بحث في هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 28 أغسطس 2013

حلم الاحلام ...


ألحلم ليس الذى تراه فى منامك ...بل هو ألذى يجعلك ... لا تنام !

عندما قال الامريكي الأسود مارتن لوثركينج عام 1963 أمام نصب لنكولن التذكاري: (عندي حلم) (I have a dream).. قالها في دولة دستورية وهي الولايات المتحدة الأمريكية...يحكمها دستور مدني ديموقراطى يحفظ حقوق الجميع.. لا يفرّق بين جنساو عقيدة او أصول..يحفظ حقوق المواطنة باعتبار أن جميع الأمريكيين سواسية أمام الدستور والقانون فى الحقوق والواجبات نظريا... كان حلمه صغيرا.. وبسيطا وهو..تطبيق الدستور ومبادئ الحقوق المدنية الملحقة به...إلا ان واقع المجتمع الامريكى كان غير ذلك.. كان المجتمع الامريكي واقعيا فى ذلك الزمن به الكثير من أفعال الميز العنصري وحتى العرقي والديني والاجتماعي وحتى بين المرأة والرجل...عندما واجه الرئيس الامريكى جون كينيدي بكل شجاعة معضلة تقّدم احد الطلبة السود(جيمس ميريديث) عام 1960 بأوراقه إلى جامعة ميسيسبى حيث تم قبوله نظريا بها قبل ان يعرفوا انه موطن امريكي اسود وهي الجامعة التي كانت تقع فى أكثر الولايات الجنوبية عنصرية.. إلا أن حاكم تلك الولاية العنصري الأبيض (روس برناديت) رفض ذلك..عندها وضع ذاك الطالب المقبول، الدستور الامريكي على محك التطبيق فتقدّم ذلك الطالب بطلب الى المحكمة الدستورية العليا في الولايات المتحدة لتمكينه من الدراسة بتلك الجامعة بعد ان انطبقت عليه كل الشروط الأكاديمية للقبول..حكمت المحكمة بتمكين وحق ذلك الطالب فى الدراسة بتلك الجامعة ولكن لم يكن لديهاالالية اللازمة لتنفيذ ذلك الحكم..التجأ الطالب إلى الرئيس الامريكى جون كينيدي.. الذي كان قد اقسم قبلها بفترة وجيزة على احترام وتطبيق الدستور الذي وضعه المؤسسون منذ عام 1784... وقع الرئيس الامريكي المنتخب حديثا في أزمة.. اتصل بحاكم الولاية الذي رفض تعليمات الرئيس..اضطر الرئيس كينيدي للاستعانة بالقوات الاتحادية وقوات المارشال الخاصة التي..فرضت تمكين ذلك الطالب الأسود بالقوة والرعاية من الدخول الى الجامعة وسط رفض معظم السكان المحليين والطلبة وحاكم الولاية...كانت نقطة تاريخية فى تاريخ الحركات المدنية فى المطالبة بالحقوق المدنية التي استمرت مرورا بحركة بمارتن لوثر كنج و إلغاء الميز والتفرقة العنصرية فى المجتمع الامريكى وانتهاءا بوصول أول رئيس للولايات المتحدة الأمريكية من أصول افريقية بل وفوزه فى انتخابات ضد مرشحين بيض فى دورتين رئاسيتين... الأمر الذي كان يعد من المستحيلات بتفكير المجتمع الامريكى فى الستينات وما قبلها.
ومن هنا ونحن نتهيأ للاستحقاق الوطني القادم.. الدستور الليبي.. فأننا يجب ان نضع فى الحسبان ان الدستور هو مجموعة مبادئ ديموقراطيةواهداف وطنية عليا لا تعبّر عن الواقع ولو كان متخلفا بقدر ما تعبّر عن تأسيس الأمة بشكل صحيح وديموقراطى يحفظ كيانها ويحفظ مؤسساتها وحراكها وحريتها لأجيال قادمة يحوى رؤى مستقبلية ولا يحمل بذور الاختلاف الحاصل اليوم...بحيث يمكننا ان نرى مستقبل هذه الأمة من ألان من وسط وبين سطور الدستور...من يحاول ان يكون المقاس الدستوري هو فقط لما يجرى من حراك سياسي ووطني اليوم ..فهو فقط يؤطر هذا الاختلاف الحاصل ويؤجل المعركة من اجل وطن يسع الجميع إلى وقت أخر..الدستور يجب ان يكون للجميع وبالجميع ويسع الجميع اليوم وغدا وبعد الغد...لهذا لا يستطيع جزء من الوطن اليوم..أن يفهم أو أن يعبّر عن رؤية وأهداف وأمال..كل الوطن في كل الأوقات وكل الظروف والمعطيات.
مارتن لوثر..كا لديه حلم واحد فقط وهو تطبيق الدستور على جزء من شعبه..ووجدها فى ذلك الدستور الذي وضعه مؤسسو الأمة الأمريكية منذ أكثر من قرن ونصف قبل حتى ان يولد...ونحن قد يكون لدينا ألاف من أمثاله مستقبلا سيجدون ما وضعناه اليوم..ركيزة للمطالبة بحقوقهم مستقبلا ان نحن..كنا واعون ومدركون أننا في مرحلة تأسيس وطن يجب يسع أجيال اليوم وأجيال الغد..فأن كان لدي مارتن لوثر حلما واحدا ذاك الوقت..فنحن اليوم...قياسا على مطالبه..لدينا حلم الأحلام جميعا..وتاريخ نكتبه اليوم يفرح ويستوعب كل الأجيال التي ستأتي بعدنا وبكل أطيافهم وطموحاتهم وحريتهم وحراكهم الانساني  والحقوقى والحياتى ...
شرح الصور المرفقة :
1-(مقبرة مارتن لوثر كنج مكتوب عليها (حر في النهاية! حر في النهاية! شكراً يا رب العالمين، أنا حر في النهاية!))....2-(مع روزا باركس الحقوقية الامريكية قبل اغتياله)...