بحث في هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 17 أغسطس 2013

   
                                   
جبل الثلج-1                                        3/11/2009
                                 ____________
 مفتاح بوعجاج
_________
         

 ...كاتب عربي لم اعد اذكر اسمه او مكانه شبٌه الحضارة الغربية بجبل الثلج الكبير والموضوع فى الماء،، فطبيعي ان يكون جزء منه طافيا فوق الماء والجزء الأكبر يكون مغمورا بالماء حسب قانون الطفو...الجزء الظاهر هو الشكليات المظهرية  التى تزامنت مع تلك الحضارة ... ولكن جوهر وعمق الحضارة هو ذلك الجزء المغمور والذي يحتوى على أسس وتاريخ وتشريعات وكفاح علماء وفلاسفة عصر التنوير وبزوغ عصر الحريات الانسانيه ووصولا إلى عقلانيه وفلسفه ابن رشد العربي ليتكون العقل العلمي فى تفكيره وسلوكه وطريقه بحثه عن الحلول والتي اتسمت بالمنهجية العلمية فانتقلت مناهج البحث العلمية من المعامل والجامعات الى العقل الجماعي للمجتمع بكامله..... وللأسف فأن  شعوب العالم الثالث  ونحن منهم لا نرى من الحضارة الغربية الا ذلك الجزء الطافي والظاهر فوق سطح المياه فحسبناه هي الحضارة  فانعكس ذلك في سلوكنا وحياتنا ..فأتى تحضرنا زائفا وناقصا ومضحكا ...واثر ذلك على حياتنا فلا جئنا بحديث وجديد ينفعنا وتركنا ايجابيات أجيالنا الماضية،،فمثلا وعلى ابسط مثال ،فلا نحن مارسنا  وحفظنا  او طوُرنا أنشطه أهلنا الانتاجيه من زراعه وصناعه وغيرها  وفى نفس الوقت لم نستطع الوصول إلى قدرات وإمكانيات الغرب فى هذا المضمار  وانتهى  بناالامر إلى إننا أصبحنا مقلدين ومستهلكين نستورد كل شيء ولم نشارك في الحضارة ألحديثه بأي مشاركه فعليه قد يذكرها التاريخ ...وجاء تطبيقنا للمعايير المهنية والعلمية  مشبعا بشكليات مزعجه وغير مثمرة أتت نتيجة لأننا لم نرى من تلك الحضارة (جبل الثلج ) إلا ذك الجزء الطافي فوق السطح ...وبالتالي قفزنا إلى نتائج الحضارة الغربية النهائية ولم نستوعب من أين بدأت ولا كيف تكونت ولا مررنا بمرحه النضال والكفاح والصبر التي مر بها علمائهم ومثقفيهم  وشعوبهم إلى إن وصلوا والى ما هم فيه اليوم..إن الفكرة بسيطة وواضحة وقد تكون عند الكثيرين عندنا  ولكن لم أجد أجابه لما نحن فيه من تخلف وهزل إلا بهذا التفسير المنطقي والذي جعل كل حركاتنا وجهودنا الشكلية  ذات محصله صفرية و حتى سالبه فى بعض الأحيان.
   و نتيجة لهذه النظرة الخاطئة للحضارة الغربية (المادية على الأقل بحيث لا نفتح مجالا للجدل فى الجوانب الأخرى) ونتيجة للقفز على مراحل التنمية الصحيحة جاء كل شيء مشوها ..فها نحن نستورد مناهج دراسية من دول  سبقتنا بمراحل فى الإعداد لتلائم تلك المناهج مجتمعاتهم،، فلم نعى ونعرف تلك المراحل بل استوردنا النتائج النهائية فلا جئنا بالبداية ولا النهاية ...وهذا اهتمامنا كثيرا على الأقل فى الجانب المادي لجامعاتنا ودراستنا العليا ونسينا الاهتمام  بالمراحل الابتدائية الاعداديه  انعكس ذلك على قدرات طلابنا فى الدراسة فى تلك الجامعات وكثيرا منهم لم يستطع استكمال دراسته لهذا السبب  بل منهم من استكمل دراسته بطريقه او أخرى  وإمكانياته العلمية بعد التخرج لا تتعدى المستوى الاعدادى... مع العلم بأنه فى دول مثل الولايات المتحدة الامريكيه اواليابان او ألمانيا قد تجد الكثير من حاملي الشهادات العليا كالماجستير والدكتوراه يقومون بالتدريس فى المراحل الاعداديه وحتى الابتدائية  لشعورهم ومعرفتهم بأهميتها ويعاملون وكأنهم يعملون بالجامعات..وهاهي مجتمعاتنا تخلو من الطبقة الوسطى ،طبقه الحرفيين والمهنيين والعمال المهرة وهى الطبقة التي تحفظ التوازن لاى مجتمع...وهاهي مؤتمراتنا العلمية وندواتنا تناقش فى مواضيع مثل التفاعلات الكيمائية فى جزء من الثانية  بينما يقضى أهلنا  الأيام والساعات يلعبون الورق وأبنائنا وبناتنا ينتظرون السنين ليحصلوا على فرص عمل..وتقام ندوات ومؤتمرات عن الاستشعار عن بعد، بينما لم نستطع معرفه كيف نقوم حتى بجمع قمامتنا التي نراها بعيوننا ونشمُها بأنوفنا  ..وتحولت بحوثنا ودراساتنا الى شكليات من اجل الترقيات لم تشارك فى التنمية الحقيقية وتحولت بحوث ألطلبه عندنا الى مناسبات للأفراح والإعراس تطورت إلى ان بدأ يحجز لها فى صالات الأفراح يحضرها أساتذتنا الإجلاء في فرح وزغاريد وحتى فرق موسيقيه سواء نجح الطالب ام رسب فهذا لا يهم فالمهم هو ماذا لبس او بماذا تزينت ...وقد  ترى سفيرا لدوله  مثل ألمانيا او اليابان او الصين حتى أمريكا يعمل لمصلحه بلاده ألاقتصاديه والسياسية وحتى العسكرية حتى لو اضطر للنزول للشارع،، بينما سفرائنا يهتمون فقط بالجانب الشكلي والرسمي  والبروتوكولي(يقال ان سفير الصين عندنا هو من نقل تقنيه وشكل السراويل والبذل العربية  والعالات الليبية الى الصناع فى الصين وبالتالي دخلت مصنوعاتهم الى بلادنا وكل واحد فينا لا يزال يذكر ذلك التطاحن على عالات الشاي ألصينيه فى فترة الثمانينات والتي ترتب عليها حتى ضحايا )  ..  ( كما حكي لي صديق عراقي بأنه رأى بأم عينه سفراء الدول الغنية وهم يحضرون إلى اجتماعا  فى ايطاليا بخصوص مساعدة الدول الفقيرة فكان سفراء الدول المانحة الغنية يحضرون بسيارات عاديه يقودونها بأنفسهم بينما أتى سفراء الدول الفقيرة راكبين افخر السيارات يقودها سائقين ويرتدون افخر البذل )..وها نحن نُبهر بإنتاجهم الزراعي والصناعي والتقني والخدمي  ولم  نفكر حتى فى كيف هم وصلوا الى هذه المرحلة  بحيث ان  نبدأ من اين بدأوا وعلى سبيل المثال تركنا أساليب إنتاجنا السابقة  ولم نحسن معرفه أساليبهم ألحديثه فلا جئنا لا بالقديم ولا بالحديث  فترى فطاحل التنمية والتخطيط عندنا يتحدثون عن الأصول والأرقام الكبيرة الخيالية وتناسوا  الفروع والتفاصيل ولم يعو ان( الشيطان يكمن فى التفاصيل)..عندما كنا فى الولايات المتحدة الامريكيه لفت انتباهنا مسلسل عائلي امريكى عنوانه :(The Waltons )وهو مسلسل عائلي امريكى محبوب من الجمهور الامريكى تدور إحداثه عن عائله زراعيه امريكيه تعيش فى مزرعة   فى الثلاثينات (وهى مرحله نمو الإنتاج الزراعي) وترى من خلال إحداثها كيف تحيا هذه العائلة المتكونة من الجد والجدة وإلام والأب والأبناء والبنات وإحداثها أليوميه العادية وتظهر من خلالها القيم العائلية  وكيف يقوم جميع إفراد العائلة بواجباتهم العملية فى تلك المزرعة بالاضافه إلى أمورهم أليوميه فترى السلوك الانتاجى  والعملي  ولا ترى فيه  ما ينافى أخلاق العائلة التي ينادون بها بعض السياسيين عندهم وخاصة من المحافظين ،، واتضح ان مثل هذه المسلسلات موضوعه قصدا وفى عصر التقنية والاتصالات بحيث لا ينسى الامريكى جذوره ألزراعيه والعائلية ومصدر ثروته إنتاجه الزراعي ولترسيخ قيم العمل ، بينما يعرض عندنا مسلسلات تركية  واجتبيه لا تمس لتاريخنا بصله  وحتى وان عرضنا مسلسلات عربيه  محبوبة كمسلسل (باب الحارة ) لا نرى فيه اى تفاصيل إنتاجيه ومن أين وكيف يعيش هؤلاء القوم علاوة على ان تاريخ العرب والإسلام والذي ندرسه لم يجب عن سؤالنا الاقتصادي من اين وكيف يعيش أهلنا فى تلك الأيام وكيف يتم إطعام تلك الجيوش الجرارة، رغم انه  ومن خلال الإحداث  يتضح لنا ان الجانب الاقتصادي  والحياتي كان سببا في كثير من المعارك والتحركات ...ومن الحقائق التي تغيب كثيرا عن مجتمعاتنا ولا تجدها الا اذا غصت  ونظرت بتمعن إلى جزء الجبل الثلجي تحت الماء..وهى ان كل مزارع امريكى يقوم بتوفير الغذاء لما لا يقل عن مائه فرد وبالتالي هناك ثلاثة ملايين مزارع يوفرون الغذاء لأكثر من تلاثمائه مليون مواطن يعملون فى قطاعات أخرى كالخدمات والبحث العلمي والصناعة والتجارة وغيرها كما وان هذه الوفرة الغذائية جعلت للكثير أمكانيه الترفيه  والسياحة وفاضت هذه الوفرة الغذائية حتى أصبح الكثير منها يصدر الى الخارج...ولم نرى اى تركيز من إعلامنا او مناهجنا او حتى محاضراتنا ومؤتمراتنا على نقل ما يدور فى القطاعات الانتاجيه والزراعية والصناعية وبالتالي يظن المواطن فى بلادنا ان الغرب هو هوليوود وهو الفسق وهو انعدام الأخلاق وهذا لا يستقيم مع هذه الوفرة في الإنتاج  بكل أنواعه وهذا التخطيط الدقيق لمصالحهم  لمئات السنين مستقبلا...وما أردت بسرد هذه الحقائق إلا لأسلط الضوء على نظرتنا الخاطئة للأمور مما ترتب عليه هذا الكم الهائل من الهزائم  التنموية والاجتماعية  ..الإدارة أيضا علم اخترعه الغرب كأداة للتخطيط والتنفيذ والإشراف لتحقيق هدف  واضح ...انقلب عندنا الى وسيله للتحكم والابتزاز والهيمنة وبدل ان يكون عاملا مساعدا فى تحقيق أهداف التنمية والإصلاح أصبح  فى ظل المفهوم الخاطئ عاملا معرقلا (هناك قصه رمزيه اعجبتنى قرأتها فى إحدى المواقع ان قارب سباق ياباني فاز على قارب سباق عربي فوزا ساحقا وعند التحقيق فى الأسباب اتضح ان كل قارب به ثمان أشخاص وبينما وجدوا ان  القارب الياباني به مدير واحد وسبع جدافين وجدوا  ان القارب العربي به سبع مدراء وجداف واحد الذي تم توجيه اللوم اليه في نهايه المطاف بحكم انه كان السبب فى الهزيمة)...هكذا نحن نعجب بالحضارة الغربية فننظر اليها لنقلدها فلا نرى الا ذك الجبل الظاهر فى المياه فنحسبه هى الحضارة وننسى إن الحضارة هى فى العمق الغير منظور يحتاج للغوص والتأمل والتعلم فأتى تقليدنا شكلا لا موضوعا ..انها ليست فى استيراد التقنية ألحديثه بقدر ماهى فى تنميه قدرات الإنسان والذى سيقوم هو بهضم تلك التقنيه وتوطينها ..فالتنمية البشرية هى الأساس وكما عملت اليابان سابقا،، وهاهي النمور الاسيويه تحذو حذوها  وكما قال (مهاتير ماليزيا ): (عندما أصلى أتوجه الى مكة وعندما أريد التخطيط أتوجه الى طوكيو)...وكما يقولون فى اليابان :(إذا أتاك احدهم يسأل طعاما فلا تعطه الطعام بل علمه الصيد...) عندما  نعجب بحضارتهم وإنتاجهم فلننظر كيف بدأوا لا كيف انتهوا وان لم نعمل ذلك ستظل تنميتنا صدى باهت لتلك الحضارة نستورد قشورها فقط فنظهر كما الإنعام تحمل إسفارا.
    من هذا كله نستنتج انه لا يمكن تحقيق تنميه صحيحة  الا بدراسة بداية تلك الحضارة والتركيز على التنمية البشرية فمثلا فى قطاع ألزراعه لا يمكن فقط الارتكان إلى تلك الدراسات ألاستراتيجيه والتدلل بالأرقام والبيانات الاحصائيه ..فلن يتحقق اى هدف استراتيجي ما لم توضع له الأسس التفصيلية والتشريعية التي مكنت مزارع في دوله أخرى سبقتنا فى هذا المجال ان ينتج إضعافا مضاعفه،، اى تحقيق البنية التحتية لهذه ألاستراتيجيه...وقد تجد عندنا ان المواطن قد غلب ألدوله فى هذا المجال فبينما على سبيل المثال، تم صرف الملايين على تلك الأسواق العامة بل وحتى شركات مثل شركات التسويق الزراعي الا ان حس المواطن العادي الفطري خلق سوقا داخليه له  أصبحت موازية لتلك الأسواق وهى الأسواق الشعبية مثل أسواق الثلاثاء والأحد  والجمعة اى فى كل مدينه ا وقريه سوقا شعبيه فى يوم معين وهو أمر غير معيب ويربط بين المنتج والمستهلك وهو تراث شعبي اقتصادي متوارث  وهو تقريبا موجود فى كل إنحاء العالم ..وانتهت  استراتيجيه المخططين العليا رغم صرف الملاين عليها وبقت استراتيجيه المواطن الشعبي البسيطة فى الأسواق الشعبية رغم انه لم يصرف عليها شيئا  وما نجحت وبقت الا لكونها أتت من ذلك الجزء المغمور من جبل الثلج لم يراه المخططين ..........       ...وهكذا الأمر فى جميع القطاعات ..وهاهو يبدأ ألان الرجوع إلى ما تحت الماء لنكتشف إننا  بعد كل هذه السنين  كنا نفكر ونخطط فى السماء والهواء بعيدا عن ارض الواقع ونعود لمحاوله بناء البنية التحتية  وحل مشكله السكن والطرق وغيرها وحتى اكتشفنا بعد كل هذه السنين ان شوارعنا بدون أسماء وبدون ارصفه وان مدننا بدون عناوين وان مزارعينا في طوابير الخبز معنا في المدن... ولذا فنحن اليوم بأشد الحاجة الى تغيير نظرتنا  والعودة لأصول التنمية والتطور والإصلاح ومن بينها النظر الى الامور حيث ما يجب. وللحديث بقيه.
_____________________________________________________
 تم نشرها اول مرة فى موقع فى ليبيا جيل  فى 3/11/2009



ليست هناك تعليقات: