بحث في هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 5 مايو 2017

مـــ(سوّدة) مشروع الدستور الليبي !


  لا أنصح سادتي وسيداتي الليبيون والليبيات بقبول مسودة الدستور إلا بعد قراءتها جيدًا بندا بندا وحرفا حرفا فقد تعبنا من كلمة (توافق)رغم معناها الجميل ولكن علمتنّا تجارب السنين السابقة انها عندنا أصبحت تعني فقط إرضاء جميع (الاطراف) ووضع كل ما يريدون رغم تناقضات المطالب ، ولا تعني فرز الصالح من الطالح ، وبقراءتي السريعة لمسودة مشروع الدستور (التوافقي) أكدّت لي ، ان هذا ماجرى تمامًا في هذه المسودة ..بل ان حتى كلمة هذا الـ (توافق) المزعوم ،لم يسري حتى بين اعضاء اللجنة نفسها ..كما علمتنا اللغة العربية بأن حرفا واحدا قد يقلب معنى جملة بحالها وكما كان الخليفة عمر ثاقبً النظر في كل شىء فهو كان من تفطّن للايه الكريمة (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) وزادته إيمانا بأن الاية لم تقل (الذين هم في صلاتهم ساهون) فيتغير المعنى تماماً رغم ان الفرق هو في الحرف فقط ..والكثير في هذه المسودة مدسوس بقصد او بدون قصد وهذا الامر يجعل هذه المسودة قابلة لكثير من التأويلات والتفسيرت وبالتالي تجعلنا في معركة على التأويلات مستقبلاً في بلاد قد شبعت من المعارك الكلامية والشعاراتية سابقًا ولا حقًا ..كما ان هذا الامر المتعدّد التأويل يتناقض ايضًا مع معنى الدستور الذي يجب ان ينحصر في مبادىء عامة واضحة وصريحة وقليلة يفهمها العامة قبل الخاصة تنظّم فيها العلاقة بين السلطات وتحدّد فيه الضوابط الحاكمة وحقوق وواجبات البشر فهو اصلا وثيقة تعاقدية بين الحاكم والمحكوم لتقديم افضل الخدمات وفض النزاعات وليس صناعتها ! ..مثلاً المادة رقم 6 التي تقول ان( الاسلام دين الدولة والشريعة الاسلامية مصدر التشريع ) ..العبارة الاولى قد تكون مقبولة لانها صدرت حتى في دستور الاستقلال ولم تمنع من مدنية ا(المملكة الليبية) وتشريعاتها وإحترامها لحقوق المواطنة وحقوق الانسان، اما الجملة ما بعدها ..فعن أي شريعة يتحدثون واليوم (بفضل) التأويلات والمرجعيات المتعدّدة اصبحت لدينا الكثير من الشرائع وعلى راسها شريعة الصادق الذي ادخل (شريعته) في الاراء السياسية التي راها هو ورهطه صالحة مثل تأييده لما يسمى بـ( مجالس شورى الثوار) المتحالفة مع الارهابيين وتكفيره للجيش الليبي وتقسيم الليبيون والليبيات بين (مؤمن) و(كافر) وفتاويه كانت ولا تزل سببا من اسباب التفرقة والفتنة والابتعاد عن لم الشمل والمصالحة الوطنية وبناء مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والامنية الحرفية وحتى لجنته المزروعة ذات (الرقابة الشرعية على أعمال المصرف المركزي) والتي مُرّرت من خلالها الكثير من الممنوعات والحرامات والحلالات التي اعتبرها قد شاركت كثيرا في إفساد وخسائر كثير من النشاطات الاقتصادية المصرفية العامة والاهلية وأرهقت حياة المواطن الليبي البسيط تحت حجة (المرابحة الاسلامية) ! ..ولذا نسال ماهي الشريعة التي تتحدّث عنها هذه العبارة والتي إن هي مُرّرت قد تجّب كل الحقوق إن وُجدت بهذه المسودة ولن يمر حق إقتصادي او إجتماعي او حقوقي او تعليمي او ثقافي او حضاري او إداري إلا بموافقة (المُرشد) كما هو نظام إيران او طالبان وأمثالهما.. هذا فيض من غيض ..,النقد الموضوعي مقبول من كل الاطراف حتى نصل لما فيه الخير للوطن والمواطن ..بالنسبة لي لن تجدو افضل من مبادىء دستور الاستقلال ..أقرأوا الاثنان وقارنوا بينهما كما قارنوا بين الواقع الذي خلقه الاول على الارض من إستقرار وتنمية وتعليم وحريات ابان فترة المملكة خلال 18 عامًا فقط وما ستخلقه امثل هذه المــ(سودّة) ...حفظ الله ليبيا دولة مدنية تسع الجميع .

ليست هناك تعليقات: