حديث ...قبل الفجر
يقال
ان احد المنظرين الإيديولوجيين ترافق مع احد أصدقائه البسطاء فى رحلة صيفية الى
الصحراء ..وعند وصولهم الى مكان الرحلة نصبوا خيمتهم وانزلوا متاعهم
وحاجياتهم..وظللوا يتسامرون على أمور الدنيا وذكرياتهم فيها ..وبعد ان تجولّوا وفى
الصحراء ساعات ..رجعوا الى خيمتهم قبل حلول المساء ..وتحدثوا وطبخوا واكلو وناموا
فى خيمتهم تلك ...قبل الفجر بقليل أيقظ
ذلك الإنسان البسيط صديقه الايديولوجى الفيلسوف من النوم ..وسأله..انظر إلى الأعلى
وقل وصف لى ما ترى ؟...نظر الايديولوجى إلى الأعلى وقال :(أرى نجوما تتلالاء في
السماء ..تدل على قدرة الله العظيم فى خلقه..فى سماواته وأرضينه..ارى كونا منظما
وشمس قاربت على البزوغ..لتدل على عظمة خالق هذا الكون وقدرته على تعادل هذا الكون
...أرى سماءا صافية تدل على أن النهار المقبل سيكون دافئا..لا أمطار ولا رياح
...رغم أن قدرة الله قادرة على صنع اى شيء وتغيير اى شىء فى اى وقت وفى اى مكان
...ارى سماءا صافية واشعر فى هذا المكان بالسكون رغم ان الكون ليس ثابتا ويتمدد فى
كل اتجاه ...اكاد اشعر بأن الناس فى هذه البقعة سيكونون سعداء بحلاوة الجو والطقس لما
اراه من صفاء فى السماء..كما اشعر اننا سنقضى يوما سعيدا دافئا وأننا سنقوم بجمع
الحطب وقودا للنار..لنقوم بشواء اللحم الذى أحضرناه ..وسنتمتع بالأكل اللذيذ فى ظل
جلسة حميمية ...كما اننى أرى القمر وقد توجه الوجهة الاخرى ليقترب الشهر العربي من
نهايته...كما اننى رأيت الان نجما يهوى وهذا له تفسيرات متعددة وشروح من فقهاء
علماء وخاصة من المرشدين كل ادلى
بدلوه فى هذا الموضوع وهو موضوع ..افول
النجوم وسقوطها وماذا يعنى تفسيرها..بل كثيرون كتبوا المجلدات والكتب التي تحاول
ان تربط بين هذا الموضوع وعلاقة الدنيا بالآخرة وعلاقة من يرى أفول النجم وتأثيرها
على حياته وأخرته وأيضا بزوغ الدول والحضارات ونهايتها ....وقد حضرت خطبة لأحد
الشيوخ العلماء تحدّث عن هذا الموضوع بإسهاب ..على مدار أسبوعان متواصلان كما تحدث
كثيرا عن علاقة النجوم بما يسمى بحرية المرأة والرجل وكيف ان النجوم تنطفئ وتختفي
عندما يطالب البعض بشيء خبيث اسمه الديمقراطية والحرية وابتعدوا عن كلام الشيوخ
الطيبين والدعاة والمرشدين الذين يعرفون كل شىء ليس فقط عن الدنيا بل الدنيا والآخرة
وما بينهما ..وكيف تظلم السماء عندما يترك البعض الحديث عن الشورى وما جرى فى
سقيفة بنى ساعدة ويذهبون الى سقيفة أخرى تسمى البرلمانات النصرانية الكافرة ..ارى
النجم سهيل قد ارتفع فى ركن من اركان السماء كمايًسمّيه اهل البادية .. وأخذ وجهة معينة فى الفجر فهذا علامة من علامات اخر الدنيا ! ..كما اننى أرى وبوضوح
مدى تأثير السكون على صفاء الأنفس .. وان من صبر نال بدون مطالبات وبدون
مظاهرات وبدون تشويش ..وان من تكلّم او
نازع او خرج عن اراء الفقهاء والمنظرين فسيناله الشر الكثير ..ولابد للإنسان ان لا
ينازع ولاة الأمور ومن تولو وخاصة من له باع طويل فى الفلسفة والفقه والتنظير
وسانده اهل الفقه والدين والشرع والمرشدون.. فهو يصبح ظل الله فى الارض ولا يجوز
منازعته او الخروج عليه... وكذلك من له نظريات وأراء فى السلطة والكون والدنيا والآخرة
كما هم مرشدينا العظام ..كما تأكد لى الان ان رفقتك لى ستكون ذى فائدة عظيمة لك
..لانك قد استمعت الى كلماتي هذه فجرا والتي ستظل فى عقلك وتفكيرك وستكون لك هى
البوصلة التى ستقودك الى حياة سعيدة فى الدنيا ومآبا عظيما في الآخرة..لان كلام
الفجر سيكون عقلك قادر على حفظه أكثر من الكلام في الأوقات الأخرى ..ولـ.......
وهنا انتفض رفيقه ذاك الإنسان البسيط قائلا
لصديقه الفقيه المتحدّث العالم السياسي الواعظ فى كل شيء:(يا آخى لديك كل هذه المعلومات والمواعظ والآراء..ولم ترى أن خيمتنا التي كنّا
ننام تحت منها ..قد سرقتّّّ .!!!)
مفتاح
بوعجاج...نُشرت في 32-11-2012