بحث في هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 16 مايو 2016

لمّة العائلة ....Family reunion

   





      مُعلمة متقاعدة ...تسكن قرية جميلة من قرى الريف الامريكي ..أحبت طلبتها وعملها وقريتها وجمال طبيعتها ...كان مُعظم سكان تلك القرية من ذوي القرابة لها ..لكنهم خلال مدة من الزمن ..رحل الكثيرين منهم إلى مدن أخرى وضاع تواصلهم ..وأصبحت وحيدة إلا من جيران جُدد ...أحد أقربائها والذي كان لديه كثير من الطموح المادي والسياسي وصل إلى ان اصبح سيناتورا في الكونغرس الامريكي وسكن واشنطن العاصمة والتي تبعد عن قريتها الاف الاميال ..وهناك حيث أغراه المال والسلطة تحالف مع شركة مقاولات وباع ارض القرية لبناء أسواق ومشاريع فنادق سياحية والذي كان يتطلب مسح الكثير من الغابات والطبيعة الجميلة في تلك القرية لتحل محلها المباني وأماكن متعددة لوقوف السيارات ...أوجعها الخبر ..ذهبت للقاضية في المحكمة ..أطلعت على الاوراق ..أخبرتها القاضية ان الاوراق صحيحة ولا تستطيع الامر بإيقاف المشروع..أو إلغائه إلا ذا جاء بقية الاقرباء ووقعوا معها عريضة تُفيد بأنهم من ملاّك الارض وان هذا السيناتور لا يمثلهم ...طلبت من القاضية الامر بالإيقاف المؤقت ولمدة محددة لحين محاولة البحث عن بقية الاقرباء ..اقتنعت القاضية بفكرتها ودفوعها وأعطتها شهرا كحد أقصى بشرط ان تتحمل تكاليف هذا الايقاف المؤقت وما سيسببه من خسائر في حالة لم تربح القضية ! ..عمدت الحافلة وأخذت تجوب المدن بحثا عن قريباتها و اقاربها واحدا واحدا ..وصرفت معظم مدخراتها على هذا الامر بل كانت تظل بلا اكل إلا ما ندر ..أستقبلها البعض بفتور ..والبعض الاخر بالترحاب والكثير باللامبالاة بحكم انهم مشغولين وسعداء في حياتهم ومدنهم الجديدة ..حددت لمن قبل دعوتها للاجتماع العائلي يوما وتاريخا محددا ..كان من بين قصدتهم محاميا يعمل بالعاصمة تذكرت ذكائه ونبوغه يوم كان طالبا عندها بالقرية ..قابلته ..دعاها لغداء مجاملة لمعلمته القديمة والتي كان يحفظ لها الود والتقدير ..شرحت له مدى احتياجها له لإيقاف المشروع بقريته التي لم يعد يتذكرها ..حيث ذكر لها انه مشغول بقضايا كثيرة في العاصمة حيث النخبة السياسية والصحافة وخاصة وانه يبحث عن الشهرة وما يتطلبه هذا الامر من بقاء بالعاصمة الكبيرة ..! ..بإلحاح منها وعدها بأنه سيدرس الامر وسيكون بالموعد المحدد بالقرية لتدارس الامر معها ومع اقربائها ...وابلغها بأنه يشك بنجاح مسعاها حيث ان هذا السيناتور له تأثير قوي على كل صناع القرار في امريكا بما فيها وزارة العدل ...تمنّت عليه ان يأتي ويحاول ...رجعت لقريتها ..أعدت بيتها المتواضع لـ(لمة العائلة) ..جاءوا في الميعاد ..كل منهم يحمل معه زاده وما يحتاج للبقاء عدة أيام ..وبدأت الكلمات والنقاشات ..حضر المحامي ايضًا ..علمت الصحافة والاعلام بالموضوع ..بدأت الصحف تكتب عن الموضوع وكذلك وسائل الاعلام الاخرى ..بدأت صور المعلمة والمحامي و (العائلة) تظهر للرأي العام ..حتى السيناتور صاحب المشروع أتى مُدافعا عن مشروعه بحجة التقدم والتطور محاولا منع التقاضي عارضا طبعا بعض الحلول المادية ..البقية بما فيهم المحامي دافعوا عن حقوقهم وعن الطبيعة وعن البيئة التي سيطالها الخراب بسبب الديناصورات الصفراء (الكواشيك) التي اوقفها قرار القاضية عن إزالة الطبيعة متأهبة للعمل بعد إنتهاء مدة الايقاف المؤقتة ...تمت اجراءات رفع القضية من جديد بعد أن اعد المحامي كل الاوراق والمستندات اللازمة بما فيها توقيع كل (العائلة) بأن الارض ارضهم جميعا وهم ملاكها ولن يسمحوا بالمشروع ..وأيضًا أعدّ محامي السيناتور والمشروع مستندات دفاع بحجة أهمية لمشروع و(تطوير) القرية ..يوم إصدار الحكم كانت تقريبا كل امريكا تنتظر وكان الاعلام المحلي والوطني وحتى الدولي يصوّر ...أشتهرت القضية والاشخاص والموضوع ...
(يوقف المشروع وتُزال الاضرار وتُعوض المُعلمة عن كل مصاريفها من أموال اصحاب المشروع بما فيهم السيناتور ) ..هكذا كان الحُكم والقرار من القاضية .. ضجت القاعة وصفّق واحتفل من كان حاضرًا ..ما عدى السيناتور وشركاؤه طبعًا ...!
وقف محامي المُعلمة وخاطب الحاضرين والصحافة ودموع الفرح في عينيه : (كنت ابحث عن الشهرة والمادة هناك في العاصمة حيث اصحاب القرار والسياسة والإعلام ومباني البيت الابيض والكونغرس والمحكمة العليا وغيرها من المؤسسات الحكومية ..لم احصل عليها إلا هنا حيث قريتي هذه الصغيرة الجميلة...شكرا مُعلمتي وشكرا قريتي وشكرا لمن أتى مضحيا بوقته ...ومن يحتاجني سيجدني هنا حيث التاريخ والأمانة واللمّة الجميلة و ..مُعلمتي ومدرستي القديمة وأجمل ذكرياتي ونجاحاتي وأنبل قضية دافعت عنها في حياتي !) ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن قصة شهيرة بعنوان Famly Reunion (لمّة العائلة)جرت احداثها يوما تحول إلى فلم شهير مثلت فيه دور البطولة الممثلة القديرة الراحلة Bette Davis