس غاية فى حد ذاته وإنما وسيلة للبحث وإيجاد
الحقيقة)..هناك من طرح التطرف و وهناك من طرح الاعتدال ..وهناك من طرح العلمانية
ومن طرح السلفية وهناك من طرح القومية ومن
طرح الأممية ..وهناك من طرح الديمقراطية ومن طرح الدكتاتورية ..ومن طرح الغرب ومن
طرح الشرق وهكذا كان الشيء ونقيضه.
* ان هذا الاستقطاب
الحاد يوصلنا بلا شك اذا استمر الى الإرهاب الفكري والذي نلاحظه في طريقة وأسلوب
نقاشنا وحياتنا وطرح أرائنا بحيث جعلت الكثير منا لا يريد ان يرى الا نموذجا فكريا
واحدا ويرفض كل الأفكار الأخرى فمثلا الاصاله عند البعض هى ان ننقطع تماما عن
العصر.. والمعاصرة تعنى عند البعض ان ننقطع تماما عن تراثنا وهكذا، ،ولهذا يجب
التأكيد والاعتراف والإذعان على ان الاتفاق على فكر واحد جامع شامل لهو ضد منطق الأشياء
والتاريخ بل على العكس من ذلك قد يكون الاختلاف فى الفروع بشرط الاتفاق على الأصول
والبديهيات ، هو ظاهرة قوة لا ظاهرة ضعف ,,وهذا الإرهاب الفكري مر بتاريخنا
الاسلامى والعربي كثيرا ولا يزال، وفى اعتقادي جازما انه كان ولا يزال احد أسباب
التخلف المادي والفكري والتنموي الذي ساد ويسود منطقتنا ،حيث لا مناص في ان العقل
المتفتح والمتنور والقابل للمناقشة، هو الذي سيقود التنمية الصحيحة بجزأيها المادي
والفكري فمن خلال الحقيقة التاريخية يتضح انه لم تبنى حضارة على عقل أهبل متخلف
متعصب.
وأرجو ان لا يتهمني احد بأنني قد حدت عن مواجع
ومعاناة وهموم اهلى وقومي على الأرض وهى
كثيرة لا تعد وبدأت اهذى عن النجوم والاستشعار عن بعد كما ذكرت فى نقدي لبعض شرائح
المجتمع فى مقالات جبل الثلج ,,الا اننى وجدت ان الحلول الأساسية لمشاكلنا حتى
اليومية لن تأتى الابعقل مستنير مضاء وطني متحضر قابلا وشاملا لكل الآراء وبإستراتيجية
كاملة يضعها هذا العقل بعيدا عن التعصب فى الفكر والرأي وصدقوني لن يستطيع عقل مكبل بقيود مهما كان شكلها ان
يبدع او ان يشارك فى وضع هذه ألاستراتيجيه التنموية الشاملة.
لم تتقدم امم الغرب الا بتخلصهم من الإرهاب الفكري
بأشكاله المختلفة الذي ساد منطقتهم أيضا بحيث
نكون منصفين، الا ان محنتنا العقلية قد تكون اكبر لكوننا لا نزال مصرين على تخلفنا
رغم ورود الدلائل التاريخية والمادية والتى مرت بشعوب وامم قبلنا والتي ندرس
تجاربها ونحفظ دروسها ونستذكرها لكى ننجح فى الامتحانات الورقية فقط.. لا لكى ننجح
فى الحياة ...فعندهم مثلا قال العالم (دى روفيس) ردا على ماكانوا يعتقدونه فى
الغرب فترة من الزمن :ان قوس قزح ليس قوسا حربيا بيد الله ، بل هو انعكاس أشعة
الشمس على نقاط من المياه والتى تفتت الى الوان الطيف المختلفة والتي ثبت صحتها
علميا فيما بعد،،،فتم حبسه حتى مات وتمت محاكمة جثته وكتاباته والكل يعلم محنة من
قال بكروية الارض ودورانها حول الشمس عندهم والتى تبارى الكثيرون عندنا فى ملائمة
هذه الحقائق العلمية مع ما يحملونه من فكر ولولا وجود تلك الحقائق العلمية على الأرض
وأمام أنوفهم لكان لهم رأى اخر حيث ان ارائهم كثيرا ما تسبق الاراء العلمية
،،والتاريخ شاهد على ما محنة العالم والفيلسوف الاسلامى العربى ابن رشد من محاكمات
وحرق لكتبه وأوراقه ايام كانت الفلسفة ام كل العلوم ,,, ورغم ذلك أصبحت فلسفة
وتراجم وكتب ابن رشد قاطرة شاركت فى تقدم أوروبا وعصر التنوير؟ الفرق بيننا وبينهم
هى انهم تجاوزو هذا الإرهاب الفكري وامنوا بأن العقل والعلم والمنطق هو الأساس
لتقييم الأشياء وانه ليست هناك حقيقة كاملة وان الحقيقة تأتى بالحوار والنقاش الحر
الهادف و قد يزدرون و يحاكمون من لا يحكم العقل بل ويكرمون علماؤهم بدل ما كانوا
يحاكمونهم ..ولحديثي بقية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق