مدونة شخصية بها مقالات واراء قديمة منذ عام 2009 وحتى الان ..سياسية ثقافية علمية إجتماعية تاريخية ..
بحث في هذه المدونة الإلكترونية
الجمعة، 22 نوفمبر 2024
صدى السنين الحاكي ...من تاريخ إستقلال ليبيا
الخميس، 14 نوفمبر 2024
تاريخ ومواقف وعبر.....
حدّثهم يا سالم ...يوسف عبدالهادي
الاثنين، 3 يونيو 2024
تاريخ ودروس ......
الجمعة، 26 أبريل 2024
يوسف بورحيل المسماري (1866 - 19 ديسمبر 1931)
عن المُجاهد البطل يوسف بورحيل المسماري كتب الكاتب منصور بوشناف :
شهد النصف الثاني من
القرن التاسع عشر بدايات انهيار امبراطورية الخلافة العثمانية وتوسع امم اوروبا
على حسابها بقضم تلك الامبراطورية ولاية اثر ولاية واقليما اثر اقليم,
في تلك الاثناء وفي برقة بليبيا و"
بمدور الزيتون " جنوب مدينة المرج وبالتحديد عام 1866م ولد يوسف بورحيل
المسماري ليلقبه بعد اربعين عاما من ولادته الشيخ عبدالسلام الكزه بــ(عقل الجهاد)
.
عند ميلاد يوسف بورحيل المسماري عام1866,كانت الحركة السنوسية قد ترسخت في ليبيا وافريقيا كحركة احياء اسلامي سعت لتجديد الفكر الاسلامي من اجل النهضة ونشر الاسلام ومقاومة التنصير والمد الاستعماري في البلدان الاسلامية والعربية . ولد يوسف بورحيل المسماري وسط بيئة فقيرة ورغم الفقر والتخلف كانت الحركة السنوسية قد منحتها حلما بالنهوض بعد الانهيار و التجديد بعد التحجر وبدأت فعلا في تحقيق ذلك الحلم بالتعليم . الطفل يوسف بورحيل نشأ وسط احد نجوع بادية برقة كغيره من ابناء تلك الحقبة القاسية, كانت حياة الكفاف الملمح الاساسي لتلك الحياة , فكانت الزراعة الموسمية والرعي ركني الاقتصاد الاساسين .التعليم كان شبه معدوم وسط تلك الظروف الصعبة التي لاتتوفرفيها شروط الاستقرار, ولكن يوسف بورحيل حظي ببعض التعليم على ايد فقهاء النجع, فحفظ اجزاء من القرأن الكريم وتلقى بعض المعارف الدينية على ايدي اولئك الفقهاء . اثناء طفولته تلك, تعرض يوسف بورحيل لحادثة تركت علامة على وجهه, فقد سقط في تنور نار ليعاني الآم الحروق ويتعلم مبكرا ان الحياة قد لاتكون الا مواجهة للنيران وصبرا على الآمها والاهم الانتصار للحياة على تنورها المتقد .
كبُر حاملا لذلك الوسم على خده الايمن ولقبوه " بوخديده" , كان نحيلا ابيض البشرة., متأنقا في ملبسه ورصينا شديد التعقل منذ سنه الباكرة .انتقل يوسف بورحيل الى زاوية الجغبوب ليلتقي هناك بمن سيكون رفيقه وقائده حتى استشهادهما, التقى بعمر المختار .كانت زاوية الجغبوب السنوسية مدرسة لتربية وتكوين قادة المستقبل في تلك الفترة, تعد طلابها لقيادة مجتمعهم نحو مستقبل افضل, فتربي عقولهم وابدانهم لتحمل مسؤوليات بناء مستقبل افضل, كانت تربيهم عقولا عامرة بالمعرفة وايد عاملة بالزراعة والتجارة و ورجال ادارة ومقاتلين من اجل حماية الدين والارض من غزاة قادمين لامحالة .
نضج الفتى يوسف وصار رجلا متميزا ليعود من الجغبوب الى الجبل الاخضر ويعمل بزاوية القصورمعلما وكل ذلك كان برفقة عمر المختار الذي كان يتولى ادارة تلك الزاوية ..كان عمر المختار كثير السفر والتنقل مما جعله يوكل مهمة ادارة الزاوية والاشراف على تعليم وتربية طلابها ليوسف بورحيل رفيقه الاقرب والاكثر معرفة ورجاحة عقل . عام 1923م تشكلت ادوار المقاومة للمرة الثانية وكانت قيادتها قد اوكلت لعمر المختار واظهر يوسف بورحيل قدرة فائقة على التخطيط للمعارك والقدرة على ايقاع الخسائر الكبيرة بالعدو وباقل الامكانيات, مما جعله من اهم قادة ومخططي الجهاد ضد الطليان تحت قيادة عمر المختار .
اظهرت المعارك تفوقه وقدراته الفائقة على ادارتها والتخطيط لها والخروج منها باقل الخسائر, كان عبقرية عسكرية وعقلا للجهاد كما اسماه الشيخ "عبدالسلام الكزة " .
كان عمر المختار قد عينه نائبا له في قيادة المجاهدين وقائما على دور " البراغيت" فقد كان عمر المختار قد اصدر قرارا بتعيين قادة لادوار المجاهدين بالجبل الاخضر من الشيوخ الذين رفضوا الاستسلام واصروا على مواصلة المقاومة وشملت تلك التعينات مناصب اخرى مالية وادارية وفقهية دينية وقضائية وكل ذلك لاعادة تنظيم حركة الجهاد ضد المحتلين الطليان ، شارك يوسف بورحيل في غالبية المعارك التي خاضها المجاهدون بقيادة عمر المختار, فقد كان الذراع الايمن لعمر المختار في المعارك وكان ممثله في المفاوضات وحل النزاعات القبلية, كان العقل الراجح وكان كما قال عنه عمر المختار "مافيش عمر المختار بلا يوسف بورحيل" وتولى بعد استشهاد الفضيل بوعمر كتابة وتحرير رسائل عمر المختار واطلق عليه "الجنرال الفاشي جرسياني" القائم باعمال القيادة .
قاد يوسف بورحيل معركة " جردس العبيد " وكبد فيها الايطاليين خسائر فادحة وغنم فيها المجاهدون غنائم هامة من اسلحة وذخائر ومؤن .
عام 1931 تلقت المقاومة الليبية ضربة موجعة وقاصمة باستشهاد عمر المختار بعد اسره وشنقه في سلوق, ولكن و رغم تلك الضربة استمرت المقاومة وواصل من تبقى من المجاهدين المقاومة بعد ان اتفق من تبقى من قادة الادوار على تسليم القيادة ليوسف بورحيل واصدر السيد احمد الشريف قرارا بذلك وقد قال احمد الشريف في رسالته الى بورحيل "هذا القرار ليس منا بل بناء على وصية عمر المختار للحفاظ على الجهاد"
استلم بورحيل قيادة الجهاد في ظروف شديدة الصعوبة, مجاهدون يعانون الجوع ونقص الذخيرة وتفتك بهم الامراض, كان الحصار الذي فرضه الايطاليون قد جردهم من كل شيء ولم يتبق لهم من سلاح ولاغذاء الا الايمان والارادة .
رغم تلك الظروف واصل بورحيل القتال حتى الرمق الاخير , حيث جمع قادة الادوار الباقين وقال لهم " اننا محاصرون من كل الجهات وقد هاجر احبابنا واهلنا الى مصر وبلدان اخرى والايطاليون يضغطون علينا لنستسلم ولكننا لن نفعل لن نستسلم بل سنواصل حتى الطلقة الاخيرة والشهادة " ..يوم 19 ديسمبر 1931م وقرب زاوية " ام ركبة " شرق طبرق حاصرت كتيبة ايطالية يوسف بورحيل وتلاتة من رفاقه بعد ان لجاوا لكهف وظلوا يقاومون حتى استشهد بورحيل ورفيق اخر وتم أسر المجاهدين الاخرين .
الايطاليون لم يكتفوا بقتل الشهيدين بل مثلوا بالجثامين الطاهرة ثم قطعوا راس يوسف بورحيل ووضعوه في صفيحة وحملوه الى البردي للتعرف عليه ثم عرضوا الراس على نزلاء المعتقلات من الاهالي ليكون راس يوسف بورحيل المقطوع الاعلان عن نهاية المقاومة . يوسف بورحيل احد ابرز قادة الجهاد الليبي وذراع عمر المختار وعقل الجهاد الراجح ظل وبكل اسف مغيبا عن كتب التاريخ وسرديات تاريخ الجهاد وكان اخرها فيلم عمر المختار حيث اختفت شخصية نائب عمر المختار وخليفته في قيادة الجهاد بعد استشهاده, من هذا الفيلم, ولم يكن من سبب لهذا التغييب الا وجود المناضل الوطني "احمد بورحيل " نجل يوسف بورحيل في المعتقل السياسي سبعينيات القرن الماضي .
نشر ببوابة الوسط 26-4- 2024
الأربعاء، 3 أبريل 2024
إجلاء القواعد الاجنبية من ليبيا