مدونة شخصية بها مقالات واراء قديمة منذ عام 2009 وحتى الان ..سياسية ثقافية علمية إجتماعية تاريخية ..
بحث في هذه المدونة الإلكترونية
الخميس، 28 سبتمبر 2023
صدى السنين الحاكي
السبت، 23 سبتمبر 2023
صدى السنين الحاكي : (كنود هولمبو و ...البدو Knud Holmboe )...نُشر في 28 مارس 2016
لكن نزيل الفندق أقنعه بأنه سوف يرى الصحراء وما يحدث على حقيقته , ويتعرف على حياة الناس هناك ومعاناتهم في ظل الاحتلال الإيطالي وعاداتهم الشرقية , ولم يلبث كنود أن اقتنع بالفكرة , وحزم أمتعته وبدأ رحلته في شمال افريقيا سنة 1930 على متن سيارته الشيفروليه , رحلة طويلة جدا عبر المغرب والجزائر وتونس وصولا إلى ليبيا حيث حازت الجزء الأكبر والأهم من مذكراته التي سجل فيها قصصا كثيرا عن الحياة في ظل الاستعمار والقمع والمقاومة ...في كتابه (مواجهة الصحراء)...
هولمبو أسيرا في قبضة رجال عمر المختار:
بينما كان (كنود هولمبو) الرحالة الدماركي في طريقه من بنغازي إلى درنة يقود سيارته الشيفرليه (البرّية) موديل العشرينات وسط منطقة الجبل الاخضر , وقع في يد المجاهدين الذين يقودهم عمر المختار , في البداية أطلقوا عليه رصاصة ليوقف سيارته وكانوا يريدون قتله لإعتقادهم أنه إيطالي أو عميل لهم , لكنه أقنعهم بأنه ليس ايطاليا ولا عميلا وانه مسلم وعندما حان وقت صلاة المغرب ..أستأذنهم الصلاة وقرأ أيات من القرأّن مما جعلهم يصدقون اقواله انه فعلا مسلم وليس إيطالي أو عدو لهم .. فعرفوا أنه صحفي اوربي مسلم جاء لينقل الحقيقة , ربما يكون لقاؤه هذا من المقابلات الصحفية النادرة التي سجلت مع المجاهدين الليبيين ذاك الوقت .. :
"أخذوني إلى مكانهم في الجبل وسط الغابات ...كانوا سبعة ..لا يرتدون إلا بقايا ثياب وأحذية ..كان الجو باردا جداً ..قاموا بإشعال النار حيث جلسنا جميعا حولها ..لم يكن لديهم ما يأكلون غير بقايا طعام ..أحضرت لهم بعض من طعامي ..فلم يأكلوه فهم لا يعرفون الطعام المعلّب بعد ولا يحبوّنه .. جلسنا جميعا حول النار نتحدث عن معاناتهم وجهادهم ...نظرا للبرد فقد أحضروا لي بطانية قديمة مرقعّة لأتدثر بها ، يبدو انهم لا يملكون غيرها ونحن نتحدّث ...كانت الليلة شبه مُظلمة وأخذت النار تخفت والبرد يزداد ..كنت ناعسا ..لم أشعر بأنني قد نمت إلا بعد أن أستيقظت قبل الفجر ..وضوء الفجر يتسلل، رأيتهم وهم نائمون ..كانت ملابسهم رثّة ... ولكن علت وجوههم وهم نائمون نظرات السلام والتصميم على النصر ففي اليوم الذي قضيته معهم لاحظت مدى تمسكهم بدينهم ووطنهم وأرضهم , ولم يخطر ببال أحدهم أن يضيق بما قسمه الله له مهما كان مصيرهم...كانوا قد أفترشوا الارض وهم نائمون ويبدو انهم قبل نومهم كانوا قد غطّوني ببطانيتهم تلك بينما ناموا هم بدونها إحترامًا لي أنا الغريب .. كان هؤلاء الرجال النائمون فقراء وأميون فلم يعرفوا القراءة , بل كانوا يكتبون أسماؤهم بصعوبة .. ولكنهم كانوا بالنسبة لي أنبل وأجمل مارأيت من البشر .. , فقد كانوا يحمدون الله وهم تحت المشانق على نعمة الحياة التي وهبها إياهم ويتحملون أي معاناة ..بت أنظر إلى عيونهم وهم نائمون ...
نحن أغلب الاوربيون عيوننا زرق ..لكنني في حياتي لم أرى أجمل من عيون هؤلاء الرجال الابطال ذوي الشجاعة الخارقة والكرم ...والذين نطلق عليهم نحن الاوروبيون ، جهلا بهم وبأخلاقهم لقب .........البدو الاجلاف !"
الاثنين، 18 سبتمبر 2023
الجمعة، 15 سبتمبر 2023
الربيع الصامت 2023
مقال مهم لـ د. سنية الحسيني بعنوان (على شفير الهاوية ) ..
شهدنا خلال الأيام القليلة الماضية سلسلة كوارث طبيعية، إذ ضرب زلازال مدمر دولة المغرب، ووقعت ليبيا تحت تأثير إعصار عنيف، تسبب في فيضان أخفى أحياء بأكملها في البحر، أودت هذه الكوارث بحياة الآلاف، وأدت لسقوط عشرات آلاف المصابين والمفقودين، ناهيك عن ما خلفه ذلك من دمار، يذّكرنا بالزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا قبل أشهر، ويربطنا كل ذلك بعنوان المقال. فـ "نهاية العالم المزعجة" و"على شفير الهاوية"، عناوين لكتاب وتقرير، يتحدث الأول الذي صدر في العام الماضي عن أن العالم غير قادر على تحمل عدد سكانه الـ 8 مليارات نسمة، بسبب تفاقم الأزمات المناخية الناتجة عن الاحتباس الحراري، بينما يشير الثاني والصادر عن جامعة اكستير البريطانية إلى تأثر منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص بالاضطرابات المناخية.
يأتي الاعصار والفيضان في ليبيا والزلزال في المغرب قبل شهرين فقط من انعقاد قمة المناخ الـ 28 (كوب 28) في مدينة اكسبو في دبي، والتي تعد ثالث قمة تعقد في الشرق الأوسط بعد قمة مراكش في العام 2016 وشرم الشيخ في العام الماضي، بعدما أصبحت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أشد دول العالم تأثراً بكوارث المناخ. وتعود فكرة هذه المؤتمرات السنوية للعام 1992، للحد من الآثار الضارة للاحتباس الحراري الذي يحصل نتيجة لزيادة تصاعد الغاز المحمله بالكربون في الجو، ويؤدي الى ارتفاع في درجات الحرارة الكونية، محدثاً كوارث طبيعية نتيجة لذلك. وجاءت أول تلك المؤتمرات في مدينة ريو دي جينيرو البرازيلية، وبدأ في أعقابها الحديث عن اتفاقيات مناخية مبدئة تتعلق بالتغير المناخي، تهدف لالزام الدول بالحد من انبعاث الغازات المتسببة في حدوث الاحتباس الحراري.
ليست الشرق الأوسط وحدها من تتعرض للكوارث الطبيعية نتيجة للتغير المناخي، فكوارث طبيعية متلاحقة ضربت مؤخراً مناطق متفرقة من العالم. ففي ظل اشتداد درجات الحرارة التي ضربت منطقة البحر الأبيض المتوسط، تكلفت أوروبا أكثر من أربعة مليارات يورو حتى الآن، جراء حرائق الغابات التي نشبت في بلدان مثل اليونان واسبانيا وايطاليا وغيرها. واجتاحت الحرائق أيضاً جزيرة "ماوي" في ولاية "هاواي" الأميركية في وقت سابق من الشهر الجاري. وشهدت عدة مدن يابانية هطولاً قياسياً للأمطار على مدار أقل من 12 ساعة. كما تسببت الأمطار الغزيرة في البرازيل بمقتل العشرات. وأجلت السلطات الباكستانية كذلك حوالي 100 ألف شخص من إقليم البنجاب الباكستانى بسبب الفيضانات.
يعتبر علماء المناخ تلك الكوارث التي نشهدها اليوم ما هي الا مجرد بداية
لكوارث مناخية غير مسبوقة، تصاحب موجات ارتفاع الحرارة متعددة ومتصاعدة،
الأمر الذي يدق في كوكبنا ناقوس الخطر. وتنبأ العالم السويدي سفانتي
أرينيوس في العام 1896 بأن ارتفاع تركيز ثاني أكسيد الكربون في الهواء
سيؤدي إلى ارتفاع في درجات الحرارة، وهو ما يعاني منه العالم اليوم بالفعل.
فارتفاع درجات الحرارة يرفع منسوب مياة البحر، بسبب سرعة ذوبان الجبال
الجليدية في القارة القطبية الجنوبية وغرينلاند، الأمر الذي سيترتب عليه
فيضانات وارتفاع مستوى الامواج وخسارة أجزاء من الشريط السواحلي. كما ستحدث
فيضانات في المناطق الداخلية أيضاً بسبب تلك التطورات نتيجة عدم قدرة
الأنهار للوصول الى مصباتها في البحار، بعد ارتفاع منسوب المياة فيها، ورغم
انخفاض هطول الأمطار عموماً، الا أن هطولها سيتركز في مناطق معينة، وخلال
فترات قصيرة، الأمر الذي قد يزيد من خطر الفيضان الداخلي أيضاً. ويعد
الارتفاع المفاجئ في درجات الحرارة من بين أهم العوامل المؤدية إلى حدوث
الزلازل، بسبب تأثير درجات الحرارة المرتفعة على سخونة الطبقة الأرضية،
والتي تزيد من نشاط الصفائح المكونة للأرض التي تسبب الزلازل. ذلك الارتفاع
في درجات الحرارة، هو المسؤول الأول أيضاً عن اشتعال الحرائق التي تنشب
اليوم في أنحاء متفرقة من العالم، ناهيك عن حالات الجفاف ونقص المحاصيل
وانعدام أمن الغذاء العالمي، وزيادة الامراض، التي ستسرع شدة الحرارة من
انتشارها. وحذرت الأمم المتحدة العالم في مؤتمر الأطراف لتغير المناخ الـ
27 (كوب 27) العام الماضي، من تبعات تلك التغيرات المناخية، ودعت للاستعداد
لمواجهة الكوارث الطبيعية.
يحذر علماء المناخ من أن الشرق الأوسط، الذي يبلغ عدد سكانه حوالي 400 مليون نسمة، سيواجه أصعب كوارث التغير في المناخ، خصوصاً في ظل وجود انبعاثات كربونية عالية من المنطقة، وهي المنطقة الأكثر جفافاً في العالم، وتعاني من موجات حرارة أطول وأكثر تكراراً. وتشهد هذه المنطقة تحديداً ارتفاع في درجات الحرارة يعادل ضعف المعدل العالمي، فقد تصل درجات الحرارة خلال موجات الحر في السنوات القادمة إلى 56 درجة مئوية، وهو ما يهدد مباشرة بزيادة نسبة اشتعال الحرائق. ويرى الخبراء أن مستوى البحر المتوسط سيرتفع أكثر من أي مكان آخر في العالم، ويتوقع أن يرتفع حوالي مترا كاملاً في العام 2050، اذا استمر هذا التدهور في مستوى الاحتباس الحراري. وعليه، ووفقاً لتلك التقديرات ستغرق ثلث مدينة الاسكندرية على سبيل المثال في مياة البحر، وذلك ينطبق على المدن الساحلية على البحر المتوسط، بنسب متفاوته.
وبالنسبة لقطاع غزة وضمن المعطيات السابقة، سيؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر خلال العقود الثلاثة القادمة، إلى فقدان القطاع لشريطه الساحلي، وتعرضه لفيضان مياة البحر، وتسرب مياة البحر إلى طبقات المياة الجوفية، مما سيجعل مياهه غير صالحة تماماً للشرب، وتأثر الأراضي الزراعية فيه بشكل كارثي. وتقع دول مثل مصر، والأردن، وليبيا، والإمارات، وكامل الأراضي الفلسطينية المحتلة، واليمن، والجزائر، والمغرب، والسعودية، وتونس، والعراق ضمن الدول الـ 25 الأكثر تعرضاً للإجهاد المائي على مستوى العالم. ويعني الاجهاد المائى انخفاض العرض المقرون بالطلب، والذي يؤثر بدره على مستقبل الأمن الغذائي. إن كل تلك التغيرات ستمهد الطريق لحدوث موجات من الهجرة، خصوصا من افريقيا والشرق الأوسط إلى أوروبا.
من المتوقع اذا بقي مستوى الاحتباس الحراري في الزيادة ضمن مستواه اليوم، أن ترتفع حرارة الكوكب بمعدل خطير مع نهاية القرن الواحد والعشرين، والذي يحذر العلماء من آثاره المدمره للبشرية، والتي بدأت ارهاصاته في الظهور اليوم. الا أن ذلك التدهور في مستوى الانبعاث والاحتباس الحراري يمكن السيطرة عليه في حال التزمت دول العالم بخطوات محددة. وأجمع علماء المناخ أن صفر انبعاث حراري يعد الامكانية الوحيدة لمنح فرصة للبشرية للحياة، وتجنب عواقب التغييرات المناخية الكارثية. ودعت قمة المناخ التي عقدت في باريس في العام 2015 الى ضرورة خفض الانبعاثات الحرارية في العالم، خصوصاً في مجالات الطاقة والنقل والصناعة، للحد من الاحتباس الحراري وارتفاع درجات الحرارة، بحيث يجب الا يتجاوز ذلك الارتفاع خلال العقود الثلاثة التالية عتبة الخط الأحمر، والتي يفترض أن يصلها العالم، اذا استمر معدل الانبعاث والاحتباس الحالي، في غضون سبع سنوات. وكي نبدأ اليوم هناك حاجة لخفض انبعاث تلك الغازات المتسببة في حدوث الاحتباس الحراري بنسبة 45 في المائة، لتقليل فرصة الوصول لذلك الخط الأحمر.
من أهم الحلول للحد من حدوث ظاهرة الاحتباس الحراري خفض نسبة الانبعاث الكربوني والغاز المسبب لذلك، من خلال الحصول على احتياجات الطاقة من مصادر بديلة متجددة، وصديقة للبيئة، بدلاً من الفحم والغاز والنفط، والتزام جميع دول العالم بخفض نسبة الانبعاث الحراري تدريجياً. وتم إقرار قوانين في العديد من الدول الأوروبية تفيد بذلك، فخفضت دول الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ما تقدر نسبته بـ 54 في المائة من انبعاث الغازات التي تسبب الاحتباس الحراري داخل حدودها. وتأتي 40 في المائة من كهرباء دول الاتحاد الأوروبي من مصادر الطاقة المتجددة الصديقة للبيئة، نصفها يأتي من الطاقة الكهرومائية، بالاضافة الى استخدام للطاقة من الرياح والشمس أيضاً.
كما يمكن الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري وذلك بجعل ذلك الانبعاث الكربوني مكلف مادياً، للحد من استخدامه، وذلك بفرض قيمة أو رسوم نقدية ووضع تسعيرة على وحدات الكربون المنبعث، والذي يتسبب بأضرار للبيئة. وكان أول من اقترح ذلك الحل عالم الاقتصاد ويليام نوردهاوس من جامعة ييل في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، وحصل في العام 2018 على جائزة نوبل، بسبب تلك الفكرة، من ضمن انجازات أخرى. في العام الماضي كان هناك 46 دولة تستخدم أدوات معينة لتسعير الكربون المنبعث، حيث تعتمد معظم الدول المتقدمة تلك التسعيرة بطرق مختلفة. الا أن كثير من الساسة حتى اليوم، خصوصاً في الدول النامية، يتجاهلوا مثل تلك الحلول، تحت تأثير لوبي الوقود الأحفري، مما يتسبب باستمرار الأزمة وتفاقمها، خصوصاً في الشرق الأوسط. ويمكن وضع اتفاق عالمي يحدد تلك التسعيرة، تلتزم من خلاله جميع دول العالم، وهو الأمر الذي أكد عليه نوردهاوس، بأن نجاح عملية تسعير الكربون يتطلب التعامل على مستوى عالمي جامع. إن تحديد تلك التسعيرة تزيد تلقائياً من أسعار الطاقة وتحد من استخدامها في النشاط الاقتصادي وتستدعي البحث عن بدائل لها، ومضاعفة الاستثمارات المستدامة في إنتاج الطاقة المتجددة.