بحث في هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 25 فبراير 2014


العاصمة    2012/6/10
مفتاح بوعجاج  ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أعيب على الكثيرين سياسة القفز على الواقع وعلى المراحل..عندما تتحدث عن عيوب النظام السياسي الفيدرالي.. يقولون لك أمريكا وألمانيا وغيرها هي نظم سياسية فيدرالية وناجحة وتناسوا ان ذلك كان عام 1778 وان أمريكا اليوم هي كائن اقتصادي بجدارة وكذلك ألمانيا.. عندما تتحدث عن انتهاكات الأمن يقولون لك حتى أمريكا فيها أجهزة أمنية وتناسوا أن تلك الأجهزة بتلك الدول بها فرامل بيد شعوبها أما نحن فقد استوردنا تلك (الآلة)..بدون فرامل فداست الجميع وستظل، إن لم ننتبه لذلك....عندما تتحدث عن انتهاكات وانقلابات الجيوش العربية على الشرعية وعلى الدساتير مهما كان شكلها..يقولون لك أمريكا وألمانيا وكوريا الجنوبية وحتى إسرائيل بها أيضا جيوش  وتناسوا أن تلك الجيوش عقائدها وطنية لحماية الوطن والدستور وليس عقيدة انقلابية..عندما تتحدث عن ضرورة ضبط وتنظيم الإعلام وأجهزته المختلفة يقولون لك حتى أمريكا وبريطانيا بها إعلام حر...عندما تتحدث عن عيوب أسواق البورصة والأسهم عندنا يقولون لك حتى اليابان بها سوق بورصات،عندما تتحدث وتشير إلى نسبة الحوادث في ليبيا يقولون لك حتى أمريكا وايطاليا وبريطانيا بها حوادث،عندما تتحدث عن نسبة البطالة في ليبيا يقولون لك حتى ارقي دول العالم وأكثرها ازدهارا بها بطالة، عندما تتحدث عن عيوب مركزية عاصمتنا يقولون لك حتى أمريكا واستراليا وألمانيا واليابان لها عواصم.
الجيوش والإعلام والفيدرالية والأجهزة الأمنية والبورصات وغيرها هي نتاج الحضارة الغربية بامتياز وتدرجت في بناء تلك المؤسسات التي ولدت من رحم شرعي اسمه الحاجة وليس رحم التقليد والمباهاة.. بطريقة الطوبة طوبة إلى أن وصلت إلى ما وصلت أليه وكما لكل شيء سلبيات وايجابيات..تزامن تأسيس تلك الأشياء بتشريعات وعقائد وسياسات تضبط وتقلل من سلبياتها وتجعلها تخدم الغرض الاساسى الذي انشات من اجله..كما تواجدت بنية تحتية ثقافية واقتصادية وعلمية وتشريعية لتلك المؤسسات في بلداننا أتيناها من الأخر..قمنا بتأسيس مؤسسات مناظرة لما هو موجود بالغرب  وتناسينا بناها التحتية وأسباب بناؤها هناك.. فأصبحت صدى باهت ورديء بل وخطير وعكسي لما هو موجود عندهم..بل أحيانا تنتج منتجات عكسية على التنمية والتقدم كتخرج طلبة جهلة يصبحون مدرسون على طلبة يصيبونهم بالجهل فتظل عجلة الجهل تدور وتدور لترمى بمنتجاتها علينا وحولنا..أو بناء جيش تقليدا للعالم الأخر..ولكن بدون عقيدة وطنية فيصبح الجيش والعسكر والأمن عموما خطرا على الأمة ومواطنيها ودستورها وشرعيتها فتصاب الأمة بداء الانقلابات التي قهرتنا نحن.. فلا كعب بلغت تلك الجيوش ولا كلابا ..أو بناء اقتصاديات نقدية لا مكان فيها للإنتاج أو الخدمات تقليدا للاقتصاديات الغربية التي تجاوزت مرحلة الإنتاج بهذا الكم الهائل من الإنتاج الزراعي والصناعي والتقني والفكري والخدمات ووصلت إلى مرحلة تحويل قيمة تلك المنتجات إلى قيمة نقدية بتداولها الناس فظن البعض أن اقتصادهم مجرد أوراق نقدية تطبع فى المطابع يتم تداولها..إما نحن فقد قفزنا إلى مرحلة الاقتصاد النقدي بدون المرور بتلك المراحل التي بدأت بالزراعة ومرورا بالثورة الصناعية وانتهاء بالتقنيات الحديثة  فى عالم الاتصال والخدمات.. فأصبح اقتصادنا ورقيا نقديا يعتمد على أسعار النفط والبورصات جاهز للسقوط عند أول هبة ريح لأنه وبكل بساطة اقتصاد ورقى وقد يكون أحيانا قيمته محددة من الخارج وليس من الداخل وبالتالي قرار قيمته وفائدته هو في مكان ما..خارج الوطن..فأصبح اقتصادنا.. بيع نفط.. نقود.. استيراد.. توزيع.. استهلاك.. وأحيانا لا ننجح حتى في هذه المراحل.
عندما حدثت الأزمة المالية العالمية.. لم يعي الكثير من الأكاديميين والبحاث (الورقيين) أن تلك الأزمة قد اختلف تأثيرها بين الدول التي مرّ اقتصادها بالمراحل الطبيعية وبين دول أخرى كدول العالم الثالث التي نحن من بينها وفى أسفل السلّم.. فالدول من النوع الأول تأثر اقتصادها جزئيا في جانب (الاقتصاد الورقي أو النقدي) ولكن الجزء الكمي الانتاجى الزراعي والصناعي والتقني، استمر كما هو بل عجزوا حتى عن تصريف جزء منه لكثرته حتى إثناء الأزمة المالية ولتبيان النتائج العكسية بسبب اختلاف الاقتصاد فى سوق العقارات انخفضت عندهم فى تلك الأزمة ولكنها ارتفعت عندنا وعند أمثالنا وفاقت حدود المعقول...إما النوع الثاني من الدول فقد كان تأثير الأزمة  فيها كبيرا ومدمرا لأنها لا تملك إلا جزئية واحدة من الاقتصاد وهو (الاقتصاد الورقي النقدي).. وتبخرت كثير من المليارات في الهواء..رغم احتياجات البني التحتية والإنتاجية لها في داخل تلك الدول (أتمنى من احد المتخصصين إفادتنا بأرقام متوفرة عن خسارة ليبيا في تلك الأزمة)..فلازلت اذكر أن احد المتخصصون الاقتصاديين الذين كانوا يحتلون (وبعض منهم لازال للأسف) الساحة الاقتصادية القذافية ذكر أن استثماراتنا في الخارج كانت في حدود 100مليار وذكر أخر أنها كانت 500مليار بل ذكراخر بشكل خجول أن استثماراتنا النقدية في الخارج كانت 1000مليار.. وهى مستثمرة في اقتصاديات نقدية.. فما هى خسارتنا إثناء الأزمة..ورغم تلك الأرقام كنت اذكر مدى معاناة فلاحينا فى الداخل فى الحصول على أعلاف لمواشيهم..تناقض غريب عجيب  من إبداعات ذلك المقبور ورفاقه ومنظريه.!!)
نأتي إلى إسقاط هذه الجزئية من القفز على المراحل على عنواننا (العاصمة)..فنجد انه طالما للعالم الأخر عواصم..فلم لا نعمل عاصمة ؟..عملنا عاصمة..وكما كانت واشنطن دى سى عاصمة أمريكا جعلنا نحن أيضا طرابلس عاصمة ليبيا.. ونعم المدينة ونعم الناس أهلها.. إلا إننا ظلمناها وظلمتنا بتفكيرنا التقافزى وثقافتنا وإدارتنا القابعة فوق جبل الثلج.. فجعلنا كل شيء يخص ليبيا فيها..مقار لمعظم الشركات الرئيسية.. المطار الرئيسي فيها.. المقار الرئيسية للمصالح والصناديق والمراكز والمجالس العليا (جمع الأعلى) على غرار المجلس الأعلى للصحافة والمجلس الأعلى للثقافة والمجلس الأعلى للإعلام والإذاعات (تسميات لا حصر لها) ومقار النقابات وصناديق التنمية والادارات العليا لبنوك البلاد وغيرها الكثير لدرجة إننا تعودنا من قبل على مادة مكررة كانت تتكرر في كل قرارات التأسيس الصادرة مما كان يسمى (اللجنة العامة) وألان مجلس الوزراء وهى مادة (على أن يكون مقره الرئيسي طرابلس ويجوز إنشاء فروع له في المدن الأخرى!!).. حتى مقر (صندوق تشجيع الزواج)..الذي ينطبق علي تأسيسه قولنا..قفز على المراحل.. وكأن بتأسيس هذا الصندوق نكون الدولة قد شاركت فى تشجيع الزواج مباشرة وتناسوا أن ظاهرة العنوسة في ليبيا أسبابها هى اكبر من تلك الصناديق وعلى رأسها أزمة السكن وأزمة البطالة وأزمة..الثقافة الاستهلاكية ...وبهذا الزخم وبهذا القفز وبهذه القرارات جعلنا من بيت عروس البحر لا يتسع لضيوفها ولا لزوارها فتضايقت منا ولا ألومها في ذلك..وتضايقنا نحن أيضا من تلك الزحمة..فبدل أن نأتيها زائرين متمتعين محبين..أتينا متضايقين وغادرنا زعلانين..قد نجد لها العذر في ذلك خاصة في الظروف الانتقالية الصعبة.. إلا أن آخرين في قلوبهم مرض..استغلوا هذا الأمر لأغراض أخرى وكأن طرابلس المدينة والأهل هم من أرادوا ذلك متناسين أن السلطة في الماضي والحاضر هي من تفعل ذلك بقرارات حكومية تم فرضها علينا وعليهم بعضها بحسن نية وبعضها سوء إدارة.. وقلّة فهم وإدراك.. وهم بذلك مسئولون عن تغوّل المركزية فتلقفها البعض ليستدلوا بها على أغراضهم..
عواصم الدول الأخرى تفهموا هذا الأمر وجعلوا من عواصم بلدانهم مكانا صغيرا لقضايا ألدوله الرئيسية وليس لمصالح وقضايا الناس فتوزعت مصالح الناس وهمومهم وحلولها وخدماتهم على مدنهم.. فلا تكاد تشعر بأن واشنطن دى سى هي عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية.. ولا تكاد تشعر أو تعرف أن..برن.. هى عاصمة سويسرا ,,ولا تكاد تشعر ان بون كانت عاصمة المانيامن (61-89) وألان برلين عاصمة ألمانيا بعد توحدها.. والغريب انه حتى فى استراليا عجز الكثير من الاستراليين أنفسهم على معرفة أن (كانبيرا) هي عاصمتهم وليس سيدنى!!كما انك لا تشعر بأهمية عاصمة الصين مقابل جمال واقتصاد المدن الأخرى فأحيان تظنها شنغهاي ولكنك تقرأ أنها بكين..
ظاهرة العواصم المزدحمة هي ظاهرة متخلفة تجدها في جل دول العالم الثالث مثل ريو دى جانيرو ومكسيكو سيتي والقاهرة ودمشق وبغدادوالجزائر..بل بعض من تلك الدول التي ذكرت لا تعرّف الا بعواصمها فيقولون عن القاهرة (مصر) وعن دمشق (الشام).. وهى ظاهرة استمدت ثقافتها من..تركز السلطة في العاصمة.. والسلطة فى هذه الدول هى المصدر الرئيسي للثروات.. وبالتالي هى مدن جاذبة...عكس الدول المتقدمة التي أمنت بالقطاع والاقتصاد الخاص والمتحرر من هيمنة الدولة وكذلك أمنت بأن دور السلطة والدولة يقتصر فقط على التخطيط والمتابعة والمراقبة..فنشر القطاع الخاص الوطني الثروة في عديد المدن بطول البلاد وعرضها وأصبح هو الموزع الرئيسي للثروة والعمل والبحث والدراسة.. والخدمات. وهنا يتأكد كلامنا المكرر ان الاقتصاد هو المصلح لما افسدته السياسة والعكس ليس صحيحا.
أتمنى أن لا نشد رحالنا إلى عاصمتنا إلا لنزور اهلناواصدقائنا هناك أو للسياحة.. أما مصالحنا وإجراءاتنا وخدماتنا فلا تكون إلا حيث نحن.. لنخفّف عليها وطئنا وزحمتنا وتخفف هي علينا التعب والترحال.. فلا نكون نحن ضيوف ثقلاء ولا تكون هي... هدفا لنقدنا والسنتنا اللاذعة.. فمن حق اهلهاايضا أن يستمتعوا أيضا بالهدوء والخصوصية.    
مفتاح بوعجاج  2012/6/10

قنابل ...الدخّان 10-11-2012



    ما إن وصلنا إلى مرحلة بناء الدولة في بلدان الربيع العربي..حتى بدأت قنابل الدخان تنفجر هنا وهناك ..معطّلة وعامية بذلك تحقيق أهداف الإنتفاضات في بناء الدولة الدستورية المدنية الديمقراطية العادلة الحديثة ..تلك القنابل التي أراها هى صنع محلي بعضها كان موجودا أيام الأنظمة السابقة وبعضها صنعناه بأيدينا وعقولنا وثقافتنا والتي بعض منها لم يستوعب الحدث بعد وبعض منها..لا يريدنا ان نصل الى مكان غير المكان الذى يراه صالحا لمعيشته وثقافته ومصالحه ورؤيته هو فقط . .
   عراك على الشريعة وعراك على المناصب وعراك على النظام السياسي وعراك حتى على التاريخ ..وعراك على العواصم ...وعراك على من هم الأصدقاء ومن هم الأعداء وعراك على ماذا تلبس المرأة وما لا تلبس وحتى أحيانا عراك على ..الشرارة.. وأين بدأت ...لا استغرب من قوم نسوا وتناسوا تاريخ الإنتفاضة فى ليبيا وشهدائها وإبطالها الشهداء والإحياء ومبادئها وأهدافها وبطولاتها خلال عام من الإحداث المتلاحقة والمصّورة التي أذهلت المتابعين ..لا استغرب منهم ان ينسوا ويتناسوا لماذا قامت الثورة أصلا وماهى الثورة وما هي مقاصدها ..
  مقاصد ثورتنا العظيمة في اعتقادي راسخا هى إرساء دعائم الدولة المدنية العصرية الدستورية ..فالسيادة لله أودعها الله الأمة ..الأمة هى مصدر السلطات..فلا تتوقعوا من امة مسلمة صابرة مجاهدة ان تحيد عن مبادئ الإسلام في العدل والمساواة وحقوق الإنسان ..فلن تحفظ الدين اسطر وكلمات مالم تكن محفوظة في القلوب والصدور ..فكفى لغطا ولهوا ..يكفينا ان (دين الدولة هو الاسلام ) كما فعل أولئك المؤسسون الذين لا يستطيع احد ان يزايد على تدينهم او وطنيتهم .. 
  كثيرمن المسلمين يعيشون محترمون ومصانون في شعائرهم وديانتهم واحوالهم الشخصية اليوم فى دول لا تذكر في دساتيرها كلمة او شعارا عن ..الشريعة كلمة واحدة غير (حرية المعتقد)..بل هرب هؤلاء المسلمون الى تلك البلدان بعد ان تعرّضت كرامتهم وأرواحهم وأموالهم للاهانة والاستغلال والاغتصاب فى دول ترفع كثيرا فى دساتيرها وقوانينها وشعاراتها وإذاعاتها وقنواتها كلمات ونصوص ومواعظ وصراخ عن الدين والشريعة وهم ابعد عن ذلك تطبيقا وممارسة .... فقط اطلقو عقال الأمة..ولا تتذاكو كثيرا ولا تجادلوا ..فأركان الأمة والدولة الحديثة التي يتبارى الكثيرون للدراسة والعيش واللهو والإقامة فيها ..واللبس من لباسها والأكل من خيراتها..والتحدث بلغاتها..وقضاء العطلات والعلاج فيها واستعمال تقنياتها..وصناعاتها..والإنصات والاستمتاع بفنّها وفنونها : هى جيش وامن وطنى ذو عقيدة وطنية دستورية ودستور مدني ديموقراطى يلّم شمل الامة عادلا منصفا لجميع المواطنين الليبيين..وقضاء عادلا نزيها ..ومحكمة دستورية عليا تكون مرجعية لنا..وفوق ذلك كله مجلس تشريعي به نواب وشيوخ تختاره الأمة فى انتخابات حرة ونزيهة..تتساوى فيه كلمة المناطق والغالب هو مصلحة الوطن ومصلحة الجميع ..وحرية ..واقتصاد هويته دعه يعمل دعه يمر ..ومن له في غير هذه الأمور فليصلى معنا ولكن لا يؤمّنا..ومن كان مع النظام السابق عقيدة ودما ومسلكا ..فبيننا وبينه المحاكم العادلة ..
   في وضعنا الحالي تسّّّرب الكثيرون من ذوي الثقافات التي سادت سنينا عجافا..من خلال بوابات كثرت أسماؤها تشكّلت فى مرحلة كانت المجاملة والمصلحة والجهل والتقافز وحتى التساهل عنوانها ...علينا ان نقوم بدعم بوابة واحدة رئيسية باسم (النزاهة والوطنية ) نضع فيها كل مطالبنا واختياراتنا لتكون ممرا امنا إلى ..ليبيا الحديثة .
  ما لم نحدد أهدافنا بكل دقّة وموضوعية ووطنية ..فستظل تلك القنابل الدخانية تعمى أبصارنا وأفئدتنا وقلوبنا ..وبوصلتنا.. وقد نجد أنفسنا وفي الوقت الضائع بعد ان يختفي ذلك الدخّان أننا ..كنّا نصلّّّّّّي فى غير اتجاه القبلة .

مفتاح بوعجاج