شهادات وتاريخ وعظات لمن فاته ..التاريخ :
(تحصّلت على مستوى خامسة إبتدائي بصعوبة نهاية الخمسينات ،حيث ان المنهج المقرّر كان صعباً ولكنه دسم فهو كان كمستوى ثالثة ثانوي الان ، والظروف كانت صعبة ايضًا حيث كانت البلاد فقيرة وإستقلالها حديث ، ولم يظهر النفط بعد ..وكان الملك رحمه الله وحكومته يحاولون مع كثير من المؤسسات الدولية المُحترمة لتمويل المشاريع التعليمية والصحية والزراعية والاقتصادية في ليبيا،خاصة مؤسسات الامم المتحدة وبعض الدول كأمريكا وبريطانيا، وفي يوم من الايام سمعت ان هناك إعلاناً من حكومة المملكة الليبية عن انها تحتاج مُعلمين ليبيين للمراحل الابتدائية،وحيث انه لم يكن هناك خريجو جامعات ذلك الوقت للظروف التي ذكرت ، مما جعل حكومة المملكة مضطرة لقبول من يملكون مستويات تعليمية اعلى للتعليم على المستويات الادنى ، فرحت وتقدمّت للجان المشكلّة بالخصوص مما يسمى وزارة المعارف ذلك الوقت (وزارة التعليم حالياً)..قابلت اللجنة الاولى وكانت الاسئلة منصبّة على ثقافتي وأسلوبي وحتى مظهري ومعلوماتي العامة ، ونجحت ، ثم قابلت اللجنة الثانية وكانت أسئلتها منصبّة على المنهج والمقرّر والذي سبق لي دراسته ومدى تطابقه مع عملي المتقدّم لأجله ..ونجحت ،،فرحت كثيرا ، فها هو حلمي يتحقق في الحصول على عمل كنت بحاجة شديدة له..عندها فوجئت بأنه لا تزل مرحلة اخيرة وهي مقابلة السيد مسؤول المعارف نفسه اليوم التالي ..لبست افضل ما عندي من ثياب ..وقابلت السيد المسؤول في الوقت المحدد ..دخلت لمكتبه ..قام وسلّم عليّ ،وعلى فكرة هو لم يكن يعرفني ولا اعرفه ..فهو كان من درنة وانا من البيضاء ..وبعد الترحيب قال لي : " مبروك لقد اجتزت إمتحانات اللجان ...وانا كمرحلة اخيرة اريد فقط ان أسالك سؤالاً وارجو الاجابة بصدق وصراحة ..انت تقدمت لمهنة التعليم ، هل هذا بسبب محبتك لهذه المهنة ، أم لانك فقط تبحث عن عمل ! " ..فأجبته بكل صراحة ومصداقية وبراءة ..(في الاساس ، لقد جئتها ابحث عن عمل ) ..تقدّم لي بكل إحترام وقال " يا ابني انت مواطن ليبي مُحترم ومتعلّم بقياس ظروفنا اليوم ..وأجبتني بكل صراحة وصدق ، لكن لمهنة التعليم شرط اساس وهو ان على كل من يمتهنها ان يحبّها حتى يستطيع ان يتحمّل اعبائها الكبيرة ..ولهذا لا استطيع قبولك في التعليم ، ولكن لما لاحظته عليك من جدية وإحترام لن أخيّب املك في الحصول على عمل ، وخاصة وانك تمتلك شهادة تعليمية هي في ظروفنا اليوم تُعتبر نادرة ومطلوبة ..سأحولّك على مسؤول مصلحة المواصلات فهو من خلال لقائنا الامس عرفت انه يبحث عن امثالك وسأتصل به وسأعطيك توصية بقبولك نظراً لأنني اعتقد انك مُناسب لما يطلبون "..وهذا ما حصل ، تحصلت على عمل في مصلحة المواصلات في عمل مُناسب واستطعت مواصلة دراستي حتى وصلت لمنصب مدير معهد البريد بالبيضاء والذي كان يتبع المواصلات وقتها والذي استقلت منه فيما بعد ، بعد ان جاء زحف الزاحف ودخلت عمليات تصعيد الطلبة لمُدرائهم ولمسؤولي التعليم والمواصلات وغيرها ، واتجهت للعمل في القطاع الخاص اوالذي تم تأميمه فيما بعد ..كان كل جهة تنوّر يجي الزحف ويخربّها ..وانا الان قاعد بلا عمل رغم ان البلاد مليانة ثروات ..لكن فيه امل ممكن نعدّي لافريقيا للاستثمار حسب توجيهات القذافي الاخيرة ..تحصلّي واسطة يا فتوحة )...
(مع إبتسامة كبيرة منه)
(حديث من قريبي يونس علي العيّان عام 2003، رحمه الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق