الشخصية الليبية -1
القفز مباشرة للنتائج دائمًا يؤدّي بنا لتشخيص خاطىء للمشكلة ....كثير منّا يرى الجزء الطافي من جبل الثلج ولا يرى قاعه ....لو كانت لنا رؤية واضحة عن ماهية ..(الشخصية الليبية) ..ليست تلك التي أراد المرحوم عبد الحميد البكوش (أصغر رئيس وزراء لليبيا في العهد الملكي1967-1968)، بنائها حسب مشروعه الذي أنطلق ولم يكتمل لظروف كثيرة منها قيام الانقلاب المشؤوم سنة 1969 وتوقفت معه مشاريع تنموية بشرية وإقتصادية كثيرة...بل الشخصية الليبية التي نعيشها اليوم والتي ترّسخت سلوكا وقيما وممارسة وثقافة بعد اكثر من 64 عاما من تأسيس وإستقلال الدولة الليبية منها 47 قد نحسبها إستبداد وفساد وسوء إدارة...لو كانت لنا رؤية واضحة لها لما تعجبنا أو فوجئنا او حتى أستحينا من سلوك وتقافز هذه الشخصية المتناقضة ..فكرا وممارسة وقولاً وفعلا (إلا ما رحم ربي )...وكما عبّر عنها وشبيهاتها في المنطقة ،الدكتور مصطفى حجازي في كتابه الشهير ..مدخل لسيكولوجية الانسان المقهور ...او ما توصلت اليه الكاتبة الصحفية الامريكية والباحثة في مركز هدسون للابحاث (ان مارلو)(Ann Marlowe )التي زارت ليبيا مباشرة بعد الثورة وبقت اكثر من ستة أشهر متنقلة بين كافة المدن والمناطق الليبية وتوصلت إلى ان الليبيون والليبيات وبعد اكثر من 42 سنة من النظام الاستبدادي هم مصابون بمرض (ما بعد الصدمة(PTSD)) وذلك في مقالها المشهور (ليست الولايات المتحدة من أوصلت ليبيا لأزمتها الان )والذى سبق لي ان ترجمته على هذه الصفحة عام 2014 وكذلك موجود على مدونة (الربيع الصامت..مفتاح بوعجاج) ...والتي اوصت بأن علاجها هو تغيير الثقافة والبيئة التي صاحبت تلك الدكتاتورية حتى يشفى الليبيون من هذا المرض وإلا سيستمر ويتضاعف والذي تتصف اعراضه ببعض من جنون التصرفات وعدم القدرة على التركيز والقفز من موقف لاخر وعدم تحمّل المسؤولية وألانتهازية والطمع وعدم القدرةعلى التحليل السليم ...وها نحن نرى ذلك واقعًا من بعض الشخصيات العامة وعلى وسائل الاعلام ..وحتى في أعلى مستويات السلطة ..والمسرح الليبي لا يزل مليئا بهم ....ومعرفة وتشخيص المشكل هو اول خطوات الفهم و الحل ....وعدم الاستغراب ...
(يتبع)