بحث في هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 21 يناير 2014

     لا تفسدوها عليهم 
2011/9/8


لم يقرأ الثوار الليبيون عن الثورة الفرنسية ومقاصل باريس او ثورة الشاي الاميركية، بل هبوا بكل براءة ورجولة وضحوا بدمائهم من أجل الحرية والديموقراطية وبلد عصري حديث كما خطط لهم أجدادهم العظماء.
ميدل ايست أونلاين
بقلم: مفتاح بوعجاج
لم يقم الثوار الليبيون الذين تخلصوا من اكبر دكتاتورية وشمولية مدعومة بقدرة وشبكة مالية وآلة عسكرية غاشمة في القرن الواحد والعشرين بعد 42 عاما من القهر والقتل والسجن والدمار والنهب والسرقة والفتنه والفساد الممنهج..لم يقوموا بهذه الثورة العظيمة لانهم قرأوا تحاليل ماركس او كينز او ادم سميث او المفكرون الإستراتيجيون او كتب ومقالات خريجي جامعات هارفارد او اكسفورد واساتذتها المتخصصين في العلوم السياسية او العلاقات الدوليةعن ثورات الشعوب وكيف تتخلص من طغاتها.
بل ان الكثيرين منهم لم يقرأوا عن الثورة الفرنسية ومقاصل باريس او ثورة الشاي الاميركية.
وكثير منهم لا يعرفون معنى سقوط الباستيل حتى وهم يهاجمون "باب العزيزية"..ولم يقرأوا او يعرفوا شيئاً عن ثورة الطلاب في الستينات في الولايات المتحدة او فرنسا واغلبهم لم يسمع بربيع براغ ولم تسمح لهم وسائل اعلام المفكر الاوحد صانع عصر الجماهير بمعرفة تاريخ انشاء وسقوط حائط برلين..تلك الوسائل التي صبخت اذانهم ليلاً ونهارا عن عصر الجماهير والفردوس والنعيم الارضي وان السلطة والثروة والسلاح بيد الشعب والذي حقيقة كان في يد القناصين المرتزقة في كل مكان اعلى المبانى يقتلون المتظاهرين العزل.
لم يكن اغلبهم نتيجة التجهيل المتعمد يعرف عن ثورة العبيد في روما شيئاً..ولا يعرفون من هو سبارتكوس ولكنهم يعرفون كوسة والزائدي وبوسليم ولوكربي..كان معظمهم من الطلبة المضطرين لحفظ مقولات "الكتاب الاخضر" حتى ينجحوا في امتحانات "الفكر الجماهيري".
وكثير منهم لا يعرف كيف انتهى تشاوشيسكو ولا شيئاً عن ثورة رومانيا ولا قصة سقوط الشيوعبة في روسيا ولا يعرفون شيئاً عن كتابات جان جاك روسو وفولتير ولا يعرفون من هو غوبلز بقدر ما يعرفون كوسة والقانقا واحمد ابراهيم الذي حرمهم من تعلم اللغة الانكليزية او بودبوس ينظر على صلاحية نظرية المؤتمرات الشعبية واللجان الشعبية للعمل في ليبيا بل في العالم اجمع ويقول ان الفشل في التطبيق وليس في النظرية التي تخلى عنها حتى صاحبها في اخر ايامه او انه لم يفهمها حتى هو وباع مؤسسات ليبيا وعمالها ومصارفها لشركات خارجية رغم اشتراكية "القائد"!.. او صالح ابراهيم الذي طرد وطارد هو ورفاقه "الثوريون" الطلبة المتفوقين والوطنيين من بقايا الجامعات التي تحولت الى بؤر للفساد والافساد والغش والواسطة نتيجة السياسات التجهيلية.
لم يقرأ الثوار تقارير ليبيا الغد و"ليبيا 2025"..وكثير منهم لا يملكون ثمن جهاز كومبيوتر ولا يفهمون ماذا يقول لهم استاذهم في مادة اللغة الانكليزية بعد عودتها تحقيقا لرغبات ابناء "القائد" ورفاقه بعد ان كبروا وارادوا التمتع بخيرات "الامبريالية" وترك "اشتراكية القائد" لاهل ليبيا الذين لا يملكون حتى ثمن الادوية لمرضاهم، لان هذا الاستاذ الهندي يتحدث اليهم بلكنة هندية لا يفهمها الا هندي مثله، اما ابناء القائد ورفاقه فقد تعلموها في عقر دارها في بريطانيا وايرلندا واميركا واستراليا.
اغلب الثوار لا يعرفون معنى الليبرالية او التطرف او العلمانية او الاسلام السياسي ولا يعرفون من هو سيد قطب او الاخوان (اللهم الا الاخوان السنوسية) ولا يفرقون بين شيعي وشيوعي ولا يعرفون معنى فصل السلطات ولا يعرفون ما هي هذه السلطات ولا معنى التعددية او مبدأ التداول على السلطة.
ليس في المدرجات المكيفة ولا في محاضرات الاساتذة الذين تعلموا في الضفة الاخرى او في دول قريبة..ولا في الندوات او المؤتمرات التي تحكي عن "النجوم" او عن "الاستشعار عن بعد" ولا في صحف وراديوهات وتلفزيونات وقنوات "القائد الملهم" التي تصيح ليلاً ونهار عن "قائد ثورتنا على دربك طوالي"..بل في بقايا بيوت من الطين والزنك او في ظلال الحيطان او في نجوعهم.
سمعوا من آبائهم وكبارهم في جلسات عائلية حميمة عن الفرق بين "ادريس وابليس" وعن الراية الجميلة راية الاستقلال التي احتفظ بها هؤلاء الآباء والاجداد مدسوسة كأنها كنز لا يفنى.
سمعوا منهم كم كان الليبي كريماً وبطلاً ومحترماً في كل بقاع الارض رغم الفقر والعوز ايام الجهاد وايام العهد الملكي.
سمعوا منهم كيف كان المدرس والاستاذ مخلصاً في عمله، وطنياً في علومه، نموذجاً في شرفه وكبريائه رغم الفاقة والعوز.
سمعوا منهم كيف كانت مجلات ليبيا وجرائدها تنشر الفكر والثقافة وتكتب بكل حرية نقداً في الحكومة ووزرائها.
سمعوا منهم طيبة الملك ادريس وحرصه على بناء ليبيا ورأوا بأم اعينهم مدارس ومساكن ومستشفيات "مشروع الادريس" التي بناها وتجاوزت في عددها وشكلها ومتانتها ما بناه النظام الانقلابي خلال 42 عاماً رغم المليارات..وان هذا الملك الصالح لم يعدم ليبيا واحداً ماعدا قريبه الذي حكمت المحكمة بإعدامه وكان بإمكانه ان يعفو عنه ولكنه لم يفعل.
سمعوا منهم ان في ليبيا كانت ادارة واقتصاد واحترام للملكيات العامة والخاصة.
سمعوا انه لم يكن بليبيا تطرف ديني او علماني بل كانت ليبيا بلداً سياحياً جميلاً يأتيه السياح المحترمون يجدون فيه الامان، ويجد فيه الزوار والطلبة المسلمون افضل جامعة اسلامية بعد الازهر وهي جامعة محمد بن علي السنوسي.
سمعوا منهم ان الاميركي يحترم الليبي والليبي يحترم الاميركي والاتكليزي وحتى الايطالي.
سمعوا منهم انه لم يكن هناك واسطة او محسوبية في الجامعات الليبية او في الدوائر والمؤسسات الحكومية.
سمعوا منهم ان ليبيا كانت انظف بلدان العالم.
سمعوا منهم عن مستشفى اندير ومصانع الفلاح للطماطم والمعلبات.
سمعوا منهم ان الملك الصالح ادريس السنوسي لم يكن يملك لا هو ولا اسرته ولا احد من اقاربه حساباً واحداً في خارج ليبيا او في داخلها.
سمعوا منهم ان في ليبيا كانت دور السينما تفتح ابوابها وكانت تعرض احدث الافلام العالمية في طرابلس وبنغازي والبيضاء وغيرها من المدن.
سمعوا منهم كيف كان يتم اختيار الحكومات والوزراء على اساس الخبرة والكفاءة والمصلحة الوطنية وكيف تتم محاسبتهم امام مجلس نواب منتخب.
سمعوا منهم عن عمر المختار ورفاقه المجاهدين وسمعوا منهم مقولته الشهيرة: "ننتصر اونموت"..وهكذا التقطوا راية الاستقلال المدسوسة وحفظوا الشعار وثاروا.
مطلبهم بكل براءة ورجولة بعد ان ضحوا بدمائهم الزكية الطاهرة هو الحرية والديموقراطية وبلداً عصرياً حديثاً كما خطط له أجدادنا الابطال العظماء في دستور 1951 وتعديلاته اللاحقة، فلا تفسدوها عليهم بكثرة التحاليل والاختلاف والتنظير.
مفتاح بوعجاج    2011/9/8

مقاسات ...........2011/6/16
لماذا يريد كل واحد منا ان يفصل ليبيا بعد الاستقلال الثانى على مقاسه هو فقط..؟ فى هذا لن يفلح احد بالطبع!..! لقد حاول معمر بومنيار ذلك طيلة 42 عاما ورغم سطوة الكتائب واللجان الغوغائية والامن والمال، فأنه لم ولن يفلح ولو طال الزمن!!.. وحاول قبله صدام حسين وهتلر وموسولينى وفرانكو و تشاوسيسكو وتيتو وستالين ولينين وبريجينيف وبينوشيه والصرب واخوانهم فى القتل الجماعى والشنق والسحل والابعاد والاغتيال والدمار فى بلداننا وخلال تاريخنا الطويل لاكثر من الف عام..! وقبلهم جميعا فرعون وال فرعون وذرياتهم فى اوطاننا... فأنتهت جميعا الى هزائم ومقابر جماعية وقتل وتدمير وخزى وعار فى الدنيا والاخرة... كثير من الدول والشعوب قرأت هذا التاريخ قراءة فاحصة متأنية واستخلصت العبر وتعلمت منه فخاطت اثوابا تسع الجميع اسمتها اثواب الديموقراطية والحرية... ومع ذلك لا يزال البعض عندنا يحاول تكرار تلك المأسى وتلك الدكتاتوريات المهينة والمذلة والمدمرة تحت ذرائع وحجج مختلفة بعضهم لسوء نية واكثرهم جهلا والبعض الاخر مرضا والبعض لحسن النية التى لم تكن دائما سببا وحيدا للنجاح.... عشنا كمسلمين فى السبعينات والثمانينات فى امريكا بلد الديموقراطية والحرية والليبرالية شئنا ام ابينا وبلد كل ما يخطر ولا يخطر على بال بشر من حريات ومارسنا شعائرنا الدينية الاسلامية بكل حرية واحترام.. ورأينا البوذيين واللادينيين واليهود والبروتستانت والكاثوليك وتابعى الكنيسة الشرقية والهيبيين الشباب وغيرهم كثيرون يمارسون شعائرهم ومعتقداتهم بكل حرية ايضا..... يطبقون (لكم دينكم ولى دين) واقعا ملموسا... يطبقون (البنيان المرصوص) واقعا ملموسا... يطبقون (كيف استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا) واقعا ملموسا... يطبقون (احترام الجار والجار الجنب) بدون اسوار وحوائط غير اعواد الواح واقعا ملموسا... يطبقون (وامرهم شورى بينهم) واقعا ملموسا... يطبقون (النظافة من الايمان) واقعا ملموسا... يطبقون (من غشنا فليس منا) واقعا ملموسا... يطبقون (القيادة فن وذوق واخلاق) واقعا ملموسا.. يطبقون (ان المسرفين من اخوان الشياطين) واقعا ملموسا... يطبقون (اطلبوا العلم ولو فى الصين) واقعا ملموسا، بل طلبوه حتى فوق اسطح القمر والمريخ.. يطبقون (الاشتراكية والعدالة) واقعا ملموسا ..يطبقون (وعد الحر دين عليه) واقعا ملموسا..يطبقون (العقد شريعة المتعاقدين) واقعا ملموسا.. يطبقون (المؤمن اذا عاهد اوفى).. فى امريكا لم نتعرض الى اغراء واحد او تدخل من احد لترك ديننا والدخول فى دينهم بل كانت الحرية مطلقة لنا فى الدعوة الى ديننا جهارا نهارا... لم يكن يهمهم تديننا بقدر اهتمامهم لمدى احترامنا لحرية الاخرين والسلوك الحضارى من كيفية رمى القمامة او وضع السيارة فى مكانها الصحيح او احترام التعليمات عند قيامنا برحلة الى الغابات الجميلة او قيادة السيارة بشكل يحفظ حياة السائق والاخرون، وكان اهتمامهم بمراقبة مدى التزامك بربط حزام الامان حفاظا على حياتك وحياة الاخرين اكثر من اهتمامهم بأى دين تحمل او شىء تكتب او تقرأ او تقول او تشاهد.. لانهم يعتقدون اعتقادا راسخا ان دخول الجنة هو واجب من واجبات الفرد وليس واجبات الدولة.... اما المحافظه على حياة وامن واستقرار المواطن فهو من اهم واجبات الدولة وسبب وجودها....
وحيث الان قد سقطت جميع الحجج والثقافات والايدولوجيات والشعارات التى رفعناها لاكثر من نصف قرن من الزمان والاتية من تراكم ثقافات دكتاتورية تراكمت بفعل الزمن والجهل والانانية، والدليل هذا الربيع الثورى الجديد الذى اسقط ورقة التوت عن كل انظمتنا الحاكمة من سياسة وثقافة وحجج وادعاءات، فلنتحدث اذا بصراحة وحرية غابت عنا فى ظل شعارات (لا صوت يعلو على صوت المعركة) التى لم تأتى ابدا وان اتت خجولة كانت الهزيمة نهايتها....
قد ارانا التاريخ سقوط دول دكتاتورية ونهوض دول ديموقراطية.. المانيا الشرقية الشيوعية الدكتاتورية سقطت ونهضت وتقدمت المانيا الغربية الديموقراطية... نفس الشعب ونفس التاريخ ونفس اللغة.... كوريا الجنوبية نهضت وتقدمت... كوريا الشمالية تصارع الانفاس والتاريخ والازمات و(قائدها المريض وابنه) يقودانها الى الجوع والهلاك.... هونج كونج جزيرة صغيرة سكانها صينيين.. نهضت وتقدمت لانها سلكت الطريق الديموقراطى الانجليزى، بجوارها تنين صينى كان نائما ويعيش تحت ظل ايديولوجية شيوعية بائدة بدأ يتحرك ويستفيد من تجربة هونج كونج الرأسمالية بعد عودة الجزيرة اليها تحت شعار (دولة واحدة ونظامان) وهاهو هذا التنين يغزونا فى عقر دارنا مصنعا عالات الشاهى والسراويل الليبيه ذوات الدكة التى فشل نظام الفردوس الارضى فى صناعتها!.. تفكك الاتحاد السوفييتى الستالينى البلشفى ذو الحزب الشيوعى الحاكم الاوحد ذو القبضة الحديدية، وبدأت تحل محله دويلات ديموقراطية صغيرة بدأت تزدهر فى ظل الحريات.... اندونيسيا ذات الطوائف المتعددة واكبر دولة اسلامية تقدمت ولم تنجح فيها الحركات المتطرفة بفضل الحرية والديموقراطية التى وسعت الجميع.. ماليزيا تجربة فذة ناجحة فى الديموقراطية والحرية.. فليكن عيدنا القادم فى ثوب ديموقراطى جديد يسع الجميع.. وهى الهدية التى يجب ان يحتفل بها وينالها شبابنا وكل شعبنا بعد الانتصار والاستقلال الثانى فقد كفاه 42 عاما من الدكتاتورية المقيته والمضنية.. ديموقراطية الحرية والمواطنة التى تبنى الوطن والمواطن.
مفتاح بوعجاج........تم نشره فى 2011/6/16