بحث في هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 30 نوفمبر 2018

شهادة .............


"لو يذكرُ الزيتون غارسُه...لصار الزيت دمعاً"
هذا الذي تآمروا عليه :
   "سمّاه (الكثيرون) «الملك الورع». أمضى حياته في العدالة وبناء الدولة قبل الصوم والصلاة والتقوى. بدأ حاكماً على ولاية برقة، لكنه برغم السنوات الصعبة والفقر والاستعمار الإيطالي الذي ناضل ضده طوال عمره، استطاع أن يوحّد ليبيا من حوله، وأن يوّحد الليبيين الذين رأوا فيه نموذجاً للتقوى والسلطة الحكيمة. ولما توفي محمد إدريس السنوسي، تبيّن أنه كان السياسي العربي الوحيد الذي لم يفتح حساباً مصرفياً في أي مكان خارج بلاده ولا داخلها . عندما جاء إنقلاب سبتمبر1969 ، كان الملك إدريس في رحلة علاج في (اليونان). لم يستطع أن يسدد تكاليف العلاج، فسددتها الحكومة اليونانية. وأرسل ما تبقى معه للدولة الليبية ومن ثم جاء إلى مصر حيث استضافته مصر حتى وفاته رحمه الله .
    ذلك كان الرجل الذي خلّفه قائد (الجماهيرية العربية الاشتراكية الشعبية العظمى)، الذي يقال إنه ترك في المصارف نحو 150 مليار دولار متوزعة في الداخل والخارج وبلد فقير ومُنهك وبلا مؤسّسات ولا دستور وكثير منها لا يُعرف مكانها وإن عُرفت فهي صارت بتصرّف اخرينّ . لكن هذا حال معظم الاشتراكيين العرب الذين أرادوا تحرير الأمة من الاستعمار، فأدخلوها جنة الاستبداد والخراب.
حاكمت ثورة (الفاتح العظمى) إدريس الأول غيابياً، وحكمت عليه بالفساد والتعامل مع الاستعمار. هو الذي بحكمته وهدوئه حرر ليبيا من الفاشية الإيطالية ووحّدها من فزان إلى طرابلس مروراً ببنغازي. ولم تكن له حاشية ولا عسكرٌ ولا لجانٌ تضطهد الناس في البيوت والشوارع وتقيم منصات الإعدام في الجامعات. قد يجد المرء سبباً للانقلاب في أي دولة أخرى كما حدث في العراق أو في اليمن، لكن التطاول على حكم إدريس الأول كان ظلماً صرفاً وجهلاً موصوفاً. همّه الأول كان الحفاظ على وحدة البلاد، ومن أجل ذلك، عدل بين القبائل ولم يحرّض بعضها على بعض كما سيفعل الفاتح فيما بعد. ورسم خططاً تنموية متواضعة تتماشى مع طاقات ليبيا القليلة في تلك الأيام، وقبل أن يتحول النفط إلى ثروة يبددها (الفاتح) في تمويل الحروب الأهلية - من آيرلندا إلى لبنان - بحثاً عن دورٍ للقائد الملهم يتناسب مع طموحاته وأمانيه بأن يقود العالم العربي، ومن ثم العالم الثالث، ومن ثم العالم بأجمعه.
   لم يكن إدريس الأول ملك الورع فحسب، بل كان أيضاً ملك الخفر القومي والوطني. ولم يرزق بأبناء ، فاكتفى بأن تبنى يتيمة من الجزائر، وكان واضحاً للجميع أن كل الليبيين أبناؤه من دون استثناء. فلم يطلق خلفه المجرمين يغتالونهم في أوروبا. ولم يضع يده على أموالهم وممتلكاتهم. ولم يسكن بعيداً عنهم في ثكنة عسكرية بل عاش بينهم مثل الرعاة والآباء الحقيقيين. وأقام مع الدول العربية علاقات سوية دافئة وبعيدة في وقتٍ واحد ."
(سمير عطا الله ، صحافي لبناني ..بتصرّف)

رجل ووطن ...

تاريخ الرجل ....هو تاريخ صناعة وطن ...