بحث في هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 26 أغسطس 2016

الفنان .....محمد حسن


عدّا رجب و وقصيّر....... لا علم جاني لا الحال تغيّر
سلمّت للي ف السحاب يسيّر ...هذاك هو دواء لحنيني

   يوم فتح مكة ..مرّ سعد ابن عبادة حاملا راية الانصار منتشيًا بالنصر على قريش ، مرّ بأبي سفيان وردّد في وجهه : "اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحّل الحرمة، اليوم أذلّ الله قريشا"...حزن أبو سفيان وأنكسر ..علم النبي بذلك...فأغتاظ من سعد قائلا : "بل اليوم يوم المرحمة، اليوم تعظّم فيه الكعبة، اليوم أعز الله قريشا" وارسل إلى سعد من أخذ منه الراية ودخل المسجد ومعه المهاجرين والأنصار وبعضًا من قُريش وخطب فيهم قائلاً : “الناس من آدم، وآدم من تراب”، ثم تلا آية "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير"...كم من دروس إنسانية في هذا الموقف ...كان هو الاعلان المُبكر لحقوق الانسان والدعوة للتمدّن مع من حتى من نختلف معه في جنسه او دينه..شوّهه من يدّعون اليوم انهم أوصياء علينا وعلى الثورة وعلى الدين ويفتون باسم الله ...فشوّهوا كل القيم الانسانية التي اتى بها دين الاسلام في فجره..يجعلنا في اشد الحاجة ليس للثورة على الدين ،إنما ثورة على من افسد الدين من تأويلات البشر وفتاويهم المضلّلة لروح الدين الاصلية والتي هي مقاصد الشريعة السمحاء وهذا ما عالجته الحركة السنوسية الاصلاحية في عموم ليبيا يومًا...فهي وحدّت ولم تفرّق ..وتسامحت ولم تدعوا للانتقام او العزل او الاقصاء تمثّل ذلك في قول الملك إدريس رحمه الله يوما .."حتحات على ما فات" ..فأسس ورِفاقه من كل البلاد دولة ودستور وأمة ليبية وسعت كل الطوائف والملل والأجناس أسماها في خطاب الاستقلال المجيد (24 ديسمبر 1951) .."الامة الليبية العظيمة . "
هذا الفنان ورغم كرهنا له في فترة ما، لكونه كان ممن غنى للاستبداد يوما ..إلا اننا لنكون مُنصفين لاننكر ابدا كونه فنان ذو قدرات فنية وموسيقية وصوتية عالية وكم أمتعنا بفنّه الغير سياسي وقد يكون للرجل أعذاره لأننا لم نتح الفرصة لأحد بأن ياخذ حقه في الدفاع عن نفسه..كم أمتعنا يوما بسمفونية رحلة نغم والتي تغنى فيها ومن شاركه من فنانين مُحترمين بكل مناطق ومدن الوطن الحبيبة وقد يكون قد أضطر إضظرارا لمزج بعض المقاطع فيها لتمجيد من كان حاكما على الرقاب والمال والفن والإعلام والتاريخ والإذاعات ،لا يريدها إلا ان تتغنى باسمه و(عبقريته)....مع بُعد المقارنة الموضوعية ..تغنت ام كلثوم وعبد الوهاب وفريد الاطرش للملك فاروق ثم تغنوا لعبد الناصر وللسادات ولو كانوا أحياء لكان من الممكن ان يتغنوا لمبارك و لثورات يناير ويونيو ..فلم يجعلهم ذلك خارج العبقريات التاريخية الادبية والفنية التي يُشاد بها الامس واليوم وغدا ..هذه هي ميزة الاستبداد بكل أشكاله في اوطاننا ..وهي ان هذا الاستبداد يسيطر على كل شىء ولا يريد لاحد إلا ان يكون في إطاره المرسوم ولو كان لهذا الاستبداد الامس واليوم سلطة على الطيور والقمر والشمس لجعلها لا تدور إلا في فلكه ! 
فلنكن مُنصفين ومُسامحين ونقول لكل من لديه موهبة وقدرة من الابداع ..حتحات على ما فات ..ولندع مائة شمعة تضىء هذا الوطن المكلوم وخاصة انه لم يقتل او يشارك في قتل او هدر دم أحد ولم يسرق الاموال كما فعل كثيرون قبل وبعد الثورة ولم يشارك في الفساد ولم يشارك في (الهلت) الذي حصل ولم يشارك في إستيراد وزرع المتفجرات والالغام ...ولنقل ان حق المواطنة والحقوق المدنية هي حق لكل ليبي وليبية ما لم تُتنزع بحكم قضائي عادل ..وأرحموا من في الارض ليرحمنا من في السماء ...ولا تلوموا الناس إن هم بعد إقصاؤكم المستمر وتسمياتكم المضحكة وفتاويكم الجائرة .. قد أنضموا لطرف أخر ...ضدكّم!
رحم الله الفنان محمد حسن ....