بحث في هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 1 نوفمبر 2015






    عندما تجتمع الحكمة والوطنية والمعرفة والاستراتيجية ،يُصنع التاريخ :
(حضرة المفوّض ..عليك ان لا تنسى ان ليبيا كونها بلدًا إسلاميًا ..هي ايضا متاخمة للبحر المتوسط وكانت دومًا على صلات باللاتين والإغريق ..ونحن من الناحية الروحية والسياسية نتوجه إلى الشرق وبالتحديد إلى الاماكن المقدسّة للإسلام ،ولكن ماديّا سوف تكون لنا دائمًا روابط مع الغرب ...وهذا يعني انه في حالة الضرورة ،سياستنا عليها ان تنتهج منتصف الطريق ....)
-------------------------------------------------------------------------------
الأمير إدريس المهدي السنوسي موجهًا حديثه للمفوض العام للامم المتحدة السيد أدريان بلت خلال فترة   الاستقلال ...عندما طلب منه مفوض الامم المتحدة خلال فترة الاستقلال ،النصيحة والرأي حول دستور البلاد .وووضع المادة رقم 5 التي نصّت على ان (الاسلام دين الدولة ...
(من مذكرات أدريان بلت ..الصفحة رقم 515 (الف صفحة) ). 
( الملك إدرْيس مع السيد أدريان بلت خلال الاحتفال بيوم ميلاد واستقلال ليبيا ...24/12/1951)




الحاج علي عمران العبيدى(رحمه الله) ...: 
كان طفلا صغيرا يرعى الغنم في إحدى مناطق الجبل الاخضر...معه اوراقه وكتبه ..يرعى ويدرس كعادة الليبيين جميعا ذلك الوقت نهاية الخمسينات ..الغابة كانت كثيفة تشقّها طريق مرصوفة لا يتجاوز عرضها 3 امتار ..عبارة عن كمية من الحجر الصغير مربوط مع بعضه بشوية قطران ..لم يكن لليبيا ذلك الوقت اى دخل غير الهبات الدولية او ايراد تأجير القواعد والإنتاج الداخلى من قبل الليبيين ..سعى وزرع وعنب وكرموس وحبوب وصوف وزيتون ...لم يتفطن علي بأن الغنم قد بدأت فى عبور الطريق وسط الغابة الى الضفّة الاخرى ...وعندما تفطّن ..كانت سيارة سوداء واقفة ..تنتظر عبور الغنم ....خاف علي بأن تكون غنمه قد تسببت فى ضرر ما ..فالسيارات كانت نادرة جدا ..وكان يشعر بأن ما قامت به غنمه كان بسبب اهماله ..فهو لم يراقب لا الغنم ولا الطريق ..وشعر بأنه سوف يأتيه قريبا عقاب من (الحكومة ) ومن اهله على هذا التصرّف الاحمق حسب ما شعر به ...راقب السيارة من بعيد ..لم يكن يريد لأحد ان يراه ويحمّله المسؤولية ..نزل شيخ وقور كان يجلس مع السائق ..بدأ ..يبحث يمنة ويسرى الى ان رأى علي ...تعال يا ابني ..أهذه غنمك ؟..تلعثم علي..ثم قال بعد تردد ..نعم...هذه الدفاتر التى بيديك تدل على انك تدرس فى المدرسة ..فى اى سنة انت ...انا فى (....) ...ممتاز يا ابني ربي يرعاك..انت تساعد فى اهلك وتدرس ..ماشاء الله ...هل مدرستك كويسة والمدرسين كويسبن ؟ ..نعم ..ادخل الشيخ الوقور يده فى داخل احد جيوب الفرملة تحت الجرد الابيض النظيف ..اخرج ..جنيها ليبيا واحدا ..مدّه الى على ..سأعطيك يا علي هذا الجنيه هدية منى بشرط ..ان لا تترك دراستك وان تساعد اهلك ..وان ترعى الغنم جيدا ...تردد على فى اخذ الجنيه على عادة الاطفال الليبيين العصارى حياءًا... ذلك الوقت ..إلا انه بعد إلحاح الشيخ ..اخذ الجنيه ..وهو غير مصدّق ..فبعد ان كان يخشى العقوبة ..جاءته مكافأة غير متوقعة ...جنيها ليبيا مرة واحدة ..وبدأ يحلم......
رجع الشيخ الوقور الى السيارة ..وجاء السائق يساعد علي فى تجميع غنمه من جديد ..والذى سأل علي ..هل عرفت من هو الذى كان يتحدث معك ...لا ..انه................ .......
كبر علي..وجاهد فى الدراسة والحياة الى ان اصبح مقاول ومتعهد تموين ..يساعد الناس ..كريم النفس والعطاء ..شهد له الجميع بذلك ..سكن فى مدينة البيضاء ...التي احبها وأحبه اهلها... ...
ذات يوم من ايام العهد الماضى ..ركب سيارته مسافرا الى مدينة طرابلس ..قابله من بعيد في المسافة بعد أجدابيا..ركب وموكب سيارات فرادى ومزدوجة اشكال وألوان يحتل الطريق بكامله..يسيرون بسرعة فائقة ..كادت احدى سيارات الدفع الرباعي الضخمة ان تجهز عليه وسيارته لولا عناية الله وتفاديه لذلك بأن خرج وهو مسرعا بسيارته التى كادت تنقلب ..إلى خارج الطريق .. تضررت السيارة ولم يلتفت اليه احد من اصحاب الموكب الضخم .. ....ظل شاردًا لمدة ساعة تقريبا ويتنفس بصوت عالي ويتنهد ..وهو يسأل فى نفسه هل هو الان حي ام ميت !..ظل على هذا الامر الى أن ..وقف عليه سائقين من المارة ...حمدا لله على السلامة يا حاج ..ما قبل الا رحت فيها.......!
عندها ..نزلت دموعه ..تذكّر موقف الملك ادريس رحمه الله ..ايام وهو طفل صغير يرعى غنمه .. ...فى الخمسينات وهو الذى كاد ان ينساه ..!..وموقف هذا المجنون وموكبه ..القائد الأممي ..قائد عصر الجماهير!.. بعد اكثر من خمسون عاما من الموقف الاول...
(الصورة ...الملك ادريس والملكة فاطمة رحمهما الله )