بحث في هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 9 أغسطس 2014


كوابل سرية         6-12-2010

مفتاح بوعجاج
فعلا يبدو أن عبارة :(عندما تمرض أمريكا من البرد،، يعطس العالم)..هي عبارة يبدو أنها ان بها جزء من الحقيقة,,فبمجرد أن قام موقع الويكيليكس بنشر محتوى تلك الكوابل السرية (البرقيات) الصادرة من سفارات أمريكا في العالم وبها تقييما لأحداث ولأشخاص وتنبؤات وحتى ثرثرة ،، وهذه البرقيات السرية أو الكوابل كما أطلق عليها الموقع،،هي صادرة من موظفين وسفراء أمريكيون بتلك البلدان ،، حتى قام العالم ولم يقعد حتى الآن..وتخيلت لو أن هذا الموقع قام بالعكس اى نشر برقيات و تقارير وتقييم رجالنا وموظفونا ومستشارونا في سفاراتنا عندهم وتم نشر محتوى تلك التقارير والبرقيات وأكاد أحزر أنكم تعلمون ماذا سيكون بها!!...

سيكون بها تمام يا أفندم !! وان الكثير من الأمريكيين يتمنّون الانتقال للعيش في البلاد العربية والإسلامية لما تتمتع به من حريات وأمان واحترام وتقديس للملكيات والحريات الشخصية ولكنهم يخافون حكومتهم ومخابراتهم وعسسهم إن علمت بهذا الشعور وهذا المطلب ،أن يطردوهم من أعمالهم ويسحبون جوازات سفرهم ويسحبوا منهم حقوقهم المدنية!!..سيكون بها إعجاب أخر وفد امريكى بالوضع الاقتصادي في البلاد وإعجابهم بمستوى وارتفاع نسبة النمو الاقتصادي وانخفاض نسبة البطالة وعدم تأثر بلداننا بالأزمة الاقتصادية العالمية وعدم اهتمام رجل الشارع بذلك وعدم علمه بها أصلا.! ومدى تطور العملية التعليمية بما فيها تلك الأجهزة الحاسوبية المكدسة بالمدارس رغم ان طلبة الحاسوب لا يزالون يحفظون دروس الحاسوب حفظا وتلقينا نظريا بدون فهم أو دراية عملية..!
 

سيكون بها إعجابهم الشديد بأخر تقنيات الاستشعار عن بعد المتوفرة عندنا رغم أن عند مرورهم للذهاب للمركز لاحظوا بأم أعينهم تلك الجبال من القمامة المرمية التي لم نصل إلى حل بعد..لكيفية التخلص منها!.. سيكون بها كيف لفت انتباههم وإعجابهم وجود تلك المؤتمرات والندوات الاقتصادية والعلمية في جامعاتنا ومراكزنا البحثية عن إمكانية وضع استراتيجيات وحلول لمشاكل العالم البيئية والاقتصادية والاحتباس الحراري الأمر الذي لم يتوفر حتى في السويد أو بلجيكا أو هولندا وهى تلك الدول الأنانية التي لا تهتم إلا بنفسها ولا يهمها حال ومشاكل العالم حيث أن بها من المشاكل ما يغنيها عن ذلك ..! سيكون بها إعجابهم بأخر التقنيات والأجهزة الطبية المتوفرة في المستشفيات والتي لم تتواجد حتى ألان بمستشفيات نيويورك أو لوس انجلوس او طوكيو ومدى مهارة الأجانب العاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وكيف أنهم وجدوا كل العاملين بتلك المستشفيات ووراء تلك الأجهزة يبتسمون ويحيون المرضى....!! وكذلك سيكون بها إعجاب أخر وفد نسائي امريكى زارنا لحرية المرأة عندنا وارتفاع الوعي الاستهلاكي لشراء المتطلبات الضرورية وغير الضرورية عندها وما وصلت إليه من مكانة وسمو في الوزارات والأمانات والإدارات الضرورية وغير الضرورية عكس المرأة في بلادهم التي تتواجد طول النهار فى الأسواق الكبيرة تعمل لاهثة لخدمة زبائن الأسواق أو في المطاعم أو فى قيادة القطارات أو في المطارات أو في مناجم الفحم أو تنظيم وتنظيف الحدائق وغيرها من الوظائف(الغير إنسانية ولا تليق بالمرأة!)...
 

سيكون بها إعجاب وفد الكونغرس الامريكى لما شاهده من تقدم في مجال ألزراعه والصناعة ودور غرف التجارة والصناعة والزراعة في تقدم القطاع الخاص وفى تمنى أهل القطاع الخاص عندهم في الانتقال بأعمالهم واستثماراتهم ألينا نظرا لسهولة الاجراءات الإدارية والقانونية واستخراجها عندنا عكس بلادهم.. وفى انذهالهم من تلك السدود الزراعية التي منعت سيول مياه الإمطار من الذهاب إلى البحر حتى لا تلونه بلون التراب الأحمر..وإعجابهم بمدى قدرتنا على تنظيم المطارات ونقل الحقائب وسرعه خدمة الزبائن فيها...سيكون بها الإعجاب والتأثر والشكر العميق لحفاوة الاستقبال ودسامة الأغذية وخاصة ما يطلق عليها المثرودة أو البازين أو المبكبكة والفتات ومدى سرورهم بمعرفه أنواع الفن الشعبي ومدى قدرات شعوبنا في استعمال أجسادها هزا وكرا وفرا ذكورا وإناثا أمام تلك الوفود التي لا تعرف الفن ولا المسرح ولا الموسيقى !! وفوجئت بمدى التقدم والحريات في مجال هز الأجساد والايادى في بلداننا وإنهم ألان يحاولون الاستفادة مما رأوه للرفع من القدرات الفنية الجسدية خصوصا واللسانية فى بلادهم المتخلفة في هذا المجال!! .

يا سادة ويا محللين..إن ما قام به سفراء أمريكا وموظفوها في كتابة تلك البرقيات السرية هي مجرد أراء وانطباعات عن الدول الموجودين فيها عنها وعن مسئوليها بما فيها الثرثرة، وهذا من صميم أعمال السفارات عموما حتى وان كانت معنونة(سرية).. ولم يخالفوا فيها الأعراف الدبلوماسية لاعمالهم وهى احد أسباب اختراع (السفارات) ولأننا لا زلنا نرى اعلي جبل الثلج فقط فأسسنا سفارات مثلهم ولم نرى من أسباب إنشائها غير البروتوكولات والسيارات والابهه والكوكتيلات والاحتفالات وهز الرؤوس والكئوس ..بينما لو غصنا جبل الثلج لفهمنا أن من صميم أعمالها والتي أنشأت من اجلها هي نقل كافه المعلومات التي يرونها مفيدة حتى ولو كانت ثرثرة أو ضد رغبات وعكس انطباع رؤسائهم والمحاسبة الوحيدة التي تطالهم هي إذا كذبوا في تلك التقارير وأدلوا ببيانات غير صحيحة...وهم بهذا الأمر يضعون مسؤولى بلادهم بالصورة الصحيحة لاتخاذ القرارات التي يعتقدون أنها تفيد بلادهم..أما بالنسبة لمسئولينا الذين طالتهم تلك التقارير سلبا أو إيجابا فقد اعترضوا عليها لأنها جعلتنا نراهم مزدوجي التفكير والتصرف والكلام والأخلاق وهى إحدى الحقائق التي يجب علاجها لأنها خلقت واقعا مأزوما اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا ..وهى إحدى الخصال التي قال فيها الله تعالى:(يا أيها الذين امنوا لم تقولون ما لا تفعلون*كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون-صدق الله العظيم)..

الويكيليكس كشفنا وكشف ازدواج وتجزيئية وتسطيح أمورنا وعجز تفكيرنا عن فهم الواقع والعالم الذي نعيش فيه وكيف يفكر ويعيش الأخر بل وعجزنا عن فهم ووظائف وادوار المؤسسات التي نتكالب على العمل فيها للحصول على عوائد مالية فقط وتقليدا فوقيا لما للآخرين من مؤسسات مفيدة وأصول تكوينها وإنشائها ... ولعلها تكون إحدى طرق الغرب والحضارة الغربية لتلقيننا دروس في إلغاء هذه الازدواجية في التفكير والحياة والخطاب والرؤية وتنبيه المسئولين وكافة الناس إلى ضرورة أن يكونوا وجها واحدا أمام شعوبهم وأمام ...أمريكا والغرب.